|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 10779
|
الإنتساب : Oct 2007
|
المشاركات : 649
|
بمعدل : 0.10 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرشيد
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 26-09-2008 الساعة : 11:43 PM
منها : انه قال عن عصر ظهور المهدي عليه الصلاة والسلام كلاماً غريب : ( من المحتمل جداً ، ان الامام المهدي المنتظر عليه االسلام ، عند ظهوره يأتي بعقوبات جديدة مناسبة لعصر ظهوره 0 فان له الحق في التشريع لانه أحد مصادره سلام الله عليه 0 ولعل هذا أحد التفسيرات لما ورد بأنه يأتي بأمر جديد وقضاء جديد وحكم جديد ، وسيكون هذا – بطبيعة الحال – في حدود التعاليم والقواعد الاسلامية العامة ، بحيث لا يكون منا فياً لها [68]
منها : انه قال في حق القتلة الذين يعتدون على الناس بالقتل : ( فلابد لامثال هؤلاء من موس الحلاق وسكين القصاب ، لا بدلهم من القتل لكي ينفوا من وجه الارض جميعاً ، فينقطع بذلك سبب الفساد واصلة 0 وهو الذي لا يمكن اصلاح المجتمع الا مع اجتثاثه 0
منها : له كلام ونقاش عميق بخصوص المخدرات ، وانا الان في هذا الصدد احاول ان اذكر بحث السيد كله من اوله الى اخره ، لان فوائد المخدرات طبياً اكثر بكثير من فوائد الكحول لانهم منعوا المخدرات وحرموها وقتلوا مئات الناس اذا لم يكن الاف وسمحوا للمسكرات ورغبوبها ، وهذا من المسخ والانحراف في النظر الى الكون والحياةوللمخدرات نوعان رئيسيان من الاضرار : احدهما لدى التناول والاخر لدى عدم التناول للمدمن ، هذا ، وينبغي ان يلتفت القارئ المتفقه في الدين ان البنج من المخدرات ، والسيكائر فيه مادة المخدرات ، والقهوة والشاي والكوكاكولا والبيبسي كولا وغيرها من الانواع التي لا تخلو من المخدر ، فاليك نص البحث كاملاً من سماحته المركزة والمؤكدة على تحريم المسكرات في القرآن الكريم والسنة الشريفة 0 لا نجد ما يماثلها بالنسبة الى المخدرات 0 بل لا نجد ولا نصاً واحداً يذكرها تحريرياً او تحليلاً او ينسب لها أي حكم 0 [69] ولعل السر في ذلك هو عدم معروفيه تعاطي المخدرات في المجتمع الاسلامي الاول 0 والسنة الشريفة انما كانت تجيب على الاسئلة التي يقدمها الناس الى المعصومين سلام الله عليهم 0 واما الحديث عن أمور اوسع من ذهنية المجتمع وتفكيره ، وكذلك اثاره مشاكل غير مثارة عملياً في المجتمع ، فهذا لم يكن عليه ديدن المعصومين سلام الله عليهم ، بل هم منعوا من ذلك بقولهم : حدث الناس على قدر عقولهم ،وغير هذا من النصوص 0 أذن ، نحن اذا أردنا أن نبحث عن دليل محتمل لتحريم المخدرات 0 فانما يجب ان نفحص عن يعض الادلة والقواعد العامة التي تشملها 0 ولا يمكننا أن نجد لها دليلاً يذكرها على نحو التعيين 0 والادلة التي يحتمل سوقها في هذا الصدد ما يلي:-
الدليل الاول : قياس المخدرات على المسكرات 0 فكما ان المسكرات محرمة فكذلك المخدرات وتقريب ذلك بالشكل الذي يختلف عن معنى القياس الاصطلاحي ، هو امكان التجريد عن الخصوصية 0
وذلك بأن يقال : أننا نفهم من أدلة تحريم المسكرات ، انها ليست محرمة بهذا العنوان بالذات ، بل بما يترتب عليها من فقدان او ضعف الذاكرة والتفكير والقصور عن طاعة الله وفقد ذكره 0 وهذا بعينه ما يترتب على المخدرات ، فتكون حراماً 0
وهذا معناه اننا جردنا المسكرات عن خصوصية الاسكار ، وحملناها على مجرد المثالية ، ولكل مادة انتجت تلك النتائج القاسدة ، فتكون النتيجة تحريم المخدرات وجواب ذلك من عدة وجوه أهمها :
اولاً : انه لا دليل على تحريم المسكرات لهذه الاسباب ولم يتم عليه دليل معتبر ، ومقتض التمسك بعنوان المسكرات هو الاقتصار على المعنى اللفظ ما لم يدل دليل يمكن معه التعدي ، وهو غير موجود 0 فاذا علمنا ان المخدرات بطبيعتها غير المسكرات لم تكن مشمولة لا حكامها 0
ثانياً : انه قام الدليل على تحريم المسكرات لانه مسكر او بتعبير آخر تحريم الخمر لانه مسكر 0 ومقتضى هذا التعليل هو الاقتصار عليه ، وعدم التعدي الى غيره الا بدليل ، ولا دليل 0
الدليل الثاني : السيرة العقلائية على اجتناب المخدرات والنظر اليها والى متعاطيها نظر الازدراء وهي سيرة غير منهي عنها بدليل شرعي فتكون حجة ، ومقتضاها الشرعي تحريم المخدرات 0 وهذا دليل فيه اسفاف فقهي ، ولولا انه قد يخطر في بعض الاذهان ما ذكرناه 0 وذلك لعدة وجوه أهمها : -
اولاً : انها سيرة غير موجودة ، بل كان الموجود في مئات السنين تعاطي بعض انواع المخدرات وعدم وجود رادع عقلائي من ورائه 0
ثانيا: انها اذا كانت موجودة لا تدل على حكم شرعي 0 فان السيرة ليست حجة في الاحكام وانما هي حجة في ما يرتبط بالعرف كظواهر الالفاظ وأساليب المعاملات ، وليس لها ان تحرم او تحلل 0
ثالثاً : انها اذا كانت موجودة ، فهي غير صاعدة في الماضي الى زمان المعصومين سلام الله عليهم 0 بل هي سيرة متأخرة عنهم . فلا نتوقع ورود النهي عنها وان كانت غير مرضية لهم سلام الله عليهم.
ويؤيد ذلك ما عرفناه من عدم وجود اسم المخدرات في الاخبار، الامر الناتج من عدم وجوده بالمرة في المجتمع يؤمئذ . فكيف يدعي المدعي وجود السيرة على تحليله او تحريمه .
الدليل الثالث : ادلة تحريم الضرر :
وهو الدليل الوحيد بهذا الصدد الذي له وجاهه فقهية نسبياً . وقد اعتمد عليه احد فقهائنا[70] فعلا في تحريم المخدرات .
الا انه مع ذلك قابل للمناقشة : باعتبار ان الاضرار على قسمين :
منها : الاضرار الشديدة التي تكون محرمة بصفتها مصداقاً من التهلكة المنهي عنها في الاية الكريمة .
ومنها : الاضرار الخفيفية التي لا دليل على حرمتها اطلاقاً. وقاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) لا تدل على تحريم هذا النوع من الضرر. وانما المراد بها : ان الشارع لا يضر المكلفين بشريعته واحكامه. او يحرم على الفرد ان يضر غيره واما اضرار الفرد لنفسه بالمقدار الخفيف او القليل فلا دليل على تحريمه .
وقد يخطر في البال : ان الاضرار الخفيفة تثبت شرعاً انها ترفع وجوب الصوم ووجوب الوضوء . اذن ، فيمكن ان تكون سبباً لتحريم المخدرات . وهذا السؤال دليل على قلة التفقه لدى السائل . لوجود دليل خاص في هذين الموردين اعني الصوم والوضوء. بكفاية الخوف من الضرر في تبديل وظيفة المكلف فيهما. واما الاحكام الاخرى ، فلا دليل فيها على ذلك ، ومقتضى اطلاق ادلتها وجوبها حتى في حال الضرر. ما لم يكن ضرراً معتد به عرفاً ، ليكون منفياً بالقاعدة .
هذا : وان قيل بسقوط الوجوب مع الضرر ، فلا نسلم بثبوت التحريم من اجله . لان الاباحة البديلة للتحريم ليس فيها تسبب من قبل الشارع للايقاع في الضرر ، بخلاف الوجوب ، كما هو واضح للمتأمل .
وقد يخطر في البال : ان المخدرات ، كما قد يكون فيها اضرار خفيفة ، كذلك قد يكون فيها اضرار كبيرة فتحرم وهذا ما سنبحثه في الدليل الاتي.
