الموضوع: ما وراء الموت
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-03-2009 الساعة : 02:37 PM


... الجـــــزء الحـــــادي عشـــــر ...


... التوبـــــة ...

وبعد صمت واصل (( حسن )): لقد كان هذا الطريق مقدر لك سلفا لكن جرى استثناؤه وذلك لتوبتك , رغم محاولات الذنب في إعادتك إلى ذلك الطريق .
قلت : لقد كانت توبتي من الذنوب الكثيرة التي ارتكبتها صغيرها وكبيرها . قال : إنه طريق رهيب للغاية كان عليك قطعه لولا توبتك وهو بالإضافة إلى طوله ومنعطفاته ومعابره الضيقة والمظلمة , فإنك لا تأمن ما فيه من حيوانات وحشية , ثم أخذ (( حسن )) بيدي وقال : هيا بنا نعود إلى طريقنا السابق .
قطعنا ما تبقى من الطريق حتى وصلنا مكانا فسيحا يشبه المستنقع ولما وضعت قدمي بركت فيه حتى الركبة . وكان (( حسن )) يسير بسهولة , فلما رآني تراجع إلى الخلف وطلب مني أن أمسك بيدي على رقبته ليعينني . غطست في المستنقع حتى فمي ولم تعد لدي إمكانية الصراخ وطلب المعونة , وإذا بذلك الملك يطل علينا وناول (( حسن )) حبلا وقال له : هذا الحبل كان هو قد أرسله سلفا فأعنه كي يتخلص . ذهب الملك وألقى (( حسن )) بالحبل إلي فاستطعت الإمساك بالحبل والتخلص من تلك الهلكة , ولما تجاوزنا المستنقع سألت (( حسن )): ما هو مراد الملك من القول : هذا الحبل كان هو قد أرسله ؟
قال (( حسن )): لو أنك تتذكر , قبل عشر سنوات من موتك قمت بتشييد مدرسة يتعلم فيها الأطفال الآن , فخيراتها هي التي أدت إلى خلاصك من هذه المحنة وحضرت عندك لتنقذك .
أيدت ما قاله (( حسن )) ثم قلت متبخترا : قبل خمس سنوات قمت بتشييد مسجد , فأين أصبحت خيراته ؟ ابتسم (( حسن )) وقال : بما أن بناءك للمسجد كان رياء , من أجل الشهرة وليس في سبيل الله فإنك قد تلقيت الأجر من الناس . قلت : وأي أجر ؟
قال : المدح والثناء من قبل الناس , تذكر ما كان يدور في قلبك حينما كان يمدحك الناس , لقد كنت تقدم رضاهم على رضا ربك , واعلم أن الله إنما يتقبل الأعمال التي تؤدى لأجله وحسب .
استحوذت علي حالة من الحسرة والندامة من ناحية , ومن ناحية أخرى شعرت بالخجل وأخذت بتوبيخ نفسي , أرأيت كيف ضيعت أعمالك بالرياء وحب الذات في حين كان باستطاعتها إغاثتك في مثل هذا اليوم ؟.

... موكـــــب الشهـــــداء ...

(( طوبى لأولئك الذين مضوا شهداء فلا تفكروا بمنزلتهم فإن أفكاركم قاصرة عن بلوغ ذلك , بل فكروا بطريقهم وهدفهم ))


واصلنا سيرنا في وسط صحراء مترامية الأطراف , ولم تخف حرارة الجو أبدا , واستولى علي الإرهاق ولم تبقى في قدرة على مواصلة الطريق .
في تلك الأثناء سمعت أصواتا فأدرت برأسي نحو يمين الصحراء , فشاهدت منظرا مثيرا , إذ رأيت مجموعة من الناس قد اخترقت الصحراء ومضت بسرعة فائقة ولم يخلفوا وراءهم سوى الغبار , فتوقفت متعجبا وأخذت أنظر إلى الغبار المتطاير , ثم حركني (( حسن )) فانتبهت على نفسي , وأردت أن أسأله فسبقني (( حسن )) وقال : هل شاهدت المنظر ؟, قلت : ومن هؤلاء ؟
قال : هؤلاء زمرة من الشهداء .
قلت مذهولا : الشهداء ؟
قال : نعم الشهداء .
قلت : وأين يريدون ؟
قال : وادي السلام .
فأدرت برأسي نحو (( حسن )) متعجبا وقلت وادي السلام !
قال : نعم وادي السلام .
قلت : لقد ذللنا هذه المسافة الطويلة بما فيها من مشقات ومحن كي نسعد يوما بالوصول لوادي السلام , وها أنت تقول أن هؤلاء يتوجهون نحو وادي السلام بهذه السرعة , فهل هنالك فارق بيننا وبينهم ؟
فطبعت ابتسامة على وجه (( حسن )) وقال : بينك وبينهم فرق بين السماء والأرض ثم واصل كلامه : لقد عبدت الله في الدنيا على عجل فعليك الآن أن تقطع الطريق بمشقة وصعوبة , أين أنت من الشهداء فالشهيد تغفر ذنوبه بمجرد أن تسقط أول قطرة من دمه على الأرض وتذلل له الطرق .
وفي يوم القيامة أيضا أول من يدخل الجنة الشهداء , فإنهم قطعوا طريق مائة عام في ليلة واحدة , وها هم اليوم يقطعون وادي برهوت في طرفة عين .
فغبطت الشهداء على منزلتهم وأخذت أردد : طوبى لهم حسن مآب .


تابع..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة
رد مع اقتباس