الموضوع: رصيف الزعتر ...
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.39 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 26  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-04-2009 الساعة : 03:09 AM


الصراخ يعتلي في بيت "أبو حسن" ، أصوات أقداح تتناثر ، أم تتوعد و بنت تسترحم و تتعطف ، دخل "حسن" المنزل بخطوات حذرة ، كانت "أم حسن" تعتلي "هدى" ممسكة بيدها اليسرى شعرها و بكفها اليمنى قلم القدو ، و هي تصرخ:

- أين كنتِ حتى هذا الوقت؟؟ بنات المدارس قد عادوا إلى منازلهن و جلسن مع أهلهن، و أنتِ أين ذهبتِ؟؟
- قسما بالله لقد كنتُ في المدرسة ، لم أذهب أي مكانٍ آخر.
- أي مديرة تبقى في المدرسة إلى هذا الوقت ؟ اعترفي قبل أن أدخل النار بسببك... أخبريني أين كنتِ.
- أين سأكون! أقسمتُ لكِ بالله أنني كنتُ في المدرسة ، لقد احتجزتنا المديرة ، اسألي "أمل".
- هيا! اتصلي إلى أمل قبل أن أقضي عليكِ
- دعيني كي أتصل..
- اتصلي قبل أن أقبرك الساعة..

ساد الهدوء في المنزل ، الأم تترقب و "هدى" تطلق الآهات، و تجري الدموع و تمسك سماعة الهاتف ، "حسن" مشلول الحركة لا يدري ما يعمل ، نهبت "أم حسن" السماعة من يد "هدى":

- ألو..
- ...
- أهلا... كيف حالكِ يا"أمل"؟
- ...
- أين ذهبت "هدى" بعد الانتهاء من الدراسة؟
- ...
- إذا كلامها صحيح ، لماذا لم تأتِ لتخبريني ، كنتُ أضرب أخماسا بأسداس..
- ...
- لا... لقد وصلت للتو..
- ...
- شكرا يا "أمل" ، مع السلامة.

************

كان الوضع هادئا في منزل "عبير" ، تجلس أم "عبد الله" تتابع برنامجا ثقافيا في راحة بال تامة ، ترتمي "عبير" منفجرة في بكاء الفاقدين ، تفزع الأم تكيل للمعلمات الظنون ، تحتظن ابنتها:

- أي معلمة هذه المرة التي تعرضت لكِ؟ لابد أن أذهب للمديرة يوم السبت و أوقفهن جميعا عند حدودهن...
- لا.. يا أماه ، المعلمات لم يفعلن شيء.
- إذاً ، مالأمر؟
- ابنة الفلاحين.. "هدى"
- هؤلاء البنات تربية شوارع ، و لابد أن يتجبرن عليكن ، ينبغي فصلهن عنكن ، سوف أذهب يوم السبت و أعلمها الأدب.
- لا يا أمي ، أرجوكِ لا تذهبي.
- ماذا يخيفكِ ؟ إن لم أوقفها هذه المرة فسوف تتمادى..
- لا يا أمي ، أرجوكِ أن لا تذهبي ، رجاء...
- يبدو أنكِ المخطئة ، ألم أطلب منكِ تجنب المشاكل؟ كيف أواجه المديرة بعد أن وعدتها بالتزامك...
- لا يا أمي ، لقد تم حل المشكلة ، لكن الحل لم يعجبني...
- و ماهو الحل؟
- أن نسامح بعضنا البعض يوم السبت ، أو سوف تعاقبنا الإدارة بالفصل.
- و لمَ لم يعجبك الحل؟
- ماذا تقولين؟ أتطلبين مني أن أسامح هذه الفلاحة؟
- أ لستِ المخطئة؟
- لكني لا أتأسف.

دخل "عبد الله" المنزل ليرى أخته في حجر أمه في حالة شكوى ، استمع إلى المشكلة ، تأكد من اسم "هدى" ، سأل أخته:

-أمتأكدة أنها "هدى علي"
- كما أنا متأكدة من أنك "عبد الله"
- أين منزلها؟
- في حي الوسادة

تمتم:
- و "حسن" اسمه "حسن علي " من الوسادة...
- ماذا تقول؟
- أقول هلمي معي..
- أين؟
- أنا أعرف عائلة "هدى" ، وهم أناس محترمون و أستطيع أن أحل المشكلة.
- أ تعرفهم، أنت؟ أنت تعرف قرويين؟
- أنا أعرف أخاها ، إنه معي في الجامعة.
- لابد أن يكون قبيح و ثيابه مهملة.
- احترمي حالك
- إن شاء الله
- هيا ، سوف أحل المشكلة

