الإنتفاع بالمهدي (ع) المنتفع به كما الشمس وإن تجللها سحاب
بتاريخ : 30-11-2014 الساعة : 11:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
- النجومُ أمانٌ لأهلِ السماءِ، و أهلُ بيتي أمانٌ لأمتي
الراوي: سلمة بن الأكوع المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 9313
خلاصة حكم المحدث: حسن
- المَهديُّ منَّا أَهلَ البيتِ يُصلحُهُ اللَّهُ في ليلةٍ
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 9243
خلاصة حكم المحدث: حسن
جاء في كتاب غيبة الإمام المهدي عند الإمام الصادق عليهما السلام للسيد ثامر هاشم العميدي من ص 103 الى ص 107 :
ثانياًً ـ بيان الإمام الصادق عليهالسلام لكيفية الانتفاع بالحجة الغائب عليهالسلام :
نطقت أحاديث أهل البيت عليهالسلام وبصورة متواترة بأن الله تعالى لا يخلي أرضه من حجة على عباده منذ أن خلق الله آدم وإلى قيام الساعة ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحجة ظاهراً مشهوراَ ، أو خائفاَ مستوراً كما مرّ في القاعدة الرابعة من قواعد الفصل السابق.
والتسليم بهذه القاعدة يعني الاعتقاد بوجود الإمام المهدي عليهالسلام في أرض الله عزّوجلّ وإن لم يره أحد ، وهو بحد ذاته كاف لنمو الفضيلة ، وخلق جوّ من التآلف والمودّة بين المؤمنين الذين يعيشون في حالة انتظار دائم وترقّب شديد لظهوره عليهالسلام ، الأمر الذي يؤدي إلى حفظ المجتمع المسلم من التشتّت والضياع ، ومنعه ن الانحدار وراء الشهوات ، وصونه من كل انحراف. كما من نفس وجود الإمام عليهالسلام فيه منافع كثيرة ترتبط بحياة الناس جميعاًً ، من نزول بركات السماء ، وعدم المؤاخذة بالعقاب العاجل ونحوها ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة مبيناً أهميتة الحجة وهي في زمن نزوله منحصرة برسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم أنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون ) (١) ، وأما بعده صلىاللهعليهوآله فلا شكّ في منها بآله الكرام عليهمالسلام.
__________________
١ ـ سورة الانفال : ٨ / ٣٣.
لقد حاول الإمام الصادق عليهالسلام تقريب صورة الانتفاع بالإمام الحجة الغائب عليهالسلام بمثال مادي محسوس ، ليكون ذلك أدعى إلى الإذعان والتصديق.
فعن سليمان بن مهران الأعمش ، عن الإمام الصادق ، عن أبيه الإمام الباقر ، عن أبيه الإمام على بن الحسين عليهمالسلام ، قال : « نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ... ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة الله ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجة الله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله. قال سليمان : فقلت للصادق عليهالسلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال عليهالسلام : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب » (١).
وكما من السحاب لا يمنع من فوائد الشّمس الكثيرة ، ولولاها لا نعدمت الحياة ، فكذلك لا تمنع الغيبة من الفوائد العظيمة المترتّبة على وجود الإمام عليهالسلام ، وهذا ما يفسّر لنا معنى قول الإمام الصادق عليهالسلام : « لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت » (٢).
جدير بالذكر من حديث الإمام الصادق عليهالسلام المتقدم برواية الأعمش هو جزء من حديث عظيم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، برواية جابر بن عبد الله الانصاري ، قال رضي الله عنه : « لمّا منزل الله عزّوجلّ على نبيّه محمد صلىاللهعليهوآله ( يا أيّها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
__________________
١ ـ إكمال الدين ١ : ٢٠٧ / ٢٢ باب ٢١ ، وأمالي الصدوق : ١٥٦ ـ ١٥٧ / ١٥ مجلس / ٣٤ ، وفرائد المسطين / الجويني الشافعي ١ : ٤٥ ـ ٤٦ / ١١.
٢ ـ أصول الكافي ١ : ١٧٩ / ١٠ ، باب من الأرض لا تخلوا من حجة ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٣٨ / ٨ باب ٨.
