|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 39170
|
الإنتساب : Jul 2009
|
المشاركات : 40
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عراقي انا عراقي
المنتدى :
المنتدى العام
عقبات وأهوال الرحيل إلى الآخرة
بتاريخ : 07-09-2009 الساعة : 03:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
عقبات وأهوال الرحيل إلى الآخرة
إن الله سبحانه وتعالى بعد أن خلق الإنسان ومنحه العقل لم يتركه كالبهائم بلا نظام , بل أصدر له العديد من الأحكام والأوامر والإرشادات التي تُنظم معيشته وسيره الحياتي الخاص والعام العبادي والأخلاقي والاجتماعي , وقد أدرك الإنسان لزوم إطاعة المولى الخالق والمنعم سبحانه وتعالى وذلك باتباع أوامره وامتثالها, وأدرك أيضاً , إن في ذلك حفظ النظام العام والتكامل للفرد والمجتمع .
وبخلاف ذلك يحصل هتك النظام الاجتماعي وفساد الفرد وانحطاطه النفسي والأخلاقي , فيحصل طغيان القوى الشهوية الحيوانية الشريرة مما يؤدي إلى عدم الأمان في الدنيا وخسرانها, والشقاوة وسعير النار في الآخرة , وفيما بين الدنيا والآخرة سيتعرض الإنسان إلى الكثير والكثير من العقبات والأهوال الجسدية والنفسية والروحية كالتي يواجهها عند الإحتضار والموت وفي القبر من وحشة وظلمة وعُتمة وضغطة , وسؤال منكر ونكير, وصيرورة القبر حفرة من حفر جهنم وفي البرزخ والقيامة والفزع الأكبر والميزان والحساب والصراط وغيرها , وقد أشار إمام المتقين وسيد الوصيين الإمام علي(u) في خطبة إلى بعض تلك الشدائد والأهوال , حيث قال(u): { وبادروا الموت في غمراته , وامهدوا له قبل حلوله, وأعدوا له قبل نزوله ... وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس (القبور) , وشدة الابلاس الاصلاع , واستكاك الأسماع , وظلمة اللحد , وخيفة الوعد , وغم الضريح , وردم الصفيح (الحجر العريض) ...
وأنتم والساعة في قرن , وكأنها قد جاءت بأشراطها , وأزفت بإفراطها ... ووقفت بكم على صراطها , وكأنها قد أشرقت بزلاتها, وأناخت بكلاكلها (أثقالها) , وانصرمت الدنيا بأهلها , وأخرجت من حضها ...
فكانت كيوم مضى أو شهر انقضى , وصار جديدها رثـّاً وسمينها غـّثاً , في موقف ضنك المقام , وأمور مشتبهة عظام ....
ونار شديد كلبها ( تأكل ولا تشبع) , ذاكٍ (اشتد) وقودها , مُخيف وعيدها , غمٌّ قرارها , مُظلمة أقطارها , حامية قدورها فظيعة أمورها .... ) .
ونستعرض في المقام إلى بعض تلك العقبات والأهوال عند الإحتضار والموت والقبر وسؤال منكر ونكير , وبالرغم من شدتها وعظمها وهولها فإن ما بعدها من عقبات أشد وأعظم وأكثر, وقد أشار النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك كما ورد في الرواية : { إن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كفى بالموت طامة يا جبرائيل . فقال جبرائيل(u): ما بعد الموت أطمّ وأعظم من الموت }.
والكلام في عدة محطات :
المحطة الأولى
الحسرة
سكرة الموت وغمرته تحصل بالإحضار عند نزع الروح فيصير الإنسان بمنزلة السكران , وهذه الشدة التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله , فيشتغل بنفسه وينقطع عن الناس , فيها نوعان من العذاب :
1. العذاب الروحي والنفسي , كالخوف الذي يعتري المحتضر والحسرات التي يجرها على نفسه , ويمكن التخلص من هذا العذاب النفسي بالإلتزام بالإيمان القويّ والتقوى العالية بامتثال الأوامر الشرعية واتباع الإرشادات الأخلاقية وأداء المنجيات من الأهوال والانتهاء عن المحرمات ورذائل الأخلاق , مع الإعتقاد واليقين بعدالة الله تعالى ورجاء رحمته , وبعد كل هذا يتوقع جداً عدم حصول العذاب النفسي على المحتضر .
