|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 3989
|
الإنتساب : Apr 2007
|
المشاركات : 122
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
سيد محمد الكفائي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 22-10-2008 الساعة : 10:17 PM

معاناة النبي صل الله عليه وآله من أبي بكر في الغار
فبعد أن صور الله عز وجل أسوء ظرف التي كان فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوضح للمسلمين حالة لم تمر على رسوله شدة وضيق هو أشد منه بين عظيم قدرته وانفراده بنصرة عبده واستغنائه عن نصرتـهم كلهم بقوله {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(التوبة/40). فكان الله عز وجل هو الناصر الأول والوحيد في هذه الحادثة التي لم يكن للنبي فيها أي ناصر غيره في حالة هي أسوء وأتعس حالة مر فيها النبي لتكالب المصائب والأهوال عليه بسبب الغار ممن هو خارج الغار ممن هو في داخله !
وهذا هو التفسير الواضح والصريح للآية القرآنية لأن سياق الآيات كله سياق تقريع للمؤمنين الذين تقاعسوا عن نصرة النبي صلى الله عليه وآله وأن عدم نصرتـهم له لن تضر الله شيئا لأن الله هو القادر على نصرته والغني عنكم جميعا بدليل حادثة الغار التي لم ينصر أحد منكم النبي صلى الله عليه وآله غير الله سبحانه في حالة كان يعاني النبي فيها من انحصاره في الغار وممن هو خارج الغار وهم الكفار يريدون قتله وممن هو في داخل الغار هو أبو بكر لاضطرابه وخوفه ورعدته وحزنه على ما فات ومحاولة تهدئته حتى لا يفتضح النبي ويكشف الكفار مكانه .
وبعد هذا يتضح من الفهم الصحيح للآية أن الآية تهدف لضرب مثال واقعي لتفرد الله بنصرة عبده وغناه عن العالمين وأن تقاعس المسلمين لن يضره شيئا فكان هذا المثال حاويا للمصائب وقع فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتي منها وجود أبي بكر معه في الغار ومع ذلك نصره الله .
وهنا عدة أمور :
1- بعد أن علمنا إن الآية الكريمة في معرض تنبيه المؤمنين على تفرد الله بنصرة نبيه وهو صريح قوله تعالى في بداية الآية {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} فكيف يقول أولئك الجهلة أن أبا بكر نصر النبي في الغار ؟! وهذا يناقض صريح مطلع الآية ويناقض الغرض الذي لأجله ذكر الله الآية !! بل إن الهاء في ( تنصروه ) يشمل أبا بكر فكيف يقال أن أبا بكر اشترك مع الله في نصرة النبي في هذه الحادثة !!!
2- أن الآية الكريمة صريحة في ذم أبي بكر وذم موقفه المثبط ورعدته واضطرابه وحزنه ومحاولة النبي جاهدا تـهدئته بأن الله معهما إذ الآية في مقام بيان عظم المأساة وتكالب المصائب عليه وفقدان الناصر للنبي حينها إلا الله لتتجلى عظمة قدرة الله وعظيم سلطانه .
وهي العلة من ذكر ( إذ ) التي بمعنى ( حينما ) في الآية الشريفة ويتضح المعنى بابدالها هكذا ( الا تنصروه فقد نصره الله حينما أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين ، حينما كانا في الغار ، حينما قال لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) فصارت كلمة ( إذ ) المكررة التي تعني ( حينما ) بداية لمأساة جديدة مضافة للمأساة السابقة فكان وجود أبي بكر في الغار ورعدته وحزنه واضطرابه مأساة للنبي فوق كل تلك المآسي .
3- زعم بعضهم أن قوله تعالى { ثَانِيَ اثْنَيْنِ} فضيلة أمر في غاية السخف ! إذ أية فضيلة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع مع شخص آخر فصار ثاني اثنين ؟!! فعلى هذا النبي عندما ينفرد النبي بأحد المشركين تكون فضيلة للمشرك لأن النبي في هذه الحالة ثاني اثنين وكذا لو انفرد مع اثنين لصار ثالث ثلاثة ! وفي الأمثال ( الغريق يتمسك بقشة ) !
بل إن هذه من تلك المآسي التي بينتها الآية وهي أن النبي خرج ولا ناصر له وإنما كان معه شخص آخر وهذا الشخص لا فقط عديم الفائدة بل جالب للضرر إذ يراد له النصر فهو كلٌ على مولاه وعبء على رسول الله !!
4- قوله تعالى {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} لا تدل على فضيلة أيضا فإن الصاحب يطلق على الكفار أيضا ألا ترى قوله تعالى {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا}(الكهف/34).
وقوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}(سبأ/46).
وقوله {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}(النجم/2).
وقوله {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}(التكوير/22).
بل يطلق على غير الإنسان فإن الحوت صار صاحبا للنبي يونس عليه السلام في قوله تعالى {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}(القلم/48). أليس التمسك بمثل هذه الكلمات دلالة على الإفلاس ؟!
5- قوله تعالى { لاَ تَحْزَنْ } نـهي عن الحالة التي وقع فيها أبو بكر والنهي إن لم يدل على الحرمة فلا أقل على الكراهة والسياق يشهد أن هذا الحزن من المآسي التي تراكمت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

|
|
|
|
|