|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 153
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 2,377
|
بمعدل : 0.35 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
أبن المرجعية
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 12-12-2006 الساعة : 11:35 PM
عمر ميز بين الطبقات، الا انه حينما ميز بين الطبقات، حينما اثرى قبيلة بعينها دون غيرها من القبائل...؟ أتعرفون أي قبيلة هي التي اثراها، هي قبيلة النبي (ص)، عمر أغنى قبيلة النبي محمد (ص) اغنى عم محمد (ص) اعطى زوجات النبي عشرة آلاف، كان يعطي للعباس اثني عشر الفا، كان يقسم الاموال الضخمة على هذه الأسرة، هذا الانحراف لا يختلف في جوهره عن انحراف عثمان بعد ذلك، عثمان حينما ميز، الا ان عمر فقط ربط هذا الانحراف بالحرارة الايمانية عند الامة، لان الحرارة الايمانية عند الامة كانت تقبل مثل هذا الانحراف. هؤلاء أهل بيت النبي (ص)، هذا عم النبي (ص)، هذه زوجة النبي (ص)، اذن هؤلاء يمكن ان يعطوا يمكن ان يثروا على حساب النبي (ص)، لكن عثمان حينما جاء لم يرد على هذا الانحراف شيئاً، الا انه لم يرتبط بالحرارة الايمانية، بدّل عشيرة النبي (ص) بعشيرته هو، وهذا ايضاً انحراف مستمر لذلك الانحراف، الا انه انحراف مكشوف. ذاك انحراف مقنّع، ذاك انحراف مرتبط بالحرارة الايمانية عند الأمة، وهذا انحراف يتحدى مصالح الامة، والمصالح الشخصية للأمة، ولهذا استطاعت الامة ان تلتفت الى انحراف عثمان بينما لم تلتفت بوضوح الى انحراف أبي بكر وعمر، وبهذا بدأ علي بن أبي طالب (ع) معارضته لأبي بكر وعمر في الحكم بشكل واضح، بعد ان مات ابو بكر وعمر، لم يكن من المعقول تفسير هذه المعارضة على انها معارضة شخصية بسبب طمع في سلطان، بدأ هذه المعارضة واعطى رأيه بأبي بكر وعمر.
علي بن ابي طالب (ع) بعد ان تم الامر لعثمان، بعد ان بويع عثمان يوم
{ 64 }
الشورى، قال: ان سوف اسكت ما سلمت مصالح المسلمين وامور المسلمين، وما دام الغبن علي وحدي، وما دمت انا المظلوم وحدي، وما دام حقي هو الضائع وحدي. انا سوف اسكت سوف أبايع سوف اطيع عثمان، هذا هو الشعار الذي اعطاه بصراحة مع ابي بكر وعمر وعثمان، وبهذا الشعار اصبح في عمله رسالياً، وانعكست هذه الرسالة على عهد امير المؤمنين، وبقي (ع) ملتزماً بما تعهّد به من السكوت الى ان بدأ الانحراف في حياة عثمان بشكل مفضوح، حيث لم يرتبط بلون من الوان الحرارة الايمانية التي ارتبط بها الانحراف في ايام الخليفة الاول وفي ايام الخليفة الثاني، بل اسفر الانحراف، ولهذا اسفر علي (ع) عن المعارضة وواجه عثمان بما سوف نتحدث عنه بعد ذلك.
فعلي (ع) في محاولته لتسلم زمام التجربة وزعامة القضية الاسلامية كان يريد ان يوفق بين هذا الوجه الظاهري للعمل، و بين الوجه الواقعي للعمل، واستطاع ان يوفق بينهما توفيقاً كاملاً، استطاع هذا في توقيت العمل، واستطاع هذا في تربيته لأصحابه، على انهم اصحاب الاهداف لا اصحاب الاشخاص، واستطاع في كل هذه الشعارات التي طرحها، ان يثبت انه بالرغم من كونه في قمة الرغبة لأن يصبح حاكماً، لم يكن مستعداً ابداً لان يصبح حاكماً مع اختيار أي شرط من الشروط المطلوبة التي تنال من تلك الرسالة.
ألم تعرض عليه الحاكمية والرسالة بعد موت عمر بشرط ان يسير سيرته؟ فرفض الحاكمية برفض هذا الشرط.
علي بن ابي طالب (ع) بالرغم من انه كان في اشد ما يكون سعياً وراء الحكم، جاءه المسلمون بعد ان قتل عثمان، عرضوا عليه ان يكون حاكماً، قال لهم بايعوا غيري وأنا أكون كأحدكم، بل اكون أطوعكم لهذا الحاكم، الذي تبايعونه، ما سلمت أمور المسلمين في عدله وعمله، يقول ذلك، لان الحقد الذي تواجهه الامة الاسلامية كبير جداً، تتمادى بذرة الانحراف، الذي عاشه المسلمون بعد النبي (ص) الى ان قتل عثمان، هذا الانحراف الذي تعمق، الذي ارتفع، هذا الانحراف الذي طغى والذي استكبر، الذي خلق تناقضات في الامة الاسلامية، هذا عبء كبير جداً.
