(16) ســُــورة الحج (وفيها ستّ آيات)
1-} وَأنّ الـسّـاعَةَ آتِية ً لارَيبَ فِيـها {الآية 7
2-}وَلا يَزالُ الذيِنَ كَفَرُوا فِي مِريَةٍ مِنـهُ حَتــّـى تَأتِيهُمْ السّاعَة{ الآية 55
3-}وَمَن عَاقَبَ بِمثلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمّ بَقِيَ عَليِه لَينصُرنّهُ اللّه{ الآية 60
4-}وَيُمْسِكُ السّمَاءَ أَنْ تَقَع عَلَى الأرضِ إلا بِإذنِهِ{ الآية 65
5\6 -} يَا أيّها الذينَ آمَنُوا اركَعوا واسجُدوا واعبُدوا ربّكم وافعَلوا الخيرَ لعلّكم تُفلِحون ، وَجاهِدوا فِي اللهِ حقّ جِهادِه هُو اجتباكُم وَما جَعل عليكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلّة أبيكُم إبراهيمَ هُوَ سمّاكُم المسلِمينَ من قبلُ وفي هذا ليكونَ الرّسُولُ شهيداً عَليْكُمْ وتَكونُوا شُهَدآءَ عَلى النّاسٍ فَأقيمُوا الصّلاةَ وآتُوا الزّكاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُمْ فَنِعمَ المَوْلَى وَنِعمَ النصير { الآية 77 – 78
}وَ إنّ السّاعَةَ آتِيَة ٌ لارَيبَ فِيها{ سورة الحج الآية 7
روى الفقيه الشافعي عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في تفسيره عن أبي داوود _في سننه_ عن أبي سعيد الخدري (رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تقوم الساعة حتى يملك الأرض [المهدي] منّي ، أجلَى الجبهه ،أقنى الأنف ، يملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما ملئت قبَله ظلماً وجوراً ، يكون سبع سنين . (1)
قال: وأخرج أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري (رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: [ أبشّركم بالمهدي يبعثه اللّه في أمتّي على اختلافٍ من الزمان ، وزلازِل ، فيملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، ويرضى عنه ساكنوا السماءْ وساكنوا الأرض ، ليقسّم المالَ صحاحاً ] فقال له رجل: ما صِحاحاً؟ قال صلى الله عليه وآله: بالسويّةِ بينَ الناس ويملأ قلوب أمّة محمد غنى ، ويسعهم عدله ، حتى يأمر منادٍ ينادي يقول: من كانت له في مالٍ حاجة؟ فما يقوم من المسلمينَ إلا رجُلٌ واحِد، فيقول ائت السادن _ يعني الخازن _فقل له: إنّ المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً ، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً إذ عجز عني ما وسعهمْ.
قال (ص) : فيرد لا يقبل منه . فيقال له: أنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه (2).
--------------------------
(1)الدّر المنثور \ مج6 \ ص 50.
(2)الدّر المنثور \ مج6 \ ص 50.
( ( أقول) للساعة في اصطلاح الشرع إطلاقان _ يظهر ذلك من تضاعِف الأحاديث الشريفة (أحدهما) يوم ظهور المهدي (عج) ، (ثانيهما) يوم القيامة ، لاشتراكهما في كونهما للمؤمنين رحمة ، وللكافرين والمنافقينَ نقمة . كما أنّ (الحشر) له إطلاقان (أحدهما) يوم يحشر بعض الناس لقوله تعالى }وَيومَ نحشُرُ مِنْ كلِّ أمّة ً فَوجَاً { (1) ، وهو يوم ظهور المهدي (عج). (ثانيهما) يوم يحشر جميع الناس وهوَ يوم القيامة ، لقوله تعالى: }وَحشرناهم فَلمْ نُغادِر مِنهُمْ أحَدَاً{ (2) ،فهذه الآية الكريمة }وأنّ الساعةَ آتية لا رَيبَ فِيها{ شامِلة ومتطابقة بقرينة الأحاديث الشريفة _على عهد الرجعة وظهور المهدي المنتظر عجل الله فرجه.
}وَلا يَزالُ الذيِنَ كَفَرُوا فِي مِريَةٍ مِنـهُ حَتــّـى تَأتِيهُمْ السّاعَة{ (سورة الحج،الآية 55)
روى السيوطي الفقيه الشافعي قال: أخرج الحاكم وصحّحه من عقبه بن عامر (رض): سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تزل عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين على العدو لا يضرهم من خالقهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك.
ف قال عبدالله بن عمر: ويبعث الله ريحاً ريحها المسك ، ومسّها مسّ الحرير ، فلا تترك نفساً في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من الإيمان إلا قبضته ، ثمّ يبقى شرار الناس عليهم تقومُ الساعه (3).
(أقول) روايات عديدة وردت بهذا المضمون في ظهور الإمام المهدي المنتظر وأنه لا يظهر حتى يـُملأْ العالم ظلماً وجوراً أو: حتى يدخل الظلم والجور كل بيت بيت _ ونحو ذلك.
فهذه الآية الكريمة تنطبق على ذلك اليوم وهو يوم ظهور الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه.