الدليل الرابع: دليل حرمة التهلكة ، وهو قوله تعالى : ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ، وهذا الاستدلال يحتاج الى ضم الفكرة القائلة : بان المخدرات تنتج التهلكة ، لتكون مصداقاً للتحريم المذكور في الاية الكريمة .
وينبغي ان نعرف ان التهلكة المنهي عنها في الاية هي الهلاك بمعنى الموت والفناء. ويلحق بذلك عرفاً امران . احدهما : سبب الهلاك ولو كان مظنوناً او راجحاً كالدخول في ارض مسبعة بدون سلاح .
وثانيهما: ما كان دون ذلك من المخاطر الشديدة ، وان لم تكن تنتج الموت ، كايجاد الجرح البليغ وغيره واما الاضرار التي دون ذلك والاسباب المؤدية اليها ، فليست من التهلكة لا عقلاً ولا عرفاً ، فلا يمكن ان تكون مشمولة للاية الكريمة .
وحينما نرد الى المخدرات نجد ان اكثر اضرارها بجميع انواعها من الاضرار الخفيفة التي لا تكون محرمة بالاية ولا تندرج في عنوان التهلكة ، مضافاً الى انه يحتمل ان تكون اكثر المضار المذكورة فيما سبق لايستند وجودها الى المخدر نفسه بل الى مجموع امور يكون المخدر احدها او لا يكون ، كفقر الفرد او ضعفه الجسدي او غير ذلك .
وهذا الاحتمال لا يأتي في المسكرات ، لانها محرمة بنفسها وعنوانها ، حتى لو لم تكن مضرة اصلاً ، فضلاً عما سبق ان اثبتناه من وجود الاضرار الكثيرة . هذا ، وقد يكون الامر بالعكس ، فلو شعر المدمن بالضرر بتأخير التعاطي ، فان استمراره في هذا الضرر ، يمكن ان يكون حراماً باعتبار قاعدة الضرر او قاعدة التهلكة . ومن هنا فقد يكون دفع هذا الضرر واجباً ، وليس جائزاً فحسب فضلاً عن ان يكون حراماً نعم ، لو قلنا فقهياً بالحرمة اساساً للمخدرات فسوف لن تكون هذه الحالة مبيحة للتناول الا عند الضرر العظيم الذي لا يندفع الابه. كما في المسكرات تماماً . بل يقال في المسكرات والمخدرات عندئذ انها لا تكون جائزة باي حال باعتبار القاعدة القائلة : ان ما ليس بالاختيار يرجع الى ما بالاختيار ، فيعاقب الفرد على تناوله باعتبار انه هو الذي سبب لنفسه الادمان وقد يخطر في البال : ان الامر في المخدرات يؤول الى ( السم التدريجي ) باعتبار ان الاستمرار على التعاطي فترة طويلة قد يؤدي الى التهلكة من الوفاة او الضرر العظيم المحرم .
وبتعبير اخر : ان تناول كل سم حرام سواء كان دفعياً او تدريجياً . فتحرم المخدرات بهذه الصفة الا ان هذا وهم فقهي ضعيف، باعتبار عدم حرمة السم التدريجي قطعاً . باعتبار ان كل تناول ليس له الضرر المحرم فلا يكون محرماً . والتناول يكون على التدريج خلال الايام والسنين ، فاذا حل كل واحد منها حل الجميع .
خذ اليك مثلاً : ان الاستمرار في تدخين التبغ قد يكون سماً تدريجياً ، كما ان الاستمرار بزيادة الاكل قد يكون كذلك ، كما ان التعرض للبرد المتزايد او الحر المتزايد قد يحصل فيه ذلك ، فهل نقول بحرمة كل ذلك ؟ كلا ، بكل تاكيد لا يفتي بذلك احد ، وهو دليل على عدم حرمة ما يسمى بالسم التدريجي. نعم ، لو وصل الامر الى التسمم والمضاعفات المزعجة جداً ، صحياً او غيرها ، كان حراماً . وفي الواقع يكون الحرام هو الدفعات الاخيرة التي انتجت ذلك وصارت جزء العلة الاخير فيه ، دون ما قبلها. هذا ، وينبغي ان يلتفت القارئ اللبيب الى ان الفقيه لو قال بحرمة المخدر بعنوانه لزمه القول بحرمة البنج والسيكائر والقهوة والشاي والكوكاكولا والبيبسي كولا وغيرها من الانواع التي لا تخلو من المخدر[71].
وهذا غير ممكن فقهياً لان مقتض اصالة البراءة جواز كل ذلك. وقد يخطر في البال : انه يمكن القول : بان المخدر حلال الا ان المخدرات حرام . وهذا هدر من القول لان المخدرات هي صيغة جمع للمخدر نفسه.
كما قد يخطر في البال : ان المخدرات التي تنتج الادمان حرام وما لا ينتج الادمان حلال وهذا غير صحيح لوجوه اهمها:
اولا: ان الادمان بعنوانه ليس بمحرم ما لم ينتج ضرراً عظيماً اذ ان معنى الادمان العام غير منحصر بالمخدرات او المسكرات. بل يشمل غيرها ايضاً كالاعتياد على بعض الماكولات والمشروبات . مما لا يمكن ان يقال بحرمته.
ثانيا: انه لا يوجد من المخدرات ما لا يسبب الادمان بل كلها كذلك ، حتى ما هو مسلم الحلية كالقهوة والشاي .
كما قد يخطر في البال : انه ليس كل المخدرات محرمة ، بل بعضها كالافيون والمورفين والكوكايين ونحوها . وجوابه من عدة وجوه اهمها :
اولا: انه كما لا يوجد النهي في الادلة المعتبرة عن المخدرات بنفسها ، كذلك لا يوجد النهي عن انواع المخدرات باسمائها . لا بدليل قوي ولا بدليل ضعيف.
ثانيا: اننا لو قلنا بحرمتها فمعناه المنع عن الفوائد الطبية والصناعية الجليلة التي ذكروها. اذا ادى ذلك الى دخولها في جسم الانسان بشراب او تزريق او غيره . فهل يرضى هؤلاء المستدلين بذلك ؟
هذا ، وينبغي ان يلتفت القارئ اللبيب ايضاً ، انه اذا كانت المخدرات محرمة ، كما هو مراد المستدل ، كانت المسكرات اشد حرمة منها لاننا عرفنا انها اشد ضرراً ، ويكفي لذلك ان يقضي القارئ الكريم بضع دقائق في المقارنة بين الشكلين من الاضرار المذكورة في هذا الفصل والفصل الذي قبله . ومن الواضح ان الاقل ضرراً اذا كان ممنوعاً او محرماً ، كان الاشد ضرراً اولى بالتحريم . مع ان الاتجاه العالمي على خلاف ذلك كما ينبغي ان يلتفت القارئ المسلم بوجدانه فيقارن بشئ من التفكير بين حال المسكرات في الشريعة وحال المخدرات ، بغض النظر عن التأكيدات الدنيوية المانعة عن المخدرات والمبيحة للمسكرات … ليجد عندئذ ان الامر في الشريعة بالعكس ، وان حال منع المخدرات اضعف جداً هناك من حال المسكرات بما فيها من حرمة ولعنة وتركيز ، ولم يقل بتحريم المخدر من الفقهاء الا واحد من المتأخرين فقط. ويخالفه في ذلك اجماع الفقهاء بما فيهم المتقدمين والمتأخرين .
هذا ، مضافاً الى الحكم بالنجاسة على جملة من المسكرات ، بخلاف المخدرات، فانه ليس منها شئ نجس.
نعم ، أشرنا فيما سبق ان الامر اذا ال الى الضرر المعتد به عرفاً من ناحية صفاته وخصائصه، بحيث كان ملحقاً بالتهلكة كان حراماً وهذا امر سائر في كل الامور وليس له خصوصية في المخدرات . كما انه اذا آل الامر بسبب الادمان او غيره احياناً الى وجود الضرر مع الترك ، ضرراً معتداً به ، فلا يبعد القول برجحانه ان لم يكن وجوبه ، كما ان اتلاف هذه الامور ، بعنوان كونها محرمة ، اسراف محرم شرعاً ، بعد ان نعرف ان لها مالية مهمة ، ويمكن استعمالها في اساليب اخرى غير التعاطي ، كالفوائد الطبية والصناعية العديدة .
وهل يكون رفع حالة الادمان مع الامكان واجبة شرعاً ، بالتداوي وغيره اولا . هذا فرع كون الادمان على الفرد ضرراً عظيماً يجب تجنبه ، وهذا يختلف من مجتمع الى مجتمع ، فأن بلغ الحال الى ذلك ، فلا يبعد القول برجحانه او وجوبه )).
