|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 30997
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 64
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الأخ الراجي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بتاريخ : 28-04-2009 الساعة : 09:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين00
(لبيك يا رسول الله) التَّلْبِيَةُ هي الإجَابَة و الاسْتِجَابَة والطاعَة وهي هنا بِمَعْنَى:إجابَةً بعْد إجابةٍ لَك يا رسول الله،فهذا قِمَّةُ الطاعة للنبي صلى الله عليه وآله،والآن أسأل صاحبَ اللَّقَب: أَتَرَى نَفْسَك مُسْتَجِيبًا و مُطِيعًا للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله فيما تصنع؟!
كلا،لَسْتَ كذلك0
نعود إلى موضوعنا:
واقعة الغدير مِن كتـاب(الغدير)لِلشيخ الأميني(ج 1) - رواها عن أكثر مِن مَصْدَرٍ مِن مصادر العامَّة - :
واقعة الغدير
أَجْمَـــــــعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله الخروجَ إلى الحَــــــجِّ في سنة عشرٍ مِن مُهَاجرِه ، وأَذَّنَ في الناس بذلك ، فقَدِمَ المدينةَ خَلْقٌ كثيرٌ يَأْتَمُـون بهِ في حجَّتهِ تلك التي يُقـــــال عليها حجَّـة الوداع،وحجة الإسلام،وحجة البلاغ،وحجة الكمال،وحجة التمام،ولم يَحجَّ غيرَها مُنذ هَاجَرَ إلى أن توَفّاه اللهُ ، فخَرَج صلى الله عليه وآله مِن المدينةِ مُغتسِلاً مُتَدَهِّنًا مُتَرَجِّلاً مُتَجَرِّدًا في ثوْبَيْن صحَارِيَّيْن00إِزَارٍ ورِدَاءٍ ، وذلــك يوْم السبت،لِخَمْسِ ليَالٍ أو سِتٍّ بَقِينَ مِن ذي القعدة ، وأخْرَجَ معه نساءَه كلَّهـن في الهَوَادِج ، وسَارَ معه أهلُ بيْتهِ ، وعامَّةُ المهاجرين والأنصار ، ومَن شاء اللهُ مِــن قبــــــائل العرب وأفنـــاء الناس 0 وعند خُرُوجهِ صلى الله عليه وآله أَصَابَ الناسَ بالمدينةِ جُدَرِيٌّ ( بِضَمّ الجيم وفتح الدال وبفتحِهما ) أو حصْبَـــــــةٌ مَنَعَت كثيرًا مِن الناسِ مِن الحج معه صلى الله عليه وآله ، ومع ذلك كان معه جُمُــوعٌ لا يَعْلمُها إلا الله تعالى ، وقد يُقال : خرَجَ معه تسعون ألفًا ، ويُقال: مـائة ألفٍ وأربعة عشر ألفًا وقِيل: مائة ألفٍ وعشرون ألفًا ، وقِيل: مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفًا،ويقال أكثر مِن ذلك ، وهذه عِدَّة مَن خَرَجَ معه،وأمَّا الذين حَجُّوا معه فأكْثر مِن ذلك كـالمُقِيمِين بمَكَّة،والذين أَتَوْا مِن اليَمَن مع عَلِيٍّ ( أمير المؤمنين ) وأبي موسى0