منكم ) (١) قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمن اولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال عليهالسلام : « هم خلفائي يا جابر ، وأئمة المسلمين ( من ) بعدي أولهم عليّ بن أبي طالب ، ثم الحسن والحسين ، ثم عليّ بن الحسين ، ثم محمد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرئه منّي السّلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم عليٍّ بن موسى ، ثم محمد بن عليّ ، ثم عليّ بن محمد ، ثم الحسن بن عليّ ، ثم سميّي وكنيي حجة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ابن الحسن بن على ، ذاك يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان » ، قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « اي والذي بعثني بالنبوَّة إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سرالله ، ومخزون علمه ، فاكتمه إلاّ عن أهله » (٢).
وتشبيه فائدة الإمام المهدي عليهالسلام في غيبته بفوائد الشمس المجللة بالسحاب يوحي إلى أمور ، قد تعرض لها العلامة المجلسي في ذيل هذا الخبر ، ولا بأس بنقلها كما هي لفائدتها.
قال رحمة الله : « بيان ـ التشبيه بالشمس المجللة بالسحاب يوحي إلى أمور :
__________________
١ ـ سورة النساء : ٤ / ٥٩.
٢ ـ إكمال الدين : ١ : ٢٥٣ / ٣ باب ٢٣.
الأول : إن نور الوجود والعلم والهداية ، يصل إلى الخلق بتوسّطه عليهالسلام ؛ إذ ثبت بالأخبار المستفيضة منهم العلل الغائية لايجاد الخلق ، فلولا هم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم ، والتوسل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لا ستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم ) (١) ولقد جرّبنا مراراً لا نحصيها أن عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحقّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض ، لمّا استشفعنا بهم ، وتوسلنا بانوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت ، تنكشف تلك الأمور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.
الثاني : كما من الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ـ ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ، ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيام غيبته عليهالسلام ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره ، في كل وقت وزمان ، ولا يبأسون عنه.
الثالث : إن منكر وجوده عليهالسلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيبها السحاب عن الأبصار.
الرابع : إن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد ، من ظهورها لهم بغير حجاب ، فكذلك غيبته عليهالسلام أصلح لهم في تلك الأزمان ؛ فلذا غاب عنهم.
الخامس : إن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن
__________________
١ ـ سورة الانفال : ٨ / ٣٣.
السحاب ، وربّما عمي بانظر إليها لضعف الباصرة عن الاحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربّما يكون ظهوره أضرّ لبضائرهم ، ويكون سببا لعماهم عن الحق ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته ، كما ينظر الإنسان إلى الشمس تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.
السادس : إن الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون واحد ، فكذلك يمكن أن يظهر عليهالسلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع : إنهم عليهمالسلام كالشمس في عموم النفع ، وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسّر به في الأخبار قوله تعالى : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً ) (١).
الثامن : إن الشمس كما من شعاعها يدخل البيوت ، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك الخلق إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روزان قلوبهم من الشهوات النفسانية ، والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب » (٢).اهـ
__________________
١ ـ سورة الإسراء : ١٧ / ٧٢.
٢ ـ بحار الأنوار / العلاّمة المجلسي ٥٢ : ٩٣ ـ ٩٤ ذيل الحديث الثامن ، باب علّة الغيبة وكيفية انتفاع الناس به عليهالسلام.
جاء في محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام (الجزء الرابع)لسماحة السيد علي الحسيني الصدر إعداد وتحقيق مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله فرجه
المحاضرة الثالثة :
وقلنا بأن هناك تساؤلات في مسألة الغيبة وانتهت الأسئلة إلى السؤال الأخير وهو: ما فائدة الإمام عليه السلام في غيبته إذا كان غائباً؟ وكيف ينتفع به الناس؟ قلنا: إن هناك فوائد جمّة في مسألة الإمام عليه السلام ووجوده وإن كان غائباً, ومن تلك الفوائد التي يساعد عليها الدليل قلنا:
الفائدة الأولى: إن نفس وجود الإمام روحي فداه موضوع لحصول المعرفة والإيمان، فإن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
الفائدة الثانية: إن وجود الإمام روحي فداه وجود للحجة الإلهية والبينة الربانية، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها.
