عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية نووورا انا
نووورا انا
شيعي فاطمي
رقم العضوية : 23528
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 4,921
بمعدل : 0.82 يوميا

نووورا انا غير متصل

 عرض البوم صور نووورا انا

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نووورا انا المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-09-2009 الساعة : 09:10 PM


اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم



البشرية بأسرها من أول يومها وهلم جرا إلى آخر الأبد ، من دون شذوذ لأي أحد وخروج فرد عن سلطتها ، ومن دون اختصاص بيوم دون يوم ، إنما هي حكومة ( ياء النسبة ) بها


قوام الدين والدنيا ، وإليها تنتهي سلسلة النظم الإنسانية ، وقانون الاجتماع العام ، وشؤون الأفراد البشرية . والبشر مع تكثر أفراده على بكرة أبيهم مسير بها ، مقهور تحت نير سلطتها


مصفد بحبالها ، مقيد في شراكها ، لا مهرب له منها ، هي التي تحكم وتفتق ، وتنقض وتبرم ، وترفع وتخفض ، وتصل وتقطع ، وتقرب وتبعد ، وتأخذ وتعطي ، وتعز وتذل ، وتثيب


وتعاقب ، وتحقر وتعظم . هي التي تجعل الجندي المجهول مكرما ، معظما ، محترما ، وتراه أهلا لكل إكبار وتجليل وتبجيل ، لدى الشعب وحكومته ، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته


ومقبره ، وتدعه يذكر مع الأبد ، خالدا ذكره في صفحة التاريخ . هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل ، وبمقاييسها يقاسي الإنسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة ، ويبذل النفس والنفيس دونها .



هي التي جعلت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مضعون وهو ميت ، ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة ( 1 ) . هي التي دعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن يبكي على



ولده الحسين السبط ، ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها ، إلى آخر ما سمعت من حديثه . هي التي جعلت السيدة أم سلمة أم المؤمنين تصر تربة كربلاء على ثيابها.



هي التي سوغت للصديقة فاطمة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتشمها . هي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عايشة أم المؤمنين وتفتها وتشمها كما ذكره الطبري .


هي التي جعلت عليا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يأخذ قبضة من تربة كربلاء لما حل بها فشمها وبكى حتى بل الأرض بدموعه ، وهو يقول : يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع 9 : 191 رجاله ثقات .



هي التي جعلت رجل بني أسد يشم تربة الحسين ويبكي قال هشام ابن محمد : لما أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوما وامتحى أثر القبر ، فجاء أعرابي من بني أسد فجعل


يأخذ قبضة قبضة من التراب ويشمه حتى وقع على الحسين فبكى وقال : بأبي وأمي ما كان أطيبك حيا وأطيب تربتك ميتا ، ثم بكى وأنشأ يقول : أرادوا ليخفوا قبره عن عداوة وطيب


تراب القبر دل على القبر راجع تاريخ ابن عساكر 4 : 342، كفاية الحافظ الكنجي ص 293 .


فالفرد البشري كائنا من كان ، أينما كان وحيثما كان ، من أي عنصر وشاكلة على تكثر شواكله ، واختلاف عناصره ، في جميع أدوار الحياة هو أسير تلك الحكومة ، ورهين لفظة :


روحي ، بدني ، مالي ، أهلي ، ولدي ، أقاربي ، رحمي ، أسرتي ، تجارتي ، نحلتي ، ملتي ، طائفتي ، مبدئي ، داري ، ملكي ،



حكومتي ، قادتي ، سادتي ، إلى ما لا يحصى من المضاف المنسوب إليه .


وهذه هي حرفيا بصورة الجمع الإضافي مأكلة بين شدقي الحكومات والدول ، والجمعيات ، والهيئات ، والأحياء ، والشعوب ، والقبائل ، والأحزاب والملل ، والنحل ، والملوك ، والطوائف ، والسلطات الحاكمة إلى كليات لا تتناهى .



وبمجرد تمامية النسبة وتحقق الإضافة في شئ جزئي أو كلي ، أو أمر فردي أو اجتماعي ، لدى أولئك المذكورين تترتب آثار ، وتتسجل أحكام لا منتدح لأي أحد من الخضوع لها والإخبات إليها ، والقيام دونها ، والتقيد بها .



وهذا بحث جد ناجع تنحل به مشكلات المجتمع في المبادئ والآراء والمعتقدات ، وعقود الضغينة والمحبة ، وعويصات المذاهب ، ومقررات الشرع الأقدس ، وفلسفة مقربات الدين


الحنيف ، ومقدسات الإسلام وشعائره ، والحرمات والمقامات والكرامات . فبعد هذا البيان الضافي يتضح لدى الباحث النابه الحر سر فضيلة تربة كربلاء المقدسة ، ومبلغ انتسابها إلى


الله سبحانه وتعالى ، ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوا واقترابا من العلي الأعلى ، فما ظنك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله ، وقائد جنده الأكبر المتفاني دونه ، هي مثوى حبيبه وابن


حبيبه ، والداعي إليه ، والدال عليه ، والناهض له ، والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه ، والواضع دم مهجته في كفه تجاه إعلاء كلمته ، ونشر توحيده ، وتحكيم معالمه ، وتوطيد طريقه وسبيله .