أَصْبَح صلى الله عليه وآله يوْم الأحد بِـ(يَلَمْلَم)،ثم أراح فتعشى بِـ (شرف السيالة) وصَلَّى هناك المغربَ والعشاءَ،ثم صَلَّى الصبْحَ بِـ (عرق الظبيـة)، ثم نَزَلَ(الروحاء) ثم سَارَ مِن ( الروحاء ) فصَلَّى العصرَ بِـ ( المنصرف ) ، وصَلَّى المغـربَ والعشاءَ بِـ (المتعشى)وتَعَشّى به ، وصلَّى الصبْحَ بِـ (الأثابة)،وأصبَحَ يوم الثلاثاء بِـ(العرج) واحْتَجَمَ بِـ (لحى جمل) - وهو عقبة الجحفة - ونَزَلَ(السقياء)يوم الأربعاء،وأَصْبَحَ بِـ (الأبـواء) ، وصلَّى هناك ثم رَاحَ مِن (الأبواء)،ونَزَلَ يوْم الجمعة(الجحفة)،ومِنها إلى (قديد) وسَبتَ فيه ، وكان يوْم الأحد بِـ (عسفان) ، ثم سَارَ فلما كان بِـ (الغميم) اعْتَرَضَ المُشَاةُ فَصَفُّوا صُفوفًا،فشَكَوْا إليه المَشْيَ،فقال:[اسْتَعِينُوا باليسلان]- وهو مَشْيٌ سَريعٌ دُونَ العَدْوِ - ففَعَلُوا فوَجَــــــــدُوا لذلك رَاحَةً ، وكان يوْم الاثنين بِـ (مر الظهران)،فلم يَبْرَح حتى أَمْسَى ، وغَرُبَــت له الشمسُ بِـ (سرف) فلم يُصَلِّ المغربَ حتى دَخَلَ ( مَكّةَ )،ولمَّا انْتَهَى إلى (الثنيتين) بَاتَ بينهما،فدَخلَ(مكة)نهَارَ الثلاثاء0 فلمَّا قضَى مَناسِكَه وانْصَرَفَ رَاجِعًا إلى ( المدينة ) ومعَه مَن كان مِن الجُمُــــــــوع المَذكُورَاتِ و وَصَلَ إلى ( غَـــدِيرِ خُمٍّ) مِن الجحفة التي تَتَشَعَّبُ فيها طُرُق المَدَنِيِّين والمِصْريِّين والعِرَاقيّين ، و ذلك يوْم الخميس الثامِن عشر مِن ذي الحجة،نَزَلَ إِلَيْـهِ جبرئيلُ الأمينُ عن الله بقوله:
{يا أيها الرسول بَلِّغ مَا أُنْزِل إليك مِن ربِّك000الآية}وأَمَــــرَهُ أَنْ يُقِيمَ عَــــلِيًّا عَلَمًا
لِلناسِ ، ويُبَلِّغهم مَا نَزَلَ فِيه مِن الولاية وفَرْضِ الطاعَةِ على كلِّ أَحَدٍ ، وكان أَوَائِـلُ القوْم قريبًا مِن (الجحفة) فأَمَــرَ رسولُ الله أن يُرَدَّ مَن تَقَدَّم منهم ويُحْبَس مَن تَأَخَّرَ عنهـم في ذلك المكان،ونَهَى عن سمرات خمْسٍ مُتَقَارِبَاتٍ،دَوْحَاتٍ عِظَامٍ:أَنْ لا يَنْزلَ تحْتهنَّ أَحَدٌ،حتى إذا أَخَذَ القوْمُ مَنازلَهم،فَقُمَّ مَا تحْتهنَّ حتى إذا نُودِي بالصلاةِ صلاةِ الظهرِ عَمَدَ إِلَيْهِنَّ فصَلَّى بالناس تحْتهُنَّ ، وكان يوْمًا هَاجِــــرًا ، يَضَعُ الرَّجُلُ بعْضَ رِدَائه على رأْسهِ وبعْضَه تحْت قَدَمَيْهِ مِن شِدَّة الرَّمْضَاء ، وظُلِّلَ لِرســول الله بِثَوْبٍ على شَجَرَةٍ سمرة مِن الشمس ، فلمَّا انْصَرَف صلى الله عليه وآله مِن صـــلاته قَامَ خَطِيبًا وَسطَ القوْم ، على أَقْتَاب الإبل ، وَأَسْمَعَ الجميعَ ، رافِعًا عَقِيرَتَه فقال : [الحمـــــد لله ونستعينــــه ونؤمن به ، ونتوكـــــــل عليه ، ونعـــوذ بالله مِن شرور أنفسنــــــــــا ومن سيئـــــــات أعمالنا ، الذي لا هــــاديَ لِمَن أَضلَّ ، ولا مُضِلَّ لِمَن هدى ، وأشهـــد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد 00