الفائدة الثالثة:التي تعرضنا إليها إشارة إلى أن الإمام عليه السلام مركز الأمور الكونية وواسطة للفيوضات الإلهية والمقدمات الإلهية، واستدللنا بالآية الشريفة في سورة القدر (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)(1)، قلنا بأن صيغة التنزل صيغة مضارعة تفيد الاستمرار، أي كلما كانت ليلة القدر نزلت الملائكة وروح القدس, بأي شيء نزلت ؟ نزلت بإذن الله من كل أمر من الأمور المقدرة للخلق وللموجودات، من كل أمر _ كل أداة تعميم _ والأمر شيء منكر يفيد العموم، نزلت بكل الأمور, بلّغت جميع الأمور, أخبرت بجميع الأمور. لمن تخبر؟ الجواب: ألا إنها تخبر الرسول صلى الله عليه وآله في حين وجوده، ولكن بعد شهادة رسول الله من تخبر؟ يلزم أن تخبر الإمام روحي فداه, تخبر وصيه, تخبر الأئمة الذين هم خلفاء الله وخلفاء الرسول، وإلاّ لكان نزول الملائكة بالوحي نزول بالأخبار والمقدرات بدون داعٍ, لغواً وعبثاً، تنزل الملائكة وتخبر, من تخبر؟ هل تخبر الهواء؟ لا يمكن ذلك، إلاّ إذا كان المفروض النـزول والصعود، فليحفظ في اللوح المحفوظ. إذن هي تنـزل بالأخبار وبالمقدرات كما كانت تنزل على الرسول صلى الله عليه وآله كذلك تنزل على الإمام، وليس هناك مهبط إلا أئمة أهل البيت أرواحنا فداهم. إذن وجوده استمرار لنـزول المقدرات الكونية، لذلك لو رفعت ليلة القدر لساخت الأرض، أي لارتفعت الأرض ولم تبقَ الدنيا لحظة واحدة, هذه المقدرات لم تُقدر ولم تنزل لولا وجود الإمام أرواحنا فداه، ليكون واسطة لبيان المقدرات ولتقيم المقدرات لهبوط الملائكة بالمقدرات لجميع الموجودات وفي كل أمر. وهذه أكبر فائدة، وهي فائدة عظمى لا يمكن استبدالها والاستغناء عنها. ولزيادة هذه الأمور من جهة بعض الروايات الشريفة التي تؤيد هذا المعنى بل تصرّح بهذا المعنى, ولعلّ ممّا يدل على أن جميع المقدرات تنزل على أهل البيت أرواحنا فداهم الزيارة المطلقة الحسينية الأولى، التي هي من أصح الزيارات، يكتفي بها الصدوق في الفقيه(2)، ويذكرها الكليني أعلى مقامه في مقام بيان كيفية زيارة الإمام الحسين(3) عليه السلام ورواتها جميعهم أجلاء والراوي الأخير المباشر عن الإمام جماعة من الفقهاء هم: الحسين بن ثويب بن أبي فاختة والمفضل الجعفي ويونس بن عبد الرحمن يروون كلهم: وكان المتكلم منا يونس فسأل أبا عبد الله عليه السلام: أريد زيارة الحسين فكيف أزور؟ وكيف أصنع ؟ قال عليه السلام: ائت شاطئ الفرات واغتسل والبس أنظف ثيابك ثم امش بطمأنينة ووقار وسبح الله، فإذا وصلت إلى قبر الحسين عليه السلام فكبر ثلاثين مرة ثم قل: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته.. إلى هذه الفقرة التي هي محل الشاهد.. بكم يمحو ما يشاء وبكم يثبت وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن وبكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها وبكم تنزل السماء قطرها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينـزل الله الغيث وبكم تسيخ _ يعني تستقر _ الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقر جبالها, إرادة الرب.. والمقصود بهذه الكلمة العظيمة (إرادة الرب) إرادة رب العالمين في مقادير أموره, جميع ما يقدر من جميع أمور الله، لا أمر واحد، وإنما بصيغة الجمع.. في جميع أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم لا محيص عن هذا النزول والهبوط، تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم. إذن فمحل الإرادات ومحل التقادير الإلهية هم أهل البيت، والذين الآن خاتمهم الإمام المهدي أرواحنا فداه، لذلك وجوده وجود ضروري أكيد وحتمي لا يمكن أن يستغنى عنه، فكيف يقال ما فائدة إمام غائب؟
الفائدة الرابعة: أن الإمام عليه السلام حتى إذا كان غائباً له مقام الشاهدية يشهد على الخلق، لأن من عدالة الله سبحانه وتعالى، كما ثبت في باب التوحيد، أنه إنما يجازي مع الشهادة، وإنما يجازي مع الأشهاد الذين يشهدون بذنب شخص فيعاقبه، ويشهدون بحسن أعمال شخص فيثيبه, كل هذا حسب العدالة وبحسب الشهادة وبحسب الإخبار القطعي في الآية الشريفة (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(4)، أنتم يا أهل البيت شهداء على الناس والرسول شهيد عليكم. فلولا الأئمة ولولا وجود الإمام الغائب من يشهد عند الله في المحكمة الإلهية في زمان الإمام الحجة روحي فداه؟ إذن وجوده ضروري لشهادته يوم القيامة بتنصيص الكتاب.
