|
شيعي محمدي
|
رقم العضوية : 30624
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 3,716
|
بمعدل : 0.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
تشرين ربيعة
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 03-10-2009 الساعة : 11:54 AM
الحلقة العاشرة
رأينا فى الحلقه السابقه كيف أغرق البارتيون من اتباع الملا البلاد فى الفوضى بفعل الدسائس والمؤمرات التى إعتادوا على تدبيرها ضد التركمان، وأنه ماتهدأ فتنه إلا وأشعلوا غيرها حتى أن البلاد قد تفرغت تماما لمؤامرات الملا التى لاتنتهي، وكيف سخر الملا علاقاته المتينه بدوائر الحكم فى بغداد من أجل النيل من خصومه السياسيين و القوميين و القبائل الكرديه المناوئه له، واستطاع خلال فتره وجيزه من عمر الثوره أن يجند له عددا كبيرا من الأتباع فى الإداره والجيش والقضاء وراح يستخدم كل هؤلاء فى التنكيل بكل من لايطيع أوامره أو لا يخضع لرغباته ، وقد أحس الشرفاء فى أجهزة الدوله المختلفه بالضيق من تصرفات الملا وأتباعه التى تخطت كل الحدود.
ورأينا من أقوال رجال الشرطه والجيش فى كركوك كيف أن مجموعه من الرعاع والغوغاء من أتباع الملا البرزاني كانوا على علم بالدور والأشخاص المراد تفتيشهم قبل أن يعلم بذلك مسئولي الأمن والجيش فى المدينه، وكيف أنهم سبقوا تلك الجهات المسئوله إلى تلك الدور وعاثوا فيها فسادا ونهبا وسرقه مستندين إلى حماية الملا البرزاني لهم، ووصل الأمر بالملا وأتباعه إلى حد السيطره على المحاكم و القضاء إذ كان صغار الحكام (القضاه) فى كركوك يخضعون لإمرة الشيوعي الكردي عوني يوسف رئيس محكمة كركوك والعضو السابق والمؤسس فى الحزب الديموقراطي الكردستاني والمتحالف مع الملا مصطفى البرزاني، ومن ثم فقد إطمئن الملائيون وحلفاؤهم بأنهم لن يلحقهم أي أذى مهما إرتكبوا من جرائم، وقد شجعهم ذلك على التمادي فى أساليبهم الهمجيه تجاه التركمان وغير التركمان من مواطني كركوك.
وسارت سياسة الدوله على أن تغض الطرف عن الجرائم البشعه التى يرتكبها هؤلاء فى حق التركمان حتى أن الحاكم العسكري العام أطلق سراح اللصوص الإثنين والأربعين من أتباع الملا البرزاني الذين نهبوا دور المتحرى عنهم إبراهيم النفطجي وعطا خيرالله وشليمون خوشابه واعتبر رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم أن ما إرتكبوه من جرائم كان من باب الإخلاص للزعيم والجمهوريه وأنه فى سبيل هذه المرامي الساميه تهون الحرمات والأموال !!!
وقد أحكم الفوضويون من أتباع الملا سيطرتهم على الأمور السياسيه والمدنيه فى كركوك وكرس هؤلاء كل مالديهم من سلطات للتنكيل بالتركمان وأصبحت تهمة الطورانيه والعماله تلصق بكل تركماني، وبدا واضحا أن الأمور تسير نحو تصفية الحسابات مع التركمان فى موعد مرسوم ومحدد بدقه، وصارت المجموعات الفوضويه تتجول فى الشوارع حاملين فى أيديهم الحبال وملوحين بها لتجمعات التركمان بصوره إستفزازيه هاتفين "ماكو مؤامره تصير والحبال موجوده" وكأنهم يرومون جرهم للعراك ، وكان عقلاء التركمان وكبار السن يحولون دون إستجابة الشباب التركماني للإستفزازات لإدراكهم بأن الأكراد المتعصبين يودون جرهم لمعركه غير متكافئة لكون التركمان مجردين من كل سلاح.
وقد إستمرت المناوشات والإشتباكات بين الأكراد والتركمان منذ حادثة تفتيش دور التركمان وسرقة محتوياتها فى ٢٦ كانون الأول / ديسمبر ١٩٥٨ إلى أن بلغت أوجها فى ١٣ كانون الثاني / يناير١٩٥٩ عندما قامت مجموعات من المقاومه الشعبيه والجنود معظمهم من الأكراد بمهاجمة مقهى ١٤ تموز الواقع إلى جانب سينما الحمراء والذى يرتاده التركمان وقد أسفر الحادث عن وقوع العديد من الجرحى من الطرفين قبل أن يتم إحتوائه بجهود الزعيم الركن ناظم الطبقجلي وتطبيقه لخطة الأمن فى كركوك وإجتماعه بلجنة التضامن الوطني وإصدار اللجنه لبيان تحث فيه جميع الأطراف على التزام الهدوء.
