|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.82 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 05-07-2009 الساعة : 03:44 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
النهي عن التوقيت: (الروايات والعقل):
يدّعي البعض أنه بالإمكان التوقيت لظهور الإمام المنتظر عليه السلام، ومن خلال البحث ودراسة الأدلة الشرعية والعقلية، نجد أن النهي عن التوقيت من الأمور التي ورد التأكيد عليها في كثير من الأخبار والروايات، وإحالته إلى الله سبحانه وتعالى، ويستفاد من بعض الأخبار أن من وقت له عليه السلام وقتاً فقد شارك الله في علمه، والحكمة الإلهية اقتضت أن يكون وقت الظهور مجهولاً ومكتوماً عن الناس، كخفاء الأمور الأخرى، مثل ليلة القدر، أو وقت الموت.
إن العلة في النهي عن توقيت أو تحديد أو تعيين يوم الظهور يرتبط بالحكمة الإلهية وبالأسرار الكثيرة التي تكتنف سيرته وحياته عجل الله فرجه الشريف كقضية الغيبة مثلا، لذا فالسر الأساس في عدم التوقيت في تقديرنا يرتبط بشئون علم الغيب.. لذا سنجتهد في استشفاف جزء من حكمة أو علة النهي عن التوقيت، والحكمة من إخفاء وقت ظهوره عليه السلام، ويتضح لنا ذلك من الآتي:
أولاً: تحديد وقت الظهور منهي عنه لروايات عديدة وأخبار كثيرة صريحة في ذلك:
قد دلت عدة من الروايات الشريفة بالنهي عن التوقيت، أو تعيين وقت محدد لظهور الإمام عجل الله فرجه الشريف، وتكذيب من وَقّتَ لظهوره وقتاً معيناً، لأن ذلك سر من أسرار الله سبحانه وتعالى.. جاء في التوقيع الصادر عن الإمام المهدي عليه السلام بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان العمري: " وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله تعالى ذكره وكذب الوقّاتون"(4).. وجاء في توقيع الناحية المقدسة بواسطة النائب الرابع علي بن محمد السمريَّ: "... فقد وقعت الغيبة الثانية فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل..".(5)
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين"(6).. روى الصدوق عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: لما أنشدت مولاي الرضا عليه السلام قصيدتي التي أوّلها:
مَدارسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوةِ *** ومنزلُ وحيٍ مقٌفِرُ العَرَصاتِ
فلمّا انتهيتُ إلى قولي:
خُروجٌ إمامٍ لا مَحالةَ خارجٌ*** يَقـوم على اسمِ اللهِ بالبركاتِ
يُميِّزُ فينا كُـل حَـقِّ وباطلٍ *** ويَجزي على النَعماءِ والنَّقماتِ
بكى الإمام الرضا عليه السلام بكاءً شديداً، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي:
با خُزاعيّ، نَطَق روحُ القدس على لسانِك بهذَين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ فقلت: لا يامولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملؤها عدلاً كما ملئت جورا.. فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.. وأما (متى) فإخبار عن الوقت، فقد حدثني أبي، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذريّتكَ؟ فقال: مَثَلُه مَثَل الساعة التي (لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً).(7)
وردت أخبار عديدة عن النبي وأهل بيته عليهم السلام تكذب وتؤكد على تكذيب كل من يوقت للظهور، وتنفي أن يكون أحد المعصومين عليهم السلام قد أخبر عن ذلك، فليس هناك توقيت لظهور الإمام أبداً، بل إن الأئمة الأطهار عليهم السلام كذّبوا كلّ من يقول بذلك.. فقد سأل الفضيل الإمام الباقر عليه السلام: هل لهذا الأمر وقت؟ فقال عليه السلام: (كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون)(8).. عن عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه مهزم الأسدي فقال: - أخبرني – جعلت فداك – متى هذا الأمر الذي تنتظرونه، فقد طال؟ فقال: " يا مهزم كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون"(9).. عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن القائم فقال: " كذب الوقّاتون، إنا أهل بيت لانوقت، ثم قال: أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين"(10).. عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من وقّت لك من الناس شيئاً فلا تهابن أن تكذبه فلسنا نوقّت لأحد وقتاً"(11).. اذاً المستفاد من مجموع الأحاديث والأخبار بأنه لايجوز " التوقيت " باعتبار النهي الذي صدر من النبي وأهل بيته عليهم السلام.