منها: انه قال في حق الاكراد بالمخالطة والمناكحة بينهم وبين المسلمين وانه نفى بأن الاكراد من الجن حيث قال : (( هي انه لم يثبت ان الاكراد قوم من الجن ، كما لم يثبت حرمة ولا كراهة معاملتهم ولا مناكحتهم، بل هم كغيره من الناس تنطبق في حقهم وفي حق غيرهم القواعد الفقهية الشرعية الاعتيادية)[72].
وقال ايضاً: ( افتى مشهور فقهائنا بكراهة مناكحة الاكراد فهل مثل هذا الحكم مما يصح التفوه به شرعاً ؟ او انه يعتبر ظلماً للاكراد ولكل من يتعامل معهم[73].
والمهم : ان هذه الروايات [74] لا تصلح دليلاً لا على الحرمة ، ولا على الكراهة لسقوطها عن امكان الاستدلال تماماً ، وعندئذ فستكون هذه الفتوى نحواً من انحاء الظلم لهؤلاء الناس ، وخاصة فيما اذا كان فيهم الصلحاء والطيبون ، كما هو الحال في أي مجموعة من الناس).
منها: له كلام ونظر حول قصيدة دعبل الخزاعي حيث قال: ( قد يخطر في البال : ان السيرة الموروثة عندنا هي على وجود الكذب في الشعر بهذا الصدد . وهي سيرة ممضاة من قبل الائمة المعصومين ( عليهم السلام ) من ذلك قول دعبل الخزاعي عليه الرحمة امام الامام الرضا ( عليه السلام ) .
افاطم لو خلت الحسين مجدلاً وقد مات عطشاناً بشط الفرات
اذن للطمت الخد فاطم عنده واجريت دمع العين في الوجنات
فقد اثبت اللطم والبكاء لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مع انه غير متحقق جزماً لان الزهراء ( عليها السلام ) لم تكن موجودة في الدنيا لدى مقتل ولدها الحسين ( عليه السلام ) ، مع ذلك ، فقد سمعها الامام الرضا ( عليه السلام ) ولم يعترض عليها[75].
وجواب ذلك يكون على مستويين :
المستوى الاول : ما قاله علماء المنطق من ان القضية الشرطية تصدق حتى مع كذب طرفيها . واوضح مثال له ان قولنا : اذا طلعت الشمس فالنهار موجود يصدق في الليل كما يصدق في النهار ، ولا يتوقف على طلوع الشمس فعلاً او وجود النهار فعلاً . بل يكفي في صدق الشرطية صدق الملازمة والتوقف ما بين فعل الشرط وفعل الجزاء. وهو في المثال توقف وجود النهار على طلوع الشمس .
ومن الواضح ان هذين البيتين لدعبل الخزاعي انما هو قضية شرطية ، وليست فعلية او واقعية. فلا يدل على ان الزهراء قد بكت فعلاً او لطمت وانما قال : ( لو خلت الحسين ) و ( لو ) حرف من حروف الشرط فتكون قضية شرطية ، فيمكن ان تصدق مع كذب طرفيها كما سبق في المثال.
المستوى الثاني: انه قد يخطر في البال ، اننا قلنا في المستوى الاول الذي انتهينا منه ، ان القضية الشرطية تصدق بصدق الملازمة بين فعل الشرط والجزء . وهذه الملازمة وان كانت موجودة في مثل قولنا : اذا طلعت الشمس فالنهار موجود . الا انها غير موجودة في قول دعبل ( افاطم لو خلت الحسين مجدلا ) . ولا اقل من الشك في ذلك. لاننا لا نعلم ان الزهراء عليها السلام ماذا سيكون رد فعلها اذا علمت بمقتل ولدها . وخاصة بعد ان اشرنا فيما سبق من ان قضية الامام الحسين ( عليه السلام ) فيها جانبان : الاستبشار والحزن . ولا شك ان الحزن اقرب الى المضمون الدنيوي ، وان كانت له نتائج دينية كما سبق . كما لا شك ان الاستبشار اقرب الى المضمون الاخروي او الواقعي.
ومن المعلوم ان الزهراء ( سلام الله عليها ) في عليائها في الاخرة ، مطلعة على الواقعيات . مع الاطلاع على الواقعيات . فمن الممكن ان يكون رد فعلها هو الاستبشار لا الحزن فكيف يقول دعبل الخزاعي هذين البيتين نعيدها لكي يطلع القارئ الكريم عليها مجدداً :
افاطم لو خلت الحسين مجدلاً وقد مات عطشاناً بشط الفرات
اذن للطمت الخد فاطم عنده واجريت دمع العين في الوجنات
فاذا التفتنا والحال هذه الى ان الامام الرضا ( عليه السلام) قد اقر عمل دعبل وباركه ، اذن فمن الممكن القول : ان امثال ذلك من جنس الكذب ، وهو عرض ما هو محتمل باعتبار انه يقين . يكون جائزاً باقرار الامام ( عليه السلام) .
وجواب ذلك من عدة وجوه نذكر المهم منها : وهو ان دعبل الخزاعي حين قال هذين البيتين واضرابهما انما يعبر عن مستواه في الايمان واليقين ، ومقتضى مستواه هو ان يفهم الزهراء ( سلام الله عليها) بهذا المقدار لا اكثر ومن الصعب عليه ان يلتفت الى ما ذكرناه من احتمال الاستبشار برحمة الله عز وجل والامام الرضا ( عليه السلام) لم يجد مصلحة في تنبيهه على ذلك . اذ لعلها من الحقائق التي يصعب عليه تحملها .
فمن الافضل استمرار غفلته عنها ، طبقا لقانون دعو الناس على غفلاتهم [76] او قانون كلموا الناس على قدر عقولهم [77] .
ومن هنا يتضح انه ليس كل اقرار من قبل الائمة ( عليهم السلام) حجة في اثبات الصحة ، بل يشترط في الاقرار امكان المناقشة فيه والنهي عنه ، فاذا لم ينه وهو يمكنه النهي اذن يدل ذلك على الاقرار . واما اذا لم يمكنه النهي على الاطلاق ، اذن فسوف لن يكون سكوته دالاً عن الاقرار [78].
وموردنا من هذا القبيل ، لان دعبل لم يكن يتحمل ايضاح الفكرة له . وخاصة وان الامام ( عليه السلام) لا يجد في ذلك مفسدة دينية ، لان الاعم الاغلب من الناس انما هم بمنزلة دعبل او دون مستواه . فلا يكون من المنافي مع مستواهم ان يسمعوا ابياته.
منها: قال السيد في كتابه اضواء عبارة جميلة عن ما سبب وما هو الامر الذي دفع سيد الشهداء الى اخذ ولده عبد الله الرضيع الى ساحة الشرف والشهادة وهو كالاتي : (( ان الامام الحسين ( عليه السلام) نفذ قضاء الله وقدره الذي يعلمه بالالهام او بالرواية . والذي لم يكن منه بد ، بل كان واجباً عليه تنفيذه كوجوب صلاة الظهر علينا . وقد ضحى به امتثالاً لامر الله سبحانه وتسليماً لقضائه . ومن هنا ورد عن نسائه . شاء الله ان يراهن سبايا وعن طفلة شاء الله ان يراه مذبوحاً . والمشيئة اما ان يكون تكوينية يعني من القضاء والقدر ، او تشريعيه يعني التكليف والوجوب . وهي على كلا التقدرين محبوبة لاهل الله سبحانه ، ومنهم الحسين ( عليه السلام) ، وهناك مستويات اخرى من الوجوب لا حاجة الى التطويل ).
منها: انه قال في كلام عن الشعراء المشاهير وهم من اعظم الشعراء في تاريخ القديم والحديث . كلاماً غريباً لم تمر علينا من خلال المكتبة الاسلامية العريقة واني سوف اذكر هؤلاء الشعراء على الشكل الترتيبي حتى يستطيع القارئ اللبيب ان يتمتع بالقراءة .
الشاعر الاول: ( الشريف الرضي ) حيث قال عنه: فالشريف الرضي لا يخلو ديوانه من الافتخار والتكبر ، حتى يقال انه كان يطمع بالخلافة . ويدل عليه قوله : للخليفة العباسي :
مهلا امير المؤمنين فاننا في دوحة العليا لا نتفرق
الا الخلافة ميزتك فانني انا عاطل وانت مطوف[79]
الشاعر الثاني : المتنبي الذي شهد له الجميع انه اشعر العرب ، ويمكن القول بانه شيعي . فقال السيد باحقه : (( ان كتاب الملاح ( المتنبي يسترد اباه ) وان كان فاشلاً في هدفه الرئيسي وهو اثبات كونه ولداً للمهدي محمد بن الحسين ( عليه السلام ). الا ان ادلته تثبت كونه شيعياً ، ومن ذلك انه يقول : انه كان هناك مدارس خاصة لا يدخلها الا الشيعة او الهاشميون قد درس فيها المتنبي في اول امره فعلاً . وكذلك جملة من ابيات الافتخار التي يقولها تعطي انتسابه الى الدوحة الهاتشمية ، اما علويته فلم تثبت تفصيلاً .
الا انه حتى وان كان شيعياً هاشمياً ، الا انه رجل دنيوي ومتكبر ومرافق ملوك لاجل الحصول على السمعة والمال. ولا يشعر بدينه وتشيعه مع شديد الاسف ، حتى لا تجد له أي بيت ينصر به الدين او المذهب او يمدح شخصاً لتدينه[80]، ولعل اهم ما قاله في الافتخار قوله :
أي عظيم اتقي أي مجال ارتقي[81]
وكل ما قد خلق الله وما لم يخلق[82]
محتقر في همتي كشعره في مضرقي
وهو واضح في عدم خوفه من أي عظيم حتى من عظمة الله سبحانة . كما انهم ستشكلوا عليه فيها ان قوله ( وما لم يخلق ) شامل لذات الله نفسه ، فكانه يرى نفسه اعلى من الله سبحانه ، ويحتقره بقوله: ( محتقر في همتي ).
فان قلت : بأنه لا يقصد ذلك ، وانما يقصد العدم.
قلنا: نعم ، الا ان قوله : ( وكل ما قد خلق الله ) يشمل الانبياء والاولياء والعلماء واضرابهم ، فيكونون محتقرين في نظره . والشعر نص في ذلك ولا يمكن الاعتذار فيه .
الشاعر الثالث: ( شوقي ) قال السيد عنه (( كما انه من الممكن القول بان شوقي امير الشعراء شيعي .
وعلى ايه حال فانه ليس مصري الاصل ، ولا على مذهب الجماعة ، ولا يوجد له نسب في مقدمة ديوانه ، والظاهر انه هو الذي تعمد اخفاءه . والذي يقوله الثقاة انه تركي الاصل علوي المذهب ، يعني ممن يعتقد بالهية علي ( ع ) . فهو من هذه الجهة ان لم يكن شيعياً فهو يقدس ويحترم عليا ، اجمالا كما تحترمه الشيعة وتقدسه . او قل . ان مذهبه اقرب الى التشيع من هذه الناحية من التسنن ، وان كان هو رجل دنيوي من شعره ، وليس له الا قصيدة واحدة في مدح النبي وكل اشعاره الاخرى للدنيا والشيطان)) .
الشاعر الرابع: ( محمد مهدي الجواهري ) .
قال السيد عنه : (( بالرغم من ان محمد مهدي الجواهري دنيوي ايضاً وفاسد في عقيدته وسلوكه، ومناصر للملحدين في شعره . وكذلك فان ديوانه يحتوي على كثير من الغزل لمعشوقات اوربيات احبهن ونظم فيهن ، كما ان فيه قصيدة صغيرة في ذم الحوزة العلمية ، وينسب اليها الكبائر والفضائح.
وبالرغم من كل ذلك فان قصيدته في الحسين وخاصة المقطع الاول منها ، هي خير شعره ، كما انها خير ما قيل في الحسين على الطريقة الفكرية الحديثة . واعتقد ان فيها توفيقاً الهياً . مع الالتفات انه قالها منذ شبابه حين كان معمماً في الحوزة ولم يكن متدنساً بالاثام التي طرأت عليه بعد ذلك ولعل خير ما فيها قوله :
كأن يدا من وراء الضريح حمراء مبتورة الاصبع .
تمد الى عالم بالخنـوع والذي في شرف مترع
لتبدل منه جدب الضمير باخر معشوش ممرع[83]
منها : انه قال في كتابه شذرات من فلسفة تاريخ الحسين ( عليه السلام ) كلاماً عجيباً لا يصدقه الا من امتحن الله قلبه للايمان وكان قوي العقيدة واسع العقل ، رحب الصدر ، شديد الفكر ، حول عبارة الرسول الكريم ( صلى الله عليه واله وسلم ) (( الحسن والحسين ولداي من صلب علي )) ، فقال رضوان الله عليه هذا الكلام وهو مطمئناً واثقاً ، لا يبالي لومة لائم ، وهذا نص كلامه : (( وهذا يعني ان انتساب الحسن والحسين الى النبي بالنبوة الحقيقية له . فهو والدهم الحقيقي والواقعي ، وان كان ابوهم الظاهري هو امير المؤمنين .
ومن هنا قال : ولداي ولم يقل ابناي ، وهذا اوكد من هذه الناحية ، لان الابن قد يكون بالمعنى الاعم ، لكن الولد لا يكون الا بالمعنى الاخص ، فمن هذه الناحية اختار اصرح اللفظين واوضحهما .
فان انتساب الحسن والحسين وان كان بحسب الاسباب الدنيوية الى الزهراء . ولكن المسألة الصق من ذلك ، فهم اولاد النبي مباشرة . وهذه مزية لم تعط لاحد من الخلق غيرهما .
ويمكن ان نفهم ذلك من القرآن الكريم ، وذلك من قوله تعالى { وانفسنا وانفسكم } محمد وعلي نفس واحدة ، ونور واحد فاذا كانا واحد فما يكون لهذا يكون لهذا .
وكما ورد عن النبي انه قال لعلي ( عليه السلام ) { انك ترى ما ارى وتسمع ما اسمع }. فأن بعض العلويين كالعباس ومحمد بن الحنفية وغيرهم ، وان كانوا علويين واشراف ، بل هم من الصلب المباشر لعلي ( عليه السلام ) وهذا مهم جداً الا انه لم يرد فيهم { ولداي } كما ورد في الحسين . بل حتى لو كانت الذرية من علي وفاطمة كمحسن وزينب ( عليه السلام ) فان الحسن والحسين افضل .
ان قلت :ان قوله تعالى : { وانفسنا وانفسكم } ليس دليلاً على وحدة محمد وعلي ( عليه السلام ) ، وذلك بان نلتفت الى انه يكفي في صدق { انفسنا} وحدة الجماعة بوحدة الهدف ، ووحدة المصالح. أي جماعتنا وجماعتكم. بدليل انه لا يحتمل ان يكون المسيحيون كل واحد منهم هو عين الاخر ، فكما انه لا نقول بالنسبة للمسيحيين بالوحدة ، فكذلك لا نقول بالوحدة بالنسبة الى المسلمين .
قلنا: اننا نضم قضية خارجية قطعية ، وهي ان النبي ، لم يطبق عنوان ( انفسنا ) الا على اثنين : هو وامير المؤمنين .
في حين انه طبق المسيحيون ذلك على جماعة متعددين . { فنساؤنا} منحصرة بالزهراء ،و { ابناؤنا} منحصرة بالحسين والحسين ، { انفسنا } منحصرة بعلي بعد ان نلتفت ان النبي هو الداعي والشئ الاخر الذي وردت الاشارة اليه ، هو ان علي نفس محمد ولكن ليس بالمنازل المتدنية ، فهما بالدنيا اثنان ، وفي الاخرة كذلك اثنان ، وانما هما نور واحد في قمة عالية جداً . وظاهر الكتاب والسنة مكرس على الاثينية ، وانه وحي رسول الله ، ونحو ذلك من الامور . فكل هذه الامور تدعم بوضوح وصراحة الاثينية ، وانما هي اثينية في عالمها .
اذن ، فعلي ( عليه السلام ) فيه جهتان : جهة استقلالية وجهة فنائية في رسول الله اوقل جهة غيرية وجهة عينية ، وقد حاز في كل جهة شيئاً من المميزات . فمثلاً ان قوله : { انك ترى ما ارى ، وتسمع ما اسمع} وقوله : { ما عرف الله الا انا وانت } ، فانه باعتبار الجهة الفنائية والعينية .
