العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الإجتماعي

المنتدى الإجتماعي المنتدى مخصص للأمور الإجتماعية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الإجتماعي
افتراضي الصديقة الزهراء تعلّم المرأة كيف تربح حياتها
قديم بتاريخ : 02-11-2022 الساعة : 08:53 AM







لدينا صورتان ذهنيتان عن الصديقة الزهراء، الأولى؛ نتاج ثمرة من ثمار الجنة نزلت الى رسول الله من السماء فتناولها وتكونت منها النطفة التي استقرت في رحم السيدة خديجة، سلام الله عليها، فولدت فاطمة حوراء إنسية، مع باقة عظيمة من الاحاديث والشهادات النبوية في حقها ومنزلتها عند الله –تعالى-.
أما الصورة الثانية؛ فهي تلك الفتاة السمراء بين فتيات مكة والمدينة في بدايات بزوغ فجر الاسلام، وهي تلك اليتيمة التي فقدت أمها، وراحت تحنو وتسكب من مشاعر الأمومة المبكرة للتخفيف عما يثقل كاهل أبيها من إساءات المشركين، واضطهادهم له مادياً ومعنوياً، ثم هي تلك المرأة التي تعيش مثل كثير من نساء المدينة مع زوجها واطفالها، وفي نهاية المطاف؛ تلك المرأة المظلومة بتعرضها لاعتداء آثم، ثم اغتصابها حقها في أرض فدك.
بين الصورة الاولى، والصورة الثانية، صاغت لنا الصديقة الطاهرة بنفسها صورة ثالثة تمثل النموذج الحيّ للمرأة الناجحة والسعيدة في حياتها، بل وحتى أعطت بناتنا درساً رائعاً في احترام وتقديس مكانة الأب، فقد كانت تستقبل أباها وقد ألقى المشركون الأوساخ على رأسه، فكانت تبكي بكاءً مراً وهي تزيل ما على رأسه الشريف بيديها الصغيرتين.
كانت بين أهل نساء المدينة، ابنة خاتم الانبياء والمرسلين على وجه الأرض، وزوجة شخص مثل علي بن أبي طالب، ؛ البطل الذي صرع صناديد المشركين، ودمّر الحصون والقلاع، وقام الاسلام بسيفه البتار، في نفس الوقت هي تلك المرأة التي تطحن القمح بالرحى الحجرية الثقيلة بيدها الصغيرة لتصنع الخبز لزوجها وابنائها، وهي التي تعمل وتنظف بيتها، وتطعم الفقراء والمساكين، وتهتم بالجار قبل الدار، وقبل كل ذلك؛ هي تلك المرأة المعروفة بيد نساء المدينة بشدّة العفّة والحجاب.
ما حاجتنا لقدوة من التاريخ؟


