عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية نووورا انا
نووورا انا
شيعي فاطمي
رقم العضوية : 23528
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 4,921
بمعدل : 0.82 يوميا

نووورا انا غير متصل

 عرض البوم صور نووورا انا

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نووورا انا المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 28-08-2009 الساعة : 04:41 AM


اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم


ومن يريد أن يغطي الشمس بغربال, يمكنه أن يدعي عدم فهمه, لكون الخضر عليه السلام في غيبة من خلال النص القرآني, حيث يدعي أن رؤية النبي موسى عليه السلام له, لا تنفي رؤية الآخرين له، ولهذا فلا غيبة، فلو وجد مثل هكذا معترض, فهو لم يلتفت إلى أمور منها:
أوّلاً: كون هذا العبد _ صاحب العلم اللدني _ لم يحظ بلقائه, أو معرفته عن قرب, أصحاب الدراسات, والديانات, بأنفسهم, مع أنه طويل عمر، وقد يكون عمّر إلى زمن موسى عليه السلام, أكثر من ستمئة عام. وهذا الانقطاع, وعدم التواصل, هو الغيبة ذاتها.
وثانياً: إن اللقاء بالخضر عليه السلام, لم يكن لقاء شخص معروف, بل هو _ بحسب النص القرآني _ عبد من عباد الله, وقد أخفى الله هويته في القصة؛ للتعبير عن خفاء الهوية على موسى عليه السلام، وإنما عرفه بالوحي, بدليل أنه عرف أنه صاحب علم لدني، ولهذا طلب منه أن يعلمه، ومعناه أنه لم يلتق به اعتباطاً، وإنما لتشخيص الله له, عبر الرسالة السماوية، فمن لا يستطيع الناس التعرف عليه, إلاّ بإخبار من الله _ تبارك وتعالى _ عبر ملائكته, هو في حالة من الاختفاء, والغياب _ قطعاً. وهذا ظاهر من دون تأمل؛ لأن النص القرآني ناطق به، مثل كونه قد علم أن هذا الشخص عنده علم لدنيّ, وقد سلّم له بذلك, وطلب منه تعليمه: ((فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً * قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً)).
وهذا التسليم له دلالته, من نبي يوحى إليه, في زمن استقامة نبوته, واكتمالها, بعد أن صاحب فتاه يوشع بن نون, وهو من صغار أصحابه. فلو كان متيسراً لكل بشر أن يجتمع, ويطّلع على الخضر, في زمن موسى عليه السلام لما احتاج إلى إخبار إلهي؛ ليطلعه على أن عند هذا العبد الصالح علم لدني, يجب عليه أن ينقاد له, وهو ينقاد له كتلميذ _ بشكل واضح من النص(7).
فمن أراد القول _ جزماً بلا دليل _ إن النص خال من الإشارة إلى غيبة الخضر عليه السلام في زمن موسى عليه السلام, فهو إنما يجزم بأمر, لا يحق له الجزم فيه, إلاّ تعنتاً.
ولكن بالنسبة للمسلمين, لا يتوقف الأمر عند هذا الحد, فهم يروون عن أصحاب الديانات الأخرى, تسالمهم على بقاء الخضر, وتواصله مع الأولياء، ويرى المسلمون أنه كان على اتصال بالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وبعضاً من الصحابة, وربما الأولياء, إلى يومنا هذا, وهو غائب عن الناس، ولا يقدح في ذلك إنكار البخاري لبقائه عليه السلام, إلى زمن النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, فهو لا يمكنه _ أوّلاً _ أن ينفي بقاءه لما قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببرهة وجيزة؛ لعدم وجود دليل عنده قطعاً، وثانياً: إنما نفى ذلك لما يدعيه من عدم صحة الأحاديث, التي روت حوادث الاتصال بين النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وبين الخضر عليه السلام، وهذا مردود؛ لأن عدم الصحة, لا تعني صحة العدم؛ ولأن الأمر فيه مسألة انحياز واضحة, حيث أن رواة الأحاديث ممن لا يرون العثمانية _ وهو مما يعتبر جريمة في نظر البخاري, الذي يروي عن ابن حريز, ويوثقه, وهو اللاعن عليّ, دبر كل صلاة سبعين مرة _ هؤلاء الرواة مردودون برأي البخاري, بحسب طريقته في غربلة النصوص الحديثية, بموجب معيار معاداة عليّ, وشيعته, ومذهبه, واتّباع وصايا معاوية المؤكدة على رفض كل ما يتصل بأبي تراب عليه السلام, والروايات _ كما نعلم _ قد وردتهم عن طريق عليّ عليه السلام نفسه. فالمسألة _ إذن _ متعلقة بالميول السياسية في التعامل مع الحديث.