فقد ولد علي ( عليه السلام ) الحسنين ( عليهم السلام ) من الجانب الفنائي فاصبحا اولاد رسول الله مباشرة . وقد ولد الاخرين بالجانب الاستقلالي ، أي بصفته مغايرا له وبالنتيجة فقد ولد كل اولاده بالجانب الاستقلالي ما عدا الحسنين ( عليهم السلام ) . فان قلت : ان عليا ( عليه السلام ) فيه جانب فنائي وجانب استقلالي ، فمن قال انه ولد الحسنين بالجانب الاول دون الثاني . بل الاظهر انه ولدهما بالجانب الاستقلالي والغيري .
قلنا : ان المسألة اذا بقيت على هذا المقدار فلا باس ، لكننا نستطيع ان نقيم قرائن ودلائل على انهما ولدا من علي ( عليه السلام ) بعنوان العينية والفنائية :
منها : ذلك الخبر الوارد : { الحسن والحسين ولداي من صلب علي } .
ومنها : شهرتها انهما ابنا رسول الله حتى كان كل منهما ينادي بذلك .
ومنها : اهميتها البالغة في نظر الرسول مما لم تعط لاحد من اخوتهما حتى من ابناء علي وفاطمة ( عليه السلام ) انفسهما . على انه يمكن القول : ان مميزات الحسين ( عليه السلام ) اكثر من مميزات الحسن ( عليه السلام ) مثل ما ورد : الشفاء في تربته واستجابة الدعاء تحت قبته والائمة التسعة من ذريته }، مضافاً الى انه وفق الى نوع من الشهادة لم يرزق غيره منها بما فيها ابوه واخوه . ولولا وجود الدليل على ان { ابوهما خير منهما } لقلنا انه خير من ابيه ، ولكن ليس الى ذلك من سبيل .
مضافاً الى انه ليس هناك احد غيره شاء الله في نساءه ان يراهن سبايا على اقتاب المطايا ، او ان يقتل ابنه الرضيع في يده ، او ان تدوس الخيل صدره وظهره ، او ان يقتل جائعاً عطشاناً ، واهمية الجوع والعطش عند الموت امام الله سبحانة واضحة قد ارادها امير المؤمنين ( عليه السلام )، لنفسه حين قال : { ان هي الاثلاث واود ان القى الله خميصا } وارادها العباس ( عليه السلام ) لنفسه حيث القى الماء ولم يشربه ، وهذا ما ذكرناه في ( الاضواء )[84].
الشئ الاخر: بهذا الصدد : ان هناك رواية اخرى تدل على فضيلة للحسين ( عليه السلام )، وهي بحسب المضمون : انه لما ولد الحسن ( عليه السلام ) اتاه النبي واذن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى وقال للزهراء ( عليها السلام ) : لا ترضعيه الى ان ارجع ثم خرج فتاخر النبي فبكى الحسن ( عليه السلام ) برهة من الزمن فاخذها ما ياخذ النساء ، أي من الشفقة ، وارضعته .
ولما ولد الحسين ( عليه السلام ) جاء جده ايضا ، واذن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى ، ثم قال لها : لا ترضعيه الى ان ارجع . فلم ترضعه الى ان رجع رسول الله . حينئذ اقبل النبي فوضع ابهامه في فم الحسين ( عليه السلام ) ، فارضع الحسين ( عليه السلام ) من ابهام النبي . ولعل ظاهر الرواية انها ليست مرة واحدة ، بل استمر على ذلك اياما ولعل هذا من اسباب المميزات التي ذكرناها قبل قليل ، فانها مزية لم تكن لاخيه الحسن ( عليه السلام ) فكان يتغذى بنفس رسول الله .
والرواية حينما تقول : ( عليه السلام ) { فاخذها ما ياخذ النساء أي من الشفقة } فهو بحسب الظاهر قول الرواي والا لو كان كذلك ، لاخذها نفس الشئ في حالة الحسين ( عليه السلام ) . لان الامثال فيها يجوز وما لا يجوز واحد ، وانما ذلك حسب ما رات سلام الله عليها من المصلحة . والحكمة الواقعية .
فان قلت : فهل ان الزهراء ( عليها السلام ) عصت رسول الله وقد قال لها عند ولادة الحسن ( عليه السلام ) لا ترضعيه.
قلنا: ان جواب ذلك من عدة وجوه .
الاول : ضعف سند الرواية ، فلعلها موضوعة ، او مزيد فيها . ولو لم يكن الا هذا الجواب لكفى .
الثاني : انما تكون الزهراء ( عليها السلام ) مقصرة وحاشاها ، فيما اذا كان الامر الزاميا ، فيحرم عليها الارضاع . واما اذا لم يكن الامر الزامياً فلا اشكال ، ولعلهم متفقون ما بينهم ان هذه الاوامر لا تكون الزامية ، وانما هي اقتراحات ، او ترجيحات ، او نحو ذلك .
الثالث: انه ما من شئ حرمه الله الا واحله في وقت الضرورة ، وهذا حكم شرعي نافذ على المعصومين وغيرهم .
ومن الممكن القول ببساطة ، ووضوح : ان الزهراء ( عليها السلام ) شعرت بالضرورة والعسر والحرج فالضرورة اسقطت الامر بوجوب تاجيل الارضاع .
الرابع: انها تلقت من الله تعالى امراً عن طريق الالهام ، بان ترضعه ، لان ذلك استحقاقه ، والالهام مقيد لامر النبي ، ويكفي لنا ان نحتمل ذلك ، في ان نحملها على الصحة .
وهذا الخبر كما يدل على علاقته ( عليه السلام ) برسول الله ، يدل على علاقتهُ بالزهراء ( عليها السلام )[85].
منها: قال السيد ( قدس سره ) في كتابه[86]، بخصوص السيدة الجليلة العظيمة سكينة بنت الحسين ( عليه السلام ) هذا نصه : وانا اعتقد ان اسمها ليس مصغراً ( سكينة ) كما يلفظه العامة والمشهور وانما هو مكبر ( سكينة ) ماخوذاً من القرآن الكريم ( فانزل السكينة على رسوله ) يعني هي السكينة النازلة تشبيهاً . واما المصغر فهو انثى الحمار بنص اللغويين ومنهم ابن منظور في لسان العرب . وهذا مما يجهله المثقفون والمتفقهون من الناس مع الاسف ، ولا يحتمل ان الحسين ( عليه السلام ) يجهله .
منها: يوجد له كلام في عبارة ( حقوق الطبع محفوظة ) وهي عبارة عن تقييد ، أي عدم استمرارية هذا العمل الى زمان اطول وقرائته اكثر بحيث يزول ولا يجدد من جديد ولا يبقى خالداً على زمن الاجيال وهذا يتضح منه ضياع ما عمل المؤلف والكاتب من تعب وتفكير وتفسير وراي جديد وراي قديم واسلوب مختلف في كافة مجالات الحياة فعمد السيد محمد الصدر ( قدس سره ) الى رفع هذه العبارة حتى يبقى عمله خالداً على مرور الاجيال ولا يكون فيه من تقييد وحرج ، ما اذا اراد مجتهد اخر او مؤسسة اعلامية اخرى وناشر اخر ان يعيد هذا العمل من جديد ، فكم من كتاب ذهب وكم من مؤلفات قد ضاعت ، فنخاطب كل مؤلف او كاتب وناشر ممن يريدون نفع المسلمين كافة ونقول لهم لماذا هذه العبارة تكتب على مؤلفاتكم هل هي لحفظ مظمون الكتاب من تزوير او لحفظ كثرة المال من عدم الذهاب الى غيركم ؟
هذا ما فهمناه من كلام السيد وقصده ، لكن اعتذر من عدم نقل الكلام بالنص من سماحته لاني لم اعثر على النسخة الاصلية له . علماً ان السيد لم يكتب هذه العبارة على كل مؤلفاته وكم كانت قيمة وجميلة مصداقاً لقوله تعالى : { فيها كتب قيمة }[87].
ومثال ذلك كتاب موسوعة الامام المهدي (عج) حيث طبع الكتاب مرات كثيرة في العراق الحبيب وفي لبنان ، وفي ايران .
منها: انه قال في الكذب )) فلو تمنى من دون قصد التمني او تعجب بدون قصد التعجب كان كذباً وكذلك لو اوقع عقد البيع او الاجارة والهبة صورياً من دون قصد جدي او حقيقي اليه ، فانه يكون كذباً (( .
منها: انه سُئل عن مصحف فاطمة ( عليها السلام ) هل هو عند الحجة ام هو موجود متداول بين ايدي الناس ؟
فقال : (( بل عند الحجة ( عج))
منها: انه سُئل عن سيف ذي الفقار هل انه نزل به جبرئيل ( عليه السلام) من السماء ام هو من صنع اهل الدنيا فأجاب ( قدس سره ) : (( بل نزل به جبرئيل ( عليه السلام ) من السماء على النبي ووهبه النبي لعلي ( عليه السلام ) ولم يكن العرب يعرفون سيفاً براسين)) .
