|
شيعي محمدي
|
رقم العضوية : 30624
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 3,716
|
بمعدل : 0.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
تشرين ربيعة
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 04-10-2009 الساعة : 08:53 AM
الحلقة التاسعة والعشرون
(مجزرة كركوك 1959: الحقيقة والحدث)
الجزء الثاني
بقلم المؤرخ والكاتب: أرشد الهرمزي
حيثيات القضية
والآن يمكن لنا أن نستعرض صفحات هذه المأساة بالنقاط التالية:
1- في الوقت الذي قاطعت الجبهة الوطنية المكونة من الحزب الشيوعي وقسم من البارتي احتفالات 14 تموز قام التركمان بتنظيم مواكب الاحتفالات والمهرجانات بنطاق واسع في جميع أرجاء المدينة فنصبوا أقواسا يزيد عددها على المئة والثلاثين قوسا مزينة بصور الزعيم الأوحد ومزدانة بالأعلام العراقية.
2- بدأت المنظمات الشعبية الديمقراطية والمقاومة والجبهة الوطنية باستفزاز المواطنين التركمان في كل مكان وذلك بقيام بعضهم بحمل العلم الروسي هاتفين( جبهة جبهة وطنية صداقة سوفيتية عراقية) ( لتسقط التركمانية) و ( جبهة جبهة وطنية لا انحراف ولا رجعية) وهم يحملون الحبال والسلاسل ولم تقابلهم الجماهير التركمانية إلا بهتافات(ماكو زعيم إلا كريم).
3- وفي مساء يوم 14 تموز الساعة السابعة والنصف زوالية مرت مواكب المسيرة الكبرى التي نظمها المواطنون التركمان واشتركت فيها منظمات الجبهة الوطنية لغاية ومآرب معينة وفجأة شرعت الفئات الانتهازية بمهاجمة المواطنين المكتظين على أرصفة الشوارع بالقرب من الأقواس المنصوبة بالحجارة والعصي التي كانت مهيأة لهذا العمل الإجرامي فتفرقت المسيرة والتجأ المواطنون إلى بيوتهم حيث حل الفزع في نفوسهم وهم لا يدرون الذي حدث وبعدها هجم الشقاة على أقواس النصر المنصوبة فحطموها جميعا واحرقوها بالرغم من أنها كانت مزدانة بصور زعيمنا الأوحد وبالأعلام العراقية الحبيبة عدا قوس(اتحاد الشعب) الوحيد الذي يعود إلى تلك الفئة الضالة ثم هاجموا مقهى 14 تموز ومقهى البيات وسينما العلمين وقتلوا أصحابها وسحلوهم في شوارع المدينة وعلقوهم على فروع الأشجار.
4- في الساعة التاسعة أذيع بيان من الفرقة الثانية لغرض منع التجوال وفي أثره خلت الشوارع من المارة في حين أخذ أفراد المنظمات الجبهة الوطنية والمقاومة تملأ الشوارع وهم مسلحون وقد هاجم قسم من المقاومة الشعبية مركز شرطة إمام قاسم واستولوا على جميع الأسلحة الموجودة هناك وان جماعة من أفراد الانضباط العسكري بتوجيه من الملازم الاحتياط نوري جميل الطالباني قد جهزوا أفراد المقاومة الشعبية الذين لم يكن لديهم سلاح بأسلحة عسكرية.
5- اخذ جميع هؤلاء يعيثون بأمن البلد فسادا فاعتدوا على جميع المحال التجارية والحوانيت والمنازل العائدة إلى التركمان فقط ونهبوا جميع ما فيها من أموال ونقود واحرقوا الأموال التي لم يسهل نقلها واستمرت عملية النهب والسلب والحرق حتى الساعة الثالثة من بعد منتصف الليل.
6- وفي صباح اليوم الثاني أي في 15/7/1959 اخذ العصاة يهاجمون البيوت المعينة ويخرجون أهلها ويسحلونهم في الشوارع ثم يعلقونهم على الأشجار والأعمدة وقد استمرت الأعمال البربرية الإجرامية هذه ثلاثة أيام بلياليها حتى وصلت قوات الجيش من بغداد فسيطرت على المدينة.
الأدلة الثبوتية حول كون هذه الحادثة مؤامرة مدبرة من قبل الجبهة الوطنية
أولا- لقد كانت الشائعات تدور في المدينة بأن كارثة ستحل في يوم 12/7/1959 إلا أن أصحاب الفتنة لم يقوموا بذلك لغرض تطمين المواطنين للإسهام في احتفالات 14 تموز ولأجل إيقاع اكبر عدد من الضحايا منهم.