فأي من ملوك الدنيا ومن عواهل البلاد من لدن آدم وهلم جرا عنده قائد ناهض طاهر كريم وفي صادق أبي شريف عزيز مثل قائد شهداء الإخلاص بالطف : الحسين المفدى ؟ لماذا لا يباهي به الله ، وكيف لا يتحفظ على دمه لديه ، ولا يدع



قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لما رفعه الحسين بيديه إلى السماء ( 1 ) .


كيف لا يديم ذكره في أرضه وسمائه ، وقد أخذت محبة الله بمجاميع قلبه ؟


كيف لا يسود وجه الدنيا في عاشورائه ؟


ولا يبدي بينات سخطه وغضبه يوم قتله في صفحة الوجود ؟


ولماذا لم تبك عليه الأرض والسماء ؟ كما جاء عن ابن سيرين فيما أخرجه جمع من الحفاظ .


ولماذا لم تمطر السماء يوم قتله دما ؟ كما جاء حديثه متواترا .


ولماذا لم يبعث الله رسله من الملائكة المقربين إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتربة كربلائه ؟


ولماذا لم يشمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يقبلها ولم يذكرها طيلة حياته ؟


ولماذا لم يتخذها بلسما في بيته ؟



فهلم معي أيها المسلم الصحيح ، أفليست السجدة على تربة هذا شأنها لدى التقرب إلى الله في أوقات الصلوات ، أطراف الليل والنهار ، أولى وأحرى من غيرها من كل أرض وصعيد


وقاعة وقرارة طاهرة ، أو من البسط والفرش والسجاد المنسوجة على نول هويات مجهولة ؟ ولم يوجد في السنة أي مسوغ للسجود عليها .



أليس أجدر بالتقرب إلى الله ، وأقرب بالزلفى لديه ، وأنسب بالخضوع والخشوع والعبودية له تعالى أمام حضرته ، وضع صفح



الوجه والجباه على تربة في طيها دروس الدفاع عن الله ، ومظاهر قدسه ، ومجلى التحامي عن ناموسه ناموس الإسلام المقدس ؟



أليس أليق بأسرار السجدة على الأرض السجود على تربة فيها سر المنعة والعظمة والكبرياء والجلال لله جل وعلا ، ورموز العبودية والتصاغر دون الله بأجلى مظاهرها وسماتها ؟



أليس أحق بالسجود تربة فيها بينات التوحيد والتفاني دونه ؟ تدعو إلى رقة القلب ، ورحمة الضمير والشفقة والتعطف .



أليس الأمثل والأفضل اتخاذ المسجد من تربة تفجرت في صفيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حب الله ، وصيغت على سنة الله وولائه المحض الخالص ؟



من تربة عجنت بدم من طهره الجليل ، وجعل حبه أجر الرسالة الخاتمة ، وخمرت بدم سيد شباب أهل الجنة حب الله وحب رسوله ، وديعة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لدى أمته المسلمة كما جاء في السنة ؟



فعلى هذين الأصلين نتخذ نحن من تربة كربلاء قطعا لمعا وأقراصا نسجد عليها كما كان فقيه السلف مسروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها ، والرجل


تلميذ الخلافة الراشدة ، فقيه المدينة ومعلم السنة بها ، وحاشاه من البدعة ، ففي أي من الأصلين حزازة وتعسف ؟


وأي منهما يضاد نداء القرآن الكريم ؟


أو يخالف سنة الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟


وأيهما يستنكر ويعد بدعة ؟


وأيهما خروج عن حكم العقل والمنطق والاعتبار ؟


وليس اتخاذ تربة كربلاء مسجدا لدى الشيعة من الفرض المحتم ، ولا من واجب الشرع والدين ، ولا مما ألزمه المذهب ، ولا يفرق أي أحد منهم منذ أول يومها بينها وبين غيرها من تراب جميع الأرض في جواز السجود عليها ، خلاف ما يزعمه الجاهل بهم



وبآرائهم . وإن هو عندهم إلا استحسان عقلي ليس إلا ، واختيار لما هو الأولى بالسجود لدي العقل والمنطق والاعتبار فحسب كما سمعت .



وكثير من رجال المذهب يتخذون معهم في أسفارهم غير تربة كربلاء مما يصح السجود عليه كحصير طاهر نظيف يوثق بطهارته أو خمرة مثله ويسجدون عليه في صلواتهم .