منها: انه سُئل هل هناك نبي تكلم بالعربية غير نبينا محمد فأجاب : (( المروي ذلك في النبي خالد صاحب أصحاب الأخدود))
ووجه اليه سؤال اخر هو : هل النبي محمد يقرأ ويكتب ام انه كان امياً فالعوام في هذا الزمان يعتبرون الامية نقص ؟ فقال : النبي لم يخط بيده حرفا ، ولكنه كان يعرف كل ذلك وغير ذلك بعلم النبوة لا بالسبب الطبيعي .
منها: انه سئل عن الكشافة ما هو تفسير سماحتكم عن تنبأ الكشافة بشئ يكون مطابقاً للواقع .
فقال: ما دام الصدق غير غالبي فهو صدفة .
منها: انه سُئل عن الفرق بين الجن والملائكة ؟
فأجاب: الجن يتشكل بكل شكل حتى الكلب والخنزير ،
والملائكة تتشكل بكل شكل الا الكلب والخنزير .
منها : انه سئل عن علة وضع الجريدة من النخيل مع الميت ؟
فأجاب : سماحته : ورد انه يدفع عنه العذاب ما دامت رطبه.
منها: انه اجاب حول سؤال مطروح هو : هل الاستعاذة عامة لجميع الناس.
فكان جوابه : انما هي لمن يجمع بين خوف الله وخوف الخلق ، وهم الاعم الاغلب من الناس ، اما الذين يتمحضون في الخوف من الله . فهم يخشون الله ولا يخشون احداً الا الله ولا يخافون من شر ما خلق الله سبحانة . فتكون هذه الاستعاذة بمنزلة السالبة بانتفاء الموضوع . ولكن مع ذلك تقول : ان القران نزل لكي تستفيد منه كل الطبقات .
منها: انه قال في كتابه اضواء عل ثورة الامام الحسين ( عليه السلام ) : ان الحسين ( عليه السلام ) كان يتمثل بأبيات رابعة العدوية . وقد كررته في الكتاب اكثر من مرة وهذا ما سمعته من قبل بعض الخطباء وارتكز في ذهني بصفته مناسباً لمقتضى الحال على أي حال.
وقد استشكلوا عليّ في ذلك باعتبار ان رابعه هذه متأخرة عن ذلك العصر ، كما هو المشهور من تاريخها ، فأجبته اعتماداً على ذاكرتي ايضاً . كلا فإنها كانت في زمن النبي والصحابة . الا انها كانت منعزلة عنهم بصفتها امراة متزهدة والى الان اتذكر اين وجدت ذلك في بعض المصادر الا انني يتعذر عليّ عنوان الكتاب والابيات هي : تركت الخلق طراً في هواكا وايتمت العيال لكي راكا.
ولو قطعتني في الحب اربا لما مال الفؤاد الى سواكا .
منها: انه سُئل عن نظره المشرع الاسلامي للحب بين الجنسين خصوصاً واننا عرفنا ان بعض الحب يحدث بشكل لا ارادي ؟.
فقال: انا الذي افهمه ان الحب اللاارادي غير داخل في التكليف الشرعي وليس بحرام لانه لا ارادي، وكل شئ لا ارادي خارج عن نطاق التكليف . انما التكاليف تتعلق بالاشياء الارادية والافعال الاختيارية فالشئ الذي لا يكون ارادياً لا يكون محرماً سواء أكان جيداً او رديئاً فمثلاً التمييز وعدم التمييز بين الزوجات قلبياً أي في العاطفة والحب فالزوج غير مكلف بها بنصوص كلام الفقهاء لان هذا شئ لا ارادي ، وهذا الشئ احسن من هذا لا سبيل الى تفضيل الا دون من الاحسن بطبيعة الحال فمن هذه الناحية الحب اللا ارادي ليس فيه اشكال ولكن مقدماته تكون فيها اشكال ومنها كيف يراها وكيف تكلم معها وكيف عشقها ونحو ذلك من الامور لابد وان تكون مقدمات محرمة لا اقول في الاعم الاغلب بل دائماً وهذا هو الحرام واذا كان الانسان حقيقة متدين ومبتعد عن الاختلاط وصائن نفسه لا يحصل له مثل هذا الشئ .
منها: انه سُئل عن : حدث خلط عند الشباب بين كتب العرفان وكتب السحر كيف ينصح سماحتكم الشباب ويوضح لهم ذلك ؟.
فقال سماحته: كل ما اعرفه بان الكتب العرفانية وكتب السحر هي كتب قوانين ما وراء الطبيعة وكلها عناوين باطنية ولكنها تختلف اختلافات جذرية مثل اختلاف بقية العلوم كاختلاف الطب عن الفيزياء ، وكذلك الامور الباطنية والعلوم الباطنة تختلف اختلافات جذرية . العرفان عالي عند الله جداً والسحر متدني عند الله جداً لا يقاس احدهما بالاخر والساحر كافر ويجب قتله هذا بصريح الشريعة موجود بصريح السنة الشريفة موجود والعارف اذا كان عارفاً حقيقة فهو من اولياء الله ومن الابدال .
الخلط بين السحر والعرفان اشتباه عجيب وناتج عن الجهل والتدني بالثقافة ، صحيح انهما يشتركان بمعنى الباطن وبما وراء الطبيعة وهذا لا يعني لزوم الخلط بينهما هذا مباين للاخر جداً ولا يتفقان في شئ اصلاً ومع ذلك انا انصح بتركهما معاً لان الله اعطانا شريعة متكاملة وسلوك متكامل في الحياة الدنيا وليس علينا ان نزيد عليه اذا كنا حقيقة نخاف الله ولدينا درجة من التقوى ولنا كفاية من ولاية امير المؤمنين وشفاعة المعصومين فلماذا تكون اعيننا تنظر الى الخارج هذه المنطقة لا حاجة الى ذلك سواء كان من جهة الاعلى وهو علم العرفان.
منها: له كلام حول العزلة عن المجتمع : فقال ( قدس سره الشريف ) في عدة امور هذه نص الامور التي ذكرها مع حذف بعضها :
اولا: من قطعيات التاريخ الاسلامي : ان النبي كان ردحاً من عمره الشريف قبل نزول الوحي عليه يفضل مسلك الاعتزال ويتعبد لله عز وجل في غار حراء . وربما استمر على ذلك سنين عديدة لا نحصيها[88].
ونحن نعلم ان لنا في رسول الله اسوة حسنة بنص القرآن الكريم ، لا يختلف في ذلك حاله فيما قبل الاسلام اعني نزول الوحي او حالة بعده.
ثانياً: انه لا شك في استحباب الزهد في الشريعة الاسلامية . في المأكل والملبس والمسكن ، وكف اللسان والفرج مهما امكن وهذا مما تواترت فيه الاخبار واجمع عليه علماء الاسلام.
ثالثا: دلت الادلة المتواترة ايضاً على رجحان الاعراض عن الدنيا واسقاط اهميتها من نظر الاعتبار وان الدنيا والاخرة ضرتان لا يجتمعان . ونحو ذلك من المداليل التي تجتمع على معنى بغض الدنيا وحب الاخرة ، وفي الدعاء : اللهم اخرج حب الدنيا من قلبي .
رابعا: ما دل على رجحان الاعتزال عند وجود الفتن والتجنب عن الخوض فيها .
فانما هي شكل من اشكال الامتحان الالهي للخلق فكل اندرج في الفتنة فقد رسب في الامتحان وهلك . وكل من انعزل عند الفتنة فقد نجح في الامتحان واهتدى .
فقد ورد بمضمون : ( اذا حصلت الفتن فكونوا احلاس بيوتكم ) او ( لا ينجو من الفتن الا من يصير بغنمه الى الشعاب ورؤؤس الجبال ).
خامساً: ما دل على ان العباد والافضل عند الله عز وجل هم الذين اذا وجدوا لم يعرفوا واذا غابوا لم يفقدوا . فكيف حصلوا على هذه الصفة الا باعتزالهم للمجتمع وابتعادهم عن اهله .
سادساً: ان مخالطة الناس في المجتمع موجب للاطلاع على ذنوبهم وعيوبهم ، واحياناً تطرفاتهم في الباطل . الامر الذي يوجب الهم والغم عند المسلم المخلص بل قد لا يكون متحملاً على الاطلاق .