ثانيا- لقد أوعز بعض المنتمين إلى الجبهة الوطنية إلى أقاربهم ومعارفهم الساكنين في كركوك بضرورة مغادرة الأطفال والنساء المدينة قبل يوم 14 تموز وعلى الرجال إن أرادوا البقاء في المدينة عليهم أن يرتدوا الملابس الكردية أو ملابس المقاومة الشعبية أو الجنود. ودليل ذلك ما قاله المدعو معروف البرزنجي رئيس بلدية كركوك وأحد المعتمدين عليه من داود الجنابي إلى موكله نامق أغا الداودي، كما وان الرئيس المذكور قد استعمل سيارة المجزرة لنقل أشخاص من القرى الكردية مما اضطر مفوض ناحية قرة حسن إلى توقيف السائق والحجز على السيارة.
ثالثا- كانت قد قدمت إلى كركوك قبل يوم 12 تموز وفود كثيرة من العشائر الكردية باسم المنظمات الشعبية والجمعيات الفلاحية بقصد الاشتراك في ذكرى مذبحة كاوور باغي لأن تلك الوفود بقيت حتى ما بعد يوم 14 تموز في المدينة واشتركت في المجزرة.
رابعا- لم يشترك أفراد المقاومة الشعبية في مسيرة 14 تموز المسائية وسرعان ما حضروا بكامل أسلحتهم أثناء وقوع الحادث بالرغم من بيان الحاكم العسكري العام بشأن منع حمل الأسلحة من المقاومة الشعبية.
خامسا- لم تشارك الجبهة الوطنية في الاحتفالات التي قام بها التركمان وسائر الفئات المخلصة من القوميات الأخرى في المدينة إذ لم تسهم منظمات الجبهة في نصب الأقواس وإقامة المهرجانات بل وحتى في إظهار شعور الفرح والسرور في ذلك اليوم.
سادسا- إن جميع البيانات التي أصدرتها الجبهة الوطنية كانت قد طبعت بالمطبعة العائدة إلى رئاسة البلدية بأمر من رئيسها وهو المنتسب للجبهة كما وأنه خصص صفحات جريدة كاوور باغي التي تصدرها هذه الرئاسة لأغراض الجبهة ولمصلحتها الخاصة.
الأدلة الثبوتية بشأن تعاون بعض وحدات الجيش مع أفراد الجبهة الوطنية
أولا- إن جميع البيانات التي كانت تصدر باسم الجبهة الوطنية كانت تذاع من مكبرات صوت تحملها سيارات عسكرية.
ثانيا- إن جثث القتلى كانت تسحلها في الشوارع السيارات العسكرية.
ثالثا- إن الأموال التي نهبت من المخازن والحوانيت العائدة للتركمان كانت تنقل بسيارات الجيش إضافة إلى السيارات الأهلية.
رابعا- مما يدل على مشاركة الجنود في عملية النهب والسلب مع أفراد المقاومة الشعبية والمنظمات هو أن الجنود لم يلقوا القبض على أي احد من هؤلاء.
خامسا- كان أفراد الانضباط العسكري بصحبة أفراد المقاومة الشعبية يأتون إلى البيوت المعينة ويلقون القبض على أصحابها بحجة استدعائهم من القيادة وفي الطريق كانوا يفتكون بهم ويسلمون جثثهم إلى أفراد الجبهة لسحلهم ونذكر على سبيل المثال ما حصل مع المرحوم الرئيس الأول المتقاعد عطا خير الله والمرحوم السيد قاسم النفطجي.
سادسا- إن منع التجوال كان مقصورا على المواطنين التركمان، أما أفراد المقاومة الشعبية والمنتمون للجبهة الوطنية والمرتدون الملابس الكردية فإنهم كانوا يتجولون بكل حرية من دون اعتراض من أفراد الجيش.
سابعا- إن كل من سينما أطلس وسينما العلمين وبعض البيوت في القلعة قد قصفها الجنود بمدافع الهاون وبإشراف من أعضاء الجبهة.
ثامنا- الأوامر التي كانت تصدر من الجبهة الوطنية إلى القوى العسكرية النازلة إلى البلد كانت تنفذ بحذافيرها وآلا فقد كان باستطاعتها أن تقضي على الفتنة.
الأدلة التي تثبت كون المؤامرات قد دبرها الفوضويون والانفصاليون
1- إن جميع الأشخاص الذين قتلوا وسحلوا في الشوارع وعلقت جثثهم على الأشجار جلهم من التركمان وان وجد بعض القتلى والجرحى بين الجنود والمقاومة الشعبية فان سبب ذلك يعود إلى عدم تفاهمهم في ابتزاز الأموال وتقسيم الغنيمة عند نهبهم الحوانيت والمنازل والمحال التجارية.
