|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 23036
|
الإنتساب : Sep 2008
|
المشاركات : 9,776
|
بمعدل : 1.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عاشق الامام الكاظم
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 14-07-2009 الساعة : 02:10 PM
كان أحدهم شاب مراهق ملتزم بصلاة الصبح خلفنا جماعة، ومن المعلوم أن صلاة الصبح فيها ضريبة القيام من النوم، والذي يواظب على صلاة الفجر بشكل عام وجماعة يعطى شيئاً من الهبات، وعادةً نوم المراهق يكون أثقل من نوم كبير السن، هذا الشباب كان ملتزماً إلى درجة أنه يوقظ نفسه للصلاة معنا حتى لو نام قبل الآذان بفترة قصيرة.. وفي يوم قال: لي بأنه غلب عليه النوم في الصلاة لدرجة أنه رأى في المنام تفاصيل ما عمل في الصلاة!.. نعم، كل هذا الإصرار لأجل أن يكون من المستيقظين.. ومثال آخر: كنا في مؤتمر في إحدى الدول الغربية، رأيت بعض الشباب المراهقين نائمين بغير غطاء في قاعة المؤتمر، أمهم قالت لي: أنهم ناموا بلا فراش حتى لا يغلب عليهم النوم، وتفوتهم صلاة الفجر معنا.
ولا يخفى مسؤولية الآباء، ودورهم في توجيه الأبناء وتربيتهم.. وهنيئاً لمن أوصل براءة الطفولة ببراءة التقوى: حرصاً، وعنايةً، ومراقبةً، ودعاءً.. فإن جزاءه -كما في مضمون بعض الروايات- بأن يحشر مع الأئمة العدول.. ومن المعلوم أن الذي يقدم قرباناً لله عزوجل، فإن الله –عز وجل- يحفظ له ذلك في ذريته، بأن يبارك له فيهم، ويجعلهم من أهل التميز والصلاح.
قبل فترة التقيت بوالد الطفل المعجزة، سألته: كيف أعطاه الله هذا الولد الذي أذهل العقول، وقد أعطي الدكتوراه من بريطانيا لما هو فيه من هذه السيطرة المذهلة على كتاب الله تعالى.. قال: بأنه كان هو وزوجته يعلمون أولاد المسلمين القرآن الكريم، وطلب من الله –عزوجل- أن يعوضه خيراً ويمنحه ذرية متميزة في المقابل.
- إن المسافر لابد له من الزاد، وقسم من هذا الزاد يأتي من خلال المطالعة والتثقف والإلمام الجيد بهذا المجال، ولهذا فمن المناسب قراءة الكتب الأخلاقية، وهي على نوعين:
النوع الأول: ما كتب في الرذائل والفضائل، مثل: كتاب: (جامع السعادات) للشيخ النراقي، وكتاب: (الطريق إلى الله) للشيخ البحراني، وهما من أفضل ما كتب في الأخلاق.
والنوع الثاني: ما كتب في سيِّر العلماء والأولياء، ومنه كتاب: (كيمياء المحبة)، الذي راج في الأسواق العربية وغير العربية بشكل ملفت.. ومن اللطيف في هذا الكتاب أنه يتناول سيرة رجل لم يكن من رجال العلم، بل كان يعمل خياطاً.. إن رب العالمين له طريقته في تربية عباده، وإذا رأى مادة قابلة في عبده فإنه يوصله إلى ذلك العلم الذي لا نفاذ له، وهذا هو القسم الآخر من الزاد العلمي، والذي يسمى بالعلم اللدني، أو العلم الإلهي، أو العلم الإلقائي..
- إن البعض قد يستنكر على أولياء الله انشغالهم بأمور الدنيا، والحال بأن الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) يحث على ذلك: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا..)، (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)..
فليس المهم أن يكون الرأس مشغولاً، وإنما المهم أن لا يكون القلب مشغولاً.. إن الذي يصل إلى هذه الدرجة من فراغ القلب، فقد حاز باللذة العظمى، وكان مصداقاً لوصف علي (عليه السلام) للمتقين: (وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى...).
ومن المعلوم أن من ألذ لذائذ العيش عند أهله، هو السجود بين يدي الله، ومن هنا فإن سلمان المحمدي -التلميذ الأول لرسول الله (صلى الله عليه واله)، وأفضل صحابي للنبي (صلى الله عليه واله) ، وأفضل راو للأئمة عليهم السلام)، والذي حاز على الدرجة الأولى، ويأتي في المرتبة بعد الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وقد أعطي الاسم الأعظم- يقول: لولا السجود لله، ومجالسة قوم يتلفّظون طيب الكلام كما يتلفّظ طيب التمر؛ لتمنيّت الموت.. الأول في جانب الخالق، والثاني في جانب المخلوق.. إن السجود أيضاً من زاد الطريق، وليس المقصود به هذه الحركة الجسمانية: أن يضع الإنسان جبهته وركبته وإبهاميه على الأرض.. السجود له ملك وملكوت، وملكوت السجود سياحة في عالم الأنفس، والتي يشير إليها قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ}.
