|
الادارة
|
رقم العضوية : 84
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 39,169
|
بمعدل : 5.76 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ربيبة الزهـراء
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 08-08-2006 الساعة : 08:17 PM
قيمة للشجاعة والبطولة إذا لم يكن إلى جانبها رحمة ومروءة ، ولكي يكون الإنسان بطلاً شجاعاً عليه أن يحافظ على إنسانيته .
وهكذا كان علي ( عليه السلام ) .
لم يكن ليقتل مجروحاً أو ظامئاً ولا يطارد مهزوماُ ، وكانت أخلاقه في الحروب غاية في الإنسانية ، فلم يكن يستخدم الجوع أو الظمأ سلاحاً في المعارك بالرغم من أن أعداءه كانوا لا يتورعون عن ذلك أبداً ، وكانوا يستخدمون أحطّ الوسائل من أجل الانتصار .
وفي حرب صفين سيطر جيش معاوية على نهر الفرات وأعلنوا حصارهم وحرمان جنود علي من الماء .
وذكّرهم الإمام بأن الإسلام والإنسانية والفروسية تأبى مثل هذه المواقف ، ولكن معاوية لم يكن يفكر في شيء سوى مصلحته وأهدافه الدنيئة . عندها هتف الإمام بجنوده : " روّوا السيوف من الدماء ترووا من الماء ، فالموت في حياتكم مقهورين ، والحياة في موتكم قاهرين " .
واندفعت قوّات الإمام صوب الفرات ، وسرعان ما سيطرت على الشواطئ ، فأعلن الجنود أنهم سوف يحرمون جيش معاوية من الماء ،ولكن علياً ( عليه السلام ) اصدر أمره بإخلاء الشاطئ وعدم استخدام الماء كسلاح لأنه يتنافى مع الخلق الإسلامي .
عندما كان الإمام حاكم المسلمين :
إمام الفقراء :
بالرغم من كل الآلام والمصائب التي عاناها الإمام فقد كان يباشر بنفسه شؤون الناس ، ولم يكن يعادي أحداً عداوة شخصية ، حتى الذين كانوا يعادون الإمام ويضمرون له الكراهية والحقد كانوا يأخذون نصيبهم وحقهم من بيت المال ، حتى أصحابه والمقرّبين إليه كانوا يأخذون حقوقهم دون أي امتياز عن الآخرين .
ذات يوم جاءته امرأة اسمها " سودة " شاكية بعض جباة الأموال والضرائب ، كان الإمام يصلّي ولكنه شعر بظل امرأة فأسرع في صلاته ثم التفت إليها وقال بعطف :
-ألكِ حاجة ؟
قالت سودة باكية : أشكوك ظلم عاملك على الخراج .
فتأثر الإمام بشدّة وبكى ثم رفع طرفه إلى السماء وقال : " اللهم إنك تعلم أني لم آمرهم بظلم عبادك ، ثم تناول قطعة من الجلد وكتب عليه أمره بإقالة ذلك العامل من منصبه ، وسلّمه إلى " سودة " التي انطلقت إلى موطنها سعيدة راضية " .
وذات يوم وصلته أخبار من البصرة تفيد بأن الوالي " عثمان بن حنيف " قد دُعي إلى وليمة أقامها أحد الأثرياء فلبّى دعوته ، فبعث الإمام إليه برسالة يعاتبه فيها ويحذّره مما وراء تلك الدعوات والولائم وأن هؤلاء الأثرياء ليس هدفهم إطعام الطعام بل أنها نوع من الرشاوي والبحث عن النفوذ والسلطة في المدينة من خلال الولاة .
وقد جاء في الرسالة مختلف المواعظ والحكم التي تدفع إلى التفكير والتأمل :
" أما بعد يابن حنيف ؛ فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتُنقل إليك الجفان ، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ ، وغنيّهم مدعوّ. . .
ألا وان لكل مأموم إماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه ، ألا وان إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه " .
وقد سئل أحد أصحابه وهو " عدي بن حاتم الطائي " عن سياسة أمير المؤمنين فقال : رأيت القوي عنده ضعيفاً حتى يأخذ الحق منه ورأيت عنده الضعيف قوياً حتى يأخذ الحق له .