أيُّهــــا الناس00قد نَبَّأَنِي اللطيفُ الخبيرُ أنه لَمْ يُعَمَّر نبيُّ إلا مِثْل نصْفِ عُمْرِ الذي قبله ، وإني أُوشَك أَنْ أُدْعَى فأجبت ، وإني مسؤولٌ وأنتم مسؤولــــون ، فمَاذا أنتم قائلون؟]
قالوا : نَشْهَد أنك قد بَلَّغتَ ونصَحْتَ وجهدت فجزاك اللهُ خيرًا ، قال :
[ أَلَسْتم تشهدون أن لا إله إلا الله ، و أن محمدًا عبده ورسوله ، وأن جنتَـــــه حقٌّ ونارَه حقٌّ وأنَّ الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعــــــث من في القبور؟] قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال :
[اللهم اشْهَد] ، ثم قال :
[أيها الناس00أَلا تَسْمَعُون؟] قالوا : نعم 0 قال :
[فإِنِّي فَرطٌ على الحوض ، وأنتم وَارِدُون عَلَيَّ الحــــوضَ ، وإنَّ عَرْضه مـــــا بين صنعاء وبصرى ، فِيه أقْدَاحٌ عَدَدَ النجوم ، مِن فضة ، فانْظُرُوا كيف تخلفـــوني في الثقلَيْن] ، فنادَى مُنادٍ : ومَا الثقلان يا رسول الله ؟ قال :
[الثقلُ الأكبر كتابُ الله ، طَرَفٌ بِيَدِ الله عز وجل و طَرَفٌ بِأَيْدِيكم ، فتَمَسَّكُــــوا به لا تضلوا ، والآخَرُ الأصغر عِتْرَتِـــي ، وإنَّ اللطيف الخبير نَبَّأَنِي أنهما لَنْ يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ ، فسألتُ ذلك لهما رَبِّي ، فلا تَقْدَمُـــوهُمَا فتَهْلَكُوا ، ولا تَقْصُرُوا عنهما فتَهْلَكُوا] ، ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فرَفَعَها حتى رُؤِيَ بَياضُ آبَاطِهما ، وعَرَفَه القوْمُ أَجْمَعُون ، فقال:
[ أيها الناس00مَنْ أَوْلَى الناس بالمؤمنين مِن أنفسهم ؟]
قالوا : اللهُ ورسولُه أَعْلَم ، قال :
[ إنَّ اللهَ مَوْلاي ، وأنا مَوْلَى المؤمنين ، وأَنَا أَوْلَى بهم مِن أَنفسِهم فمَن كنتُ مَوْلاه فعَلِيٌّ موْلاه ] ، يَقُولُها ثلاث مرّات ، وفي لَفْظِ أحْمد إمام الحنابلة : أرْبع مرات ، ثم قال: [اللهم وَالِ مَن وَالاه ، وعَادِ مَن عَادَاه ، وأَحِبَّ مَن أَحَبَّه ، وأَبْغِض مَن أَبْغَضَه وانْصُرْ مَن نصَرَه ، واخْذُلْ مَن خَذَلَه ، وأَدِر الحَـــــــــقَّ معــه حيْث دَارَ ، ألا فَلْيُبَلِّغ الشاهِدُ الغايبَ] ، ثم لمْ يَتَفَرَّقُوا حتَّى نَزَلَ أمينُ وحْيِ اللهِ بقوله : {اليوْم أكملـتُ لكم دِينَكم وأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي000الآية}0 فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:
[ اللهُ أكْبَر على إِكمال الدِّين ، وإتمام النعمة ، ورِضَى الرَّبِّ بِرِسَالتِي ، والولايــــــةِ لِعَلِيٍّ مِن بعدي] ، ثم طَفِقَ القوْمُ يُهَنِّئُون أميرَ المؤمنين صلوات الله عليه ، ومِمَّــن هَنَّأَهُ في مُقَدَّم الصحابة: الشَّيْخان أبو بكر وعمر ، كلٌّ يقول : بَخٍ بَخٍ لك يـا بن أبي طالب: أَصْبَحْتَ وأَمْسَيْتَ مَوْلاي ومَوْلى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ ، وقال ابنُ عباس : وَجَبَــــت واللهِ في أَعْنَـــاقِ القوْم ، فقال حسَّان : ائْذَنْ لِي يا رسول الله أَنْ أَقُولَ في عليٍّ أبياتًا تَسْمَعْهُنَّ ، فقال :
