وهذا النص القرآني الشريف يعطينا خياراً عقلانيا وحتى شرعيا
بضرورة إلتزام جانب الأصالة والخيرية في الأشياء
في قبالة دنو الأشياء المُعاصرة وهبوط قيمتها
ذلك كون القرآن الكريم حينما يعرض المصداق
فقطعاً سينكشف ما يُريدُ تأسيسه مفهوميا وكليّاً .
وهذا الإستظهار من هذا الباب .
وإذا أدركنا أنَّ التغيير الثقافي قد إرتبط في حَراكه المجتمعي بمفهوم التغيير النفسي
الذي يجب أن ينوجد عند الإنسان من أجل إحداث التغيير النوعي في نظام الإجتماعي الإنساني .
فيجب البحث عن منهج قويم يتمكن من إحداث التغيير النفسي في بنية الإنسان
وبالتالي يتمكن من التأثير والتغيير الثقافي نوعياً
وممكن تبويب منهج التغيير النفسي بنقاط رئيسة وفق رؤية قرآنية قويمة .
:1:
إنَّ القرآن الكريم نقدَ حراك الإنسان في أنماطه الخارجية سواء على مستوى العبادات أو المعاملات أوالعلاقات أو غيرها .
ولم يقرّ له بأنَّ حراكه الخارجي والظاهري هو المعيار الأول أو المُحرِّك الأساس في التغيير الثقافي نوعيا
بل نبهه على أنَّ المُحرِّك الأساس في التغيير الثقافي هو المُحرِّك الذاتي والنفسي
فالخير المتوقع من التغيير الثقافي هو مرهونٌ بالتغيير النفسي فكريا وعقديا وقصديا .
لذا نلحظ أنَّ القرآن الكريم قد قدّمَ الأصول على الفروع كالإيمان بالله تعالى والإيمان بالمعاد والقرآن والأنبياء
ثم فرّعَ عنها حَراك الإنسان إجتماعيا كبذل المال ودعم المحرومين والمستحقين .
وهذا المنزع القرآني يجعلنا ندرك تماماً أنَّ حركيَّة المُتغيِّر النفسي تنتج قطعا تغييراً ثقافيا محسوسا
طبقاً لما أرشدتْ إليه هذه الآية القرآنية الشريفة .
وفي آيات أخرى أيضا قد ورد مثل هذا المعنى والمفهوم المُرتبط بجذرية التغيير النفسي وأهميته في إحداث التغيير النوعي
ومعلوم أنَّ مفهوم التقلُّب هنا هو إرتسام لمُجمل الحراك والتطور والتبدل في الأحوال الحياتية عند خصم الإسلام
على مستوى الإقتصاد أو العمران أو القوة العسكرية أو الفكر أو الإجتماع.
كل ذلك التقلب الحضاري يجب أن لايضعف من إرادة الإنسان المؤمن في متغييره النفسي والثقافي .
:4:
إنَّ من الأمور المهمة في إحداث التغيير النفسي والتغيير الثقافي نوعيا
هو أن يحس ويشعر الإنسان بقدرته على التغيير
أو بقدرته على قبول التغيير من أصحابه المُرتقبين .
لما لثقافة الثقة بالنفس أو القناعة بالخيارات الصحيحة من أثر في ذلك
فضلاً عن الإحساس الأخلاقي بأنَّ الله تعالى
هو حاضرٌ وفاعلٌ في ميادين الحَراك النفسي والثقافي
قطعاً لما تفرضه حكمته تعالى ووعوده الحقة بالتغيير المُرتقب والمُنتّظر
على مستوى الذات أو المجتمع
سواء قام به الإنسان المُعاصر أو الإمام المهدي:عليه السلام: المُنتَّظر .
ففي القرآن الكريم ثمة ثقافات وقناعات بحتمية التغيير النفسي والآفاقي مُستقبلاً
مما تعطي الإنسان المؤمن زخماً وقدراً كبيراً من المعنويات والآمال بصدق وجزم وقوع التغيير مطلقا.
قال اللهُ تعالى مُفصحاً عن تلكم المعنويات والآمال المشروعة والحقة والقطعية في تحققها المرتقب.
احسنتم قال تعالى " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10} .
النفس هي المنطلق الاول للصراع المزدوج " الثقافي النفسي " اذ انها المحرّك الاساسي الذي يغذي دوامة الحياة فلا بد ان يصلح كي تنبعث منه المصاديق السليمة ..