نعذر المحاورين من أهل السنة في عدم الرد على هذا الإشكال, لأن فقهاؤهم تلخبطوا كثيراً في تسويق المبررات التي تكرس حكم الطواغيت على حساب دين الله و كل واحد منهم يخربط على هواه, فلو كان رأي واحد من هؤلاء الفقهاء فيه خير لأجابوك.
 
 
1 - رأي القاضي عياض والحافظ البيهقي
 
قال القاضي عياض : لعل المراد بالاثني عشر في هذه الأحاديث وما شابهها أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره ، والاجتماع على من يقوم بالخلافة ، وقد وجد فيمن اجتمع عليه الناس ، إلى أن اضطرب أمر بني أمية ، ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد ، فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية ، فاستأصلوا أمرهم . 
قال ابن حجر العسقلاني : كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه ، لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة : كلهم يجتمع عليه الناس ، وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته ، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين ، فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ، ولم ينتظم للحسين أمر ، بل قتل قبل ذلك ، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام ، وتخلل بين سليمان ويزيد : عمر بن عبد العزيز ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام ، فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك . . ..
 
وهذا هو قول البيهقي أيضا في دلائل النبوة ، حيث قال بعد أن ساق بعضا من الأحاديث السابقة : وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية ، ثم ظهر ملك العباسية . . . . ثم قال : والمراد بإقامة الدين - والله أعلم - إقامة معالمه وإن كان بعضهم يتعاطى بعد ذلك ما لا يحل . 
 
2 - رأي ابن حجر العسقلاني : 
 
قال ابن حجر العسقلاني : الأولى أن يحمل قوله : ( يكون بعدي اثنا عشر خليفة ) على حقيقة البعدية ، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمرابن عبد العزيز أربعة عشر نفسا ، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما ، وهما معاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم . إلى أن قال : ولا يقدح في ذلك قوله : ( يجتمع عليه الله بن الزبير مع صحة ولايتهما ، والحكم بأن من خالفهما لم يثبت استحقاقه إلا بعد تسليم الحسن ، وبعد قتل ابن الزبير ، والله أعلم . 
 
3 - قول ابن أبي العز شارح العقيدة الطحاوية : 
 
قال ابن أبي العز الحنفي : والاثنا عشر : الخلفاء الراشدون الأربعة ، ومعاوية وابنه يزيد ، وعبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة ، وبينهم عمر بن عبد العزيز ثم أخذ الأمر في الانحلال ، وعند الرافضة أن أمر الأمة لم يزل في أيام هؤلاء فاسدا منغصا ، يتولى عليه الظالمون المعتدون ، بل المنافقون الكافرون ، وأهل الحق أذل من اليهود . وقولهم ظاهر البطلان ، بل لم يزل الإسلام عزيزا في ازدياد في أيام هؤلاء الاثني عشر .
يندى له جبين التاريخ . فإنهم كانوا يقتلون كل من وجدوه من الناس ، وكانوا يسلبون كل ما وقع تحت أيديهم من الأموال ، ووقعوا على النساء حتى قيل : إنه حبلت ألف امرأة من أهل المدينة من غير زوج .
 
4 - قول ابن كثير وابن تيمية : 
 
وهو أن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة ، يعملون بالحق وإن لم تتوال أيامهم ، ويؤيده ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير من طريق أبي بحر ، أن أبا الجلد حدثه أنه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة، كلهم يعمل بالهدى ودين الحق ، منهم رجلان من أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم ، يعيش أحدهما أربعين سنة ، والآخر ثلاثين سنة . 
وعلى هذا فالمراد بقوله : ( ثم يكون الهرج ) أي الفتن المؤذنة بقيام الساعة ، من خروج الدجال ثم يأجوج ومأجوج إلى أن تنقضي الدنيا . 
 
قال ابن كثير : قد وافق أبا الجلد طائفة من العلماء ، ولعل قوله أرجح لما ذكرنا ، وقد كان ينظر في شئ من الكتب المتقدمة ، وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه : إن الله تعالى بشر إبراهيم بإسماعيل ، وأنه ينميه ويكثره ، ويجعل في ذريته اثنا عشر عظيما . 
 
قال شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية : وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة ، وقرر أنهم يكونون مفرقين في الأمة ، ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا . 
 