- إن الإنسان بطبعه يحب الجمال، والوصول إلى القمة وإن كان محالاً، إلا أن التمني ليس حراماً، فلعل الله –عز وجل- يفتح عليه يوماً ويصل إلى مراده، وإن لم يصل إلى القمة، ولكن في الحركة بركة، وخير له من الجلوس في الحضيض، وفي الوديان السحيقة.. ولهذا نحن نلاحظ في المناجاة الشعبانية، أن الإنسان يطلب أمنية الأماني، ويا له من طلب غالٍ نفيس، حيث يقول: (إلهي!.. هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك..).. ولو أن هذه من أسرار أهل البيت (عليهم السلام) ووقف عليهم لما وصلت إلينا بهذه السهولة.
- إن رب العالمين له طريقته في تسديد عباده وتوجيههم إلى ما فيه الصلاح والنجاة، وقد يصل إلى درجة التكليم الباطني، لا بمعنى التكليم الذي خُص به الكليم موسى (عليه السلام)، أو الوحي الذي كان ينزل به جبرائيل على الأنبياء (عليهم السلام)، وإنما عن طريق الإلقاء في الروع.. فهنا رب العالمين يستعمل لفظة الوحي لامرأة عادية لم تكن بنبي ولا بوصي وهي أم موسى (عليه السلام)، وينسب الفعل إلى نفسه تعالى وليس بوسيط: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.. وفي آية أخرى نلاحظ أنه يستعمل كلمة الوحي حتى للحشرات: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}.. والإنسان شأنه أرفع من كل المخلوقات إذ أنه خليفة الله في الأرض، ألا يستحق أن يكون محلاً لألطاف الرب –تعالى- وتسديداته؟.. فعلى المؤمن أن يحاول أن يعرض نفسه لهذه المنحة الإلهية..
يتفق للإنسان بعض الأوقات وهو جالس، وكأن هناك من يقول له: قم من مكانك، واذهب إلى المجلس الفلاني!.. وهو ناسٍ لهذا المجلس.. فيذهب ويستمع من الخطيب كلمة تغير مجرى حياته.. من الذي أقامه من مكانه؟!.. ومن الذي ذكره بهذا المجلس؟!..
نقل لي أحدهم هذه الحادثة وهى أنه كان يمشي في شوارع أمريكا، وإذا به يرى أشرطة مرمية على الطريق، فدفعه الفضول ليرى ما فيها، وإذا بها محاضرة للخطيب الفلاني، إلى الآن هو لا يعرف تفسير هذا الأمر، ومن الذي جاء بها في هذا المكان.. فرب العالمين له أسراره، وله شؤونه في الخلق، أوصله بشكل ما إليه، وسمعه وتأثر به.
وقد ورد أن من يلتزم بهذا الاستغفار شهرين متتابعين أربعمئة مرة في اليوم، فإنه يعطى العلم الكثير أو المال الكثير، وأيهما حصل فهو غنيمة، وهو استغفار مجرب، فالذي يعمل به يفتح له فتحة من عالم الغيب: (استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، الرحمن الرحيم، بديع السماوات والأرض، من جميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه)..
جاءني أحدهم يقول: بأنه يسمع كأن صوتاً يحدثه في قلبه يرشده ويعلمه، وقال: أتحب أن ترى نموذجاً من أفكاري، اذهب إلى المنتدى الفلاني.. وفعلاً كانت له قرابة الألف مشاركة.. قلت له: ما السر؟.. قال: بأنه التزم بهذا الاستغفار ليس فقط شهرين بل سنتين، وإذا به يسمع ما يسمع، ورأيت أن ما يفهمه قد لا أفهمه أنا أيضاً، لأنه وجد له سبيل إلى ذلك العالم..
- ونقول أخيرا:إننا نلاحظ -مع الأسف- أن غالب الأفراد يمضون حياتهم في الغفلة والرضا بالواقع ، ولكن ما الذي هيأه الانسان لحياته الباقية؟.. وهل هو مستعد للموت لو جاءه الملك المقدس عزرائيل لينقله إلى ذلك العالم؟.. إن القرآن الكريم يتحدى اليهود بتمني الموت، ويقول بأنهم لن يتمنوه أبدا لما قدمت أيديهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.. نحن لم نقدم شيئاً يعتد به لآخرتنا، لم نقدم قرباناً.. إن من يريد أن يخطو أول الخطوات لابد أن يثبت شهادة حسن نية، إبراهيم (عليه السلام) قدم إسماعيل الذبيح، واسماعيل هيأ نفسه للذبح، الأنبياء والأولياء كل واحد قدم شيئاً يعتد به، ولو يملك الإنسان في حياته فقط موقف من مواقف المجاهدة مع رب العالمين كفاه هذا الموقف..
إن شاء الله سنذكر نقطة الانفجار، بأن يصل الإنسان إلى درجة ينقلب على واقعه، كالذي كان يسرق البيوت في الليل وينتقل من سطح إلى سطح، وإذا به يسمع تالي القرآن الكريم وهو يقرأ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}.. وإذا به يصيح: بلى قد آن!.. فتحول من سارق إلى عابد.. إنه بشر الحافي الذي تحول من مترف لا يعرف إلا المجون، إلى ولي من أولياء الله، ومن أصحاب إمامنا موسى بن جعفر (عليه السلام) فهل نحن متأسون بهم؟..
منقول من محاضرة روحانية
|
|
|
|
|