********
تحول الصراخ في بيت "أم حسن" إلى درس من المواعظ و الحكم من قبل "أم حسن" التي تكرر خطبتها و تضيف فيها ، كانت "هدى" مشحونة بعواطف ملتهبة تكاد تكفيها لقضاء يوم كامل من البكاء ، أما "حسن" فقد وجد نفسه مجبورا على البقاء و الاستماع لحديث أمه ، و "حسين" الذي استغل ثورة أمه ، و دخل غرفته و تمدد ينصت للعاصفة ، تنهدت "أم حسن" :

- إنّ أباكم يطلب رزقه ، و لا يعلم عنكم شيئا ، و لو يحدث أمرا سيئا أصبح أنا المسؤولة ، و أنا امرأة ضعيفة ، لا أقدر على فعل شيء ، و الزمن مخيف ، هنا بنت مخطوفة ، و هناك أخرى هاربة مع عشيقها ، و أبناء الحرام يملؤن المكان ،ألم تسمعوا بقصة الذين أخذا طفلة يوم العيد الفائت ؟ ألم يعصفوا بأهل الطفلة المسكينة؟ ألم يقلبوا عيدهم إلى مأتم؟ الولد هذه الأيام يخشى عليه فكيف البنت ، و أنا مهما يكن أم ، و لابد أن أخاف ، ماذا تطلب الأم من الدنيا سوى سعادة أولادها و بناتها ، غذا إن شاء الله يأتيكِ ابن الحلال الذي يسعدكِ و تعرفي معنى التربية...

كان الباب قد طرق فانقطعت المواعظ ترقبا لمن يقف على الباب ، خرج "حسن" ليجد شاب يبدو له مألوفا بعض الشيء ، كان يتحرك أمام الباب ذهابا و إيابا في ارتباك واضح ، هتف "حسن":

-أهلا..
رفع الشاب رأسه ، كان يحاول أن يدفع الكلام من فمه:
-أهلا..
- خيرا ، من تريد؟؟
- أنا "صالح" زميلك في الجامعة و هذا "سعيد".
- شعرتُ أنكما مألوفين، خيرا إن شاء الله..
- بالصراحة..
-...
- نحن نعلم أنك صاحب المرحوم
- الله يرحمه..
- و كنا نحاول أن نعزيك في الجامعة لكن خشينا أن لا تتقبل...
- على العكس ، ولماذا لا أتقبل؟
- على كلٍ ، الله يرحمه و عظم الله أجرك..
- و إن أتت متأخرة، لكن أطال الله عمريكما و حرس شبابكما
- كنتَ تذهب إلى الجامعة و تعود منها بصحبته ،أليس كذلك؟
- بلى..
- ماذا بعد موته يرحمه الله؟
- أنا؟؟ أذهب مع صديق يدرس في السنة الثالثة تخصص
- طيب ، لماذا لا تذهب و تعود معنا عوضا عن تأخير الرجال و انتظاره.
- شكرا ، لكني لا أعرفك ، قصدي لم أعرفك إلا للتو..

كانت سيارة "عبدالله" قد مرَت أمامهما ثم توقفت إلى جانب الطريق ، عندما ترجل "عبد الله" من السيارة ، هتف "حسن" بحماسة:

- المؤمن عند ذكره..
- خيرا إن شاء الله..
- لقد كان "صالح" يسألني عمن أذهب معه إلى الجامعة ، فأخبرته أنني أذهب معك ، نسيتُ أن أعرفك ، "صالح" و "سعيد" معي في السنة التحضيرية ،و "عبد الله" سنة ثالثة تخصص هندسة كهربائية..

كان حياء أول لقاء يشل حركة "صالح"و "سعيد" الذي كان يقف صامتا طول الوقت ، أما "عبد الله" فقال:

- إذاً ، ستذهب معي إلى الجامعة و ستعود معهما ، إذ يقارب وقتك و قت انتهائهما...
- إذا كان هذا رأيك فلا مانع

تحرر "صالح" قليلا..
- رأي جيد.

ثم التفت "عبد الله" إلى "حسن" وقال:

- أريدك في أمر خاص

نظر "حسن" إلى "صالح" بحرج ، فتدارك "صالح" الأمر:

- أراك يوم السبت في البوفيه ، مع السلامة..
- مع السلامة ، وشكرا لمساعدتك
- هذا واجب...

عندما أصبح "حسن" مع "عبد الله" وحيدين ، بدت علائم الارتباك في محيا "عبدالله" ، فتساءل "حسن":

- خيرا إن شاء الله ، مالأمر؟؟
- خيرا إن شاء الله ، لكن بين أختي وأختك نشب خلاف
- إذا هي أختك التي...
- نعم ، و أمي وأختي في السيارة و هماآتيتان ليتفاهما، و إن شاء الله تنتهي المشكلة..
- أمك و أختك في السيارة و نحن نتحدث؟؟ لماذا لم تخبرني كي أدخلهما المنزل...
- ....
- تفضلوا ، و إن كان المنزل ليس في المقام ، عن إذنك أخبر أمي...
- إذنك معك..


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...
رد مع اقتباس