الفائدة الخامسة: إن وجوده فينا هو طمأنينة للقلوب واستقرار, لأن وجوده كوجود رسول الله روحي فداه، ألا تلاحظون في كتب السير العامة والخاصة ينقل عن الصحابة أنهم كانوا يقولون: (كنا نلتجئ برسول الله إذا اشتد البأس والحرب وهو أقربنا إلى العدو؟).(5) فالنفس تطمئن ووجود الرسول وجود يغني عن أي شيء وعن أي حاجة ويوجب الاطمئنان للقلب والاستقرار للنفس, وجوده كافي الاستقرار والاطمئنان. والإمام كالرسول في جميع الخصوصيات إلا مسألة الرسالة، لذلك وجود الإمام بنفسه قوة للقلب فإذا كان إحساسنا بأن الإمام موجود وإن كان غائباً نستقر بأن العذاب مرفوع عنا وأن الرحمة نازلة بنا، ووجوده يكون موجباً إلى الاطمئنان، لذلك جاء في الحديث الرضوي الشريف أن الإمام هو مفزع العباد في الداهية النادّ(6)، أي العظيمة, فوجوده يوجب الاطمئنان وإن كان غائباً.
الفائدة السادسة: إن الإمام أرواحنا فداه له اللطف ولوجوده اللطف, وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر, نفس الوجود لطف من الله تعالى لأنه يمد الخلق ولأنه يعين الخلق والمخلوقات والموجودات, فكم يعين المحتاجين ويعرف الضالين وينجي المؤمنين ألا تلاحظون كم من مريض قد شفي ببركة الحجة روحي فداه؟ وكم من عطشان قد أرواه؟ وكم من مضطر قد نجا في المهلكات؟ وكم من شخص ضالٍّ في الطريق قد هداه؟ وعاجز قد أغناه؟ فوجوده لطف على العباد وإن كان غائباً وغير مرئي.
الفائدة السابعة: هي الفائدة التي بيّنها الرسول الأعظم والإمام الصادق وكذلك الإمام المهدي في بعض التوقيعات، وهي أن وجوده كالشمس التي غيبتها السحب, (كالشمس إذا جللّتها السحب) وهذا وجود مفيد كوجود الشمس. وهذا تشبيه لطيف من التشبيهات اللطيفة، بل من ألطف وأحسن أنواع التشبيه, تشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب في رواية الرسول الأعظم وفي حديث الإمام الصادق وفي حديث التوقيع، كلها مذكورة في كمال الدين حيث سئل الرسول صلى الله عليه وآله: كيف ينتفع بالإمام في غيبته؟ فقال: والذي بعثني بالنبوة إنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب.(7)وكذلك في الحديث الصادقي: ينتفعون به كانتفاعهم بالشمس إذا سترها السحاب.(8)وفي التوقيع الشريف: الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب.(9)وهو من أجمل أنواع التشبيه, تعرفون أن للشمس الدور القيادي في جميع المنظومة الشمسية وفي جميع الكواكب الكونية، ولولا الشمس ولولا جاذبية الشمس لاختلّت جميع حركاتها، فالشمس كأنها قائد للكواكب له الدور القيادي في تنظيم الكواكب, وكذلك وجود الإمام الحجة له الدور القيادي في جميع الموجودات ولولاه لساخت الأرض بأهلها. وكذلك من حيث الاستفادة بالضوء كنور الشمس وينتفع به ولو كان خلف السحاب, وجميع الموجودات شجرها وإنسانها ونباتها وأرضها, الجميع يستفيدون بنور الشمس كل بقدر ما يحتاج وإن كان خلف السحاب، إنه ينوّر العالم بوجوده ولولاه لا ظلمّت الدنيا ولولاه لما كانت الدنيا مضيئة ولما كانت مستقرّة ولما سكن إليها أحد, وجوده ينير الدنيا ويضيء القلب روحي فداه. إضافة إلى أن التعبير بالتجليل (يجلّلها السحاب)، في اللغة العربية: السحاب قسموه إلى أقسام: السحاب الممطر والسحاب المجلل، وعند صاحب مجمع البحرين(10) أعلى الله مقامه يبين ما مضمونه السحاب المجلّل: هو السحاب الذي يجلل الأرض ويعمها بمطره كأنه المطر الذي يعم, ويسمى مجلل السحاب الذي له مطر يعم وإن كان مستوراً وإن كان غير مرئي لانه مستور مع عموم خيره لجميع الموجودات كالمطرالذي يصيب الغث والسمين ويصيب من ينتفع به من جميع الموجودات. إذن فالانتفاع بالإمام المهدي بتنصيص الرسول والأئمة أرواحنا فداهم كالانتفاع بالشمس، وهل يستغني الناس عن الشمس؟ بالله عليكم ممكن إذا سرمد الليل هل يكون للناس حياة في هذه الدنيا؟! وكذلك يكون الاحتياج إلى الإمام روحي فداه.