}وَمَن عَاقَبَ بِمثلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمّ بَقِيَ عَليِه لَينصُرنّهُ اللّه{ الآية 60
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده قال: عن سلام بن المستنير عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: }وَمَن عَاقَبَ بِمثلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمّ بَقِيَ عَليِه لَينصُرنّهُ اللّه{ قال : إن رسول الله (ص) لما أخرجته قريش من مكة وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه فعوقب ، ثم في بدر عاقب لأنه قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبى ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وأباجهل ، وغيرهم ، فلما قبض رسول الله (ص) بغى عليه ابن هند بن عتبة بن ربيعة (يعني: معاوية بن أبي سفيان) بخروجه عن طاعة أميرالمؤمنين ، ويقتل ابنه يزيد الحسين بغياً وعدواناً ، ثم قال تعالى }لينصرَنّه الله{ يعني: بالقائم المهدي من ولده.(4)
_______________
(1)سورة النمل الآية 83
(2)سورة الكهف الآية 47
(3)الدر المنثور \ مج 6 \ ص 64
(4)ينابيع المودة \ من الصفحة 510؟
}وَيُمْسِكُ السّمَاءَ أَنْ تَقَع عَلَى الأرضِ إلا بِإذنِهِ{ الآية 65
روى العلامة البحراني ، عن أبي الحسن الفقيه محمد بن أحمد بن شاذان _ من طريق العامة بحذف الاسناد عن رسول الله (ص): حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال: " من علم أن لا إله إلا أنا وحدي وأن محمدا عبدي ورسولي ، وأن علي بن أبي طالب خليفتي ، وأن الأئمة من ولده حججي ، أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي (1).
إلى أن قال الراوي: فقام جابر بن عبدالله الأنصاري ، فقال: يارسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال(ص): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي ، وستدركه ياجابر فإذا أدركته فأقرأه مني السلام _ ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ثم الرضا علي بن موسى ثم التقي محمد بن علي ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن العسكري ، ثم ابنه القائم بالحق المهدي ، أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وهؤلاء ياجابر خلفائي ، واوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني وبهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها. (2).
(اقول) ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية الكريمة في هذا المجال دليل نزولها في الأئمة الإثني عشر عليهم السلام ولو تأويلا الذي هو حقيقة القرآن روح الوحي.
}((يا أيّها الذينَ آمَنُوا اركَعوا واسجُدوا واعبُدوا ربّكم وافعَلوا الخيرَ لعلّكم تُفلِحون ، وَجاهِدوا فِي اللهِ حقّ جِهادِه هُو اجتباكُم وَما جَعل عليكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلّة أبيكُم إبراهيمَ هُوَ سمّاكُم المسلِمينَ من قبلُ وفي هذا ليكونَ الرّسُولُ شهيداً عَليْكُمْ وتَكونُوا شُهَدآءَ عَلى النّاسٍ فَأقيمُوا الصّلاةَ وآتُوا الزّكاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُمْ فَنِعمَ المَوْلَى وَنِعمَ النصير { الآية 77 – 78
__________________
(1)ينابيع المودة من الصفحه 510
(2)غاية المرام ص 692.
روى العلامة السيد هاشم البحراني في كتابه (غاية المرام) عن العالم الشافعي إبراهيم بن محمد الحمويني بإسناده المذكور عن سليم بن قيس الهلالي في حديث طويل _ قال: أقسم علي بن أبي طالب أكثر من مأتي رجل من أصحاب رسول الله (ص) والتابعين – وكانوا مجتمعين في مجلس واحد – ناشدهم بالله على أمور وقال فيما قال: أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج:
}يا أيّها الذينَ آمَنُوا اركَعوا واسجُدوا واعبُدوا ربّكم وافعَلوا الخيرَ لعلّكم تُفلِحون ، وَجاهِدوا فِي اللهِ حقّ جِهادِه هُو اجتباكُم وَما جَعل عليكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلّة أبيكُم إبراهيمَ هُوَ سمّاكُم المسلِمينَ من قبلُ وفي هذا ليكونَ الرّسُولُ شهيداً عَليْكُمْ وتَكونُوا شُهَدآءَ عَلى النّاسٍ فَأقيمُوا الصّلاةَ وآتُوا الزّكاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُمْ فَنِعمَ المَوْلَى وَنِعمَ النصير{
فقام سلمان فقال : يارسول الله من هؤلاءْ الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداءْ على الناس ، الذين اجتباهم الله ولم يجعل في الدين من حرج – ملّة إبراهيم ؟
قال (ص) : أنا وأخي علي ، وأحد عشر من ولدي . قالوا (أي الأصحاب والتابعين تصديقاً لعلي بن أبي طالب): اللهم نعم. (1)
(أقول) والأحد عشر من ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نصّ عليهم الرسول نفسه في موارد أخرى ومنها في الآية السابقة الحج – 65- هم: الحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي التقي والحسن بن علي التقي العسكري والحجة بن الحسن المهدي المنتظر (عج). فهذه الآية الكريمة تشمل بتفسيرها الإمام المهدي (عج).
___________________
(1)غاية المرام \ص 264-265.