الموضوع: ما وراء الموت
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 02:45 PM


... الجـــــزء التـــــاسع ...

... وادي سحـــــيق ...

اتخذ (( حسن )) طريقه من أعلى القمم وأحيانا بين أودية صغيرة وطويلة حتى وجدت نفسي على شفا واد سحيق وعظيم .
سألت (( حسن )): هل علينا العبور من هذا الوادي ؟
قال : نعم . وإن عبوره يستغرق وقتا طويلا فعليك الإسراع .
نظرت إلى قعر الوادي مرعوبا , لقد كان عميقا بحيث لا يرى قعره , عدت إلى (( حسن )) وقلت له : وهل حقا لا يوجد طريق آخر أكثر أمانا من هذا الوادي ؟!
مسح (( حسن )) على رأسي بيده وقال : طرق العبور في هذا الوادي كثيرة , ولكن لكل معبره الذي لابد أن يجتازه .
قلت منزعجا : وهل هذا استحقاقي في أن أعبر من مكان بحيث تعذبني النيران والدخان من الأعلى , ومن الأسفل القمم والأودية السحيقة ؟ فتبسم (( حسن )) وقال : أعلم يا صديقي أن هذا العذاب ما هو إلا مردود أعمالك القبيحة في الدنيا وإذا لم تتحمل ذلك في هذا الطريق لن تصل إلى وادي السلام أبدا , فقد سجل عليك أدنى قبيح عملته في الدنيا وهذا جزاؤه .
نظرا لما تعتريني من لهفة لوصول وادي السلام فقد أذعنت لمواصلة الطريق بهدوء وأخذت بالمسير خلف (( حسن )) ودخلت ذلك الوادي .
انهمكنا بالمسير داخل الوادي ولم يلح بالأفق ما يدل على انتهائه , وكنت أفكر في أن عمق الوادي دليل على عظمة ذنوبي ... هنا انتبهت إلى نفسي حين سماعي لصوت انهيار الأحجار من أعلى الوادي .
فالتحقت بـ(( حسن )) فورا كي يعينني إذا واجهتني مشكلة . كنت مضطربا مرعوبا تكاد عيوني تخرج من أحداقي , فشاهدت رجلا يسقط مع أحجار صغيرة وكبيرة إلى قعر الوادي .
فأشار إلي (( حسن )) وقال : لا تنظر إلى الأسفل بل أنظر إلى أعلى الوادي فشاهدت شبحا ضخما أسودا يضحك بصوت عالي وقف على أعلى الوادي .
قال (( حسن )): هذا الشبح هو ذنوب ذلك الرجل الذي سقط , ولقوتها فقد تغلبت على حسناته فألقتها في قعر الوادي . هنا وضع (( حسن )) يده على كتفي وقال : هذه عاقبة اتباع الهوى .
لما سمعت هذا الكلام استحوذ علي الخوف من ذنوبي وإمكانية غلبتها علي في أية لحظة .
بعد قطعنا لطريق طويل وصلنا أخيرا إلى نهاية الوادي , شاهدت ذلك الرجل ملقى على الأرض وكان رفيقه ـ أي حسن ـ ضعيفا وواهنا بحيث أنه كلما حاول حمله على كتفه لم يستطع .
طلبت من (( حسن )) أن يساعده فاعتذر قائلا : إنني مكلف بمرافقتك ,{ ولا تزر وازرة وزر أخرى }.
قلت : لكننا كنا في الدنيا يعين بعضنا البعض !
قال حسن : في هذا العالم كل يتحمل وزر أعماله , ولست أشفع له إذا استحق الشفاعة , وعليك الدعاء أن يكون من محبي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ عسى أن تناله شفاعتهم .
حركت رأسي متحسرا ودعوت أن يكون كذلك .
ربما استغرق قطعنا للطريق ساعات طوال من ساعات الدنيا حتى وصلنا طريقا ينتهي إلى الأعلى . هنا التفت (( حسن )) نحوي وقال : استعد للصعود إلى أعلى هذا الوادي الخطير .
ألقيت ببصري نحو الأعلى وكلما نظرت لم أستطع تخمين ما تبقى حتى نهاية الطريق . فأصابني الإحباط لأنني مضطر لقطع هذا الطريق الطويل , ولكن لا حيلة لي سوى ذلك من أجل الوصول إلى وادي السلام .
بعد تحمل المشقات والكثير من الصعاب وصلنا أخيرا إلى قمة الوادي . تمنيت أن لا تعترضنا مثل هذه المعوقات . وبعد قليل من الإستراحة واصلنا طريقنا باتجاه وادي السلام .


بعد قليل من المسير شاهدت طائرا ضخما يحلق على مقربة من الأرض , فقال (( حسن )): أتريد أن تشاهد منظرا مثيرا ؟
قلت : طبعا
قال : حسنا فانظر إلى ما يقوم به هذا الطائر .
حط الطائر قريبا من صخرة وألقى بقسم من بدن رجل خارج منقاره ثم طار وعاد بعد قليل ليلقي بقسم آخر من الجسد وهكذا كررها أربع مرات حتى ظهر هيكل رجل مزعج وقبيح للغاية .
حاولت أن أسأل (( حسن )) لكنه أشار علي بالسكوت ومتابعة الحدث .
ثم ابتلع الطائر قسما من جسد ذلك الرجل وطار وكرر ذلك أربعا حتى لم يبقى أثر للرجل .
التفت إلي (( حسن )) وقلت له : حسنا الآن قل لي ما معنى هذا العمل , من كان ذلك الرجل ؟
قال : إنه أشقى الأشقياء عبد الرحمن ابن ملجم المرادي وسيبقى في هذ العذاب إلى يوم القيامة .
سألته : ومن أين جاء به هذا الطائر وأين ذهب به ؟
أجاب : مستقره في وادي عذاب .
سألته مدهوشا : وأين هو وادي عذاب ؟
قال : إنه جانب من وادي برهوت يتعذب فيه الكافرون والمنافقون وإني أتمنى أن لا يكون مرورنا منه . وبدوري تمنيت ذلك وأنا أشعر بالخوف يهيمن على وجودي



يتبع..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة
رد مع اقتباس