{ 65 }
ماذا يريد ان يقول، يريد ان يقول: لأني انا لا اقبل شيئاً الا على ان تصفّوا الانحراف، انا لا اقبل الحكم الذي لا يصفى هذا الانحراف لا الحكم الذي يصفّيه، هذه الاحجامات عن قبول الحكم في مثل هذه اللحظات كانت تؤكد الطابع الرسالي، بحرقته بلوعته، لألمه لرغبته ان يكون حاكماً، استطاع ان ينتصر على نفسه، ويعيش دائماً لأهدافه، واستطاع ان يربي اصحابه ايضاً على هذا المنوال.
هذا هو الخط الاول وهو خط محاولة تسلمه لزمام التجربة الاسلامية.
أما على الخط الثاني:
وهو خط تحصين الامة لقد كانت الامة تواجه خطراً، وحاصل هذا الخطر هو ان العامل الكمي والعامل الكيفي، سوف يجعلان هذه الامة لاتعيش الاسلام، الا زمنا قصيراً.
بحكم العامل الكمي الذي سوف يسرع، في افناء التجربة وسوف لن تعيش الا مشوهة بحكم العامل الكيفي، الذي يتحكم في هذه التجربة، ولذا بدأ الامام بتحصين الامة، وبالتغلب على العاملين: العامل الكمي والعامل الكيفي.
اما التغلب على العامل الكمي فكان في محاولة تحطيم التجربة المنحرفة وتحجيمها وافساح المجال للتجربة الاسلامية لتثبت جدارتها وذلك بأسلوبين:
الاسلوب الاول: هو التدخل الايجابي الموجه في حياة هذه التجربة بلحاظ قيادتها.
القادة والزعماء الذين كانوا يتولون هذه التجربة، كانوا يواجهون قضايا كثيرة لا يحسنون مواجهتها، كان يواجههم مشاكل كثيرة لا يحسنون حلّها، ولو حاولوا لوقعوا في أشد الاضرار والاخطار، لأوقعوا المسلمين في أشد التناقضات، ولأصبحت النتيجة محتومة اكثر، ولأصبحت التجربة أقرب الى الموت، وأقرب الى الفناء واسرع الى الهلاك، هنا كان يتدخل الامام (ع) وهذا خط عام سار الائمة (ع) كلهم عليه كما قلنا، كما سوف نقول، فكان الامام (ع) يتدخل تدخلاً ايجابياً، موجهاً في سبيل ان ينقذ التجربة من المزيد
{ 66 }
من الضياع ومن المزيد من الانحراف، ومن المزيد من السير في الضلال.
كلنا نعلم، بأن المشاكل العقائدية التي كانت تواجهه (ع) والزعامة السياسية بعد النبي (ص). هذه المشاكل العقائدية التي كان يثيرها، وتثيرها القضايا الاخرى التي بدأت تندرج في الامة الاسلامية والاديان الاخرى التي بدأت تعاشر المسلمين، هذه المشاكل العقائدية لم تكن الزعامات السياسية وقتئذ على مستوى حلها كان الامام (ع) يعين تلك الزعامات في التغلب على تلك المشاكل العقائدية.
كلنا نعلم بأن الدولة الاسلامية واجهت في عهد عمر خطراً من أعظم الاخطار، خطر اقامة اقطاع لانظير له في المجتمع الاسلامي، كان من المفروض ان يسرع في دمار الامة الاسلامية، وذلك حينما وقع البحث بين المسلمين بعد فتح العراق، في انه هل توزع اراضي العراق على المجاهدين المقاتلين، او أنها تبقى ملكاً عاماً للمسلمين، وكان هناك اتجاه كبير بينهم الى ان توزع الاراضي على المجاهدين الذين ذهبوا الى العراق وفتحوا العراق، وكان معنى هذا ان يعطى جميع العالم الاسلامي، أي يعطي العراق، وسوريا وايران ومصر وجميع العالم الاسلامي الذي أسلم بالفتح، سوف يوزع بين اربعة او خمسة آلاف او ستة الآف من هؤلاء المسلمين المجاهدين، سوف تستقطع اراضي العالم الاسلامي لهؤلاء، وبالتالي يتشكل اقطاع لانظير له في التاريخ.
هذا الخطر الذي كان يهدد الدولة الاسلامية، وبقي عمر لاجل ذلك اياماً متحيراً لأنه لا يعرف ماذا يصنع، لا يعرف ما هو الأصلح، وكيف يمكن ان يعالج هذه المشكلة.
علي بن ابي طالب (ع) هو الذي تدخل كما تعلمون وحسم الخلاف، وبيّن وجهة النظر الاسلامية في الموضوع، وأخذ عمر بنظر الامام امير المؤمنين (ع) وانقذ بذلك الاسلام من الدمار الكبير.
