|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 156
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 59
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
خادمةالزهراء
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 07-08-2006 الساعة : 01:54 AM
تابع :-
وقارع الظالمين
هذا العالم الوديع الزاهد المتواضع.. كان أسداً في مواجهة الظالمين وقد قضى حياته كلّها في جهاد مستمر ضد الأنظمة الفاسدة الطاغية.. خصوصاً في عراق الطاغيتين:
عبد الكريم قاسم، وصدام حسين. ففي باكورة شبابه وقف بشجاعة إلى جانب والده ضد الإرهاب الشيوعي الذي اجتاح العراق، ولما هدّد بالقتل من جانبهم أجاب: لا تكلفوا أنفسكم الكثير أنا أخرج من منزلي وحيداً فجر كل يوم لأداء صلاة الصبح في صحن الإمام الحسين (عليه السلام) والطريق خال من المارة تماماً، في مثل هذا الوقت تستطيعون اغتيالي بسهولة!
وفي كل مرة كانت السلطة الظالمة في بغداد تحاول ضرب التيار الديني كانت تبدأ بكربلاء.. وبانصار الإمام الشيرازي الذين كانوا من مقدمة العاملين المجاهدين حتى أن بعضهم قد دخل السجن في كل عهد مرة أو مرتين، ولا يعرف من كبار أصحاب الإمام الشيرازي أحدٌ إلا وذاق مرارة السجن أو الإبعاد، حتى كان العهد الأخير حيث ألقى النظام القبض على أخيه الشهيد السعيد آية الله السيد حسن الشيرازي وأذاقه التعذيب الرهيب الذي استمر تسعة أشهر، لانتزاع اعترافات كاذبة ضد المرجعية الشيعية في العراق. وخرج الشهيد من السجن مرفوع الرأس لم يعترف لهم بشيء، وإن كان قد أبلي في كل موضع من جسده ببلاء دائم بقي شاهداً على ظلم الطغاة حتى يوم استشهاده. (راجع ما كتب عن الشهيد الشيرازي).
ولقد كان شجاعاً جداً.. وكيف لا، وقد كان الدم الحسيني يجري في عروقه، وتاريخ الجهاد العلوي في وجدانه ـ وكان وريث بيت المجاهدين.. فجده الأعلى ـ الإمام الميرزا حسن الشيرازي كان قائد نهضة التبغ ضد الانجليز، وخاله الإمام محمد تقي الشيرازي كان قائد ثورة العشرين، وأبوه الميرزا مهدي الشيرازي ـ كان الساعد الأيمن لمرجع الطائفة في زمانه السيد أغا حسين القمي ـ قائد الثورة ضد بهلوي الأول وكان هو في طليعة الناهضين في مواجهة المد الأحمر ابان الحكم القاسمي.
وبقدر ما كان الإمام الشيرازي يحب الحسين (عليه السلام) ونهضته، كان يكره الظالمين، والطغاة، وكان يحمل بين أضلعه روح الحسين الأبية.
بتلك الروح الأبية.. ساند نهضة الخامس عشر من خرداد ضد بهلوي الثاني عام 1962 وبنفس الروح رفض الديكتاتورية المتلبسة بلباس الإسلام الحنيف.
بتلك الروح الأبية.. رفض حكم الشاه ونهجه وحارب نفوذه وامتداداته في العراق، كما رفض حكم البعث ونهجه وطاغيته.. وفي زمان واحد، ومكان واحد.
ولهذا فلم يكن من الغريب أن بعض أنصاره كان يسجن أو يبعد بضغط من القنصلية الشاهنشاهية في كربلاء. في نفس الوقت الذي كانت السلطة تلقي القبض على بعض آخر من أنصاره لمعارضتهم طاغية بغداد.
كيف جمع هذا المجاهد الصابر بين التواضع والإباء، بين الزهد الجهاد، ذاك من معالم المتقين الصالحين، كان يتواضع لطالب علم صغير إلى درجة أنه كان يظن أنه بمستواه، ولكنه في نفس الوقت كان يتأبى على الطغاة ولا يستجيب لهم بشيء.. حتى ولو أحرقوا أولاده بالنار!!
