|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
+*¨^¨*+(رحلة في رحاب الحياة الحسنية)+*¨^¨*+
بتاريخ : 13-09-2008 الساعة : 08:25 AM
+*¨^¨*+(رحلة في رحاب الحياة الحسنية)+*¨^¨*+
الشطر الثاني
المرحلة الاولى:البيعة له بالخلافة حتى الصلح
بدأ الشوط الثاني من دور الإمام عليه السلام في دنيا الإسلام بعهد ابيه له بالامامة, فعلى اثر تعرضه للاعتداء الاثيم الذي ارتكبه ابن ملجم وآخرون, اوصى الإمام الراحل عليه السلام إلى ولده الحسن عليه السلام بقوله: (... يابني, إنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله ان اوصي اليك وادفع اليك كتبي وسلاحي, كما اوصى اليَّ ودفع اليَّ كتبه وسلاحه, وامرني ان آمرك اذا حضرك الموت ان تدفعها إلى اخيك الحسين عليه السلام...) ثم اقبل على ابنه الحسين عليه السلام فقال وامرك رسول الله صلى الله عليه وآله ان تدفعها إلى ابنك هذا) ثم اخذ بيد علي بن الحسين عليه السلام وقال له: (وامرك رسول الله ان تدفعها إلى ابنك محمد ابن علي, فأقرئه من رسول الله ومني السلام). ثم اشهد على وصيته تلك الحسين عليه السلام ومحمد ابنه, وجميع اولاده ورؤساء شيعته واقطابهم. على ان آخر ايام الإمام علي عليه السلام قد طفحت بالعديد من الوصايا التوجيهية, ومن اجل اقامة الحق والتزام جانبه, وكان اغلبها ينصب على اولاده ويخص منهم الإمام الحسن عليه السلام, بالذات تأكيد لخلافته له وامامته بعده... وبعد رحيل الإمام علي عليه السلام إلى الرفيق الاعلى هبت الكوفة إلى المسجد فزعة مذهولة لهول المصاب الأليم, فوقف السبط عليه السلام بين تلك الكتل البشرية الهائلة, يوجه اول بيان له بعد رحيل القائد العظيم عليه السلام: (... لقد قبض في هذه الليل رجل لم يسبقه الاولون بعمل , ولم يدركه الآخرون بعمل, لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فيقيه بنفسه,وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يوجهه برايته فيكنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله, لا يرجع حتى يفتح الله على يديه, ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها عيسى ابن مريم عليه السلام وقبض فيها يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه). الى هنا توقف الإمام الحسن عليه السلام عن الاسترسال بخطبته حيث ارسل دموعه مدراراً, بعد ان تمثلت له صورة الراحل العظيم عليه السلام واعماله ومواقفه الخالدة. وشاركه الحاضرون في البكاء... ثم استأنف بيانه قائلا: (ايها الناس, من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني, فأنا الحسن بن علي, انا ابن النبي صلى الله عليه وآله, وانا ابن الوصي, وانا ابن البشير النذير, وانا ابن الداعي إلى الله بإذنه, وانا ابن السراج المنير, وانا من أهل البيت عليه السلام الذي كان جبريل ينزل الينا, ويصعد من عندنا, ومن أهل البيت عليهم السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, وانا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : ( قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى, ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت عليه السلام. وبهذا طرح الإمام السبط عليه السلام مواصفات القائد الراحل عليه السلام كما طرح مؤهلاته هو, ومكانته في دنيا الإسلام والمسلمين, وكونه الأوْلى بقيادة سفينة المسلمين إلى حيث الحق الالهي, دون سواه من البشر.
المرحلة الثانية: من الصلح حتى استشهاده
هذه اهم الأحداث الأليمة التي ألمت بالإمام السبط عبر مواجهته للزحف الأموي الغادر:
خيانة قائده على خط النار ـ عبيد الله بن العباس ـ والتحاقه بمعاوية، ومعه ثلثا الطليعة التي كلفت بمواجهة العدو الزاحف مما أثار موجةً من البلبلة والاضطراب في معسكر الإمام عليه السلام وهواحرج ساعاته.
ان القوات العسكرية التي يقودها الإمام السبط عليه السلام ذاته، كانت تتوزعها الشعارات والأهواء والمصالح والأفكار.
إغداق معاوية بالأموال الوفيره على زعماء القبائل وأصحاب التأثير في المجتمع العراقي بسخاء منقطع النظير.
اهتمام السبط بحقن دماء الأمة وحفظ دماء المخلصين فيها على وجه الخصوص.
قوة العدو، وتمتع جيشه بروح انضباطية عالية، بالنظر لتوفر عامل الطاعة، واختفاء التخريب بين صفوفه، خلافا للعراق الذي استبد به الانشقاق من خلال الشعارات، والأفكار والأهواء، والمصالح المتضاربة، التي تمزق جيش الإمام عليه السلام وتضعف من مقاومته.
تمتع الحسن عليه السلام بروح ايمانية من الطراز الاول – كما رأينا في ابعاد شخصيته – فهوالمطهر من الرجس بصريح القرآن الكريم, وهو احد اركان العترة المباركة, بصريح قول رسول الله صلى الله عليه وآله فيه, فكان ينأى عن المكر والغدر.