اذا كانت المرأة تحتاج لقدوة ونموذج يفيدها في حياتها، فما الداعي للعودة اربعة عشر قرناً من الزمن (حوالي 1435سنة) للنظر في نمط حياة الصديقة الزهراء، وقد عاشت في ظروف اجتماعية، ومستوى تفكير مجتمعي، و امكانات وقدرات لا تمتّ بصلة لواقعنا الحاضر؟! ثم إن المرأة بطبيعة تكوينها تبحث عن الجديد، وعن الجميل، وعن كل ما يصنع لها المكانة الخاصة، و الاهتمام، ويحفز لديها حبّ التملّك، وهذا ما تجده البعض في رموز انثوية من مشاهير السينما، والتلفزيون، والرياضة، وايضاً؛ من المقتحمات ميدان العمل في شتى الميادين، و راح البعض يتحدث عن صعوبة الاقتباس من حياة الخزف، والحصير، والدواب، والرحى، والمغزل، للاستفادة منها لحياة المرأة العصرية، متغافلين عن حقيقة عدم منطقية تطبيق حياة الأمس بحياة اليوم، ولا عاقل يدعو الى مثل هذا، فالحياة متطورة بتطور الانسان على طول الخط، إنما العبرة بالمنهج الذي يضمن لصاحبه عدم عضّ أصابع الندم يوماً ما، كما يحصل في العالم يومياً، فالندم على الخطأ، هو العنوان العام للانحرافات الاجتماعية والاخلاقية اللصيقة بحياة الشعوب، وقد اشار الى هذه الحقيقة؛ سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي –طاب ثراه- بان الغرب يجبر المرأة على دفع أثمان باهضة لخطأ المنهج الذي تلتزمه في حياتها، "وهذه نقطة مهمة أشار اليها الوالد –طاب ثراه- حيث كان يقول: علينا دائماً ان نبحث عن الثمن الذي يجب ان ندفعه"، بإزاء أي عمل نقوم به، او فكرة نروم تطبيقها على ارض الواقع.
وهذا ما صاغته لنا الصديقة الطاهرة منهجاً متكاملاً لحياة ليس فيها بؤس ولا شقاء ولا ندم، من خلال إطلاق المَثل الأعلى للقيم والفضائل، وفي مقدمتها العفّة، والأخلاق، وعندما نقرأ بأن "خير للمرأة أن لا ترى الرجل ولا يراها الرجل"، وأن "الجار ثم الدار"، فهذا من قمة المُثل الربانية، وقد بحث العلماء في موضوع "المَثل" بفتح الميم في تفسيرهم للآية الكريمة: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، (سورة النور، الآية35)، واستنبطوا منها أن "أهل البيت، ، هم المَثل الأعلى لله –تعالى- وهم مظهر أسمائه وصفاته سبحانه"، يقول سماحة آية الله الشيرازي في حديث له عن سيرة حياة الصديقة الزهراء.
ولنا أن نتساءل؛
اذا تحلّى الانسان –الرجل والمرأة- بصفات؛ السماحة، والعفو، والعطاء، والحزم أمام الباطل، والايثار، هل سيشعر بخسارة مادية تضرب حياته ومعيشته خلال تعامله مع الجيران والاصدقاء و ابناء المجتمع؟
وهل خسرت الصديقة الزهراء عندما أعطت ذلك الفقير قميص عُرسها الوحيد في ليلة زفافها؟
وهل خسرت في وقوقفها أمام جبهة الباطل والانحراف والزيف، عندما كشفت القوم على حقيقتهم امام التاريخ والاجيال؟
بل هل خسرت شيئاً عندما لم تأكل الخبز الساخن الواصل اليها عند الباب، كما يفعل البعض اليوم؟ اعتمدت على نفسها في توفير الطعام لابنائها، و ان يكون غذائهم من صنع يدها، وإن كلفها ذلك شيئاً من الجهد والتعب.
ليس المطلوب من المرأة اليوم، وكل يوم، بأن تأكل الخبز اليابس المغموس بالماء، ولا ان تطحن القمح برحى حجرية ثقيلة تدمي الايدي الناعمة للمرأة، "ألا إنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد"، يقول أمير المؤمنين، ، و ربما هو لسان حال الصديقة الطاهرة مع نساء العالمين، وليس فقط نساء اليوم، إنما المطلوب فقط، النظر في المنهج والطريقة والتحقق مما اذا كانت محمودة العواقب، ومطابقة للفطرة الانسانية، وللعقل.
اليوم المرأة في الدول الصناعية طبيبة، وعالمة في الاقتصاد والاجتماع، والكيمياء، والهندسة، والروبوت، وغيرها كثير، كما هي موجودة في بيوت الدعارة، وعلى خشبة عروض الأزياء، وفي الافلام المثيرة للغرائز. وعندما نقرأ بالإرقام المليونية لما يُسمى بالتحرش الجنسي (الاغتصاب) في ميادين العمل المختلفة، وحتى في مؤسسات الدولة المرموقة في بلاد متقدمة مثل اميركا وبريطانيا، فلا يعني أن الضحايا يعملن في تلك البيوت، وإنما هنّ بين طالبات الجامعة، او موظفات، او حتى ربات بيوت يتعرضن لهذا الفعل الشنيع واللاانساني لأن الرجل هناك مطبوع بالإثارة الجنسية، ولسان حاله: "أنتم من وضعتموني على هذا الطريق"! وكذا لسان حال الفتيات اللاتي يجرين عمليات الاجهاض من ممارسة جنسية خارج الزواج، بأن "الواقع الاجتماعي السائد هو الذي وضعنا في هذا الطريق"، وليس لنا سوى القبول بهذا الواقع الفاسد!
حتى لا تخسر المرأة حياتها


