عرض مشاركة واحدة

تشرين ربيعة
شيعي محمدي
رقم العضوية : 30624
الإنتساب : Feb 2009
المشاركات : 3,716
بمعدل : 0.63 يوميا

تشرين ربيعة غير متصل

 عرض البوم صور تشرين ربيعة

  مشاركة رقم : 34  
كاتب الموضوع : تشرين ربيعة المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 04-10-2009 الساعة : 07:09 AM


الحلقة الخامسة والعشرون

رأينا فى الحلقة السابقه كيف عزم التركمان على الخروج عن طوق العزله الذى حاول الملا البرزاني فرضه عليهم بمنعهم من التعبير عن مظاهر الفرح بالذكرى الأولى لقيام ثورة ١٤ تموز كى يبدو التركمان وكأنهم من معارضي الجمهوريه، وقد حرص التركمان على إقامة المسيرات والتظاهرات الخاصه بهم ليؤكدوا هويتهم وخصوصيتهم ومواقفهم الوطنيه تجاه الدوله ويبددوا الصوره التى سعى الملا لترسيخها فى أذهان حكومة بغداد عنهم، وكان من الواضح من كثرة عدد الأقواس التركمانيه وماتحمله من شعارات وطنيه والفرحه الباديه على وجوه التركمان وتعالى دقات الطبول والأغاني والأهازيج التركمانيه وتباري التركمان فى أداء الرقصات التى تعبر عن ثراثهم الثقافي وخروج الأطفال والنساء بأزيائهم التركمانيه التقليديه أن العيد الأول للثوره سيكون عيدا مصبوغا بصبغه تركمانيه خالصه وأن جهود الملا وأتباعه لتهميش وإقصاء التركمان ستذهب أدراج الرياح.

وفى حين أغرق التركمان كركوك بأقواسهم الزاهية الألوان فإن الملا وأتباعه لم يقيموا سوى قوسا واحدا كالحا وكئيبا تعلوه صوره ضخمه أكثر كئابه لفلاديمير لينين، وقد وصل عدد الأقواس التى قام التركمان بنصبها لأكثر من مائه وثلاثين قوسا كبيرا مزدانه بالورود والرياحين والشعارات التى تمجد الوطن والثوره والزعيم، وامتلأت المقاهي التركمانيه عن آخرها بالمواطنين التركمان وقبل الموعد المحدد لسير مواكب الإحتفالات بساعات، وأخذت جموع التركمان فى الهتاف للثوره وللأخوه العربيه الكرديه التركمانيه.

ولم يتبادر إلى ذهن التركمان أن إخوان الشر.. دعاة العنصريه والإنفصاليه وبالتعاون مع عبدة لينين وماركس سوف يقومون بعد لحظات بقتلهم وسحلهم فى الشوارع وتعليقهم على الأشجار وأعمدة الإناره رغم ورود بعض دلائل على شر وشيك الوقوع بالتركمان بدا من تعليقات بعض الصعاليك وعبارات السخريه والإستهزاء التى كانت تخرج من أفواه هؤلاء عندما كانوا يمرون على التركمان وهم منهمكين فى الإستعدادات لعيدهم العظيم، إلا أن أصحاب القلوب البيضاء والسرائر النقيه لم يتصوروا أبدا أن الخسه والغدر ستصل بهؤلاء لهذا الحد، وكانوا شديدى الثقه بأن فرحة العيد ستطغى على كل خلاف، وكانت لجنة الإحتفالات بالذكرى السنويه الأولى للثوره قد حددت الساعه السادسه من مساء ١٤ يوليو / تموز موعدا لإنطلاق المسيرة.

وبينما كانت المواكب تمر لاحظ التركمان المحتشدين في مقهى ١٤ تموز أن عددا من الصعاليك يحملون الحبال والخناجر والسكاكين ويلوحون بها، ولما لم يعيرونهم أدنى إهتمام أخذوا فى الهتاف: "ماكو مؤامره تصير والحبال موجوده" وقد إندهش التركمان المستغرقين فى فرحة العيد من طرح هذا الهتاف فى هذه المناسبه السعيده ولسان حالهم يتساءل: أين المؤامره؟ وما الداعي لذكر الحبال؟ غير أن عصبة الأشرار زاد نباحهم: "جبهة، جبهة وطنية، فلتسقط الطورانية".