قد يقول قائل: إن هناك فرقاً، بين أن يكون التوقيت منسوباً لأهل البيت عليهم السلام، أو منسوباً لغيرهم (أفراد عاديـين ممن ليسوا من أهل العصمة).. وأن التوقيت المأمورين بتكذيبه في أخبارهم عليهم السلام، هو المنسوب لهم فقط.. فيجاب على هذا القول أو الاحتمال: بعدم ورود شيء من الأدلة المشيرة إلى ذلك في أخبارهم عليهم السلام، فتبقى أدلة المنع على عمومها في شمولها للمنع من صدور التوقيت منهم عليهم السلام أو من سائر الناس عموماً، وعليه فيكون التوقيت المأمورين بتكذيبه سواءً نسب إلى أهل البيت عليهم السلام أو إلى سائر الناس إعمالاً للعموم المستفاد من خبر الفضيل وغيره من الأخبار.
إذاً.. نستنتج من ذلك كله، أن وقت ظهور الإمام - روحي فداه - خاضع للإرادة الإلهية، وانتظار الإذن من الله عز وجل له عليه السلام بالظهور.. وعليه فإن تحديد أو تعيين أي توقيت يعتبر جزافاً ومن غير أي دليل.. كيف وقد أجمع المؤمنون على أن وقت اليوم الموعود موكول إلى علم الله عز وجل، مع الغموض التام بالنسبة إلى الناس، بل ظاهر بعض الروايات أنه خفي حتى على المعصومين أنفسهم، ومن هنا يكون تحديد أي تاريخ معين لظهوره عليه السلام جزافاً محضاً وكذباً صريحاً.
ثانياً: تحديد وقت الظهور يتعارض مع فلسفة الانتظار، ويؤدي إلى يأس وقنوط الأمة:
قد أخفى الله تبارك وتعالى وقت ظهور وليّه الحجة ابن الحسن عليه السلام لأهداف تربوية (نفسية وروحية) عظيمة، وليكون المؤمنون منتظرين له عليه السلام في جميع أوقاتهم.. ولنفترض أن التوقيت (جائز)، فماذا يترتب على تعيين وقت ظهوره عليه السلام من نتائج؟ مثلا: حدد بعد الف عام.. إن المؤمنين سوف يفقدون روحية الانتظار، وسيفقدون تبعاً لذلك حالة الارتباط المعنوي والوجداني بإمامهم الغائب عليه السلام، وسيكون الأمر أقرب إلى الاسطورة من الواقع، وإلى الخيال من الحقيقة، فتموت وتتحل القضية المهدوية تدريجياً لدى الأجيال المتلاحقة، وهذا الموت والتحلل التدريجي قد حصل على صعيد عقيدة التوحيد عند الأمم السابقه، فما الذي يمنع دون حصوله بصدد القضية المهدوية لدى هذه الأمة؟.. وحينها لاتجد من يتحمس للقضيه المهدوية، ولامن ينشدها بهمة عالية، ولماّ وجد المنتظرون الذين يحملون علاقة الحب والارتباط بالقضية كما شهدناها في التاريخ ونشهدها اليوم.
إن أهل البيت عليهم السلام أمتنعوا عن التوقيت لأنه بعلمهم اللدني وما وهبهم الله سبحانه وتعالى من حكمة ومعرفة، فهموا أنهم لو أطلعوا شيعتهم على وقت ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وبالتأكيد سيكون بعد قرون عديدة – كما نحن متأكدون منه الآن – وليس في زمان قريب من وقت إخبارهم بالوقت المعلوم، فهذا لن يكون في صالح الأمة والموالين، وسيصاب المؤمنون بيأس من ظهور صاحب الزمان عليه السلام، وربما أدى ذلك إلى فتنة كبيرة تصيب الأمة الإسلامية.. روى علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا علي الشيعة تربى بالأماني...... لو قيل لنا إن هذا الأمر لايكون إلا إلى مائتي سنة وثلاثمائة سنة ليئست القلوب وقست ورجعت عامة الناس عن الإيمان بـ الإسلام، ولكن قالوا ما أسرعه وأقربه، تالفا لقلوب الناس وتقريباً للفرج.(12)
إن النهي عن التوقيت من أهم مقومات انتظار الفرج، وأحد أبرز ركائز بنائه، وعليه فإن البحث أو السؤال عن وقت ظهوره عليه السلام، خطأ كبير يقع فيه من لايعي فلسفة الانتظار، تلك الفلسفة التي تجعل المؤمن في حالة الترقب الدائم والانتظار المستمر لإمامه المهدي عليه السلام.. ففي حالة تعيين وقت ظهوره للناس، فإن الإعداد والاستعداد والنفير وغير ذلك مما هو مرتبط بمسألة انتظار الفرج، سوف لايكون مبرراً، إذ أن هذه الأمور مرتبطة بعصر قبل ظهوره بقليل.
