الموضوع: ما وراء الموت
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 18  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-03-2009 الساعة : 02:40 PM


... الجـــــزء الثانـــــي عشـــــر ...

... نيـــــران الحســـــرة ...

لشدة ما انتابتني من حسرة وغم جلست وأخذت أحدث نفسي : أية درجة ومنزلة هذه منذ مدة وأنا أدور في هذه الصحراء وواجهت الكثير من العوائق والمصاعب ولازلت لم أصل بعد إلى نتيجة .
لكن هؤلاء بلغوا مقصدهم بهذه السرعة , فحقا طوبى لأولئك مضوا شهداء .
سالت الدموع على وجنتي وبلغت روحي حنجرتي .
بكيت وبكيت بصوت عال حتى أخرجت ما في فؤادي من عقد الدنيا ... لكن الحسرة والغبطة لموكب الشهداء بقيت في قلبي , وهل يمحوها البكاء ؟
جاءني (( حسن )) بهدوء وأخذ يهدئ من روعي ويشجعني على مواصلة الطريق الذي كان طويلا مضنيا .

رغم قطعنا لمسافة طويلة من الطريق لكن لم تلح في الأفق نهاية الصحراء .
وعلى بعد رأيت عمودا أسودا ما بين عمق الأرض والسماء يتصل بنيران السماء ودخانها وهو يتحرك , ولما اقترب ظهر أنه يشبه الغبار يدور حول نفسه , ولما رأيته التصقت بـ(( حسن )) ولفني الرعب والهلع فسألته : ما هذا العمود ؟
قال : إنه غبار الشهوات يدور حول نفسه بسرعة مذهلة .
قلت له مضطربا : وما العمل في هذه الحالة ؟ فالغبار يتجه نحونا بسرعة لا توصف وهو يلف كل ما يحيط به .
قال (( حسن )): أحط بيديك حول ظهري , وانتبه لئلا يفصلك الغبار عني .
أخذ الغبار يقترب منا شيئا فشيئا بصوت المرعب , وأخذ اضطرابي يزداد ويزداد حتى أصبح الجو مظلما خلال طرفة عين .
لقد أحاط بنا الغبار وحاول لفنا إليه غير أن (( حسن )) قد التصق بالأرض كالطود , وقد استطعت السيطرة على نفسي بصعوبة بالغة في حين قبضت بيدي على ظهر (( حسن )).
كنت بين الحين والآخر أسمع صوت (( حسن )) وسط ضجيج الغبار وهو ينادي : انتبه لا يفرقك الغبار عني !
كانت لحظات غاية في الصعوبة وكنت أخشى أن يفرقني الغبار عن (( حسن )) لقد وهنت يداي وتثاقلت أذناي فلم أعد أسمع صوت (( حسن )).
وفجأة فلتت يداي عن (( حسن )) وبطرفة عين ابتعدت عن (( حسن )) عدة كيلومترات وألقى بي نحو الأعلى .
كان الغبار يدور ولشدة الضجيج وارتفاع درجات الحرارة فقدت الوعي , ولما فتحت عيني شاهدت الشبح الأسود الموحش للذنب واقفا فوق رأسي وكانت رائحته الكريهة تؤذيني فنهضت بسرعة وحينما حاولت الهرب قبض على يدي بقوة وجذبني نحوه وقال : إلى أين أيها الصديق عديم الوفاء ؟ أتفضل مرافقة (( حسن )) على مرافقتي ؟ في حين أنك اخترتني رفيقا في الدنيا .
نظرت إلى وجه الذنب نظرة سريعة فلمست أن هيكله قد صغر قليلا .
ودون أن أنتبه إلى كلامه سألته : ما الخبر , فقد أصبحت ضعيفا ونحيفا ؟
قال منزعجا : كل ما أتجرعه هو بسبب (( حسن )).
فسألته متعجبا : بسبب (( حسن ))؟
قال : نعم , فلقد فرقك عني ليؤذيك قليلا من خلال مرورك من طرق معقدة وصعبة .
قلت : حسنا , وما علاقة أذيتي بضعفك ؟ فأجاب منزعجا : كلما يزداد عذابك يصيبني الضعف أكثر فأكثر وتذوب لحوم بدني وإذا ما وصلت إلى وادي السلام لن يبقى لي أثر , ثم عظ على نواجذه وقال : الآن الدور لي فلابد أن ترافقني .