ويقول عن نفسه : وكيف أكون إماماً للناس ولا أشاركهم آلامهم وفقرهم ؟ !
وهو لا يقيم للسلطة والنفوذ وكرسي الحكم وزناً .
يسأل ابنَ عباس ذات يوم وكان يخصف نعله :
- ما قيمة هذه النعل ؟
فقال ابن عباس بعد أن ألقى نظرة فاحصة :
- إنها رخيصة بل لا قيمة لها .
عندها قال الإمام : إنّ قيمتها عندي لأفضل من السلطة والحكم إلاّ أن اُقيم حقاً أو اُبطل باطلاً .
إلغاء الامتيازات :
عندما تصدى الإمام إلى الخلافة أعلن منذ اليوم الأول سياسته القائمة على العدل والمساواة بين الناس ، لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى ، ولا بين السادة والعبيد . وقد لامه البعض واقترح عليه العودة إلى السياسة القديمة التي كان يتبعها الخلفاء .
فقال الإمام مستنكراً : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟!
ثم قال : لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنما المال مال الله .
جاءه أخوه عقيل ذات يوم ، فرحَّب به الإمام ، ولما حان وقت العشاء لم يجد عقيل على المائدة غير الخبز والملح فتعجب ، وقال : ليس إلاّ ما أرى .
فردّ الإمام : أو ليس هذا من نعمة الله وله الحمد كثيراً .
وطلب عقيل منه مبلغاً من المال لسداد دينه فقال الإمام : اصبر عني يخرج عطائي.
فانزعج عقيل وقال : بيت المال في يدك وأنت تسوّقني إلى عطائك .
فقال الإمام : ما أنا إلا بمنزلة رجل من المسلمين .
كان عقيل يلحّ على الإمام أن يعطيه من بيت المال ، فقال الإمام : إن شئت أخذتَ سيفك وأخذت سيفي وخرجنا معاً إلى الحيرة فأنّ بها تجاراً مياسير ، فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله .
فقال عقيل مستنكراً : أو سارقاً جئتُ ؟ !
عندها أجابه الإمام : تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميعاً .
هكذا عاش الإمام فترة حكمه كلها وهو يأكل أكل الفقراء ويعيش حياة البسطاء.
ولما قالوا له إن معاوية ينفق الأموال ويوزع الرشاوى لكي يحرز النصر ، فلما ذا لا تصنع مثله ؟ قال الإمام مستنكراً :
- أتأمروني أن اطلب النصر بالجور ؟ !
واستغاثت به امرأة طردها زوجها في يوم قائظ شديد الحر ، فأسرع يردّها إلى زوجها ويصلح بينهما .
وبعد أن طرق الباب خرج شاب لا يعرف الإمام . وعندما عاتبه الإمام على فعله صرخ بوجه الإمام غاضباً وراح يتوعد امرأته بالعذاب لأنها جاءت بهذا الرجل .
وفي الأثناء مرّ بعض الناس و كانوا يعرفون الإمام ( عليه السلام ) فسلّموا عليه قائلين : السلام عليك يا أمير المؤمنين .
واندهش الشاب وسقط على يد الإمام يقبل يده و يعتذر ، وعاهده إلاّ يعود إلى مثلها ؛ فوعظهما الإمام ونصحهما لتكون حياتهما طيبة هانئة .
غدير خم :
في العام العاشر من الهجرة حجّ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حجة الوداع ، وكان في تلك المدّة يفكر في مسألة الخلافة وهو يشعر بدنو أجله ورحيله عن الدنيا فكان يحاول تمهيد الأمور إلى خليفته ووصيه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
وطالما سمع الصحابةُ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو يقول :
" علي مع الحق و الحق مع علي " ، " أنا مدينة العلم و علي بابها " .
وكان جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم علياً.
فقد سمع الصحابةُ سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) يقول : " أيّها الناس أوصيكم بحب أخي و ابن عمي علي بن أبي طالب فإنّه لا يحبه إلاّ مؤمن و لا يبغضه إلاّ منافق ".
وفي 18 من ذي الحجة عندما عاد سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) من حجة الوداع ومعه أكثر من مئة ألف من المسلمين ، هبط جبريل يحمل أمر السماء .
|
|
|
|
|