2- لقد شوهد بعض الجماعات من الجنود والمقاومة الشعبية يحملون العلم السوفيتي الأحمر الذي يرمز إلى الانفصالية كما وان العلم الروسي كان يرفرف فوق مقر الشبيبة الديمقراطية( في النادي الرياضي لها).
3- إن جميع الهتافات، تمجد الفوضويين وتنادي بسقوط العناصر المناوئة لها.
4- لقد صدرت بيانات عديدة من الجبهة الوطنية منها بيان يتضمن الوعد بدفع مبلغ ألفي دينار لمن يلقي القبض على مدير إدارة الفرقة الثانية العقيد عبد الله عبد الرحمن لكونه من التركمان وانه اختفى بعد أن سيطرت الجبهة على القيادة.
5- بعد سيطرة المعتدين على المدينة أغلق الجيش جميع الطرق المؤدية إلى المدينة عدا طريق السليمانية وذلك بغية فسح المجال لدخول جماعات الفوضويين والانفصاليين من الأكراد إلى كركوك عند الحاجة.
كيفية معالجة الموقف واستتباب الأمن
إن هذا الحال المؤلم قد ترك أثرا مفزعا في نفوس المواطنين التركمان إلى درجة أدى بهم بأفكار شتى منها الهجرة ومغادرة المدينة وقد بلغ بهم القلق إلى درجة كبيرة بحيث يتعذر معها إحلال الطمأنينة والسكينة إلى القلوب إلا إذا اتبعت الوسائل التالية التي هي كفيلة بمعالجة الموقف الشاذ الذي نجم عن الحوادث الأخيرة وهي مطاليب ملحة لإعادة حقوق التركمان المنكوبين والمفزوعين والمفجوعين المهضومة:
1- تعيين احد ضباط الجيش المخلصين قائدا للفرقة الثانية وتعيين متصرف إداري حازم.
2- تكوين لجنة تحقيقية خاصة من رجال مخلصين ومحايدين على أن تضم اللجنة واحدا من التركمان يرشحونه.
3- الحكم بأقصى العقوبات على القائمين والمسببين لهذه المجزرة البشرية ليكون درسا قاسيا لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الجرائم.
4- تطوير جهاز الإدارة والجيش والشرطة في كركوك من العناصر المناوئة لسياسة الحكم إذ أن هذه العناصر الحالية قد سيطرت عليها الخلايا الفوضوية والمسيرة وفقا لمشيئتها.
5- إعادة جميع المواطنين والمستخدمين ورجال التعليم الذين أبعدهم داود الجنابي.
6- حل المقاومة الشعبية والمنظمات الأخرى في كركوك.
7- التعويض عن الأضرار.
8- إعادة الهواتف التي رفعتها قيادة الفرقة الثانية في زمن داود الجنابي إلى أصحابها الأولين.
9- عدم إخضاع لواء كركوك إلى مديرية معارف كردستان لان هذا اللواء لا يعد جزءا من كردستان مطلقا.
10- لقد استغلت بعض الفئات والعناصر المفرقة من الأكراد وجود نص في الدستور المؤقت بزعم العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن فأخذت هذه الفئة تفسر هذه المادة بتفسيرات خاصة بزعم أنها لم تقرر حقوقا للمواطنين التركمان والواقع أن النتائج العملية التي تمخضت عن تطبيقات هذا الدستور جاءت منسجمة مع رغبات المواطنين التركمان إلا انه تطمينا للقلوب نتمنى أن يحل محل هذا النص الخاص نص عام شامل للعراقيين اجمع دون ذكر أو تحديد.
هذا ولنا وطيد الأمل أن تنال هذه المذكرة عناية سيادتكم الكريمة في وقت قريب وتقبلوا جزيل الشكر والاحترام والإخلاص."
المواطنون التركمــــان
كما رفع المواطنون التركمان مذكرة إلى الحاكم العسكري العام فيما يلي نصها::
" سيادة الحاكم العسكري العام المحترم
لا يخفى على سعادتكم انه لا فرق بين من شهر السلاح أو من شجع وحرض على حمله ضد المواطنين ولاسيما إذا كان القصد من حمل السلاح إحداث مجزرة ذهب ضحيتها عدد كبير من المواطنين المخلصين لجمهوريتهم وزعيمهم كما ثبت ذلك بصورة قطعية من تأكيدات الزعيم في خطبه وتصريحاته الصحفية.