... إلـــــى النـــــار ...
وأنا أرتعش من شدة الخوف والرهبة , سألته : إلى أين ؟ فأشار الذنب إلى جبل إلى يساره وقال : خلف هذا الجبل هنالك وادي جميل أود أن تبقى فيه إلى يوم القيامة .
كنت أعلم أن لا جدوى من العناد واللف والدوران , فسرت في الطريق الذي أشار إليه , فتقدم هو مسرورا عجولا وبين الحين والآخر يلتفت ويشجعني على مواصلة الطريق .
وبالرغم من أنني لم أرى خيرا من الذنب وبشاراته المتكررة وسروره الغير مبرر حفزني على الإستمرار في المسير .
أخذت أفكر مع نفسي عسى أن ألتقي بـ(( حسن )) خلف الجبل , ولعل وادي السلام يقع خلف الجبل وأن الغبار قد أدناني منه , ولكن هل يمكن الوصول إلى وادي السلام بدون (( حسن ))؟
قطعنا منتصف الجبل فتناهت إلى مسامعي أصوات نحيب , فواصلت الطريق دون أن أكترث لها , وكلما اقتربنا من قمة الجبل يزداد صوت النحيب حتى استحوذ علي الحوف والرعب فتوقفت وقلت للذنب : ما هذه الأصوات التي أسمعها , فأجاب الذنب مضطربا : أية أصوات ؟
قلت : هذه الأصوات والصرخات التي تصدر من خلف هذا الجبل فتقطع فؤادي .
قال الذنب : إنني لا أسمع صوتا لعلها هلاهل وأفراح أهالي تلك المنطقة المنعمين .
فقلت له : إنني أسمع أصواتا وصرخات أشبه ما تكون بالصياح والعويل .
فقال الذنب : قلت لك إنني لا أسمع صوتا فلا تضيع الوقت بلا داعي , واصل الطريق بسرعة فالوقت ضيق والطريق طويل .
هنا فهمت أن الذنب يخفي شيئا وهو يتظاهر بعدم السماع , ولم يكن هنالك من مناص فلقد أبعدني الغبار عن (( حسن )) وأصبحت الآن أسيرا بيد الذنب , يا ليتني لم أترك (( حسن )) لكن الغبار كان من القوة بحيث أبعدني عنه .
كنت أسير خلف الذنب بين طيات الجبل يعتريني الشك والتردد وإذا بي أسمع صوت (( حسن )) وهو يصيح بي : قف جانبا , ففعلت وإذا بصخرة كبيرة تسقط على رأس الذنب ألقت به في قعر الوادي .
عندما شاهدت (( حسن )) مقبلا علي من أعلى الجبل واحتضنني , سررت لرؤية ذلك الوجه الجميل والعطر الفواح ووضعت رأسي على كتفه وأخذت أبكي .
قال لي (( حسن )) وهو يمسح دموعي والبسمة ترتسم على شفتيه : ماذا تفعل هنا يا صديقي ؟ أتدري أين أنت الآن ؟
قلت : كلا , فهز (( حسن )) رأسه وقال : إنك على شفا وادي العذاب , لقد سمعت بإسم هذا الوادي سابقا من (( حسن )) لكنني لم أصدق أبدا أنني سأقترب من هذا الواد الخطير , طلبت من (( حسن )) أن يحدثني عن هذا الوادي فاستجاب لي وقال : إنه مستقر الذين يعجزون عن العبور من برهوت ولن تكون لهم القدرة على العبور من الصراط يوم القيامة وبالتالي فإنهم سيسقطون في قعر جهنم , وهنا تلفحهم نفحة من نيران جهنم , أما في القيامة فإنهم سيستقرون فيها .
لقد أرعبني اسم وادي العذاب ووقوفي على شفيره , وبعد أن هون (( حسن )) من روعي دعاني للإستراحة قليلا لرفع التعب .


أحبتي الأعضاء نظرا لطول الجزء الثاني عشر قررت أن أجعله قسمين ولقد كتبت القسم الأول الآن وإن شاء الله سوف أكتب لكم القسم الثاني غدا



من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة
رد مع اقتباس