سابعاً: ان مخالطة المجتمع يوجب عادة على الفرد ، ان يجاري الناس حاجاتهم وثقافتهم ومستويات تفكيرهم ، الامر الذي قد يورط الفرد في كثير مما هو حرام في الشريعة او مشبوه يعني محتمل الحرمة . وقد ورد : ( من حام حول الشبهات كاد ان يقع في المحرمات ).
ولا شك ان مجانية المجتمع او قلة الاتصال به ، يكون سبباً لان يُكفى الفرد ما هو في غنى عنه مما عرفناه في هذا الامر والامر الذي قبله .
ثامناً: لا شك ان قلة الاتصال بالمجتمع يوفر الفرد للعبادة وذكر الله سبحانه ، اكثر من أي شئ اخر . ويصرف عنه كثيراً من موانع ذلك .
فاذا كان الفرد راغباً في العبادة والدعاء والاستزادة منهما ، كان لا بد له عادة من تقليص وجوده الاجتماعي . هذا الى امور اخرى ، لا تخفى على اللبيب . وكلها مرجحة للعزلة وقلة الاتصال بالناس ، على مستوى اسلامي ومعترف به في الشريعة بدون شك .
منها : له كلام حول الكعبة وبناءها في التاريخ :
فقال ( قدس سره الشريف ) : يمكن ان نعرض فكرة احتمالية نستفيدها من عدة الامور:-
الامر الاول : ما ورد من ان الله تعالى خلق الف الف آدم والف الف عالم . وليس ادمنا هو الاول ولن يكون هو الاخير .
الامر الثاني : ما ورد من دحو الارض من تحت البيت وان البيت هو الاصل في خلقه الارض .
الامر الثالث: قوله تعالى : { ان اول بيت وضع للناس } بحيث نفهم من ( الاول ) ما كان في اول الخلقة على وجه الارض . ( ويدل على ذلك قوله تعالى : عند بيتك المحرم ). واسماعيل ( عليه السلام ) كان طفلاً رضيعاً في حين رفعا القواعد من البيت عند شبابه ومع ذلك فابراهيم ( عليه السلام ) ياخذ وجود البيت مسلماً .
فينتج ان الكعبة بنيت من اول ذرية عاقلة وحدت الله على وجه الارض . واستمرت تتجدد مرة بعد مرة ، والناس اعني جميع هؤلاء الذراري والعوالم المتعاقبة مأمورون بالخضوع لله عز وجل والتوجه اليه ، بل وتجديد الميثاق من تلك المنطقة ، ومعه يكون بناء الكعبة قديماً يكادان يساوي عمر الارض نفسها . نعم بالنسبة الى الميثاق . فان الاية الكريمة انما نصت على اخذه من بني ادم ولم تذكر غيرهم . فهم الذين يحتاجون الى تجديده دون غيرهم . الا ان الاعتبار اولا وهذه الرواية السابقة التي نصت على اخذ الميثاق من الملائكة تدل ضمناً على اخذه من كل الخلقة العاقلة مهما وجدوا . فتجديد العهد يكون ضرورياً لكل نسل .
ودلالة هذه الرواية على نزول الحجر لادم ( عليه السلام )، لاقبله . لا ينافي ما قلناه لعدة احتمالات :
اولا: يمكن ان ينزل الحجر على كل آدم يوجد على وجه الارض وذريته.
ثانياً: يمكن ان يكون تعاهد الميثاق على طريقة اخرى في العهود او الاودام السابقين. الى غير ذلك من الاحتمالات. واذا غضضنا النظر عن ذلك ، واقتصرنا على بشريتنا هذه . بقي لدينا في اول من بنى الكعبة احتمالات :
الاحتمال الاول: ما نطقت به الروايات واسنده ظاهر الايات .
كما سنسمع – من ان آدم ( عليه السلام ) هو الذي بنى الكعبة . بمعونة الملائكة. ولم يكن يحتاج في ذلك الحين الا تسطير الصخر على شكل مكعب لا ضرورة الى ان يكون عالياً جداً .
بل لعله يزيد على متر واحد . والمهم ان مثل هذا البناء لا يضره المطر والرياح. ويكون الحجر الاسود ضمن هذه الصخور.
وظاهر قوله تعالى : واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل . ان القواعد كانت موجودة وانه ازيل البناء الذي فوقها . كنتيجة للطوفان اغيره . وكانت وظيفة النبي ابراهيم ( عليه السلام ) ان يرفع هذه القواعد أي يبني فوقها .
الاحتمال الثاني : ان اول من بنى البيت ابراهيم ( عليه السلام ) نفسه الا ان في هذا الاحتمال الغاء لتلك الروايات المشار اليها . ويجب ان نفهم من الاية الكريمة . ان القواعد ايضاً من صنع ابراهيم وهو لا يخلو من مخالفة الظاهر ، الا ان اشتغاله ببناء الكعبة المشرفة من الضروريات . فاما ان يكون هو اول من اظهرها بعد الطوفان او هو الاول على الاطلاق .
قال في تفسير الميزان : ما زالت الكعبة على بناء ابراهيم حتى جددها العمالقة ثم بنو جرهم او بالعكس كما مر في الرواية عن امير المؤمنين ( عليه السلام ).
ثم لما آل امر الكعبة الى قصي بن كلاب احد اجداد النبي ( القرن الثاني قبل الهجرة ) هدمها وبناها فاحكم بناءها . وسقفها يخشب الدوم وجذوع النخل . وبنى الى جانبها دار الندوة. وكان في هذه الدار حكومته وشوره مع اصحابه . ثم قسم جهات الكعبة بين طوائف قريش فبنوا دورهم على المطاف حول الكعبة ، وفتحوا عليه ابوابهم .
وقبل البعثة بخمس سنين هدم السيل الكعبة ، فاقتسمت الطوائف العمل لبنائها . وكان الذي يبنيها باقوم الرومي ويساعده نجار مصري ولما نتهو الى وضع الحجر الاسود تنازعوا بينهم في ان ايها يختص بشرف وضعه ، فرأوا ان يحكموا محمداً وسنه آن ذاك خمس وثلاثون سنة . لما عرفوا من وفور عقله وسداد رأيه ، فطلب رداء ووضع عليه الحجر ـ وامر القبائل فامسكوا باطرافه ورفعوه حتى اذا وصل الى مكانه من البناء في الركن الشرقي اخذه هو فوضعه بيده في موضعه .
وكانت النفقة قد بهظتهم فقصروا بناءها على ما هي عليها الان . وقد بقي بعض مساحته خارج البناء من طرف حجر اسماعيل لاستصغارهم البناء .
اقول : من المستبعد انها كانت على مما عليه هي الان . ولكنها كانت اعرض بمقدار الدكة المسماة الشاذروان .
ثم قال: وكان البناء على هذا الحال حتى تسلط عبد الله بن الزبير على الحجاز في عهد يزيد بن معاوية فحاربه الحصين قائد يزيد بمكة واصاب الكعبة – بالمنجنيق فانهدمت واحرقت كسوتها وبعض اخشابها ثم انكشف عنها لموت يزيد .
فرأى ابن الزبير ان يهدم الكعبة ويعيد بناءها فاتى لها بالجص النقي من اليمن وبناها به . وادخل الحجر في البيت والصق الباب بالارض وجعل قبالته باباً اخر ليدخل الناس من باب ويخرجوا من اخر . وجعل ارتفاع البيت سبعة وعشرين ذراعاً . ولما فرغ من بنائها ضمخها بالمسك والعنبر داخلاً وخارجاً وكساها بالديباج . وكان فراغه من بنائها 17 رجب سنة 64 هـ. ثم لما تولى عبد الملك بن مروان الخلافة بعث الحجاج بن يوسف قائدة فحارب ابن الزبير حتى غلبه فقتله. ودخل البيت . فاخبر عبد الملك بما احدثه ابن الزبير في الكعبة فامره بارجاعها الى شكلها الاول . فهدم الحجاج من جانبها الشمالي ستة اذرع وشبراً . وبنى ذلك الجدار على اساس قريش ورفع الباب الشرقي وسد الغربي ، ثم كبس ارضها بالحجارة التي فضلت منها . ولما تولى السلطان سليمان العثماني الملك سنة ستين وتسعمائة ، غير سقفها .
ولما سلطان احمد العثماني سنة احدى وعشرين بعد الالف احدث فيها ترميماً ولما حدث السيل العظيم سنة تسع وثلاثين بعد الالف هدم بعض حوائطها الشمالية والشرقية والغربية فامر السلطان مراد الرابع من ملوك ال عثمان بترميمها ولم يزل ذلك حتى اليوم .