فكانت هذه الروح المتعلقة بالله تعالى, والمستلهمة منه ومن شرعه الكريم اين تسير والى اين تسير, تُحتِّم على السبط عليه السلام ان لا يتورط في حرب تسيل بها الدماء وتزهق فيها الارواح فضلا عن ان شروط النجاح فيها –بالمفهوم الإسلامي- غير متوافرة بحال, كما رأينا في الوضع العام لأتباعه وجنده, وهذا مخالف لواقع معاوية الذي يهمه ان تسيل الدماء وتزهق النفوس, مادامت الغاية لديه ان يظل حاكما على المسلمين, تجبى له الاموال, ويتلذذ بالنعيم الدنيوي والسلطان الزائل وقصر الخضراء.. وحين رأى الإمام إستقطاب معاوية للناس اراد ان يكشف للناس حقيقة معاوية عن كثب, الأمر الذي يتم إذا انفرد معاوية بالحكم وأستأثر بإدارة شؤون الأُمة, لترى الأُمة طبيعة هذا الحكم وتكتشف البون الشاسع بينه وبين صورة التطبيق المثالية ايام امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وليتحمل الذين اطاعوا معاوية ورفعوه على الأعناق مسؤولية هذه المأساة التاريخية التي خسرت فيها الأُمة قيادة أهل البيت عليهم السلام وإمامتهم الرائدة... لا في فترة وجودهم المبارك بل استمرت آثاره السلبية تتوالى على الامة جيلا بعد جيل حتى اصبح منهج الإسلام المقدر له ان يسود وان يحكم.. تراثا تاريخيا في بطون الكتب.
محاولات الاغتيال الاثيمة التي تعرض لها الإمام عليه السلام:
فلقد تعرض الإمام لمحاولات اثيمة لاغتياله عدَّ منها المؤرخون ثلاثا:
احداها: حين رماه شخص بسهم وهو يصلي فلم يفلح في ايذائه.
ثانيها: حين طعنه رجل في خنجر اثناء الصلاة.
وثالثها: في المحاولة الثالثة كانت نجاته باعجوبة, فقد هجمت عليه عصابة من الغوغاء, وانتهبوا فسطاطه, واخذوا مصلاه من تحته وفي تلك الاثناء هجم عليه الجراح بن سنان الاسدي وطعنه بمغوله –سيف دقيق- في فخذه وجرحه جرحا بالغا, بلغ عظم الفخذ, فاستسلم الإمام عليه السلام للفراش بعد تلك المحاولة ونزل عند عامله على المدائن سعد بن مسعود الثقفي للعلاج..
سلاح الدعاية الواسعة الذي استخدمه معاوية لبلبلة وتشويش ذهنية المجتمع العراقي, فكان جواسيسه وانصاره يثيرون الدعايات المغرضة بين الحين والآخر وكانت الغوغاء تنفعل بها, وتتصرف وفقا للأغراض التي اثيرت من اجلها, فعلى سبيل المثال نذكر منها:
أ- اشاعتهم ان الحسن عليه السلام يكاتب معاوية على الصلح.
ب- إشاعتهم أن قيس بن سعد قد استسلم لمعاوية.
ج- وكانت أقوى اشاعتهم يوم جاء الوفد الأموي يطلب الصلح من الإمام عليه السلام , وعندما رفض الإمام عليه السلام مطالب معاوية, خرج الوفد المفاوض وأشاع في الناس أن الحسن عليه السلام قد أجاب إلى الصلح, فحقن الله به الدماء, وكان لتلك الإشاعة دور فعال في إثارة الغوغاء على السبط عليه السلام حيث هجموا على فسطاطه واعتدوا عليه.. منددين بالصلح المزعوم, مع تقاعسهم عن الدفاع والقتال.
رواج دعوة معاوية للصلح بين صفوف جيش الإمام قبل قبولها من قبل الإمام الحسن عليه السلام , حيث وجدت تلك الدعوة هوى في النفوس المهزومة في معسكر الإمام عليه السلام , فقد رحب بها انصار معاوية ابتداءً وروجوا لها ثم سرت في نفوس اكثر الجيش الذي يقوده الإمام عليه السلام مما جعل الإمام يقبلها كأمر واقع.
لقد وجد الامة سواء من حوله أوحول معاوية في غفلة عن واقعها المنحرف وفي سكوت مطبق عن احقاق الحق وازهاق الباطل, فأراد الإمام عليه السلام ان يكشف زيف دعاة الفتنة ومدى تنكبهم عن الصراط المستقيم وجحودهم للعهود والمواثيق وتلهفهم للسلطة والسيطرة ...ليكون ذلك كله تعرية لما آل اليه الحكم, وتوطئة لثورة الإمام أبي الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام .
هذه قارئنا العزيز اهم المبررات والعوامل التي فرضت على الإمام الحق عليه السلام ان يستجيب للوثيقة التي املتها عليه الظروف, أرايت لوان حاكما أوقائدا في التاريخ واجه بعض ما واجهه الإمام عليه السلام أيسلك غير هذا السبيل؟ فإن المواجهة, بعد الذي رأيت تعد ضربا من اللامعقول, لا يقدم عليه انسان عادي, فكيف يمارسها رجل عظيم كالحسن بن علي عليه السلام ؟.. ولربما ذهب البعض إلى القول ان الأجدر بالحسن عليه السلام أن يضحي من أجل حقه, ولكن الحسن عليه السلام لوقاتل لقُتل وجميع أهل بيته, ولمارست السياسة المنحرفة دورها في اطفاء نور الإسلام إلى الابد ولما وجد بعد ذلك من يفرق بين الحق والباطل ولما ادركت الامة –كما ادركت بعد حين- اي تسلط كان عليها, واية سياسة عبودية انقادت اليها... ان حرص الإمام عليه السلام على الهدى والحق جعله يختار التوقيع على الوثيقة ليمارس بعد ذلك دوره في بيان الشريعة واحكامها وابعادها لأمة محمد صلى الله عليه وآله, فيما تبقى من حياته.

|
|
|
|
|