وعندما أخذت هذه الهتافات العنصرية فى التعالي بطريقة هستيرية واشتد التلويح بالحبال والسكاكين عندئذ أدرك التركمان أن شيئا ما سوف يحدث، ولم تمر لحظات إلا ودوت فى الهواء طلقه ناريه وكانت هذه الطلقه بمثابة إشارة البدء لمذبحة كركوك الرهيبة.

ولنترك العقيد الركن إسماعيل حمودي الجنابي رئيس أركان الفرقه الثانيه فى كركوك زمن المجزره يقص لنا جانبا من مشاهداته لوقائع هذه المجزره.. يقول:

"وبدأت المسيره تقودها المنظمات الحزبيه والنقابات والإتحادات البارتيه والشيوعيه المتحالفه معها، ولم يكن للسلطات المدنيه أى نفوذ، ووضعوا جماعات على جانبي الطريق الذي يمرون به، تحمل الحبال بإعتبارهم متفرجين إلا أنهم كانوا حزبيين منظمين من قبل الحزب الشيوعي والبارتي.

وبعد مسيره قصيره أطلق المتظاهرون الحزبيون النار على بيوت التركمان ومتاجرهم ومخازنهم، وعمت الفوضى مدينة كركوك بسرعه، واشتعلت الحرائق فى جميع أنحاء كركوك. واتصلت الفرقه بشركة النفط للمساعده فى إرسال سيارات الحريق المتيسره عندها بكثره، ولكن قبل وصولها أحرقها المتظاهرون أو منعوها من اداء عملها. ومما زاد من هول المأساه هو إشتراك ضباط الصف والجنود الحزبيين مع المدنيين فى الهجوم على بيوت التركمان وقتل العوائل بكاملها، أى يمحون البيت بكامله، نساء، وأطفالا ورجالا.

ومن أجل إرهاب مقر الفرقه سحلت جثث القتلى من التركمان إلى القرب من المقر وعلقوها بالحبال على الأشجار المحيطه بالمقر. إتصلت الفرقه بالمستشفى وطلبت إنزال الجثث ونقلها، ولما جاءت سيارات الإسعاف منعها الشيوعيون والبارتيون وحاولوا حرقها وظلت الجثث معلقه على الأشجار تحت حراسة البارتيين والشيوعيين ثلاثة أيام بلياليها فى ذلك الحر القائض (شهر تموز).

من المعلوم أن مقر الفرقه كان فى وسط المدينه، وأصبح تحت حراسة الشيوعيين والبارتيين. إتصل قائد الفرقه مستنجدا بعبد الكريم قاسم فوعده بإرسال لواء مشاه، وفعلا تم وصوله بالقطار ووضع جنوده في المحلات الحساسه وفي مقر شركة النفط وفي داخل المدينه وبعد هدوء العاصفه قليلا، أمر قائد الفرقه بسحب جميع قطعات كركوك إلى الثكنات وتم له ما أراد.

نظمت الفرقه قائمه بأسماء رؤوس الفتنه من البارتيين والشيوعيين وأرفقت معها صور الجثث المعلقه والمشوهه وصور البلدوزرات وهى تدفن الموتى بمجموعات، وتقريرا مفصلا عن كيفية وقوع المجزره، وعندئذ فقط صدق عبد الكريم قاسم بما حدث وطلب إرسالهم بقطار خاص ولخداعهم وتجنب مقاومتهم أخبرهم القائد أن الزعيم عبد الكريم يطلبهم للتشاور معهم عن كيفية حدوث هذه الأزمه. وما أن تحرك القطار بهم إلا وهدأت الفتنه فى المدينه التى أخذت تداوي جراحها. وبعد وصولهم بغداد ألقى عبد الكريم قاسم خطابه المشهور فى كنيسة مار يوسف التى هاجم فيه الشيوعية.

وللإجابه على سؤالك، لماذا لم تتمكن الفرقه من السيطره على الوحدات؟ أقول: كان معظم الضباط وضباط الصف منتمين للحزبين البارتى والشيوعى ومؤيدين لخطة القضاء على التركمان تمهيدا لسيطرة البارتيين على كركوك. وكان مقر الفرقه مهددا من الحزبيين بحيث كان قائد الفرقه العميد محمود عبد الرازق يذهب ليبات ليله عند أحد أصدقائه المدنيين خارج مدينة كركوك خوفا من هجوم الحزبيين على مقر الفرقه.

