لم يكن المشهد العراقي بعيداً عنا عندما بدأ تنظيم الصحوات وذلك لمقارعة فلول تنظيم القاعدة الارهابي الذي كان يستهدف العراقيين تارة والامريكيين تارة أخرى فلم يكن بداً من القوات الأمريكية الا أن تجد حلاً لحماية جنودها في العراق ، فتوصلت الى المجاميع المرتبطة بتنظيم القاعدة والبعثيين الذين كانوا يطلقون على أنفسهم "مقاومة" فعقدت وأبرمت معهم الاتفاقيات لغض النظر عنهم بشريطة محاربة فلول القاعدة.
فعلاً نجحت القوات الأمريكية في استقطاب تلك المجاميع واستحداث مسمى لهم "الصحوات" حيث أرغمت الحكومة العراقية عليه على اثرها طرح رئيس الوزراء العراقي مشروع "المصالحة الوطنية" والتي كانت البداية والانطلاقة لاستقطاب تلك المجاميع التي شاركت تنظيم القاعدة في العراق على الهجمات الارهابية ضد أبناء الشعب العراقي.
تنظمت الصحوات وأخذت دوراً كبيراً في مقارعة ومطاردة تنظيم القاعدة مما أراح القوات الامريكية التي كانت تٌستهدف نوعاً ما في العراق ومما ساعد على استتباب الوضع الامني داخل العراق واتاح الى القوات العراقية ان تتنفس الصعداء وتأخذ تدريباتها لتكن على اهبة الاستعداد الى اي طارئ ، وهذا ما يتجلى بوضوح على قدرتها في ادارة الملف الامني خصوصاً بعد تسلمه شيئاً فشيئاً من القوات الأمريكية.
لنعد الى ملف الصحوات الذي انشأ من قبل القوات الأمريكية وكلنا نعلم من هم أولئك الذين في الصحوات وقلناها مسبقاً وحذرنا بعدم تنظيمهم بتلك الطريقة ولكن هناك هواجس بطبيعة الحال من كافة الأطراف فلدينا ثلاثة اطراف هم القوات الامريكية والعراقية والصحوات انفسهم.
فالقوات الامريكية تشعر بوجود الاستقرار الامني داخل العراق والفضل يعود بمشاركة الصحوات للقوات العراقية علماً أنهما كانا نقيضان وقد اتحدا بالهدف ونزعا تلك الاغلال التي كانت تؤرقها بعض النفوس المريضة فهذا الامر بالذات يؤرق القوات الامريكية التي تحاول زرع فتيل الازمة داخل العراق حالها حال غالبية دول الجوار العراقي فحاولت اثارة الازمة من خلال قصف بعض المواقع التي قيل انهم شاهدوا ارهابيين يزرعون عبوات ناسفة أو اعتقال بعض قادة الصحوات وما الى ذلك من الازمات التي تحرك الطرف الآخر في الانتفاضة ، ولكون القوات الامريكية تشعر انهم اصحاب الفضل في استقطاب هؤلاء ، ولو تتبعنا الاخبار نرى أن القوات الأمريكية أعلنت قبل أيام بتسليم القوات العراقية ملف الصحوات والبالغ عددهم تسعين الف مقاتل ولنتأمل بهذه القضية ونرى.
أما الصحوات أنفسهم فهم لحد اللحظة يشعرون انهم فوق القانون ولا أحد يمثلهم خصوصاً وان تلك الصيحات التي تطلق من هنا وهناك من قبل قادة ومؤسسي الصحوات بتسليم اسلحتهم او دمجهم في القوات المسلحة ،فهناك قلق مستمر وأزمة ثقة بينهم وبين القوات الامريكية من أن تغدر بهم ومن الحكومة العراقية.
أما الطرف الثالث فهو الحكومة العراقية وهي التي أرغمت على تكوين هذه الصحوات وترى من فيها من ارتكب مجازر واشترك في عمليات ارهابية فلا يمكن ان تدعه بدون عقاب وهي ترى ان القانون يجب ان يفرض على الجميع فكيف من تعلم جيداً بحقيقتهم ،فهي اذن فرصة للحكومة العراقية ان تضرب ضربتها بهذا الوقت بالذات وهي ترى التراخي الامريكي وصانع الصحوات قد انقض عليها.
فنحن أمام ملف شائك ومعقد ،ملف طالما اختلف عليه الفرقاء السياسيين بتقويته او اضعافه ، ولكن يبقى الاهم من ذلك هو ان القوات الامريكية تحاول زعزعة الملف الامني بشتى الوسائل والطرق.
اما الحكومة العراقية فعليها ان تغلق هذا الملف نهائياً وتجريد اطرافه من اسلحتهم وسلطتهم التنفيذية بعدما اصبحت القوات العراقية قادرة على اداء عملها بأتم وجه وتقديم كافة الاشخاص الذين متورطين بعمليات ارهابية الى القضاء العراقي لينالوا جزائهم العادل.