[ قُلْ على بَرَكَةِ الله ] ، فقامَ حسانُ فقال :
يا مَعْشَرَ مَشْيَــــخَةِ قريش00أُتْبِعُها قوْلي بِشهادةٍ مِن رسول الله في الولايةِ مَاضِيَةٍ ثم قال :
يُنَادِ بهم يوْمَ الغديرِ نبيُّهم * بِخُمٍّ ، فأَسْمِع بالرسول مُنادِيا000
العناية بحديث الغدير:
كان للمولى سبحانه مَزِيدُ عِنَايَةٍ بِإِشْهَـــارِ هذا الحديث ، لِتَتَدَاوَلَه الأَلْسُنُ وتَلُوكُه أَشْدَاقُ الرُّوَاة ، حتى يكون حُجَّة قائِمَةً لِحَامِيَةِ دِينهِ الإمـــــــامِ المُقْتَدَى صلوات الله عليه ، ولِذلك أَنْجَزَ الأَمْرَ بالتَّبْلِيغ في حِينِ مُزْدَحَمِ الجمــــــــاهير عند مُنْصَرَفِ نبيِّهِ صلى الله عليه وآله مِن الحج الأكبر ، فنَهَضَ بالدعْوَةِ وكَرَادِيسُ الناس وزُرَافاتُهـم مِن مُختلَفِ الديَار مُحْتَفَّةٌ بهِ ، فرَدَّ المُتقدِّمَ ، وجَعْجَعَ بالمُتأخِّر ، وأَسْمَعَ الجميــــــعَ وأَمَرَ بتَبْلِيغِ الشاهِدِ الغايبَ ، لِيَكُونُوا كلُّهم رُوَاةَ هذا الحديث ، و هم يَرْبُـــــون على مائةِ ألْفٍ ولم يَكْتَفِ سبحانه بذلك كلِّه حتى أَنْزَلَ في أَمْرهِ الآياتِ الكريمةَ تَتَلامَعُ مَرَّ الجَدِيدَيْن بُكْرَةً وعشيًّا ، لِيكُون المسلمـــون على ذِكْرٍ مِن هذه القضِيَّـــــــــة في كلِّ حِينٍ ، ولِيَعْرِفوا رُشْدَهم ، والمَرْجِعَ الذي يَجِب عليهم أنْ يَأْخُذُوا عنه مَعَالِمَ دِينِهم0 ولم يَزَلْ مِثْلُ هذه العِنَايَةِ لِنبيِّنا الأعظم صلى الله عليه وآله حيْث اسْتَنْفَرَ أُمَمَ الناس لِلْحَج في سَنَتهِ تلْك ، فالْتَحَقُوا به ثــبًّا ثــبًّا ، وكــراديسَ كــراديسَ ، وهو صلى الله عليه وآله يَعْلَم أنه سوْف يُبَلِّغهم في مُنْتهَى سَفَرِه نَبَأً عظيمًا ، يُقامُ به صَرْحُ الدِّين ويُشَادُ عَلالِيه ، وتَسُود بهِ أُمَّتُه الأُمَمَ ، ويَدُبُّ مُلْكُها بيْن المشــــرق والمغـرب ، لو عَقلَت صالِحَها ، وأَبْصَرَت طريقَ رُشْدِها، ولِهذه الغايَةِ بِعَيْنِها لم يَبْرَح أَئِمَّةُ الدِّين
سلام الله عليهم يَهْتُفُون بهذه الواقعة ، ويَحْتَجُّون بها لإِمَامَةِ سَلَفِهم الطَّاهِر ، كمَــا لم يَفْتَأ أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه بِنَفسِه يَحْتَجّ بِهَا طِيـــــلَةَ حياته الكريمـــــة ويَسْتَنْشِــــد السامِعِين لَها - مِن الصحابة الحضُورِ في حجَّة الوداع - في المُنْتَدَيَاتِ ومُجْتَمَعَاتِ لَفَائِفِ الناس ، كلُّ ذلك لِتَبْـــــقَى غَضَّةً طَرِيَّة ، بِالرّغمِ مِن تَعَاوُر الحِقَبِ والأعْوَامِ ، ولِذلك أَمَرُوا شِيعَتَهم بالتَّعَيُّدِ في يوْم الغدير والاجتماعِ وتَبَادُلِ التَّهَانِـــي والبَشَائِر ، إِعَادَةً لِجِدَّةِ هاتِيكَ الواقعة 000وأمَّا كُتُبُ الإمامية في الحديث والتفسير والتــــاريخ وعِـــــلْمِ الكَلامِ فضَعْ يَدَك على أَيٍّ منها تَجِدْه مُفْعَمًا بِإِثْبَاتِ قِصَّةِ الغدير والاحْتِجَــــــــاج بِمُؤَدَّاها ، فمِن مَسانِيـــــــــدَ عَنْعَنَتْـــــها الرُّواةُ إلى مُنْبَثَق أَنْــــوَار النبُوّة ، و(مِن) مَرَاسِيلَ أَرْسَلَها المُؤَلِّفُون إِرْسَالَ المُسَلَّم ، حَذَفُوا أَسَانِيدَها لِتَسَالُــم فِرَقِ المسلمين عليْها(الخ)0
وقال العلامةُ الأميني (قده) قبْل ذلك مباشرة:
أهمية الغدير في التاريخ:
لا يَسْتَرِيب أَيُّ ذِي مسكة فِي أنَّ شَرَفَ الشَّيْءِ بِشَرَفِ غَايَتهِ ، فعَلَيهِ إِنَّ أَوَّلَ مَــا تُكْسِبُه الغاياتُ أهميةً كبرى مَن مواضيع التاريخ هو مَا أُسِّسَ عليه دِينٌ ، أو جَرَت به نِحْلَةٌ ، واعْتَلَت عليه دَعَايمُ مَذهَبٍ ، فدَانَت بهِ أُمَمٌ ، وقامَت به دُوَلٌ ، وجَرَى بهِ ذِكْرٌ مع الأَبَد ، ولِذلك تَجِد أَئِمَّةَ التاريخ يَتَهالَكُون في ضَبْطِ مَبادِئ الأدْيان وتعاليمها وتَقْيِيدِ مَا يَتْبَعُها مِن دِعَايَاتٍ ، وحروبٍ ، وحكوماتٍ ، وولاياتٍ التي عليها نَسَلَـــت الحِقَبُ والأعْوَامُ ، و مَضَت القرونُ الخالية { سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْا ولَنْ تَجِـــــــد لِسُنةِ الله تبديــلاً } وإذا أَهْمَلَ المُؤَرِّخُ شيئًا مِن ذلك فقد أَوْجَدَ في صحيفته فراغًا لا تَسُدُّه أَيَّةُ مُهِمَّة ، وجَاءَ فيها بأَمْرٍ خَدَاجٍ ، بُتِرَ أَوَّلُه ، ولا يُعْلَم مَبْدَؤه ، وعســـى أن يُوجِب ذلك جهلاً للقارئ في مَصِير الأمْر ومُنتهاه 0 إنَّ واقعة ( غـــــدير خم ) هي مِن أَهَمِّ تلك القضايا ، لِمَا ابْتَنَى عليها وعلى كثيرٍ مِن الحجَج الدامِغَة ، مَذْهَــــــــبُ المُقْتَصِّين أَثَرَ آلِ الرسول صلوات الله عليه وعليهم ، وهم مَعْدُودون بالمـــــــلايين وفيهم العلــم والسؤدد ، والحكماء ، والعلماء ، والأماثل ، ونوابغ في علوم الأوايل والأواخر ، والملوك ، والساسة ، والأمراء ، والقادة ، والأدب الجم ، والفضـــــــل الكثار ، وكتب قيمة في كلِّ فنٍّ ، فإنْ يَكُن المُؤَرِّخُ منهم فمِن وَاجِبهِ أنْ يُفِيض علـى أُمَّتهِ نَبَأَ بدْءِ دعْوَتهِ ، وإنْ يكن مِن غيرهم فلا يَعْدُوه أنْ يَذكُرَها بَسِيطةً عندمــــــــا يَسْرِد تاريخَ أُمَّةٍ كبيرة كهذه ، أو يَشْفَعُها بِمَا يَرْتَئِيه حوْل القضيةِ مِن غَمِيزة فِــــي الدّلالَةِ ، إِنْ كان مَزِيجَ نفْسِه النزُولُ على حُكْم العاطفة ، ومَا هنالك مِن نَعَــــــــرَاتِ طائِفتِه ، على حِينِ أَنه لا يَتَسَنَّى له غَمْزٌ في سَنَدِها ، فإنَّ مَا نَاءَ بهِ نبيُّ الاســـلام يوْم الغدير مِن الدعوة إلى مَفَادِ حَدِيثهِ لم يَخْتَلِف فِيه اثنان ، وإن اخْتَلَفُوا في مُؤَدَّاه لأَغْرَاض وشَوَائِب غير خَافِيَة على النَّابهِ البَصِيرِ ، فذَكَـــــرَها مِن أَئِمَّةِ المُــؤَرِّخِين البلاذري المتوفى سنة ( 279 ) في (أنساب الأشراف) ، و ابن قتيبـــــــة المتوفى (276) في (المعارف) ، و(الإمامة والسياسة) ، والطبري المتوفى (310) فــــــي
كتابٍ مُفْرَدٍ ، وابن زولاق الليثي المصري المتوفى ( 287) في تأليفه ، والخطيـب البغدادي المتوفى ( 463 ) في تاريخه ، وابن عبد البر المتوفى ( 463) فـــــــــي (الاستيعاب ) ، والشهرستاني المتوفى (548) في (الملل والنحل) ، وابن عساكــر المتوفى (571) في تاريخه ، وياقوت الحموي في (معجم الأدباء) ج 18 ص 84 مِن الطبعة الأخيرة ، وابنُ الأثيـــــــر المتوفى (630) في (أسد الغابة) ، وابنُ أبي الحديد المتوفى (656) في (شرح نهج البلاغة) ، وابن خلكان المتوفى (681)في تاريخه ، واليافعي المتوفى (768) في (مرآة الجنان) ، وابنُ الشيخ البلوي فـــــي (ألف باء) ، وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في (البداية والنهاية) ، وابــــــــنُ خلدون المتوفى (808) في (مقدمة تاريخه) ، وشمسُ الدين الذهبـــــي في (تذكرة الحفــــــــاظ) ، والنويري المتوفى حدود (833) في (نهاية الإرب في فنون الأدب) وابنُ حجر العسقلاني المتوفى (852) في (الإصابة) و (تهذيب التهذيب) ، وابـــنُ الصباغ المالكي المتوفى(855) في (الفصول المهمة)،والمقريزي المتوفى(845) في (الخطط) ، وجلالُ الدين السيوطي المتوفى (910) في غيرِ واحدٍ مِن كتبـــــــهِ والقرماني الدمشقي المتوفى (1019) في (أخبار الدول) ، ونورُ الدين الحلبـــــــي المتوفى (1044) في (السيرة الحلبية) ، وغيرُهم0
وهذا الشأنُ في علْم التاريخ لا يَقِلّ عنه الشأْنُ في فنِّ الحديث ، فإنَّ المُحَدِّثَ إلــــى أيِّ شَطْرٍ وَلَّى وَجْهَه مِن فضَاءِ فنِّهِ الوَاسِع ، يَجِد عنده صِحَاحًا ومسانيدَ تُثْبِت هذه المَأْثَرَةَ لِوَلِيِّ أَمْرِ الدِّينِ عليه السلام ، ولم يَزَل الخَلَفُ يَتَلَقَّاه مِن سَلَفِهِ حتى يَنْتَهِــي الدَّوْرُ إلى جِيلِ الصحابةِ الوُعَاةِ لِلْخَبَر ، ويَجِد لها مع تَعَاقُبِ الطبَقَاتِ بَلَجًا ونُــــورًا يُذْهِب بالأَبْصار ، فإنْ أَغْفَلَ المُحدِّثُ عمَّا هذا شَأْنُه فقد بَخَسَ لِلأُمَّةِ حقًّا ، وحَرَمَها عن الكثير الطيِّب مِمَّا أَسْدَى إليها نبيُّها نبيُّ الرحمة مِن بِرِّهِ الواسع ، وهِدَايَتهِ لـها إلى الطريقةِ المُثْلَى ، فذكَرَها مِن أئمَّة الحديث إمامُ الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة (204) كمَا في (نهاية ابن الأثير) ، وإمامُ الحنابلــة أحمدُ بن حنبل المتوفى (241) في (مُسْنَدِه)و(مَنَاقِبِهِ)،وابنُ ماجة المتوفـى(273) في (سُنَنهِ) ، والترمذيُّ المتوفى (276) في (صحيحه)،والنسائيُّ المتوفى (303) في (الخَصَايص) ، وأبو يعلى الموصلي المتوفى (307) في (مسنده) ، والبغـــويُّ المتوفى (317) في (السنن) ، والدولابي المتوفى (320) في (الكنى والأسمـــاء) والطحاويُّ المتوفى (321) في (مشكل الآثار) ، والحاكمُ المتوفى (405) فــــــــي (المستدرك) ، وابنُ المغازلي الشافعي المتوفى (483) في (المناقب) ، وابنُ مـندة الأصبهاني المتوفى (512) بِعِدَّةِ طُرُقٍ في (تأليفه)،والخطيب الخوارزمي المتوفـى (568) في (المناقب) و (مقتل الإمام السبط عليه السلام) ، والكنجيُّ المتوفــــــــى (658) في (كفاية الطالب) ، ومحبُّ الدين الطبري المتوفى (694) في (الريــاض النضرة) ، و(ذخاير العقبى) ، والحمويني المتوفى (722) في (فرايد السمطيــــن) والهيثميُّ المتوفى (807) في (مجمع الزوايد) ، والذهبيُّ المتوفى (748) فـــــــي (التلخيص) ، والجزريُّ المتوفى (830) في (أسنى المطالب) ، وأبو العبــــــــــاس القسطلاني المتوفى (923) في(المواهب اللدنية)،والمتقي الهندي المتوفى(975)
في (كنز العمال) ، والهروي القاري المتوفى (1014) في (المـــــــــرقاة في شرح المشكاة) ، وتاجُ الدين المناوي المتوفى (1031) في (كنوز الحقايق في حـــــديث خير الخلايق) و (فيض القدير) ، والشيخاني القادري في (الصـــــــراط السوي في مناقب آل النبي) ، و با كثير المكي المتوفى (1047) في (وسيلة الآمال في مناقب الآل) ، وأبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى (1122) في (شرح المـــــــواهب) وابنُ حمزة الدمشقي الحنفي في (كتاب البيان والتعريف) ، وغيرُهم 0
كمَا أنَّ المُفَسِّر نُصْبَ عَيْنَيْهِ آيٌ مِن القرآن الكريم نازِلَةٌ في هذه المسألة يَرَى مِـــن واجبهِ الإِفاضَةَ بِمَا جاءَ في نُزُولِها وتفسِيرها ، ولا يَرْضَى لِنَفسِه أنْ يَكُون عمَلُـــه مَبْتُورًا ، وسَعْيُه مُخْدَجًا ، فذَكَرَها مِن أئمَّةِ التفسيرِ الطبـــــريُّ المتوفى (310) في (تفسيره) ، والثعلبيُّ المتوفى (427 / 437) في (تفسيره) ، والواحديُّ المتوفـــى (468) في (أسباب النزول) ، والقرطبيُّ المتوفى (567) في (تفسيره) ، وأبــــــو السعود في (تفسيره) ، والفخرُ الرازي المتوفى (606* في (تفسيره الكبير)،وابنُ كثير الشامي المتوفى (774) في(تفسيره)،والنيشابوري المتوفى في القرن الثامن في (تفسيره) ، وجلالُ الدين السيوطي في (تفسيره) ، والخطيبُ الشربينـــــــي في (تفسيره) ، والآلوسي البغدادي المتوفى (1270) في (تفسيره) ، وغيرُهم . والمُتَكَلِّمُ حين يُقِيم البراهينَ في كلِّ مسألةٍ مِن مسائل علْم الكلام ، إذا انْتَهَى بــــــهِ السَّيْرُ إلى مسألة (الإِمَامَة) فلا مُنْتَدَحَ ( مَفَرّ) له مِن التَّعرض لِحديثِ الغدير حُجَّـــةً على المُدَّعَى أو نَقْلاً لِحُجَّةِ الخَصْمِ ، وإنْ أَرْدَفَه بالمناقشةِ في الحِسَابِ عند الدِّلالَــةِ كالقاضي أبي بكر الباقلاني البصري المتوفى سنة (403) في (التمهيد)،والقاضـي عبدالرحمن الإيجي الشافعي المتوفى ( 756 ) في ( المواقف ) ، والسيد الشريـف الجرجاني المتوفى (816) في (شرح المواقف) ، والبيضاوي المتوفى (685) في (طوالع الأنوار) ، وشمس الدين الأصفهاني في (مطالع الأنظار) ، والتفتازانـــــــي المتوفى (792) في (شرح المقاصد) ، والقوشجي المولى علاء الدين المتوفــــــى (879) في (شرح التجريد) ، وهذا لَفْظُهم :
إنَّ النبي صلى الله عليه وآله قد جَمَعَ الناسَ يوْمَ ( غـــــــدير خم ) مَوْضِعٍ بيْن مَكّةَ والمدينة بِالْجُحْفَة ، وذلك بعْد رُجُوعهِ مِن حجة الوداع ، وكان يومًا صائفًا حتى أنَّ الرجلَ لَيَضَع رداءَه تحْت قدَمَيْه مِن شدة الحر ، وجَمَع الرجالَ ، وصَعَـــــــــد عليها وقال مخاطبًا :
[مَعَاشِرَ المسلمين00أَلَسْتُ أوْلى بكم مِن أنفسكم ؟]
قالوا : اللهم بلى ، قال :
[مَن كنتُ موْلاه فعليٌّ موْلاه ، اللهم والِ مَن وَالاه ، وعَاد مَن عَاداه ، وانْصُرْ مَـــن نَصَرَه ، واخْذُل مَن خَذَله] 0
ومِن المُتَكَلِّمِين القاضي النجم محمد الشافعي المتوفى (876) في (بديع المعانـــي)
وجلال الدين السيوطي في (أربعينه) ، ومفتي الشام حامد بن علي العمادي فــــــي (الصلاة الفاخرة بالأحاديث المتواترة) ، والآلوسي البغدادي المتوفى (1324) فـي (نثر اللئالي) ، وغيرهم 0
واللُّغَوِيُّ لا يَجِد مُنْتَدَحًا مِن الإِيعَاز ( الإشــارة ) إلى حديث الغدير عند إِفَاضَةِ القوْلِ في معنى (المولى) أو (الخم) أو (الغدير) أو (الولي)، كابن دريد محمد بن الحسن المتوفى (321) في (جمهرته) ج 1 ص 71 ، وابن الأثير في (النهاية)،والحموي في (معجم البلدان) في (خم) ، والزبيدي الحنفي في (تاج العروس) ، والنبهانـــــي في (المجموعة النبهانية) 0
قال ابنُ حجر القسطلاني في(فتح الباري شرح صحيح البخاري)ج 7 ص 61:
وأمَّا حديثُ [مَن كنتُ موْلاه فعليٌّ موْلاه ] فقد أَخْرَجَه الترمذيُّ والنسائيُّ وهو كثيرُ الطُّرُق جدًّا ، وقد اسْتَوْعَبَها ابنُ عقدة في كتابٍ مُفْرَدٍ ، وكثيرٌ مِن أَسانِيدِها صِحَاحٌ وحِسَانٌ 0 وقد رَوَيْنا عن الإمام أحمد (بن حنبل) قال: مَا بَلَغَنا عن أَحَدٍ مِن الصحابةِ مَا بَلَغَنا عن عليِّ بن أبي طالب0
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم والعن أعداءهم0
|
|
|
|
|