فما أعظمك يا أمير المؤمنين يا علي، إذ تنجب بعد ألف وأربعمائة عام أسوداً هصورة على خطاك!
وبتلك الروح ساند وأيد كل النهضات الإسلامية، والحركات التحريرية، فناهض الصهيونية وما انتجت، والشيوعية وما فعلت، والبعثية وما قدمت.. فكتب في باكورة شبابه: هؤلاء اليهود، وفي أواخر حياته كتب عن أكذوبة الصلح مع إسرائيل.. وكانت أبناء القتلى والجرحى في الانتفاضة الفلسطينية تهزّه من الأعماق، على أنه كان صاحب رأي خاص نابع من نظرة تاريخية عميقة حول كيفية دحر وهزيمة الصهيونية في فلسطين!
هذا المجاهد الصابر لم يكن ينطلق في جهاده من منفعة سياسية شخصية (وقد كان يؤمن بأن علىالمرجع الديني أن يكون مرشداً للحكم التنفيذي) ولا كان يهدف الحصول على مكسب مادي (فقد كان من أشد الزاهدين في متاع هذه الحياة ـ انظر فصل زهده) بل كان ينطلق في جهاده من أمرين ـ من الروح الحسينية الأبية التي كان يحملها في جنبه، والتي كانت ترفض الخضوع للطغاة والظلمة وأولياء القهر والإذلال للأمة. وكان يعتقد أن بلاء الأمة الأول هو الحكومات الديكتاتورية. وأولياء الظلم والظلام (راجع كتبه في هذا المجال).
وثانياً: لأنه كان يلتهب ألماً لمستوى التخلف والضعف الذي بلغه المسلمون.
لقد كانت مظاهر الاستضعاف للأمة تقض مضجعه، خصوصاً وانه كان يرى أن نكبة المسلمين وضعفهم ليس قدراً لازماً، ولا قضاء مبرماً. بل هي حصيلة الجهل والكسل. والزعامات الكاذبة. والتمزق القومي والإقليمي. وقد أوسع هذا الجانب بحثاً ومحاضرة وكتابة في عشرات المؤلفات والمحاضرات التي ألقاها في حياته، وخصوصاً كتابيه:
(السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام).
إن حياة الإمام الشيرازي كلها هي قصة جهاد مستمر ضد عوامل الجهل والقهر والتخلف في الأمة.. ولقد عانى في جهاده هذا عناءً كبيراً.. وأعظم معاناته كانت في نفسه حيث كان يحترق ألماً لما كان يسمعه من أنباء المآسي التي تحل بالمسلمين.. حتى أنه لم يكن ينام بعض الليالي بطولها وهو يستمع إلى أنباء البلد الفلاني، أو مآسي الشعب الفلاني، ولا أنسى أنه في الآونة الأخيرة كان قد بلغ في حساسيته إلى درجة كبيرة حتى أنه أصيب بالذبحة الصدرية قبل أربعة أعوام في صبيحة ليلة لم ينم فيها حتى الصباح بسبب الأنباء المحزنة التي تواردت عليه في تلك الليلة عن الأوضاع المأساوية للأمة.
هذا المجاهد الصابر تحت ضغط الطغاة هذا الذي تحمل غليظ المحن، وتجرع غصص الكرب كاد يموت كمداً وحزناً على ما أصاب هذه الأمة من محن وويلات..
ولسان حاله يقول: (فلو أن امرءاً مات من بعد هذا كمداً.. لم يكن عندي ملوماً، بل كان به عندي جديراً..).
وعما آل اليه الوضع في بلده كان يقول: (فتنة يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه..).
لقد مات الشيرازي ولسان حاله يقول: (إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً).
عاش مجاهداً
ومات صابراً وخلّف تراثاً في الجهاد لا يُنسى.
لقد جاهد الشيوعيين والبعثيين والتابعين لهم بالإساءة والعدوان نصف قرن من الزمن ولم يلن ولم ينكل.. حتى قضى نحبه مجاهداً صابراً.. فكان مثالاً بارزاً لقوله تعالى: (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً).
اختكم :-
خادمة الزهراء{ع}...
|
|
|
|
|