قال السيوطي : وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر خليفة : الخلفاء الأربعة ، والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ، ويحتمل أن يضم إليهم المهتدي من العباسيين ، لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز ، وكذلك الطاهر لما أوتيه من العدل ، وبقي الاثنان المنتظران ، أحدهما المهدي ، لأنه من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم . 
5 - قول ابن الجوزي والخطابي : 
 
وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه ، وأن حكم أصحابه مرتبط بحكمه ، فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم ، فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية ، وكأن قوله : لا يزال الدين أي الولاية إلى أن يلي اثنا عشر خليفة ، ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشد من الأولى ، وأول بني أمية يزيد بن معاوية ، وآخرهم مروان الحمار ، وعدتهم ثلاثة عشر ، ولا يعد عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير ، لكونهم صحابة ، فإذا أسقطنا مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته ، أو لأنه كان متغلبا بعد أن اجتمع الناس على ابن الزبير صحت العدة ، وعند خروج الخلافة من بني أمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرت دولة بني العباس ، فتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغيرا بينا . . .
 
قال البخاري : لم ير النبي صلى الله عليه وسلم. 
وقال ابن حجر : روى عن النبي ، ولا يصح له منه سماع . وقال أيضا : لم أر من جزم بصحبته . 
وقال الذهبي : لم ير النبي صلى الله عليه وسلم لأنه خرج مع أبيه وهو طفل . 
وقال النووي : لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ولا رآه ، لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل حين نفى النبي صلى الله عليه وسلم أباه الحكم ، فكان مع أبيه بالطائف حتى استخلف 
 
6 - قول ابن حبان : 
 
قال ابن حبان : معنى الخبر عندنا : أن من بعد الثلاثين سنة يجوز أن يقال لهم خلفاء أيضا على سبيل الاضطرار وإن كانوا ملوكا على الحقيقة ، وآخر اثني عشر من الخلفاء كان عمر بن عبد العزيز ، فلما ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم الخلافة ثلاثين سنة وكان آخر الاثني عشر عمر بن عبد العزيز ، وكان من الخلفاء الراشدين المهديين ، أطلق على من بينه وبين الأربع الأول اسم الخلفاء . . . ثم ساق كلاما طويلا ذكر فيه كل من تولى ، ولم يعين من هم الاثنا عشر ، إلا أنه ذكر الأربعة ، ومعاوية ، والإمام الحسن عليه السلام ، ويزيد ، ومعاوية ابن يزيد ، وعبد الله بن الزبير ، ومروان بن الحكم ، وعبد الملك ، والوليد ، وسليمان ، وعمر بن عبد العزيز ، وهو آخرهم . 
 
7 - رأي المهلب : 
 
نسب إلى المهلب أنه قال : الذي يغلب على الظن أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن ، حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميرا . قال : ولو أراد غير هذا لقال : يكون اثنا عشر أميرا يفعلون كذا . . . ، فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد . 
 
قال ابن حجر : وهو كلام من لم يقف على شئ من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة ، وقد عرفت من الروايات التي ذكرتها من عند مسلم وغيره أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم ، وهو كون الإسلام عزيزا منيعا .
 
وفي الرواية الأخرى صفة أخرى ، وهي أن كلهم يجتمع عليه الناس كما وقع عند أبي داود . إلى أن قال : ولو لم يرد إلا قوله : كلهم يجتمع عليه الناس [ لكفى ] فإن وجودهم في عصر واحد عين الافتراق ، فلا يصح أن يكون المراد. 
 
8 - قول أبي الحسين بن المنادي : 
 
فإنه قال في الجزء الذي جمعه في المهدي : يحتمل في معنى حديث : ( يكون اثنا عشر خليفة ) أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ، فقد وجدت في كتاب دانيال : إذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ، ثم خمسة من ولد السبط الأصغر ، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ، ثم يملك بعده ولده ، فيتم بذلك اثنا عشر ملكا ، كل واحد منهم إمام مهدي . ثم ساق رواية رواها أبو صالح عن ابن عباس ، ورواية أخرى عن كعب بهذا المعنى . 
 
قال ابن حجر : الوجه الذي ذكره ابن المنادي ليس بواضح ، ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي ، عن أبيه ، عن جده رفعه : ( سيكون من بعدي خلفاء ، ثم من بعد الخلفاء أمراء ، ومن بعد الأمراء ملوك ، ومن بعد الملوك جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ثم يؤمر القحطاني ، فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه ) ، فهذا يرد على ما نقله ابن المنادي من كتاب دانيال ، وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا ، وكذا عن كعب. 
 
المصدر:
http://www.shiaweb.org/books/masaeil_khelafia/index.html