|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 10716
|
الإنتساب : Oct 2007
|
المشاركات : 21,590
|
بمعدل : 3.39 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نور المستوحشين
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 06-04-2009 الساعة : 03:15 AM
الارتباك ظاهرا على حركات "هدى" و هي تستعد للمدرسة ، لم تزعج أخويها كي ينهضوا من النوم ، بل اكتفت بطرق الباب لمرة واحدة ، خرجت من المنزل على أنغام المنبه الذي يهدر في غرفة "حسن" و "حسين" ، كانت تمشي إلى المدرسة و الاحتمالات تتماثل أمامها لتسليها في الطريق ، ماذا لو كان حديث البارحة يمحيه الصباح ، كيف لو تقبلت "عبير" فعلا الصلح ، ربما تتقرب مني كما ادعت ، كيف سأتصرف حينها ، الاستفهامات تتوسع لترسم مستقبلا كاملا ثم يتكسر أمامها تحت وطأة استفهامات و توقعات معاكسة ، وصلت إلى المدرسة ، كانت الأنظار تتوجه إليها بشفقة ، تحاشت النظر في أعين الطالبات ، اتجهت إلى حيث تلتقي بـ "أمل" عند رصيف الزعتر ، لم تكن "أمل" موجودة ، كانت خمس دقائق قبل صفير الصافرة ، وقفت تراقب جهة الباب ، بين اللحظة و اللحظة تدخل الطالبات و تضيق الساحة ، دخلت "عبير" فاعتلت التحايا من بعض الطالبات
- أهلا "عبير"...
- أهلا "زعيم"...
- أهلا "عبير"..
على غير العادة ، لم تكن "عبير" تبادلهن التحايا بنفس الحماس ، كانت تتجه إلى صفها مباشرة ، وقفت أمام طالبة النظام ، أرادت أن تنطق لكن طالبة النظام عاجلتها:
- أهلا "عبير"... تفضلي...
دخلت الزقاق الموصل للفصل ، كانت "هدى" تراقبها من بعد و صدرها يرتفع و ينخفض كمن يخشى أمرا ما يكاد يحصل ، هدأت عندما شاهدت "عبير" تدخل الفصل ، عادت لتراقب الباب ، لم يبق إلا دقيقة عن الجرس ، لا أثر "لأمل" ، أحست باليأس ، لا يجب أن تغيب "أمل" في هذا اليوم بالذات ، الوحشة تعصف بها ، رن الجرس فتحركت ببطء صوب الطابور ، ظهرت "أمل" من جهة الباب أخيرا ، وقفت "هدى" مكانها تنتظر قدوم "أمل" إليها ، سألتها بلهفة:
- لماذا تأخرت؟... خشيتُ أن تتغيبي لتتركيني وحيدة أواجه "عبير"...
- ألم تقولي أنها اعتذرت؟
- بلى...
- إذاً ، اطمئني.. لن تؤذيك..
- لا تنسي أن تأتي إلي الفصل وقت الفسحة..
- إن شاء الله...
- إلى اللقاء
- إلى اللقاء
بعد خمس دقائق من بداية الحصة الأولى تم استدعاء "هدى" من قبل الإدارة ، نهضت "هدى" من مقعدها و هي وجلة تترقب المجهول ، هبطت تقدم رجل و تسحب أخرى ، كانت "عبير" تجلس على الكرسي ، و تنظر إلى الأرض و تحرك رجلها اليمنى بتوتر ، كانت المشرفة صامتة ، تقبع في كرسيها كمن يجهز لحدث ما ، طرقت "هدى" الباب المفتوح ، رفعت المشرفة و "عبير" رأسيهما ، أومأت المشرفة لـ"هدى" بالدخول ، وقفت "عبير" بارتباك ، مدت يدها إلى "هدى" ، صافحتها "هدى" ، قالت "عبير" بتردد:
- كيف الأحوال..
- أهلا وسهلا يا "عبير"...
و عاد الصمت ، لم تلبث المشرفة أن بددته:
- هل انتهت المشكلة يا "هدى"؟؟
- نعم يا معلمة...
- هل انتهت يا عبير؟؟
- بالتأكيد معلمة...
- لا أريد أن أركما هنا في المستقبل...
قالت "عبير":
- اطمئني يا معلمة... فقد أصبحنا صديقتين ، أليس كذلك يا "هدى"؟
- بلى...
أعطت المشرفة ورقة و قلم لكل من "عبير" و "هدى" و قالت :
- اكتبا...
"نتعهد نحن الطالبتان "عبير... " و "هدى... " بأن نصبح صديقتين ، و أن نترك الشجار بيننا ، و أن نلتزم بقوانين المدرسة ، و على ذلك نوقع"
وقعت كل من "عبير" و "هدى" على الورقتين و سلمتاهما للمشرفة ثم مدّت "عبير" يدها و أمسكت بيد "هدى" و خرجتا متشابكتي الأيدي ، أوصلت "عبير" "هدى" إلى فصلها و قبل أن تتركها طلبت منها أن تراها في الفسحة ، فقبلت "هدى" بعد تردد ، ثم تركتها و دخلت الصف...
عندما خرجت "عبير" بصحبة "هدى" و "أمل" في الفسحة ، كان الهمس بين الطالبات قد كثر ، لم تتجرأ سوى "سهى" على مواجهة "عبير" ، طلبت "سهى" من "عبير" أن تحدثها على انفراد و عندما أصبحتا منفردتين ، سألتها:
- أراكِ تمشين مع العدو...
- أي عدو؟
- "هدى" و صاحبتها...
- هما الآن صديقتان...
- أين عقلكِ..
- أنا عقلي في رأسي ، لكن يبدو أن بعض العقول مفقودة...
- ليكن في علمكِ أننا من صنعناكِ و جعلناكِ زعيما ، أما إذا قررتِ أن تصحبي هؤلاء فسنضعكِ معهن في القائمة السوداء...
- لقد خفت ، أنقذوني ، أنا على فكرة نسيت قصة الزعيم هذه ، و إذا أردتِ أن تصبحي الزعيم فهنيئا مريئا...
- سنرى يا "عبير"...
- و ماذا ستصنعين؟
- لا شيء...
وعادت "عبير" إلى "هدى" و "أمل" و أكملن تفسحهن و لأول مرة اشترت "عبير" شطيرة زعتر رغبة منها في محاباة صديقتها الجديدة "هدى"...
|
|
|
|
|