|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 18676
|
الإنتساب : Apr 2008
|
المشاركات : 7,218
|
بمعدل : 1.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نسايم
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 15-08-2009 الساعة : 11:13 AM
دار
ياسوناري كاواباتا- قصص بحجم راحة اليد
أمسك الرجل بيد امرأته الضريرة ، وقادها صعودا على التل لمشاهدة دار للإيجار .
- ما هذا الصوت ؟
- إنه زفيف الريح في أجمة خيزران.
- بالطبع . لقد مر وقت طويل منذ خرجت من الدار ، ونسيت صوت حفيف وريقات الخيزران .. الدرج في الدار التي نقيم بها الآن ضيق على نحو بالغ الفظاعة . وعندما انتقلمنا إلى هناك لم أستطع في البداية احتمال ازعاج ارتقائه .أما الآن وقد بدأت أشعر لتوي بأنن قد اعتدته ، تقول لي إننا بسبيلنا إلى البحث عن دار جديدة مجددا . المرأة الضريرة يتعين عليها أن تعرف كل ركن ومنعطف في دارها . وهي تألفها كما تألف جسمها . وبالنسبة للشخص المبصر ، فإن الدار تعد ميتة ، ولكنها بالنسبة للشخص الضرير ، إنها تضج بالحياة .إنها نبض . الآن هل سيتعين عليَّ الارتطام بكل الأركان والتعثر في العتبة مجددا في دار جديدة .
ترك الرجل يد امراته ، وفتح البوابة المطلية باللون الأبيض .
قالت :
- إنها توحي بالعتمة ، كما لو أن الأشجار قد ألقت بظلالها على الحديقة . والشتاء سيكون باردا من الآن فصاعدا .
- إنها دار على الطراز الغربي ، لها جدران ونوافذ كئيبة ، ولابد أن بعض الألمان كانوا يقطنون هناك فلافتة الاسم تحمل اسم " ليدرمان"
ولكن الرجل عندما فتح الباب الخارجي ، ارتد راجعا ، كأنما فوجيء بضوء باهر .
- هذا رائع .إنه مبهر للغاية . لربما يكون الليل سائدا في الحديقة ، لكن داخل الدار يكون شبيها بوقت الظهيرة .
كان ورق الحائط المخطط باللونين الأصفر والقرمزي براق اللون ، كالأجواخ البيضاء والأرجوانية التي تعرض في الاحتفالات . وتوهجت الستائر كثيفة الحمرة كأنوار كهربائية ملونة .
- هاهنا اريكة ومدفأة ومائدة ومقاعد ومكتب ومصباح تزييني .. كل الأثاث ها هنا. تلمسني ذلك !
أوشك أن يسقطها أرضا ، وهو يجعلها تجلس على الأريكة. لوحت بيدها كمتزلج على الجليد يعاني من الارتباك ، وارتدت متقافزة كنابض.
- هناك بيانو أيضا.
أمسك بيدها ، واجتذبها. فأوقفها على قدميها . جلست قبالة البيانو بجوار المدفأة ، وبنشاط لمست المفاتيح ، كأنها شيء مخيف.
- اصغ ! إنه يعمل .
بدأت في عزف لحن بسيط ، ربما كان لحن أغنية تعلمته عندما كانت فتاة صغيرة ، وكان لا يزال بمقدورها أن ترى .
مضى إلى المكتب ، وإلى جوار المكتب ، اكتشف غرفة نوم بفراش مزدوج.هاهنا مجددا كان هناك ورق حائط مخطط باللونين القرمزي والأبيض ..وهذه المرة كانت هناك بطانية خشنة ملفوفة حول حشية للرقاد ملئت قشا.وثب عليها ، فأحس بها لينة ومتقافزة، وبدأ عزف زوجته يتردد مفعما بمرح أكبر .لكنه استطاع كذلك سماعها تضحك كأنها طفلة ، عندما كانت تخطىء بين الحين والآخر في عزف نغمة ..ياللحزن الذي يواكب العمى !
العمى الذي أشير إليه هنا لا يعني بالضرورة عمى العينين فحسب .
|
|
|
|
|