الفائدة الثامنة: وهي الأخيرة، المستفادة أيضاً من الروايات أن وجوده روحي فداه رعاية للشيعة، دعاء للشيعة، بوجوده ينتفعون وبدعائه الذي يستجاب ولا يرد عن ربِّ العالمين، كما بينه هو روحي فداه في رسالتيه إلى الشيخ الأعظم المفيد أعلى الله مقامه. هناك رسالتان يذكرهما الطبرسي أعلى الله مقامه في الاحتجاج(11) تلقاهما الشيخ الأعظم المفيد من الإمام الحجة من الناحية المقدسة, في الرسالة الأولى هذا بعض النص أبينه لخدمتكم: (نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا نحيط علماً بأنبائكم _ انباؤكم أمام عيني أراها وأحيط بها علماً _ ولا يعزب عنا شيء من أخباركم.. إلى أن يقول: إنا غير مهملين لمراعاتكم _ بأبي وأمي يراعي جميع شيعته _ إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء _ اللأواء يعني الشدة والضيق _ واصطلمكم الأعداء _ وجوده بهذه المثابة وجود للمراعاة, مراعاة الشيعة ورعاية الشيعة _ ثم يقول عليه السلام: فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب من محبتنا ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة وفجأة حين لا تنفعه توبة).وبيّن في الرسالة الثانية: (إننا من وراء حفظهم _ يعني الشيعة _ بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب وليتقوا بالكفاية منه). يدعو للشيعة، رعاية للشيعة، وجميع الأعمال، وجميع الأفعال تكون بمنظره، في بعض الروايات أنه تعرض عليه الأعمال, إذا كان _ والعياذ بالله _ قد عصى الشيعي يستغفر له, وإن كان قد أحسن يطلب له الجزاء ويطلب له العمل أكثر.(12) لذلك فوجود الإمام روحي فداه وجود مفيد للشيعة بالمراعاة وبالدعاء, ذلك الدعاء الذي يكون مستجاباً قطعاً عند الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القدر (97): 4.
(2) من لا يحضره الفقيه: 2/ 594 الحديث 3199.
(3) الكافي: 4/ 575 الحديث 2.
(4) البقرة (2): 143.
(5) المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص578 ب 13 ح1، كنز العمال للمتقي الهندي ج10 ص397 ح 29943.
(6) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 25 ص131.
(7) إكمال الدين وإتمام النعمة: 253 الحديث 3 من الباب 23.
(8) إكمال الدين وإتمام النعمة: 207 الحديث 22 من الباب 21.
(9) إكمال الدين وإتمام النعمة: 483 الحديث 4 من الباب 45.
(10) مجمع البحرين للطريحي: 1/ 389.
(11) الاحتجاج للشيخ الطبرسي: 2/ 322.