وعلى هذا, فليس بذي قيمة _ إذن _ تشكيك البخاري ببقاء الخضر عليه السلام إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, واختفاءه, وغيبته, إلاّ عن الأولياء, وأما استغلال هذا التشكيك, من قبل ابن تيمية, ومن والاه؛ لاعتقادهم أن نفي بقاء الخضر عليه السلام, يسقط الدليل على بقاء المهدي عليه السلام, فهذا من الوهم الساقط؛ لأن أساس التشكيك, مشكوك فيه, وهو غير علمي, ومردود سُنّياً, قبل أن يرده الشيعي؛ ولأن نفي طول عمر الخضر عليه السلام, لا يستطيع أن ينفي طول عمر نوح عليه السلام المنصوص عليه في كتاب الله تعالى, كما قلنا في مسألة البقاء, وطول العمر، فهذا فيه نص قرآني, وهو يثبت عدم الاستحالة, فلا مجال للنفي, بناءً على الاستحالة، بالإضافة إلى طول الأعمار التي ذكرها التاريخ, وسلّم بها كل المؤرخين, مثل عُمر آدم, وإدريس عليهما السلام, وشداد بن عاد, وغير ذلك, ومثل ذكر المعمرين الذين ذكرتهم كتب التاريخ, بتسليم واضح, لم يستطع ابن تيمية الاعتراض عليه. فهذا النفي لا يقدم ولا يؤخر في شيء. وهو استغلال غير ناجح, لقضية لا يستطيع إثباتها, بل الأدلّة قائمة بإثبات الضد من مقولته.
وعلى كل حال, فإن ما قصدناه من غيبة الخضر عليه السلام, ما هو متيقن من غيبته في زمن النبي موسى عليه السلام, وأنه منعزل في مكان, لا يعرفه من يرغب بذلك, إلاّ بأمر الله. ولكن لو ثبت غيبته في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, أو أنه ما زال غائباً لحد الآن, فهذا فيه زيادة تأكيد. غير أن النصوص التاريخية, والدينية, أصابها الكثير من التشويش, باعتبار أن التحكم بها _ دائماً _ بيد السلطان, والمحدّثين, وهؤلاء ضد فكرة بقاء الخضر حيّاً, ولهذا يسعون جاهدين إلى إخفاء الروايات, واختلاق روايات لا صحة لها, تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, من باب الكذب له _ حسبة(8) _ لقمع المخالفين من الصوفية، وقد يجد القارئ الكريم أن النقاش _ الدائر بين الصوفية والمحدّثين _ هو حوارُ من لا لقاء بينهم, وتضارب في كل قول، فكلٌ يدعي الإجماع, والدليل اليقيني, ويقيم الشبهات على الطرف الآخر, بدون نتيجة حقيقية، وكل هذا يُردّ بحديث واحد, صحيح, ورد في صحيح مسلم(9)، يقرر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الخضر سيقابل الدجال, في آخر الزمان, وأنه يصرح, بأن الخضر سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنباء الدجال. وهذا تصريح ما بعده تصريح.
ولمزيد من الفائدة _ في هذا الموضوع _ لا بأس بالإطلاع على مناقشة طريفة, قام بها الشيخ عليّ بن يونس العاملي رحمه الله لمسألة نفي بقاء الخضر عليه السلام واعتمادهم على رواية مكذوبة, صرحوا بضعفها, أو كذبها, وهي قوله صلى الله عليه وآله وسلم _ بزعمهم _: (لو كان الخضر حيّاً لزارني)(10)، وردّه برواية صحيحة _ عندهم _ تدل بنص ورد بلسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن الخضر سمع الحديث صلى الله عليه وآله وسلم صريحاً, ولهذا ذكر في الصحابة, وهي رواية صحيحة في صحيح مسلم(11). لكن مصيبتنا في العلم, تبقى من أعظم مصائب المسلمين, حين يترك العلماء منهجهم في اعتماد الصحاح, ويميلون إلى المكذوبات, لا لشيء إلاّ للردّ على الشيعة أو الصوفية.
وقد نبّه علماء الشيعة _ رضوان الله تعالى عليهم _ إلى هذا التناقض, وأشاروا إلى أن صحيح الرواية تقول: إن الخضر عليه السلام روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمنه:
نقرأ ما كتبه الشيخ عليّ بن يونس العاملي رحمه الله في الصراط المستقيم(12):
(قالوا: إنما أجرى الله عادته بالتطويل, في غير هذه الأمّة, قلنا: لا يضرنا ذلك بحال, مع اتفاق الأكثر على بقاء الخضر, والدجال, على أن ذلك وإن لم يقع لغيره, لم يدل على نفيه عنه, ويكون معجزة له, فإن كل المعجزات خوارق للعادات. قالوا: نمنع حياة الخضر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لو كان الخضر حيّاً لزارني) قلنا: أخرج مسلم(13)، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, في الدجال: أنه محرم عليه أن يدخل المدينة, فينتهي إلى بعض السباخ, فيخرج إليه رجل هو خير الناس, فيقول: أشهد أنك الدجال, الذي حدّثنا النبي بحديثه. فيقول الدجال: إن قتلت هذا, ثمّ أحييته, أتشكون في أمري؟ فيقولون: لا, فيقتله, ثمّ يحييه, فيقول: ما كنت فيك قط, أشد بصيرة مني الآن, فيريد الدجال قتله ثانياً, فلا يسلط عليه, فقال إبراهيم بن سعد: يقال: هذا الرجل الخضر. وذكر قول الخضر: (حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) دلَّ حديثه على اجتماعه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وفيه تكذيب: (لو كان حيّاً لزارني)). انتهى(14).
وعلى أيّة حال _ لا يهمنا النزاع الدائر بين الصوفية, والمحدّثين, حول الأدلّة الغريبة المتداولة فيما بينهم على بقاء, أو عدم بقاء الخضر عليه السلام إلى هذا اليوم, ولكن من الطريف أن نعرف _ هنا _ أن ابن تيمية, يستنكر بقاء الخضر إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الخضر لم يحضر المعارك والجهاد, وكأنه يعلم من هم الجنود, الذين نصر الله _ تعالى _ بهم دينه ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم, من إنس, وجن, وملائكة, والذين صرح القرآن الكريم بعدم إمكانية أن نراهم نحن, قال _ تعالى _: ((وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها))(15).
ومن القضايا الغريبة أن الآلوسي صاحب تفسير روح المعاني يؤيد إنكار بقاء الخضر عليه السلام إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد أيّد أدلّة النافين, وردّ بالكثير من الأجوبة عليها, وأبقى على بعضها, ولم يمنعه ذلك من تأييد الإنكار بطريقة مزاجية, فيها التفاف على الدليل النصي, الذي ينقله ويوثقه هو, ولكنه يبرر الإنكار على أساس الإشكالات مع صدق النقل عنده. ومن ذلك _ مثلاً _ أنه يروي إجازته للصلاة البشيشية عن الخضر عليه السلام نفسه!! قال(1):
(ومما ينبي على اجتماعه عليه السلام بالكاملين من أهل الله تعالى, بعض طرق إجازتنا, بالصلاة البشيشية, فإني أرويها من بعض الطرق, عن شيخي علاء الدين علي أفندي الموصلي, عن شيخه, ووالده صلاح الدين يوسف أفندي الموصلي, عن شيخه خاتمة المرشدين السيد عليّ البندينجي, عن نبي الله تعالى الخضر عليه السلام!! عن الولي الكامل الشيخ عبد السلام بن بشيش, قدس سره). انتهى.
لا نريد _ هنا _ أن ندخل في جدل حول معجزات مشايخ الآلوسي واختصاصهم بالأنبياء, حين يجتمعون بهم, ويروون عنهم الأحاديث, لكننا نتساءل عن القوانين التي تحكم صحة العلم عند الآلوسي وغيره, كيف تسوغ له أن يروي عن من أنكر وجوده _ صراحة _ في زمننا؟
والأشد غرابة من هذا, قوله بإمكانية أن يلتقي (الكامل) بالمهدي عليه السلام, وهو الذي لم يولد بعد _ كما يراه الآلوسي وغيره منهم _ قال(2):
(وادعى الشيخ الأكبر قدس سره الاجتماع مع أكثر الأنبياء عليهم السلام لاسيّما مع إدريس عليه السلام فقد ذكر أنه اجتمع به مراراً, وأخذ منه علماً كثيراً, بل قد يجتمع (الكامل) بمن لم يولد بعد كالمهدي, وقد ذكر الشيخ الأكبر _ أيضاً _ اجتماعه معه، يعني الخضر). انتهى.


يتبع.........


من مواضيع : نووورا انا 0 بواطن الرحمة الإلهية في ظواهر الشرور السفيانية
0 علامات الظهور بين الأولويات والانحراف
0 الابـــــــــــــــــلّة
0 شيعة البحرين تجذّر المواطنة ونابضية الولاء
0 شيعة باكستان والحصانة العقدية
رد مع اقتباس