الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
الســـــــلام عليك يا اخا رسول الله ومستودع سره
يا صهرَ سيدِ ولدِ آدمَ، يازوجَ سيِّدةِ نساء العالمين..
يا والد سَيدَيّ شباب أهل الجنة، يا إمامَ الأئمة..
في رحابكَ تلتحمُ الفضائل صفّاً يخدم شخصَك..
وتحت راياتك تتزاحم القيمُ، لتَشْرُفَ بالانتساب إلى جنابك..
وحولك تهفو الرجولةُ،راجيةً أن تنفخَ فيها بعضاً من روحك..
لتكونَ في سدْرَة الكمال إذ تكون وصفَك..
الشفاعه ياعلي.
خيبر
ورد اسم خيبر في الكتابات البابلية القديمة، ويقول محمد رضا في كتابه ( محمد ): إن معنى خيبر باللغة العبرية هو الحِصن أو القَلعة، مستنداً على ما ذكره ياقوت في معجم البلدان. وخيبر هذه مشهورة بحصونها المنيعة المبنية بالحجارة والصخور، وأشهرها سبعة حصون هي:
1 ـ حصن ناعم.
2 ـ القَموص حصن أبي الحقيق.
3 ـ حصن الشقّ.
4 ـ حصن النَّطاة.
5 ـ حصن السُّلالم.
6 ـ حصن الوطيح.
7 ـ حصن الكتيبة.
ويُستبان أنّ كل حصن من هذه الحصون كان يشتمل على مجموعة من الحصون، ولكون هذه البقعة تشمل هذا العدد من الحصون سُمّيت ( بالخيابر )، وكان أمنع حصونها حصن الناعم من حصون ( النَّطاة ).
وسكان خيبر يهود كانوا يقطنون بيوتاً حصينة وسط النخيل وحقول القمح، ومن سكّانها المشاهير كان السَّمَوأل بن عادِياء. ولعل خيبر أكثر القرى في شمال الحجاز ثروة ومالاً لوفرة زرعها وحاصلاتها من الحبوب والفواكه، وعلى الأخص التمور.
يقول حسان بن ثابت:
أتفخـرُ بالـكتّـان لمّـا لَبِسـتـهُوقـد تلبس الألبـاطُ ريطاً مُقصَّرافـلا تَكُ كالعـاوي فـأقبل نَحـرهولم تخـشه سهماً من النبل مُضمَرافـإنّـا ومن يهدي القصـائد نحوناكمُستَبضِعٍ تمراً إلى أرض خيبرا (1)وإنّ لخيبر في حاصل تمورها شهرة كشهرة ( هَجَر ) التي ورد في الأمثال عنها: ( كمُستَبضِع التمر إلى هَجَر ) أو ( مستبضع التمر إلى خيبر )، وكان لحاصل التمور يومها قيمة جدّ كبيرة في ثروة البلاد.
وكان يهود خيبر يحسّون بقيمة هذه الثروة الطائلة من المزروعات والنخيل والتمر ويخافون عليها من الغزو، لذلك حصّنوا قُراهم وبساتينهم بقلاع ليس من الهين الاستيلاء عليها، لمناعتها ولوفرة السلاح وتنوّعه فيها، فحين حاصر النبيّ صلى الله عليه وآله قلاع خيبر في السنة السابعة من الهجرة أتاه رجل في الليلة السادسة من الحصار من يهود خيبر وأخبره أنه قد خرج من حصن ( النطاة ) وهو يعرف بعض أسرار الحصن، وقال: إن في حصن ( الصَّعب ) وهو من حصون ( النطاة ) وفي بيت فيه تحت الأرض منجنيقاً، ودبّابات، ودروعاً، وسيوفاً، فإذا دخل فيه رسول الله أوقفه على أسراره (2). فإذا كان في بيت من بيوت خيبر مثل هذه العدّة فكم يكون في عشرات البيوت الأخرى ؟!
ولقد تَوقّى الغزاة هذه القلاع وتهيّبوها، ولذلك لم نعثر على فاتح استطاع أن يخضعها لنفوذه ويفتحها قبل الإسلام. وقد كلّف فتحُها الإسلامَ الشيء الكثير من العنف والشدة، حيث حَنَث اليهود ونكثوا العهد الذي أعطاهم النبي إياه والذي تضمّن حريّتهم وحفظ أموالهم وأعراضهم ومعتقداتهم، وقد جاء أن النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يعقد في كل يوم لواء لحرب لقائد من القوّاد لمحاربة الحصن الأول وهو حصن ( ناعم )، فيرجع القائد ويرجع الجيش دون طائل، وقد عزّ على النبيّ صلّى الله عليه وآله أن يستشهد في هذه المعارك قائد كمحمود بن مسلمة أخي محمد بن مسلمة حتى لقد أعطى اللواء لأبي بكر وعمر بن الخطاب. ويكفي دليلاً على أهمية هذا الحصون وخطورتها أن يُرى النبي وهو يستعيذ بالله من شر هذه المعركة، فقد جاء في البخاري عن أنس: أن النبي صلّى الله عليه وآله لما أشرف على خيبر قال لأصحابه قفوا: ثم قال:
اللهمّ ربَّ السماوات وما أظلَلنَ، وربَّ الأرضين وما أقلَلنَ، وربَّ الشياطين وما أضْلَلْنَ، وربَّ الرياح وما ذَرَينَ، نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرّها وشر أهلها وشر ما فيها.. أقدِموا باسم الله (3).