وكذلك له تدخلات كبيرة وكثيرة، النفير العام الذي اقترح على عمر والذي كان يهدد العاصمة في غزو سافر، كان من الممكن ان يقضي على الدولة الاسلامية، هذا الاقتراح طرح على عمر، كاد عمر ان يأخذ به، جاء
{ 67 }
علي (ع) الى المسجد مسرعاً على ما أتذكر في بعض الروايات تقول: جاء مسرعاً الى عمر، قال له: لا تنفر نفيراً عاماً، كان عمر يريد ان يخرج مع تمام المسلمين الموجودين آنذاك في المدينة، وعندما تفرغ عاصمة السلام مما يحميها من غزو المشركين والكافرين، منعه من النفير العام.
وهكذا كان علي (ع) يتدخل تدخلاً ايجابياً موجهاً في سبيل ان يقاوم المزيد من الانحراف، والمزيد من الضياع، كي يطيل عمر التجربة الاسلامية ويقاوم عامل الكم الذي ذكرناه.
هذا احد اسلوبي مقاومة العامل الكمي.
الاسلوب الثاني: لمقاومة العامل الكمي كان هو المعارضة.
يعني كان تهديد الحكام ومنعهم من المزيد من الانحراف، لا عن سبيل التوجيه، وانما عن سبيل المعارضة والتهديد.
في الاول كنا نفرض ان الحاكم فارغ دينياً، وكان يحتاج الى توجيه، والامام (ع) كان يأتي ويوجه، اما الاسلوب الثاني، فيكون الحاكم فيه منحرفاً ولا يقبل التوجيه، اذن فيحتاج الى معارضة، يحتاج الى حملة ضد الحاكم هذا، لاجل ايقافه عند حده، ولاجل منعه من المزيد من الانحراف.
وكانت هذه هي السياسة العامة للائمة (ع).
ألسنا نعلم بأن عمر صعد على المنبر وقال: ماذا كنتم تعملون لو انا صرفناكم عما تعلمون الى ما تنكرون.
كان يريد ان يقدر الموقف.
وماذا سيكون لو انا صرفناكم مما تعلمون الى ما تنكرون.
لو انحرفنا شيئاً قليلاً عن خط الرسالة ماذا سيكون الموقف.
لم يقم له الا علي (ع) قال له: لو فعلت ذلك لعدّلناك بسيوفنا.
كان هذا هو الشعار العام للامام (ع) بالرغم من انه لم يتنزل في عملية تعديل عمر بالسيف خلال حكم عمر، لظروف ذكرناها، الا انه قاد المعارضة
{ 68 }
لعثمان، واستقطب آمال المسلمين ومشاعر المسلمين، واتجاهات المسلمين، نحو حكم صحيح، ولهذا كان هو المرشح الاساسي بعد ان فشل عثمان، واجتمع عليه المسلمون.
الامام علي (ع) يتصدى للمعارضة لاجل ان يوقف الانحراف.
هذان اسلوبان كانا هما الاسلوبان المتبعان لمواجهة العامل الجديد.
ثم هذه المعارضة نفسها كانت تعبر من ناحية اخرى عن الخط الثاني، وهو المحافظة على الامة الاسلامية من الانهيار بعد سقوط التجربة حيث ان المسلمين لم يعيشوا التجربة الصحيحة للاسلام، او بعدوا عنها، والتوجيه وحده لا يكفي، لان هذا العمل لا يكفي لان يكسب مناعة. المناعة الحقيقية والحرارة الحقيقية للبقاء والصمود كأمة، اذن كان لا بد من ان يحدد الموقف. من ان يحدد الوجه الحقيقي للاسلام، في سبيل الحفاظ على الاسلام، وهذا الوجه الحقيقي للاسلام قدمه علي بن ابي طالب (ع) من خلال معارضته للزعامات المنحرفة اولاً، ومن خلال حكم الامام بعد أن مارس الحكم بنفسه.
من خلال هذين العملين، ومن خلال العمل السياسي المتمثل في المعارضة، والعمل السياسي المتمثل في رئاسة الدولة بصورة مباشرة، قدم الوجه الحقيقي للاسلام، الاطروحة الصحيحة للحياة الاسلامية الاطروحة الخالية من كل تلك الالوان من الإِنحراف.
طبعاً هذا لا يحتاج الى حديث، ولا يحتاج الى تمثيل لانه واضح لديكم.
امير المؤمنين حينما تولى الحكم، لم يكن يستهدف من تولي الحكم تحصين التجربة او الدولة، بقدر ما كان يستهدف تقديم المثل الاعلى للاسلام، لانه كان يعرف ان التناقضات، في الامة الاسلامية، بلغت الى درجة لايمكن معها ان ينجح عمل اصلاحي ازاء هذا الانحراف مع علمه ان المستقبل لمعاوية، وان معاوية هو الذي يمثل القوى الكبيرة الضخمة في الامة الاسلامية.
كان يعرف ان الصور الضخمة الكبيرة التي خلقها عمر وخلقها عثمان والتي خلقها الانحراف هذه القوى، كلها الى جانب معاوية، وهو ليس الى
|
|
|
|
|