لقد مر سكان كركوك غير الشيوعيين والبارتيين بمحنه ومأساه، وكان كل واحد يتوقع الهجوم على داره، وإبادة عائلته. إنها مأساه إنسانيه.
"

حقا إنها لمأساة إنسانيه أن يتحول أتباع الملا إلى وحوش آدميه يعيثون فى تركمان كركوك قتلا وسحلا دون أدنى رحمه أو شفقه، ودون تمييز مابين طفل وشاب ورجل وامرأه، وبلغت المأساه ذروتها بأن عجز قائد الفرقه عن حماية نفسه من هؤلاء الوحوش الذين لايعرفون معانى الرحمه ولا الإنسانيه، فكان يذهب للمبيت كل ليله عند صديق مختلف، ولم يكن قائد الفرقه فقط هو المهدد من قبل هؤلاء، بل وأيضا كل ضابط لايقبل أن يبيع نفسه لشياطين الملا ويسير تبعا لهواهم ويتحول إلى قاتل محترف، يتاجر بدينه ووطنه ومبادئه.

ولذلك كان العقيد الركن إسماعيل الجنابي صريحا فى الإجابه على السؤال الموجه له... وما هو موقفك وموقف الضباط الآخرين عندما قرر قائد الفرقه المبيت عند أحد أصدقائه المدنيين؟

أجاب: "أقولها للحق بأن ليس قائد الفرقه وحده قد بات فى دار احد اصدقائه وإنما أنا أيضا كنت قد طلبت أحد جنودى من فوج هندسة الفرقه الثانيه فى الموصل والذى كنت آمره قبل نقلي إلى كركوك بأن يحضر إلى كركوك لحراستي فى المقر وهو سائق سيارتى سابقا، لقد أشار على القائد محمود عبد الرازق أن أترك المقر أنا أيضا لأننا جميعا كنا فى خطر القتل ولذلك أخذت السائق بالسياره اللاندروفر بعد الغروب وخرجنا على طريق كركوك الموصل وعلى بعد أكثر من عشر كيلو مترات لأن (البارتيين والشيوعيين) كانوا يرومون قتلنا بناء على المعلومات التى وصلتنا، ولم نعد إلى مقر الفرقه إلا فى اليوم الثاني وقت الدوام.

أما باقي الضباط فعلى ما أعتقد فإنهم فعلوا نفس الشيىء ولم يبق في مقر الفرقه إلاضباط الصف والجنود من الشيوعيين والبارتيين وبعد ذلك بدأت الفرقه بنقلهم إلى وحدات بعيده عن كركوك وعن مقر الفرقه بعد المذبحه وبناء على موافقة عبد الكريم قاسم وعندئذ أصبح بالإمكان السيطره على الوحدات وأخذت الأمور تعود إلى أوضاعها الطبيعيه بصوره تدريجيه.
"

وإذا كان جميع ضباط الفرقه من غير البارتيين أو الشيوعيين كانوا قد فروا من مقرها فى مدينة كركوك ولم يأمنوا على أنفسهم أن يبيتوا فى مكان واحد مع الذئاب الملائيه التى جرى غسل أدمغتها بأفكار ومبادىء الملا البرزاني العنصريه، وخافوا أن تنهش أجسادهم تلك الذئاب التى لاتعرف سوى لغة القتل والسحل والحرق والتدمير، فلنا أن نتصور قدر معاناة تركمان كركوك العزل الذين وجدوا أنفسهم فى وضع أعزل أمام هؤلاء الوحوش الذين لايعرفون معنى للرحمه ولايتمتعون بذره من إنسانية.

لقد كانت وبحق مأساه إنسانيه أعادت لذاكرتنا الصوره التى رسمت لبرابرة القرون الأولى..

(وردت هذه الشهاده فى: موسوعة ١٤ تموز - ثورة الشواف (٣) - العميد المتقاعد خليل إبراهيم حسين - دار الحريه للطباعه - بغداد ١٩٨٨ م رقم الصحيفه٢.٧، ٢.٨، ٢.٩، ٢١.، ٢١١)


من مواضيع : تشرين ربيعة 0 إسقاط الجنسية الإماراتية عن ممثل القرضاوي في دبي
0 أسود صعدة يلقنون جرذان دماج درسا لن ينسوه
0 مجلس الامن القومي الايراني يوجه انذار ا نهائيا الى الاطلسي وتركيا
0 عـلـم الـجـمـهـوريـة الـبـحـرانـيـة
0 بالوثائق: تعرفوا على رئيس ما يسمى بـ (المجلس الانتقالي السوري)
رد مع اقتباس