[باقر السماوي]

نهاية المطاف
لقد دأب أهل المكر والخداع على قلب الحقائق وتدليس الواقع عبر الأزمنة لتكييف الأمور باتجاه مصالحهم و مصالح سادتهم وكبرائهم متجاهلين مصالح أبناء جلدتهم و ضاربين بها عرض الجدار ... ولقد شاهدنا في التأريخ الحديث أمثلة كثيرة لهؤلاء المخادعين الذين أسفرت ممارساتهم المنحرفة في دخول البلاد والعباد في أتون معارك مدمرة هددت بزوال ملامح دولة كانت ولا زالت مهد الحضارة والقيم الإنسانية النبيلة ... ولعل تأريخ صدام حسين و طباليه ليس منا ببعيد حيث كانت شيمتهم الرقص والصراخ بطريقة تشبه الأغاني والأناشيد المثيرة للمشاعر الوطنية لإيهام الناس وخداعهم بان ما يجري على أرض الواقع من ممارسات هي لأجل رفعة وسمو الوطن ولأجل تامين مستقبل زاهر لأجياله الصاعدة ... فالاعتقال التعسفي والقهر والتغييب وسلب الحريات وانتهاك الحرمات وتخريب علاقات الجوار أمور كانت تجري تحت مسمى المصلحة الوطنية و الويل والثبور لمن يقف أمام هذه السياسات ..!! وكان هناك من يصرخ بما يشبهه الأهزوجة الأصيلة التي تعارف عليها أبناء العراق لتزييف الواقع ليدفع بالناس البسطاء نحو التأييد الأعمى لهذه السياسات الوطنية المزعومة , لينتهي المطاف بجوقة الطبالين والمزمرين والجلادين في مزبلة التأريخ ويرمي بالبسطاء في أحضان جوقة جديدة لا تختلف عن سابقتها إلا بالمظاهر الخارجية و باحترافها الكذب و التدليس بدرجات خارقة .. و لكن ..ربما تكون جوقة المخادعين والكذابين والمكره هذه قد وقفت على مشارف أو نهايات مسيرتها المظلمة وذلك لتخطيها حدود المعقول أو المألوف من فنون سياسة المكر والخديعة بحيث لم يعد لديها ما يمكن أن تضيفه رغم التهليل والتكبير و ترديد الصلوات ومديح الدراويش و الخطباء و آلاف الأقلام المأجورة لأنصاف المتعلمين من هواة جمع الفئات النقدية الصدئة الذين وقفوا عاجزين عن تزييف صورة العملاء والسراق والقتلة وتقديمهم كحماة للوطن أوقادة لمسيرة البناء والنهوض المتعثرة بفعل سياساتهم ... لقد أصبح الفشل السمة المميزة لأولئك الذين تسلطوا من غير وجه حق على مقدرات الدولة وثرواتها ومفاصلها المختلفة فراحوا يعبثون ويخربون ويسرقون يقتلون ويكذبون حتى تخطى انفلاتهم واستهتارهم حدود المألوف من الانحراف ..!! لقد وزعوا العراق على طباق من ذهب إلى أسيادهم ومزقوه شر تمزيق وبثوا بين أبناءه بذور الفتنة والشقاق في أطار لعبة قذرة انكشفت أوراقها لأبناء الشعب بعد حين .. ومع قرب موعد الانتخابات البرلمانية المزمع أجرائها مطلع العام القادم تبذل الجوقة الجديدة كل ما بوسعها لتزييف صورتها البشعة فمن وقوف أفرادها على اختلاف أيدلوجياتهم طوابير أمام باب المرجعية الدينية لمحاولة الحصول على دعاء خاص باسم أحدهم أو مباركة أنشطتهم السابقة ..! إلى تريد مطالبتها بضرورة اعتماد القائمة المفتوحة للحيلولة دون تزوير الإرادة الجماهيرية مرة أخرى مع أن السلوك السياسي لهؤلاء يثبت العكس تماما فهم يدفعون وبقوة باتجاه اعتماد القائمة المغلقة التي تمكنهم من أعادة أنتاج سياساتهم السابقة وتضمن وجودهم مرة أخرى في قاعات البرلمان الذي تعفنت بنايته من كريه روائح مؤامراتهم ضد الشعب المسكين بافتعال مبررات قانونية لتأخير إصدار قانون الانتخابات الجديد ..
إن الغرض من وراء إصرار هذه الجوقة على عرقلة إصدار قانون الانتخابات الجديد ومن قبله قانون الأحزاب الذي أكلوه على الشعب (من هذا الفك إلى هذا الفك ) كما يقول المثل العراقي الدارج وابتلعوه تماما ليرحل إلى الدورة القادمة وليكون ساري المفعول حين أجراء الانتخابات بعد أكثر من أربعة سنين ..!! هو محاولتهم البائسة للبقاء في دوائر صنع القرار معتقدين أن الشعب ، كما في السابق ، يمكن أن يثق بمجرد شعارات ويتفاعل لاإراديا مع دجل قراصنة العواطف والمتاجرين بالدين أو ينساق مع توجهات مرتزقة القلم من محترفي التلاعب بالألفاظ والمصطلحات , لكنهم متوهمون تماما .. لأن الشعب قد أعد العدة وتهيأ تماما لتغيير كل ذلك لتكون الانتخابات القادمة نهاية مطاف هذه الجوقة ... فلا مجال لأن يصدق بأن العمالة والخيانة والتواطؤ يمكن ان تساوي الوطنية ولا الاحتلال والتدخل الأجنبي يساوي التحرير والسيادة والاستقلال و لا يمكن أن يثق بأن قادة فرق الموت والمليشيات يمكن أن يؤمنوا له مستقبل واعد ....
السماوتلي