الصديقة الزهراء مضت الى ربها شهيدة على ظلم فادح لحق بها، وبالأمة جمعاء، فقد جعلت من نفسها درعاً واقياً لحماية الدين ورسالة السماء من الانحراف، وكما وصف هذه الحماية بأروع ما يكون، سماحة آية الله الشيرازي بأن لولا ذلك الموقف الشجاع للزهراء بوجه الانقلابيين ومغتصبي الخلافة، لكان الاسلام اليوم مثل الديانة المسيحية؛ طقوس فارغة من المحتوى، وكنائس مذهبة وجميلة، وهذا الموقف القيادي في الأيام الاخيرة من حياتها جاء تتويجاً لسلسلة مواقف ريادية في المجتمع طيلة حياتها جسدت فيه روح الاسلام، وحفظت لأباها كل تضحياته الجسام لنشر قيم السماء.
ولمن يطالع سيرة حياة الصديقة الطاهرة يجد أنها جسدت الاسلام في بنيته التحتية وقواعده الأساس، من تربية، وسلوك، وثقافة تتحمل المرأة جزءاً كبيراً من مسؤولية تكريسه في الواقع الاجتماعي، والنجاح في هذا المشروع الحضاري يضمن للمجتمع والأمة التقدم والسلام والأمان، وقد أجمع العلماء والخبراء على أن معظم المنجزات العلمية للبشر يعود بالفضل فيها الى الأم او الزوجة في ظهور عباقرة وعلماء ومكتشفين.
فقبل ان تتصدر الزهراء المشهد السياسي من خلال حضورها المدوي في مسجد النبي، وخطبتها الفدكية المشهورة، كانت تتصدر نساء المدينة في عطائها، وفي حسن تعاملها مع زوجها وأبنائها، ومن أروع ما نقرأ؛ صبرها على الجوع لكيلا تثقل على زوجها (أمير المؤمنين) بطلب عن طعام، وهو أبسط الاشياء، لتكون ملتزمة بوصية أبيها رسول الله في لحظات زفافها بما مضمونه: "لا تطلبي من زوجك ما هو فوق طاقته".
فهل يجب على نسائنا الانتظار سنين طوال حتى تظهر لنا المحامية الاميركية لورا دويل لتؤلف لنا كتاباً تحت عنوان " الزوجة المستسلمة "، وقد انتشر بشكل كبير عام 2001، تدعو فيه المرأة للعودة الى انوثتها وطبيعتها خلال حياتها الزوجية، وأن لا تنافس الرجل القيادة والسيادة في البيت؟
اضطرت هذه الكاتبة الاميركية لاختيار هذه المفردة لتفيد بني جنسها، وتؤكد أن الاستسلام ليس مقرناً بالمهانة والاضطهاد، بقدر ما هو مقترح لمعالجة التطاول و "الاسترجال" لدى بعض النساء تحت شعار الحرية، وأن تستبدل الألفاظ الملغومة والتشكيك، بنشر الدفء والثقة والودّ في أرجاء الأسرة.
فمن اجل ان لا تخسر المرأة حياتها يجدر بها النظر الى رصيدها الثقافي والحضاري العظيم الذي خلفته لها الصديقة الزهراء، سلام الله عليها، فقد عاشت، ، حياة السعادة والهناء بإيمانها العميق، وأخلاقها الجميلة، ولم تخسر شيئاً حتى في الحرب الدموية التي شنها أعداء الدين والرسالة ضدها، وضد أمير المؤمنين، فقد كسبت الخلود في معركة الحق ضد الباطل، بينما {خَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}.


محمد علي جواد تقي


من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 08:05 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية