|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 25686
|
الإنتساب : Nov 2008
|
المشاركات : 123
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
علي الفاروق
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 29-11-2008 الساعة : 06:38 PM
أما الرواية التي اعتمدها التيجاني والتي تدّعي أن خالداً أراد قتل مالك بن نويرة بسبب زوجته فلم يعيروها اهتمامهم لنكارتها وشذوذها، والتي عزاها التيجاني بالهامش على المراجع التالية تاريخ أبي الفداء، وتاريخ اليعقوبي وتاريخ ابن السحنة ووفيات الأعيان ، فبمجرّد مراجعة بعض هذه المراجع يتضح لكل باحث عن الحق إسلال هذا التيجاني في النقل، فلو راجعنا كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان في خبر مقتل مالك لوجدناه يورد القصة بخلاف ما أوردها التيجاني ، فإبن خلكان أورد القصة على النحو التالي ... ولما خرج خالد بن الوليد رضي الله عنه لقتالهم في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه نزل على مالك وهو مقدم قومه بني يربوع وقد أخذ زكاتهم وتصرّف فيها، فكلمه خالد في معناها، فقال مالك: أني آتي بالصلاة دون الزكاة، فقال له خالد: أما علمت أن الصلاة والزكاة معاً لا تقبل واحدة دون أخرى، فقال مالك: قد كان صاحبك يقول ذلك، قال خالد: وما تراه لك صاحباً؟ والله لقد هممت أن أضرب عنقك، ثم تجاولا في الكلام طويلاً فقال له خالد: إني قاتلك، قال، أو بذلك أمرك صاحبك؟ قال: وهذه بعد تلك؟ والله لأقتلنك.وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه حاضرين فكلما خالداً في أمره، فكره كلامهما، فقال مالك: يا خالد، ابعثنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا، فقد بعثت إليه غيرنا ممن جُرْمه أكبر من جرمنا، فقال خالد: لا أقالني الله إن أقلتك، وتقدّم إلى ضرار بن الأزور الأسدي بضرب عنقه، فالتفت مالك إلى زوجته أم متمم وقال لخالد: هذه التي قتلتني، وكانت في غاية الجمال فقال له خالد: بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام، فقال مالك أنا على الإسلام، فقال خالد: يا ضرار اضرب عنقه، فضرب عنقه ، فقارن أخي القارئ هذه الرواية بما أورده هذا التيجاني لتعرف مدى التدليس الذي يتمتع به هذا التيجاني المهتدي، وهو يقول بأمر زواج خالد بليلى زوجة مالك وقبض على ليلى زوجته ودخل بها في تلك الليلة ويعزوها لكتاب وفيات الأعيان، ولكن عندما نرجع للكتاب نجده يقول وقبض خالد امرأته، فقيل إنه اشتراها من الفيئ وتزوج بها، وقيل إنها اعتدت بثلاث حيض ثم خطبها إلى نفسه فأجابته !؟ فهل يوجد كذب واغلال أشد من ذلك والكتاب يملأ الأسواق ولينظره من يريد الحق ليعرف كيف أصبح الكذب من السهولة بمكان بحيث تُؤلّف كتبٌ بالكامل مملوءة بالكذب والدجل ولا يستحي مؤلفوها من أن يعنونوها بالهداية والتقوى ومع الصادقين؟ ثم يكمل ابن خلكان القصة ويقول في نهايتها هكذا سرد هذه الواقعة وثيمة المذكور والواقدي في كتابيهما والعهدة عليهما ! أي لم أسردها مستوثقاً بها بل نقلتها كما جاءت في كتابيهما فأي طعن في الرواية يرجع عليهما. وبالنسبة لتاريخ اليعقوبي فإنه أورد القصة بأسلوب مهين فقال وكتب إلى خالد بن الوليد أن ينكفئ إلى مالك بن نويرة اليربوعي، فسار إليهم وقيل إنه كان ندأهم، فأتاه مالك بن نويرة يناظره، واتبعته امرأته، فلّما رآها أعجبته فقال: والله لا نلت ما في مثابتك حتى أقتلك فنظر مالكاً فضرب عنقه، وتزوج امرأته ! فإذا أضفنا لذلك الكذب والتخرُّس الذي يتمتع به الرافضة، مع نكارة وتلفيق هذه الرواية وآثار التحريف فيها مع معارضتها للروايات الأخرى ومصادمتها لتاريخ هذا البطل المسلم لأصبح الحق واضحاً، وحتى ينقضي عجب القارئ لهذا الكلام المكذوب والمخالف أيضاً لكذب التيجاني، فلا بد أن أُظهر من هو اليعقوبي؟ فاليعقوبي أخو التيجاني من حيث المنبع والاتجاه، فهو رافضي إثنا عشريٌّ ففي كتابه هذا يعرض تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة نظر الشيعة الإمامية فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة ويسمي علي بالوصي. وعندما أرّخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يُضِفْ عليهم لقب الخلافة وإنما قال تولى الأمر فلان.. ثم لم يترك واحداً منهم دون أن يطعن فيه، وكذلك كبار الصحابة فقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أخباراً سيِّئة وكذلك عن خالد بن الوليد ! وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان. وعرض خبر السقيفة عرضاً مشيناً، ادعى فيه أنه قد حصلت مؤامرة على سلب الخلافة من علي بن أبي طالب الذي هو الوصيُّ في نظره، وبلغ به الغلو إلى أن ذكر أن قول الله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } قد نزلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم النفر، وطريقته في سياق الاتهامات هي طريقة قومه من أهل التشيع والرفض وهي إما اختلاق الخبر بالكلية أو التزيد في الخبر والإضافة عليه أو عرضه في غير سياقه ومحله حتى يتحرّف معناه، ومن هنا نعلم أن خالداً قتل مالك بن نويرة معتقداً أنه مرتدٌ ولا يؤمن بوجوب الزكاة كما في الرواية التي ذكرتها كتب التاريخ، إضافة لبعض المصادر السابقة الذكر التي عزا إليها التيجاني إذا تجاهلنا آثار الوضع عليها وتحريفها إلى جعل خالد يريد قتل مالك من أجل زوجته وتصبح اتهامات التيجاني لخالد وما بناه عليها لا وزن لها. *أما ادعاؤه أن عمر قال لخالد: يا عدوَّ الله قتلت امرءاً مسلماً ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنَّك بالأحجار. ويعزوها إلى تاريخ الطبري وأبي الفداء واليعقوبي والإصابة ، فهذا من المين الواضح، فبمجرد مراجعة تاريخ اليعقوبي والإصابة فلا تجد لهذه الجملة أثراً؟! وأما تاريخ الطبري فقد أوردها ضمن رواية ضعيفة لا يحتج بها مدارها على ابن حميد ومحمد بن اسحاق، فمحمد بن اسحاق مختلف في صحتهوابن حميد هو محمد بن حميد بن حيان الرازي ضعيف، قال عنه يعقوب السدوسي: كثير المناكير، وقال البخاري: حديثه فيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الجوزجاني: رديء المذهب غير ثقة ، وضعّفه ابن حجر في التقريب، فهذه الرواية ضعيفة الإسناد لا يحتج بها، وحتى من ناحية المتن فباطلة أيضاً لأنها تقول إن أبا بكر استقدم خالداً. فلما قدم المدينة دخل المسجد في هيئة القائد الظافر. فقام إليه عمر ونزع أسهمه وحطّمها وقال له تلك الكلمة المتوعّدة بقاصمة الظهر قتلت رجلاً مسلماً ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنك بالأحجار وبطل الإسلام خالد لا يكلمه. يظن أن رأي أبي بكر مثله فأقول إذا كان عمر بن الخطاب يعرف رأي أبي بكر في هذه القضية كما هو مذكور في الرواية قبل أن يقدم خالد عليهما، لأنهما تجاولا في القضية، واشتد عمر على خالد، فنهْنَههُ أبو بكر وقال له: ارفع لسانك عن خالد، وقرظ خالداً وزكاه بما زكاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن خالداً سيف سلّه الله على الكافرين فلا أشيمه فكيف ساغ لعمر بن الخطاب بعد هذا أن يصنع بخالد هذا الصنيع مخالفاً رأي الخليفة؟ قد يقول قائل: إن عمر بن الخطاب ذلك الرجل الشديد في الدين، الذي يقف مع رأيه غير متخاذل لرأي أحد، قلنا: وأين ذهبت تلك الشدة بعد أن قابل خالد أبا بكر وأفضى إليه بحقيقة الأمر كما وقع وكما قدره هو ومن معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج على عمر يتوعده بهذه الكلمة الساخرة: هلم إليّ يا ابن أم شملة؟ أكانت في تلك الصورة الهزيلة التي تختم بها الرواية فصولها. فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه، فلم يكلمه ودخل بيته وهذه المعرفة عند عمر قبل أن يلقى خالداً وينزع أسهمه ويحطّمها، ولكن الرواة ينسون أو يغفلون؟ أم إن عمر غير رأيه وعرف أن خالداً بريء مما قذف به ؟! ولو فرضنا جدلاً أن عمر قد أشار بقتله فيقال: غاية هذا أن تكون مسألة اجتهاد، كان رأي أبي بكر فيها أن لا يَقْتُل خالداً، وكان رأي عمر فيها قتله، وليس عمر بأعلم من أبي بكر: لا عند السنة ولا عند الشيعة، ولا يجب على أبي بكر ترك رأيه لرأي عمر، ولم يظهر بدليل شرعي أن قول عمر هو الراجح، فكيف يجوز أن يَجْعَل مثل هذا عيباً لأبي بكر إلا من هو من أقل الناس علماً وديناً؟ .
|
|
|
|
|