2. العذاب الجسدي , جسد الإنسان يتكون من الماديات العنصرية الطبيعية ولهذا يخضع للقوانين الطبيعية , ويحصل للمحتضر مثلاً عند انتزاع (وإخراج) الروح من الجسد , ويمكن التغلب على هذا العذاب ودفعه بالإيمان واليقين والانشغال بأمر أهم وأكبر كمن يرى منزلته في الجنة وعند أهل البيت(عليهم السلام) فيرغب ويشتاق إلى تلك المنزلة وينشغل بها وينسى ذلك العذاب , ويمكن أن تكون نتيجة ذلك أو بصورة مباشرة وبفضل من الله سبحانه وتعالى خروج الروح من الجسد كشرب قدح الماء في أحد أيام الصيف الحارة وسيأتي الإشارة لهذا لاحقاً إن شاء الله تعالى .
ومن العذابات النفسية التي يتعرض لها المحتضر , الحسرة والندم وهدم اللذات من الأهل والأموال والأصحاب والمناصب والآمال الدنيوية فيقطعه ويحرمه ملك الموت والموت من كل ذلك, والحسرة والألم على شبابه وأيامه وكيف فاتته ولم يقضها في مرضاة الله تعالى وطاعته ويتحسر على أمواله وكيف لم يتصدق بها ويصرفها في سبيل الخير والصلاح , وقد أشار المولى المقدس إلى كل ذلك في عدة موارد منها :
1- قال تعالى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ...}سورة آل عمران(آية /30).
2- قال تعالى:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمر وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } سورة مريم (آية /39).
3- قال تعالى: {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ # لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها... }سورة المؤمنون (آية / 99-100) .
4- قال تعالى: { ...فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ # وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ } سورة المنافقون (آية / 10-11).
5- عن النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم): { احذروا المال , فإنه كان في ما مضى رجل قد جمع مالاً وولداً وأقبل على نفسه وجمع لهم , فأتاه ملك الموت .... ودخل ملك الموت عليه ....
وقال له ملك الموت : قم فأوصِ ما كنت موصياً فإني قابض روحك قبل أن أخرج , فصاح أهله وبكوا ....
فقال الرجل: افتحوا الصناديق واكتبوا ما فيها من الذهب والفضة...
ثم أقبل على المال يسبّه ويقول له : لعنك الله يا مال , أنت أنسيتني ذكر ربي , وأغفلتني عن أمر آخرتي , حتى بغتني من أمر الله ما قد بغتني ...
فأنطق الله المال فقال له : لمَ تسبني وأنت ألأم مني , ألم تكن في أعين الناس حقيراً فرفعوك لمّا رأوا عليك من أثري , ألم تحضر أبواب الملوك والسادة ويحضرهما الصالحون وتدخل قبلهم ويُؤخرون , ألم تخطب بنات الملوك والسادة ويخطبهم الصالحون فتنكح ويُردون , فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك ولو كنت تنفقني في سبيل الله لم أنقص عليك , فَلِمَ تسبني وأنت ألأم مني , إنما خلقت أنا وأنت من تراب , فانطلق تراثاً وانطلق بإثمي,... هكذا يقول المال لصاحبه } .
6- وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم): { أكثروا من ذكر (الموت) هادم اللذات } .
7- عن المصطفى الأمجد(صلى الله عليه وآله وسلم): { إن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علّته وعظيم ضيق صدره بما يخلف من أمواله ولما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله وقد بقيت في نفسه مرارتها (حزازتها) وحسراتها واقتطع دون أمانيه فلم ينلها ...
فيقول له ملك الموت : مالك تتجرع غصصك ؟
قال: لاضطراب أحوالي واقتطاعك لي دون أمالي } .
8- وعن أمير المؤمنين(u): { فاتقى عبد ربه , نصح نفسه , قدّم توبته , وغلب شهوته , فإن أجله مستور عنه , وأمله خادع له والشيطان موكّل به مزيّن له المعصية ليركبها ويمنيه التوبة ليسوفها حتى تنجم منيته عليه , أغفل ما يكون عنها , فيا لها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة وأن تؤديه أيامه إلى شقوته ...
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة , ولا تقصر به عن طاعة ربه غاية , ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة } .
9- وعنه(عليه الصلاة والسلام): { فضح رويداً ( ارع نفسك على مهل ) , فكأنك قد بلغت المدى , ودفنت تحت الثرى , وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة , ويتمنى المضيع الرجعة } .
10- ورد في الدعاء : { وكمن من عبد أمسى وأصبح قد يومه من حتفه وقد أحدق به ملك الموت ... قد مُنع من الكلام وحجب عن الخطاب ينظر إلى نفسه حسرة فلا يستطيع لها نفعاً ولا ضراً}.
|
|
|
|
|