|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 32077
|
الإنتساب : Mar 2009
|
المشاركات : 97
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
algeria
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 23-09-2009 الساعة : 07:10 PM
اسمحوا لي بهذه المداخلة في سياق هذه الاية وتفسيرها لان القران لا يؤخذ بالاهواءاو كل احد يفسره كيفما يشاء هو وانما يرجع الى اهل علم التفسير به والذين يعرفون المحكم من المتشابه والناسخ والمنسوخ واسباب النزول ولا يكون بدون الدليل لان القران حمال وجوه .
قوله تعالى: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا» كلمة «إنما» تدل على حصر الإرادة في إذهاب الرجس و التطهير و كلمة أهل البيت سواء كان لمجرد الاختصاص أو مدحا أو نداء يدل على اختصاص إذهاب الرجس و التطهير بالمخاطبين بقوله: «عنكم»، ففي الآية في الحقيقة قصران قصر الإرادة في إذهاب الرجس و التطهير و قصر إذهاب الرجس و التطهير في أهل البيت.
و ليس المراد بأهل البيت نساء النبي خاصة لمكان الخطاب الذي في قوله: «عنكم» و لم يقل: عنكن فأما أن يكون الخطاب لهن و لغيرهن كما قيل: إن المراد بأهل البيت أهل البيت الحرام و هم المتقون لقوله تعالى: «إن أولياؤه إلا المتقون» أو أهل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و هم الذين يصدق عليهم عرفا أهل بيته من أزواجه و أقربائه و هم آل عباس و آل عقيل و آل جعفر و آل علي أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أزواجه، و لعل هذا هو المراد مما نسب إلى عكرمة و عروة أنها في أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة.
أو يكون الخطاب لغيرهن كما قيل: إنهم أقرباء النبي من آل عباس و آل عقيل و آل جعفر و آل علي.
و على أي حال فالمراد بإذهاب الرجس و التطهير مجرد التقوى الديني بالاجتناب عن النواهي و امتثال الأوامر فيكون المعنى أن الله لا ينتفع بتوجيه هذه التكاليف إليكم و إنما يريد إذهاب الرجس عنكم و تطهيركم على حد قوله: «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم و يتم نعمته عليكم»: المائدة: 6، و هذا المعنى لا يلائم شيئا من معاني أهل البيت السابقة لمنافاته البينة للاختصاص المفهوم من أهل البيت لعمومه لعامة المسلمين المكلفين بأحكام الدين.
و إن كان المراد بإذهاب الرجس و التطهير التقوى الشديد البالغ و يكون المعنى: أن هذا التشديد في التكاليف المتوجهة إليكن أزواج النبي و تضعيف الثواب و العقاب ليس لينتفع الله سبحانه به بل ليذهب عنكم الرجس و يطهركم و يكون من تعميم الخطاب لهن و لغيرهن بعد تخصيصه بهن، فهذا المعنى لا يلائم كون الخطاب خاصا بغيرهن و هو ظاهر و لا عموم الخطاب لهن و لغيرهن فإن الغير لا يشاركهن في تشديد التكليف و تضعيف الثواب و العقاب.
لا يقال: لم لا يجوز أن يكون الخطاب على هذا التقدير متوجها إليهن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تكليفه شديد كتكليفهن.
لأنه يقال: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤيد بعصمة من الله و هي موهبة إلهية غير مكتسبة بالعمل فلا معنى لجعل تشديد التكليف و تضعيف الجزاء بالنسبة إليه مقدمة أو سببا لحصول التقوى الشديد له امتنانا عليه على ما يعطيه سياق الآية و لذلك لم يصرح بكون الخطاب متوجها إليهن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط أحد من المفسرين و إنما احتملناه لتصحيح قول من قال: إن الآية خاصة بأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و إن كان المراد إذهاب الرجس و التطهير بإرادته تعالى ذلك مطلقا لا بتوجيه مطلق التكليف و لا بتوجيه التكليف الشديد بل إرادة مطلقة لإذهاب الرجس و التطهير لأهل البيت خاصة بما هم أهل البيت كان هذا المعنى منافيا لتقييد كرامتهن بالتقوى سواء كان المراد بالإرادة الإرادة التشريعية أو التكوينية.