منها:له كلام رائع عن العرفان حيث قال : من جهة الاسفل وهو علم السحر او علم الحروف او الامور العجيبة الغريبة كل ذلك ليس بالصحيح انما نذكر الله ونتمسك بالقرآن والحديث الشريف ونريد النجاة ، وهناك قول للمعصومين يقول كثيره لا يدرك وقليله لا ينفع ، فالكتمان او الثلاث التي يحصل عليها الانسان من العلوم العرفانية الباطنية لا تنفع فخير لك ايها الانسان ان تتمسك بالعبادة الظاهرة من ان تكرر هذه الامور العجيبة التي هي متدنية ، واما العالية وهي ولاية الله فهذا لا يدرك كثيره ، لان المقدمات لا توصل اليه وانما بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، الله يختار اوليائه وليس أي واحد من البشر من يستطيع ان يختار اولياء الله ، ومن قبيل ذلك ما قالوا سابقاً ( ياخذ حمام بارد ويخرج من الحمام ليقول انا صرت عرفاني ) ليس لها معنى ، الحمام البارد لا يوصل الى العرفانية او الولاية الالهية او الى العصمة الثانوية فهذا مسخرة وهذا هو الظلال ، الذي نهيت عنه بشدة وواجبي ان انهى عنه بشدة لانه لو كان هناك قيمة وفائدة فيه لفعله رسول الله ( ص) والمعصومين وطبعاً هم كتموه سلام الله عليهم وجزاهم الله خيراً ويجب علينا كتمه ونحن لنا اسوة بهم لان كثيرة لا يدرك وقليله لا ينفع .
منها: انه قال عن الشعور الجنسي هذا نصه : الحديث عن الشعور الجنسي الذي قد يكشفه احياناً ، وخاصة لدى عهد الشباب
فان تحريك الاعضاء الجنسية قد يوجب ذلك ، بل قد يوجب الانزال . والا دهى من ذلك شرعاً هو انه قد يوجب الالتفات الى العادة السرية وقد يوجب الادمان عليها ايضاً ، ممن لا ورع له في دينه وخاصة في غير المتزوجين . وفي الحقيقة ان هذا او نحوه امر راجع الى وجدان كل شخص بحياله .
منها: انه قال في تعجيل الدفن للميت هذا نصه : يستحب تعجيل تجهيز الميت ودفنه ، في ذلك من الراحة له والراحة منه ، الا ان هذا انما يشرع ويكون مستحباً مع حصول العلم بالموت . واما مع الشك به فلا يجوز دفنه ما لم يحصل العلم ويرتفع الشك . اذ لعل هناك مئات من المدفونين انما دفنوا قبل موتهم . فلربما تعود له الحياة فيجد نفسه في باطن قبره حيث لا منقذ ولا مغيث . وهو بلاء عظيم جداً على هذا المسكسن ، بحيث يبقى الى ان يموت مرة ثانية من الالم والجوع والعطش والمرض . وغالب هؤلاء انه لا يعرف اتجاهه فسوف يتمدد على خلاف القبلة لانه يتحرك بعد وعيه فتشتبه عليه القبلة ، او لا يتذكرها اطلاقاً ، فيكون دفنه بعد موته الحقيقي على خلاف القبلة ، يعني بالصورة غير المشروعة . وكم صادف ان نبشت بعض القبور فوجدوا الميت ممدداً الى غير القبلة . وليس هناك من سبب غير وعيه وانتباهه بعد دفنه . والمهم الان انه ، من الضروري للاحياء ان يجنبوا الميت مثل هذه الحالة ويرحموه من هذه الناحية ، فلا يدفنونه الا بعد ان يتأكدوا مئة بالمئة من موته ، بحصول العلم العرفي الكامل بحصول موته .
اقول[89]: ان هذه الظاهرة الغريبة والعجيبة والمؤلمة جداً تكون في حالة الموت للاشخاص عندما يذهب بهم الى مراكز الطب العدلي حيث يتم تشريح الجثة بدون مراعاة لهذا التحذير وتكون النتيجة هي الموت المؤلم للفرد وذلك بسبب حصول علامات الموت المعروفة عندهم وهي ثلاث علامات كما يأتي العلامات :
اولا: توقف ضربات القلب .
ثانيا : انقطاع التنفس .
ثالثاً: سكون حدقة للعين عن الاتساع او التضيق للضوء وكل هذه الامور نشاطات غير اختيارية للانسان كما هو واضح ، فانقطاعها ايضاً غير اختياري ، فيكون دالا على الموت . ويحصل بذلك وثوق كامل به ، اذا حصلت بعض تلك العلامات دون بعض ، كان لا بد من الانتظار الى حين حصول الباقي ، اذ لعل المانع من ضربات القلب مثلاً ، مرض معين ، وليس الوفاة [90].
منها: انه قال عن الخدعة في الحرب :- عن عدي بن حاتم وكان مع علي (عليه السلام ) في غزوته : ان علياً يوم التقى بمعاوية بصفين ، فرفع بها صوته يسمع اصحابه : والله لاقتلن معاوية واصحابه . ثم قال في اخر قوله : ان شاء الله . وخفض صوته . وكنت منه قريباً فقلت : يا امير المؤمنين انك حلفت على ما قلت ثم استثنيت . فما اردت بذلك ؟.
فقال: ان الحرب خدعة . وانا عند المؤمنين غير كذوب . فاردت ان احرض اصحابي عليهم كيلا يفشلوا ولكي يطمعوا فيهم . فافهم فانك تنتفع بها بعد اليوم ان شاء الله تعالى .
واعلم ان الله عز وجل قال لموسى ( عليه السلام ) حيث ارسله الى فرعون . فاتياه فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى . ولقد علم انه لا يتذكر ولا يخشى . ولكن ليكون ذلك احرض لموسى على الذهاب .
ولنا على هذه الرواية بعض الملاحظات :-
اولا: ان هذه الرواية لا تحتوي على كذب. اما كلام امير المؤمنين ( عليه السلام ) فلأنه اناطه بمشيئة الله سبحانة واما الاية الكريمة : لعله يتذكر او يخشى ، فلانه ( ترجي ) لاصطلاح علوم البلاغة . والترجي من الانشاء والانشاء لا كذب فيه . وانما الكذب والصدق من خصائص الخبر دون الانشاء . كما هو واضح في محله .
ثانيا : ان قوله تعالى لعله يتذكر او يخشى لعل السبب الرئيسي له هو اقامة الحجة على فرعون لانه بدونها سوف لن يثبت انه معاند وكافي .
والرواية تذكر سبباً اخر وهو تحريض موسى ( عليه السلام ) وترغيبه بالذهاب الى مهام النبوة .
منها: انه قال في احدى خطب الجمعة ( جمعة 29 ) : هذه العبارة التي لم يقلها احد من قبل وهي كالاتي : ( ان امريكا تعد العدة في الخليج العربي بما يسمى قوات التدخل السريع هو من اجل الامام المهدي ( عليه السلام ) وقال يوجد الان في البيت الابيض ملف كامل وواسع جداً محيط بكل ما هو عن المهدي ( عليه السلام ) الا انه ينقصه الا صورته الشخصية وهي مفقودة بطبيعة الحال .
منها : له كلام حول وجود الرهبان قبل الإسلام .
فقال: هناك فكرة قد تخطر على البال لاجل الاستدلال على وجود الرهبان قبل الإسلام بكثير[91] .
وذلك: لأننا عرفنا ان الرهبان جمع راهب والرهب هو الذي يتخذ الرهبانية له مسلكاً .
والرهبانية مساوقة مع الرهبة المودعة في القلب والنفس وهذه الرهبة عطاء الهي للعبد حين يكون بدرجة معينة عليا من الكمال . ولا شك آن عدد من الناس غير قليل بلغ الى هذه الدرجة قبل الإسلام . ولا اقل من الأنبياء فان درجة الرهبانية موجودة لديهم ، كابراهيم وموسى (عليهما السلام )وغيرهما فكيف نقول : آن الرهبة وجدت بعد المسيحية ؟
وخاصة اذا لاحظنا قوله تعالى : (( ولما سكت عن موسى الغضب اخذ الالواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون)) [92].
وهي دالة على وجود الرهبة في بعض القلوب من زمن موسى ( عليه السلام ).
منها: له نصيحة جميلة وهي كالاتي :
كن صلبا في ارادتك .
ممتحضا في التوكل .
رحيما مع الاخرين
واجعل نفسك عدوا تحاربه .
وعقلك نبيا تتبعه .
وقلبك بيتا تسكنه
وربك هدفا تطلبه
جزاك الله خير الجزاء
|
|
|
|
|