حتى إذا تأزّم الوضع وتعقّدت الحرب دون الحصول على نتيجة طلب النبيّ صلّى الله عليه وآله الإمامَ علي بن أبي طالب عليه السّلام ودفع إليه اللواء، فكان أن تم الفتح على يديه.
يقول ابن الأثير عن علي عليه السّلام: فنهض ـ أي الإمام علي ـ بالراية وعليه حُلّة حمراء، فأتى خيبر فأشرف عليه رجل من اليهود فقال:
من أنت ؟
قال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال اليهودي: غُلِبتُم يا معشرَ يهود!
وقد رُويت عن فتح الإمام علي عليه السّلام لقلاع خيبر روايات كثيرة اتفقت كلها في المضمون؛ ففي صحيح مسلم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
« لأُعطينَّ الرايةَ غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يفتح عليه. قال عمر: فما أحببتُ الإمارة إلا يومئذ، فدعا علياً عليه السّلام فبعثه ثم قال: اذهب فقاتِل حتى يفتح الله عليك، ولا تلتفت.. إلخ » (4).
وقال أحمد بن حنبل: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله أخذ الراية فهَزَّها ثم قال: مَن يأخذها بحقّها ؟ فجاء فلان فقال: أنا، قال: امضِ، ثم جاء رجل آخر فقال: امض،ثم قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: والذي كرّم وجه محمد لأُعطينّها رجلاً لا يفرّ، فقال: هاكَ يا علي، فانطَلَق حتّى فتح الله عليه ( خيبر ) و ( فدك ) وجاء بعَجْوَتها وقَديدها (5).
أما إحدى روايات الطبري فتتلخص في أن رسول الله صلّى الله عليه وآله لما نزل بحصن أهل خيبر أعطى اللواء لعمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلَقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وهم يُجَبِّنونه ـ أي يُجَبِّنون عمر ـ وهو يُجبّنهم، فقال رسول الله ـ وكان قد مرّ على محاصرة القلعة عدةُ أيام دون طائل ـ قال: « لأُعطينَّ اللواء غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله »، فلمّا كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر، فدعا عليّاً عليه السّلام وهو أرمد وأعطاه اللواء ونهض معه من الناس من نهض، فإذا ( بمرحَب ) وهو أشهر أبطال اليهود يرتجز ويقول:
قد عَلِمَتْ خيبرُ أنّي مَرَحبُشاكي السلاحِ بطلٌ مُجَرَّبُفارتجز علي عليه السّلام قائلاً:
أنا الذي سَمَّتني أُمّي حَيدَرَهأكِيلكُم بالسيف كَيلَ السَّندَرَهليثٌ بغـاباتٍ شديدٌ قَسْوَرَهويروح الطبري واصفاً هذه المقاتلة وما كان يَدَّرع به ( مرحب ) إذ يقول عنه: وخرج مرحب من الحصن وهو صاحبه وعليه مِغفَر مُعَصفَر يَمانٍ، وحَجَر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وتَقاتلا قتالاً عنيفاً انتهى بقتل مرحب وأخذ المدينة (6)، وكانت مدة النزال شهراً على ما ذكرت التواريخ.
وجاء في كتاب ( محمد رسول الله ): وكان أول حصن فتحه المسلمون هو حصن ( الناعم ) من حصون ( النطاة ) على يد الإمام عليّ، ولأهمية هذا الفتح قال النبي صلّى الله عليه وآله: ـ وكان جعفر بن أبي طالب قد قَدِم من الحبشة يوم فتح خيبر ـ: ما أدري بأيّما أنا أشد فرحاً: بفتح خيبر، أم بقدوم جعفر ؟!
وإلى جانب هذه النعمة الوافرة التي كان ينعم بها أهل خيبر، والحصن المنيع الذي يضمن لهم الأمن والاطمئنان، والعيش الرغيد كان هنالك شيء يُنغّص حياة سكّان خيبر وينكّد عيشهم، وذلك هو الحُمّى التي عُرفت بها قرى خيبر. والراجح أنها كانت ( الملاريا )، وذلك لكثرة المياه ولمراودة هذه الحمّى السكان بين آن وآخر على ما تصف الأخبار. وقد عُرفت هذه الحمّى بالحمّى الخيبرية ووُصِفت بالشعر، ومنه قول أحد الشعراء:
كأنّ به ـ إذ جِئتَهُ ـ خيبريةًيعود عليهِ وردُهـا ومُلالـهاوقَدِم أعرابيٌّ خيبرَ بعياله فقال:
قلتُ لحمّى خيبرَ: استَعـدّيهاكِ عيالي فاجهَدي وجِدّيوباكِـري بصـالبٍ ووِرْدِأعـانكِ الله على ذا الجندِ!ويقول ياقوت: فحُمَّ ومات هو وبقي عياله!
وقال الأخنس بن شهاب:
فلابنـةِ حطّانَ بن قيسٍ منـازلٌكما نَمَّق العُنوانَ في الرقِّ كاتبُظَللتُ بها أُعـرى وأُشعر سُخنةًكما اعتاد محموماً بخيبرَ صالِبُ
بارك الله بكم اخينا الكريم ابداعكم متواصل وله ليس لقدره شكر بارك الله بكم
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
الراحله الى ربها في وقت غير معلوم: خادمة السيد الفالي
قوم هم الغاية في فضلهم * فالأول السابق كالآخر
بدا بهم نور الهدى مشرقا * وميز البر من الفاجر