لعل بعض أسرار الحكمة في إخفاء وقت الظهور، هو أن يبقى المؤمنون عبر القرون ينتظرون الإمام عليه السلام فيثابون على هذا الانتظار المر، فالانتظار يدعو المؤمنين إلى الاستقامة والتقيد بأوامر الشريعة الغراء ونواهيها، باعتبار أن ظهور الإمام عليه السلام سيكون مباغتاً.. فلو كان وقت ظهوره المبارك معروفاً ومحدداً مسبقاً، لما كان هذا الانتظار، ولكانت الآمال تنقلب إلى اليأس، ولحرم المؤمنون ممن لم يكونوا قريبي العصر من وقت الظهور ثواب الانتظار.. روي عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: " من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة".(13)
اذاً.. نستنتج من ذلك كله: أن المؤمنين المخلصين سوف يصابون بإحباط وخيبة أمل، عندما يعرفون وقت ظهوره عليه السلام ويكون بعيداً جداً عن عصرهم مما سيؤدي إلى الكسل والخمول وعدم توفر الدافعية للإخلاص أكثر وأكثر، وتلاشي الطموح بأن يصبحوا من أنصاره وأعوانه، وكذلك عدم الدعاء له بتعجيل الفرج.. فمن رأفة الله ورحمته بهذه الأمة، أن جعل وقت الظهور مجهولاً عند الناس، فلا ينتابها اليأس أو يفتك بها القنوط، بل جعلها في حالة ترقب دائم وانتظار للفرج.
ثالثاً: تحديد وقت الظهور يؤدي إلى فشل حركة الإمام المنتظر عليه السلام في بداية ظهورها:
إن توقيت ظهوره توقيت أكثر من دقيق وأكثر من حكيم، ولهذا يعتبر وحدة نصف الخطة، ومن أهميته فرض انتظاره مئات السنين.. إن الحكمه الإلهية شاءت أن يكون وقت ظهور الإمام المنتظر عليه السلام فجائياً من أجل إنجاح اليوم الموعود (يوم الفتح)، باعتبار أن تاريخ وقت ظهوره لو كان محدداً معروفاً مسبقاً، لكان من أشد العوامل على فشل الثورة العالمية وفناء الدولة العادلة، فإنه يكفي أن يحتمل الأعداء ظهوره في ذلك التاريخ، فيجتمعوا للقضاء عليه في أول أمره وقبل نجاح ثورته واتساع حركته.
إن عنصر المفاجأة في يوم ظهور الإمام ووقته له أثر فعّال في نصره عليه السلام وانجاح ثورته.. ثم إن وقت الظهور وإن كان محدّداً في علم الله الأزلي المتعلق بكل الممكنات أو المخلوقات بأسبابها ومسبباتها، إلا أنه بالنسبة إلى علله وشرائطه ليس له وقت محدد.. ويمكن توضيح ذلك: إن تعيين وقت ظهوره عليه السلام للناس سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى معرفة أعداء الإمام عليه السلام الموعد، فيهيئون الأرضية المناسبة للقضاء عليه وإفشال مخططه، وذلك بايجاد أعدائه الاستعداد العسكري والأمني للقضاء عليه.. ومن جهة أخرى يعني عدم تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق وعد الله، وذلك خلاف الحكمة وغير جائز على الله تعالى، لأن الله لايخلف الميعاد.. وهنا نجد أن معنى عدم تهيئة الظروف، هو عدم إيجاد الرجال الممتحنين الذين هم شرط الظهور، وكذلك فقدان القواعد الجماهيرية التي تكون كذلك بما لديها من إيمان بالعقيدة المهدوية.. ولكن مع وجود الفاصلة الزمانية الكبيرة التي تفصل جيل من الأجيال عن وقت الظهور المحدد مسبقاً (افتراضاً لو كان هناك توقيت)، فهذا سيؤدي إلى انعدام إيجاد بعض الشرائط، مما يقتضي انعدام الظهور أساساً بحيث لايعقل تحققه، وانعدام بعضها الآخر يقتضي فشله ومن ثم عدم إمكان نشر العدل الكامل المستهدف في التخطيط الإلهي الكبير(14).. إذن فلا بد من تهيئة الظروف، لكي يمكن تحقق الظهور ونجاحه وهذا لايتم إلا بالامتناع عن التوقيت والنهي عنه.
يتبع
|
|
|
|
|