ونحن نرى أن الأخذ بهذين الأصلين القويمين ، والنظر إلى رعاية أمري الحيطة والحرمة ومراقبتهما ، يحتم على أهالي الحرمين الشريفين : مكة والمدينة ، واللائذين بجنابهما ،


والقاطنين في ساحتهما أن يتخذوا من تربتهما أقراصا وألواحا مسجدا لهم ، أخذا بالأصلين وتخلصا من حرارة حصاة المسجد الشريف القارصة أيام الظهائر وشدة الرمضاء ، يسجدون


عليها في حضرهم ، ويحملونها معهم مسجدا طاهرا مباركا في أسفارهم سيرة السلف الصالح نظراء الفقيه مسروق بن الأجدع كما سمعت حديثه ، ويجعلونها في يد تناول الزائرين


والحجاج والوافدين إلى تلكم الديار المقدسة من الحواضر الإسلامية ، تقتنيها الأمة المسلمة مسجدا لها ، في الحضر والسفر ، وتتخذها تذكرة وذكرى لله ولرسوله ولمهابط وحيه ،


تذكرها ربها ونبيها متى ما ينظر إليها ، وتشمها وتستشم منها عرف التوحيد والنبوة ، وتكون نبراسا في بيوت المسلمين تتنور منها القلوب ، وتستضئ بنورها أفئدة أولي الألباب ،


ويتقرب المسلمون إلى الله تعالى في كل صقع وناحية في أرجاء العالم بالسجود على تربة أفضل بقعة اختارها الله لنفسه بيت أمن ودار حرمة وعظمة وكرامة ، ولنبيه حرما ومضجعا


مباركا . وفيها وراء هذه كلها دعاية كبيرة قوية عالمية إلى الإسلام ، وإلى كعبة عبادته وعاصمة سنته ، وصاحب رسالته ، ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه .



كلمتنا الأخيرة هذا حبنا وهذا حسيننا ، وهذا مأتمه ، وهذه كربلاؤه ، وهذه تربته ، وهي مسجدنا ، والله ربنا ، وسنتنا وسيرتنا سيرة نبينا وسنته ولله الحمد .



وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ، ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ( 1 )


وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم ، وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ( 2 ) .









الهوامش

( 1 ) سنن ابن ماجة 1 : 252 ، ومسانيد وسنن أخرى .
( 2 ) سنن ابن ماجة 1 : 256 . ومصادر أخرى .
( 3 ) مسروق بن الأجدع عبد الرحمن بن مالك الهمداني أبو عائشة المتوفى 62 تابعي عظيم من رجال الصحاح الست ، يروي عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، كان فقيها عابدا ثقة صالحا ، كان في أصحاب ابن مسعود الذين كانوا
يعلمون الناس السنة ، وقال حين حضره الموت كما جاء في طبقات ابن سعد : اللهم لا أموت على أمر لم يسنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولا أبو بكر ولا عمر . راجع تاريخ البخاري الكبير 4 ق 2 : 35 ، طبقات ابن سعد 6 : 50 - 56 ، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 ق 1 : 396 ، تهذيب التهذيب 10 : 109 - 111 . ( * )


( 1 ) أخرجه أبو القاسم عبد الملك بن بشران في أماليه ، وأبو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده ، والحاكم النيسابوري في المجلد الثالث من المستدرك . وحفاظ وأعلام آخرون . ( * )

( 1 ) أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي بإسناده ، والحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 4 : 338 بإسناده عن الخطيب ، والحافظ الكنجي في الكفاية ص 284 عن الحسن المثنى عن مسلم بن رياح مولى أمير المؤمنين قال : كنت مع الحسين
يوم قتل فرمي في وجهه بنشابة فقال لي : يا مسلم أدن يديك من الدم فأدنيتها فلما امتلآ قال : اسكبه في يدي فسكبته في يديه فنفخ بهما إلى السماء وقال : اللهم أطلب بدم ابن بنت نبيك قال مسلم : فما وقع إلى الأرض منه قطرة . وقد جاء أن الحسين ( عليه السلام ) رمى بدم حنكه إلى السماء لما أصابه السهم . وأخرج حديثه جمع من الحفاظ . ( * )


( 1 ) سورة المائدة : 84 . ( 2 ) سورة الحج : 54 . ( * )





المصدر

- سيرتنا وسنتنا - الشيخ الأميني



من مواضيع : نووورا انا 0 بواطن الرحمة الإلهية في ظواهر الشرور السفيانية
0 علامات الظهور بين الأولويات والانحراف
0 الابـــــــــــــــــلّة
0 شيعة البحرين تجذّر المواطنة ونابضية الولاء
0 شيعة باكستان والحصانة العقدية
رد مع اقتباس