(12) التبيان للشيخ الطوسي ج 5 ص 295، وتفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي ج2 ص 93
المهدي من أهل البيت الذين اعترف إعترف عمر بن الخطاب بقوله فيهم : وهل أنبتَ على رؤوسِنا الشَّعرُ إلَّا اللهُ ، ثمَّ أنتُم فيدخل الإمام المهدي في إعترافه بلاريب
- صعدتُ المنبرَ إلى عمرَ فقلتُ : انزلْ عن منبرِ أبي واذهبْ إلى منبرِ أبيكَ . فقال : إنَّ أبي لَم يكُن لهُ منبرٌ ، فأقعدَني معَهُ ، فلمَّا نزلَ ، قال : أيْ بُنَيَّ مَن علَّمَكَ هذا ؟ قلتُ : ما علَّمنِيهِ أحدٌ . قال : أيْ بُنَيَّ وهل أنبتَ على رؤوسِنا الشَّعرُ إلَّا اللهُ ، ثمَّ أنتُم ، ووضعَ يدَهُ على رأسِهِ ، وقال : أيْ بُنَيَّ لَو جعلتَ تأتِينا وتغشانا .
الراوي: الحسين بن علي بن أبي طالب المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 3/285
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
والإيمان بحياته الآن وأنه إمام الزمان يقي من ميتة الجاهليه :
- مَن ماتَ بغيرِ إمامٍ ماتَ ميتةَ الجاهليَّةِ .
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1134
خلاصة حكم المحدث: حسن
لولا وجودالإمام المهدي عليه السلام الآن لساخت الأرض بأهلها والإنتفاع به في غيبته كما ينتفع بالشمس إذا سترها سحاب أنقل التالي :
روى الحمويني بسنده عن سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام، قال: «نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجلين وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل الأرض، كما ان النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض الاّ بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها. ثم قال: ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو الى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولو لا ذلك لم يعبد الله.
فقال سليمان: فقلت للصادق عليه السّلام فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب»(1).
وروى القندوزي عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال: «سمعت جابر ابن عبدالله الأنصاري يقول قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، يا جابر ان أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمّد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ثم جعفر بن محمّد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمّد بن علي ثم علي بن محمّد ثم الحسن بن علي ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي، ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة، لا يثبت على القول بإمامته الاّ من امتحن الله قلبه للإيمان، قال جابر، فقلت يا رسول الله: فهل للناس الانتفاع به في غيبته؟ فقال: اي والذي بعثني بالنبوة انهم يستضيؤون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان سترها سحاب. هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله، فاكتمه عن أهله»(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) فرائد السمطين ج1 ص46، وقد ورد بهذا المضمون وبعبارات مشابهة في ينابيع المودة للقندوزي ص478، وغاية المرام للسيد هاشم البحراني، و(البحار) للعلامة المجلسي ج52 ص93، وكمال الدين والامالي للصدوق.
(2) ينابيع المودّة ص494.
والقندوزي والحمويني من أهل السنه حتى أريح من يشكك في أنهما من أهل السنه :
أقول : جاء في مركز الفتوى رقم الفتوى 52163: ويرويها القندوزي المتوفى سنة 1294هـ أو أبو إسحاق الحمويني المتوفى سنة 722هـ وكل منهما يرويها في كتاب له يُشَك في نسبته إليه لا سيما وأنهما سنيان
قال الهيثمي ـ في مقارنة لطيفة بين الكتاب والعترة ـ: (سمّى رسول الله(صلى الله عليه وآله)القرآن وعترته ثَقَلين; لأن الثَقَل كل نفيس خطير مصون. وهذان كذلك; إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنيّة والأسرار والحكم العليّة والأحكام الشرعيّة. ولذا حث رسول الله(صلى الله عليه وآله) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم، وقال: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت. وقيل: سمّيا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما.
ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله; إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، ويؤيده الخبر السابق: ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم. وتميّزوا بذلك عن بقية العلماء، لأن الله اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً... وشرّفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة.
... وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت اشارة إلى عدم انقطاع متأهلّ منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض.
ويشهد لذلك قوله(صلى الله عليه وآله): في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا إن ائمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون.
ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب(كرّم الله وجهه) لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثم قال أبوبكر: عليٌّ عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله). (1)
وقال في قوله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (2) أشار(صلى الله عليه وآله) إلى وجود هذا المعنى في اهل بيته، وأنهم امان لأهل الأرض كما كان هو أماناً لهم.
وفي ذلك احاديث كثيرة... منها ما رواه الحاكم وصحّحه على شرط الشيخين:
(النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لاُمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس).
وقال: (وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا...
وفي رواية مسلم: ومن تخلف عنها غرق. وفي رواية: هلك.
وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له). (3)