|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14474
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 411
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فطومة الحلوة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 11-04-2009 الساعة : 04:05 PM
الجزء الثامن عشر
أبواب وادي السلام
ألقيت ببصري إلى الأعلى . لا أثر للدخان والنيران , وكل ما في الأجواء نور ,كلما تقدمنا إلى الأمام كان يزداد توهجاً ، الأرض مستقيمة والخضرة واللطافة تشاهد في كل الأرجاء , الفرح سلب مني الاستقرار , حتى ((حسن)) فقد شاهدته مسرورا بحيث ام أه أبداً قد غرق بمثل هذا السرور والفرح قبل ذلك , ودون وعي مني تقدمت ((حسن)) وأخذت أواصل طريقي مهرولا.
ابتعدنا قليلاً عن باب الولاية فانشطر الطريق إلى ثمانية فروع , لم أعرف ماذا أصنع , وبأي اتجاه أسير , توقفت حتى وصل ((حسن)) فاستفسرت عن مصيري , وضع ((حسن)) يده على كتفه وقال : للجنة يوم القيامة ثمانية أبواب , واحدة للنبيين والصديقين وواحدة للشهداء والصالحين وواحدة للمسلمين ومن لم يضمروا العداء لآل البيت عليهم السلام , وخمسة أبواب للشيعة وأتباع أهل البيت - عليهم السلام , ووادي السلام صورة مصغرة للجنة ونفحة منها . ثم أشار إلى أحد الطرق وقال : هذا طريقنا عجل وتعال معي .
لم تتقدم شيئا فهب نسيم لطيف فعم الأجاء عطر دفعني لأن أقف وأتنسم عبيره دون وعي مني , نظرت إلى وجه ((حسن)) الجميل الباسم قد تسمر في وجهي , فسألته : ماالأمر؟ ولماذا تنظر إلي هكذا؟ أجابني مسرورا: هذا عطر الجنة قد هب من وادي السلام وهو دليل على اقترابنا من المقصد وعلي الذهاب الآن , فاختفت البسمة عن ملامحي فسألته مضطرباً: إلى أين تريد الذهاب؟ ألم يكن القرار أن نكون معاً إلى الأبد؟
فتبسم ((حسن)) وقال: لاتخف لن أفترق عنك أبداً ولكن لابد من أذهب أمامك إلى وادي السلام لكن أهيئ دار السلام التي خصصت لك .
فسألته مسروراً: وأين هي دار السلام؟
فأجاب: لكل مؤمن مستقر امن واستقرار في وادي السلام تسمى دار السلام .
عمر فؤادي بالفرح وتفتحت شفتاي عن بسمة غامرة , ثم سألته :ما الذي علي أن أصنعه بإنتظارك ؟
قال وهو يسير : واصل طريقك بتؤدة فإذا ما وصلت الباب ستجدني هناك .
سار (( حسن )) مسرعا وواصلت طريقي بنفس الإتجاه حتى لاحت أمامي من بعيد باب وادي السلام ضاعفت من سرعتي وكلما تقدمت إلى الأمام كنت أشاهد الباب تكبر أمامي , وشيئا فشيئا كانت تبدو بالأفق أشجار خضراء على جوانب الباب ,فقدت صبري فأخذت أسير راكضا , وفي تلك الأثناء شاهدت ملائكة يحلقون بإتجاهي فتوقفت إجلالا لهم , ولما أصبحوا فوق رأسي قالوا معا : السلام عليك أيها العبد الصالح , طوبى لك الجنة والسعادة , فرددت عليهم قائلا : الحمد لله الذي لم يحرمني الجنة .
ودعني الملائكة وذهبوا , عرفت أنني اقتربت من مقصدي أخذت أركض بسرعة حتى وجدت نفسي عند باب السعادة والرفاه أي وادي السلام .
... حفـــــل الإستقبـــــال ...
عندما وقع بصري على الأوضاع داخل وادي السلام بهت وتسمرت في مكاني وتملكتني الدهشة لرؤية تلك المناظر الجميلة التي لا يمكن تصديقها .
لم أدري كم قضيت وأنا على تلك الحال حتى شعرت أن هناك من يهز كتفي , فتحت عيني فإذا بي أشاهد وجه (( حسن )) الباسم , فأحسست بالراحة لرؤيته مرة ثانية إلى جانبي فاحتضنته , وفي تلك الأثناء همس (( حسن )) في أذني : لقد جاء بعض المؤمنين لإستقبالك , تأملت قليلا وإذا بزمرة من المؤمنين وقفوا أمامي مبتسمين , تركت (( حسن )) وتوجهت نحوهم بهدوء , ولما وصلت عندهم رحبوا بي جميعا وبدوري سلمت عليهم واحتضنتهم واحدا واحدا .
ثم سألني أحد المؤمنين عن أخيه , فقلت له : إنه لم يزل يزرع في مزرعة الدنيا , وسألني آخر عن أحد الأشخاص فأجبته : لقد رحل عن الدنيا قبل مجيئي إلى البرزخ بسنوات فأطرق السائل برأسه وقال : أعانه الله , فسألته بعجب : وما الذي حصل ؟
قال : إنه لم يأتي إلى هنا لحد الآن .
من ذلك فهمت أنه مازال ممتحنا في وسط الطريق أو استقر في وادي العذاب . ثم تقدم أحد المؤمنين نحوي مستفسرا عن أحد الطواغيت في الدنيا فأجبته : للأسف إنه لم يزل حيا يواصل طغيانه , فقال لي : لا تأسف إذ أن الله لا يمد الكافرين والظالمين خيرا لأنفسهم بل ليرتكبوا المزيد من الخطايا فينالهم العذاب الأليم في الآخرة .
انتهى حفل الإستقبال بعد أن أنست بهم ولم أشأ تفرقهم عني . وقد شعر (( حسن )) بما يدور في داخلي فقال لي : لا تقلق فإنك ستلتقي بهم وبسائر المؤمنين الذين يلتقون ببعضهم البعض بين فترة وأخرى , ومدة كل لقاء تتبع درجة الملاقي والملاقى , ثم سحبني من يدي وقال : هيا بنا فقد عددت لك مستقرك .
ونحن نسير كنت أشاهد أهل وادي السلام زرافات زرافات جاؤوا للقاء بعضهم البعض وقد تحلقوا حلقات حلقات فيتحادثون فيما بينهم تغمرهم الفرحة والسعادة والإبتسامة تعلو وجوههم .
يتبع..
|
|
|
|
|