و بهذا الذي تقدم يتأيد ما ورد في أسباب النزول أن الآية نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و علي و فاطمة و الحسنين (عليهم السلام) خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم.
و هي روايات جمة تزيد على سبعين حديثا يربو ما ورد منها من طرق أهل السنة على ما ورد منها من طرق الشيعة فقد روتها أهل السنة بطرق كثيرة عن أم سلمة و عائشة و أبي سعيد الخدري و سعد و وائلة بن الأسقع و أبي الحمراء و ابن عباس و ثوبان مولى النبي و عبد الله بن جعفر و علي و الحسن بن علي (عليهما السلام) في قريب من أربعين طريقا.
و روتها الشيعة عن علي و السجاد و الباقر و الصادق و الرضا (عليهما السلام) و أم سلمة و أبي ذر و أبي ليلى و أبي الأسود الدؤلي و عمرو بن ميمون الأودي و سعد بن أبي وقاص في بضع و ثلاثين طريقا.
فإن قيل: إن الروايات إنما تدل على شمول الآية لعلي و فاطمة و الحسنين (عليهم السلام) و لا ينافي ذلك شمولها لأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يفيده وقوع الآية في سياق خطابهن.
قلنا: إن كثيرا من هذه الروايات و خاصة ما رويت عن أم سلمة - و في بيتها نزلت الآية - تصرح باختصاصها بهم و عدم شمولها لأزواج النبي و سيجيء الروايات و فيها الصحاح.
فإن قيل: هذا مدفوع بنص الكتاب على شمولها لهن كوقوع الآية في سياق خطابهن.
قلنا: إنما الشأن كل الشأن في اتصال الآية بما قبلها من الآيات فهذه الأحاديث على كثرتها البالغة ناصة في نزول الآية وحدها، و لم يرد حتى في رواية واحدة نزول هذه الآية في ضمن آيات نساء النبي و لا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبي كما ينسب إلى عكرمة و عروة، فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي و لا متصلة بها و إنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عند التأليف بعد الرحلة، و يؤيده أن آية «و قرن في بيوتكن» على انسجامها و اتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها، فموقع آية التطهير من آية «و قرن في بيوتكن» كموقع آية «اليوم يئس الذين كفروا» من آية محرمات الأكل من سورة المائدة،
و بالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة و هم النبي و علي و فاطمة و الحسنان (عليه السلام) لا يطلق على غيرهم، و لو كان من أقربائه الأقربين و إن صح بحسب العرف العام إطلاقه عليهم.
و الرجس - بالكسر فالسكون - صفة من الرجاسة و هي القذارة، و القذارة هيئة في الشيء توجب التجنب و التنفر منها، و تكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير، قال تعالى: «أو لحم الخنزير فإنه رجس»: الأنعام: 154، و بحسب باطنه - و هو الرجاسة و القذارة المعنوية - كالشرك و الكفر و أثر العمل السيىء، قال تعالى: «و أما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم و ماتوا و هم كافرون»: التوبة: 152، و قال: «و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون»: الأنعام: 152.
و أيا ما كان فهو إدراك نفساني و أثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيىء و إذهاب الرجس - و اللام فيه للجنس - إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تخطىء حق الاعتقاد و العمل فتنطبق على العصمة الإلهية التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد و سيىء العمل.
على أنك عرفت أن إرادة التقوى أو التشديد في التكاليف لا تلائم اختصاص الخطاب في الآية بأهل البيت، و عرفت أيضا أن إرادة ذلك لا تناسب مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من العصمة.
فمن المتعين حمل إذهاب الرجس في الآية على العصمة و يكون المراد بالتطهير في قوله: «و يطهركم تطهيرا» - و قد أكد بالمصدر - إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله، و من المعلوم أن ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحق فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحق في الاعتقاد و العمل، و يكون المراد بالإرادة أيضا غير الإرادة التشريعية لما عرفت أن الإرادة التشريعية التي هي توجيه التكاليف إلى المكلف لا تلائم المقام أصلا.
و المعنى: أن الله سبحانه تستمر إرادته أن يخصكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل و أثر العمل السيىء عنكم أهل البيت و إيراد ما يزيل أثر ذلك عليكم و هي العصمة.
|
|
|
|
|