لقد كان ناظم الطبقجلي الذي يمثل الوطنيه العراقيه الحقه بما تحمله من صفات المروءه والشهامه والنجده يشعر بالألم وهو يرى بعينيه غطرسة الملائيين وتجبرهم على الناس، وكم من مرة تمكن الطبقجلي من إخماد الفتن التى سعى هؤلاء لإشعالها. . . . ندعه يقص لنا إحدى جرائم هؤلاء:
"كادت تكون هذه فتنه تقود إلى مجزره ولكن تمكنت من إحباطها، ومن الغريب أن بعض الفوضويين قد حاصروا دار مدير الأوقاف الذى كان ضمن القائمه (يقصد قائمة التركمان المدرجه أسماؤهم فى مكيدة الأسلحه المزعومه) ولم يعلموا أن التفتيش إقتصر على ثلاثة دور فاستنجد المذكور بالفرقه وخلصته من المقاومه الشعبيه التى كادت أن تفتك به وبعائلته وهذه هى ثاني محاوله تحول الفرقه دون وقوع مجزره بسببها، ولكن الغريب هو ظاهرة تدخل عناصر من الضباط إلى جانب الفوضويين لقد جرى التحقيق وعينت اسماء الجماعات التى تدخلت فى القضيه وأرسلت إضبارة التحقيق إلى سيادة الحاكم العسكري العام وقد تأيد إشتراك معظم هؤلاء الضباط والمدنيين فى مجزرة كركوك الأخيره."
وهكذا تسبب الملائيون من أتباع الملا فى فوضى عارمه فى كركوك وصار لايعرف من هو المتصرف ومن هو الحاكم ومن هو المسئول ومن هو المواطن، فقد إختلطت الأمور، وما على الشخص أيا كان مؤهله التعليمى أو وضعه الاجتماعي كي يصير مسئولا وحاكما يأتمر الناس بأوامره إلا أن ينضم لحزب الملا البرزاني أو أى خليه شيوعيه، وقتها يصير من حقه أن يقتل ويسحل ويدمر ويحرق دون حسيب أو رقيب، فالمؤهل الوحيد فى ذاك الزمان هوالإعلان عن الولاء للبارتيين ولزعيمهم الملا البرزاني ، ولندع اللواء الركن صلاح عبد القادر ضابط إستخبارات الفرقه الثانيه فى كركوك وهو كردي وطني محب لتراب بلاده يحكى لنا جانبا مما كان يحدث:
"على ما أتذكر فى اليوم الثاني لثورة الموصل علمت من خلال آمر سرية إنضباط الفرقه بأن عناصر شيوعيه وبارتيه قد سيطرت على نقاط السيطره فى مداخل مدينة كركوك وبدأت تتعرض وتعتدي وتهين المواطنين وخاصة الضباط منهم ممن يدخلون مدينة كركوك وخاصة نقطة سيطرة مدخل كركوك من إتجاه إربيل فكلفت مفرزه قويه من الإنضباط العسكري بمهمة إلقاء القبض على هؤلاء بعد أن تبين بأنهم قد أهانوا واستفزوا عددا من كبار الضباط الذين كانوا فى طريقهم من إربيل إلى كركوك يستقلون سياره مدنيه.
وفعلا تم جلبهم إلى مقر الفرقه ومجموعهم أربعة أشخاص (فراش، حارس أهلي، عامل مضخة وقود، كناس بلديه) وطلب السيد القائد (الزعيم الركن ناظم الطبقجلي) حضورهم لمقابلته كل على إنفراد حيث سأل سيادته كل واحد منهم عن أسباب قيامه بهذه الأعمال غير المشروعه وغير القانونيه وكانت إجاباتهم متفق عليها وموحده وهي (أننا حراس الجمهوريه، لنا مطلق الحق فى تفتيش أى كان بامر من مراجعنا) ، وحين مناقشة أحدهم من قبل السيد القائد والسؤال منه (هل يجوز لك أن تفتش ضابطا كبيرا بهذه الرتبه وهو برتبة عقيد، وهل يجوز لك أن تأخذ السلطه من الإنضباط العسكري وتخول نفسك بهذا العمل الإجرامي اللاقانوني) فأجاب (نعم) فانهال عليه السيد القائد ضربا ولكما وأرداه ارضا من شدة تأثره من هذا الموقف الذي لاينسجم مع كل القوانين والأعراف والخلق .
فتدخلت في الموضوع وسحبته من غرفة السيد القائد إلى خارجها فقرر السيد القائد إحالتهم إلى حاكم تحقيق كركوك لإتخاذ الإجراءات القانونيه بحقهم، إلا أن هذا الحاكم أطلق سراحهم فيما بعد لأنه كان ينتمي إلى ذات المجموعه، وهكذا تكررت مثل هذه الحوادث المؤسفه وتردى الوضع وديس القانون"
وهكذا أسهم الملائيون فى نشر الفوضى فى كركوك وأصبح الفراش أو عامل المضخه أوالحارس الأهلي أوكناس البلديه من حقه توقيف الضباط والإعتداء عليهم مهما كانت رتبهم العسكريه وصار التركمان فى كركوك فى خوف ووجل شديدين من تلك التصرفات الإجراميه التي دأب أتباع الملا على إرتكابها، وصارت التهم جاهزه، وأصبح مألوفا أن تسمع: "إسحل. . إسحل. . ماكو مؤامره تصيغ والحبيل موجودي. . وهذا مصير الخونه" وغيرها مما تجود به الأيادي والألسن الخيره لأتباع الملا
وللحديث بقيه
(وردت هذه الوثائق والشهادات فى موسوعة ١٤ تموز - ثورة الشواف فى الموصل ٣ - العميد المتقاعد خليل إبراهيم حسين الصحيفه رقم ١٧٢، ٢٤٠ - دار الحريه للطباعه بغداد ١٩٨٨م)
|
|
|
|
|