ولما كانت السلطات المسؤولة وعلى رأسها زعيم البلاد وسيادتكم وأعضاء اللجنة التحقيقية المؤلفة لغرض التحقيق في مجزرة كركوك قد قامت بإجراء ما يلزم ضد الذين أسهموا في مجزرة كركوك الرهيبة إلا أن قسما من الذين أسهموا عن طريق التحريض والتشجيع ورسم خطة المجزرة وإبداء التوجيهات للقائمين فيها من المدنيين والعسكريين قد تمكنوا من الإفلات من العدالة حيث لم تشملهم حتى الآن الإجراءات القانونية المقرر إجراؤها ضد دعاة الفوضى والتخريب...
فأننا إسهاما منا للعدالة وتيسيرا لأعمال اللجنة التحقيقية نقدم هذه العريضة نبين فيها أسماء الرؤوس الكبيرة التي دبرت المجزرة مؤيدة بالمستمسكات المرفقة طيا بهذه العريضة:
1- بيان جبهة الاتحاد الوطني المؤرخ في 16 تموز 1959 أي في اليوم الثاني من المجزرة والمربوطة صورته طيا لدليل قاطع على أن جميع المنظمات والهيئات والأحزاب التي تكونت منها الجبهة مسؤولة مباشرة وبالاحرى قد قامت بقسط وافر من المجزرة كما وان البيانات المرفقة ليست إلا تهيئة الجبهة الجو لهذا اليوم.
2- إن بيان الجبهة الذي وجهته إلى جماهير كركوك قبل المجزرة بأيام قلائل وبتواقيع صريحة دليل على نيات هذه الفئة المبيتة كما وأن قد وقع ما وقع وما توخوه وطيا صورة البيان.
3- كما أن أعضاء اللجنة الوطنية لأنصار السلام في كركوك المعروفين لدى السلطات المسؤولة قد وجهوا نداءا يتضمن تحريض الناس على من أسموهم بالرجعيين والأذناب الذين كانوا مبعدين أو معتقلين وحسب ما يريدون ويرغبون وان هذا النداء قد نشر ووزع في يوم 14 تموز 1959 صباحا وبطيه صورة من النداء المذكور.
4- سبق لجريدة اتحاد الشعب بعددها الصادر بتاريخ 18 تموز 1959 عدد 147 أن نشرت برقية باسم ممثلي المنظمات الديمقراطية في كركوك والذين رفض مقابلتهم سيادة رئيس الوزراء عندما أرادوا مقابلته بعد المجزرة حيث يتهمون المواطنين التركمان بالتآمر الموهوم تبريرا لمجزرتهم البشرية التي يترفع عنها المجرمون لا بل الصهاينة كما وصفهم الزعيم الأمين وطيا صورة البرقية.
5- لا يخفى عليكم نزول الجيش إلى البلدة وقيام قسم من الضباط والأفراد منفردا أو مجتمعا قيادة بالاشتراك في المجزرة فعليا ونهب الأموال وان قسما من هؤلاء الضباط لم تصل إليهم يد العدالة.
6- إن أسماء الذين ذكروا في هذه البيانات ووقعوها قد وجه لبعض منهم المسؤولية وبقي غيرهم من دون توجيه المسؤولية إليهم أو المؤاخذة التي تستوجب المساءلة.
فعليه نحن إذ نقدم هذه العريضة نأمل أن تكون موضع اهتمام سيادتكم لأنها لم تقدم إلا خدمة للعدالة التي تحرصون على تحقيقها، ودمتم."
وقد وقعت العريضة من قبل اثنين من المحامين وعسكري متقاعد.
وللأسف فقد رجع عبد الكريم قاسم وحاول تبرئة الشيوعيين والبارتيين بعد تعرضه لمحاولة اغتـيال بتاريخ السابع من شهر تشرين الأول(أكتوبر)1959حيث عقد مؤتمرا صحفيا في مستشفى السلام بتاريخ الثاني من كانون الثاني(يناير) 1960 حاول فيه رد الاعتبار للشيوعيين والبارتـيين والذين سبق وأن أدانهم فألقى باللائمة على الجمهورية العربية المتحدة والبعثيين.!
وقد قدم الكثيرون من المتسببين في هذه الجرائم إلى المحاكم العسكرية التي وفرت محاكمات مطولة لهم وقد ثبتت الجرائم بالأدلة الدامغة على كثيرين منهم فحكم على 28 شخصا منهم بالإعدام وعلى العديد من المتواطئين معهم والمتسترين عليهم بأحكام مختلفة بالسجن لعدة أعوام، إلا أن الأحكام التي صدرت بالإعدام لم تـنفذ إلا في 23 حزيران(يونيو) 1963 في فترة حكم التيار القومي الذي قام بإعدام كل من صدر بحقه حكم الإعدام من الشيوعيين وبعد أن تم إعدام الزعيم داود الجنابي نفسه في 11 شباط(فبراير)1963.
|
|
|
|
|