|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 20772
|
الإنتساب : Aug 2008
|
المشاركات : 1,243
|
بمعدل : 0.20 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ملاعلي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 06-09-2008 الساعة : 05:27 AM
الرد على الألباني
على: نفيه عن الجهات إخبار عن عدمه
وأما إنكار الألباني على من يقول لا يقال إنه خارج العالم ولا داخله زاعما بأن اعتقاد صحة هذه العبارة يلزم منه إنكار وجود الله تعالى، وذلك قياسا منه على الأجسام وقد صرح الألباني بهذه العبارة التي سيطر بها على قلوب جلف وعقول غلف مثله في إحدى مدن المانيا مُتَّبِعا في ذلك سلفه ابن تيمية فهو يقول أي ابن تيمية في الرسالة التدمرية ما نصه: فيقال لمن نفى الجهة أتريد بالجهة أنها شئ موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أن الله فوق العالم مباين للمخلوقات.اهـ
اعلم وفقني الله وإياك إلى سبيل الرشاد أنه لا شك أن المعتَقَدَ هو أن الله تعالى سبحانه ليس في جهة من الجهات فهو سبحانه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه كما صرح بذلك كبار أهل العلم وأوضحوا تقريره في الكتب الكلامية بما لا مزيد عنه. وهاكم نصوص أهل العلم بذلك فقد قال الحافظ الزبيدي: فإن قيل نفيه عن الجهات الست إخبار عن عدمه إذ لا عدم أشد تحقيقا من نفي المذكور عن الجهات الست. قلت: النفي عن الجهات الست لا يكون ذلك إخبارا عن عدم ما لو كان لكان في جهة من النافي لا نفي ما يستحيل عليه أن يكون في جهة منه، ألا ترى أن من نفى نفسه عن الجهات الست لا يكون ذلك إخبارا عن عدمه لأن نفسه ليست بجهة منه.اهـ
وقال الإمام بدر الدين بن جماعة في إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل ما نصه: فإن قيل نفي الجهة عن الموجود يوجب نفيه لاستحالة موجود في غير جهة: قلنا: الموجود قسمان موجود لا يتصرف فيه الوهم والحس والخيال والانفصال وموجود يتصرف فيه ذلك ويقبله فالأول ممنوع لاستحالته والرب لا يتصرف فيه ذلك إذ ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر فصح وجوده عقلا من غير جهة ولا حيز كما دل الدليل العقلي فيه فوجب تصديقه عقلا وكما دل الدليل العقلي على وجوده مع نفي الجسمية والعرضية مع بُعد الفهم الحسي لـه فكذلك دل على نفي الجهة والحيز مع بعد فهم الحس له.اهـ
وقال الإمام القشيري فيما نقله الزبيدي في الاتحاف: وقصارى الجهلة قولهم: كيف يعقل موجود لا في محل، والذي يدحض شبههم أن يقال لهم: قبل أن يخلق العالم أو المكان هل كان موجودا أم لا؟ فمن ضرورة العقل أن يقولوا بلى. فيلزمه لو صح قوله: لا يعلم موجود إلا في مكان أحد أمرين: إما أن يقول المكان والعرش والعالم قديم، وإما أن يقول الرب محدث. وهذا مآل الجهلة الحشوية ليس القديم بالمحدث والمحدث بالقديم.اهـ
وقد سئل العلامة أبو عبد الله محمد بن جلاّل هل يقال المولى تبارك وتعالى لا داخل العالم ولا خارج العالم؟؟ فأجاب بأنا نقول ذلك ونجزم به ونعتقد أنه لا داخل العالم ولا خارج العالم والعجز عن الادراك إدراك لقيام الدلائل الواضحة على ذلك عقلا ونقلا أما النقل فالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله تعالى: {ليس كمثله شىء} فلو كان في العالم أو خارجا عنه لكان مماثلا وبيان المماثلة واضح، أما في الأول فلأنه إنه كان فيه صار من جنسه فيجب لـه ما وجب لـه. وأما الثاني فلأنه إن كان خاجا لزم إما اتصاله وإما إنفصاله إما بمسافة متناهية أو غير متناهية وذلك كله يؤدي لافتقاره إلى مخصص. وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: كان الله ولم يكن شىء معه وهو الآن على ما عليه كان وأما الإجماع فأجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لا جهة له فلا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف. وأما العقل فقد اتضح لك اتضاحا كليا مما مر في بيان الملازمة في قوله تعالى:{ليس كمثله شىء} والاعتراض بأنه رفع للنقيضين ساقط إنما يعتبر حيث يتصف المحل بأحد النقيضين ويتواردان عليه وأما حيث لا يصح تواردهما على المحل ولا يمكن الاتصاف بأحدهما فلا تناقض كما يقال مثلا: الحائط لا أعمى ولا بصير فلا تناقض لصدق النقيضين فيه لعدم قبوله لهما على البداية وكما يقال في الباري أيضا لا فوق ولا تحت وقس على ذلك. اهـ
وقال الإمام الغزالي في الإحياء: إن الله مقدس عن المكان ومنـزه عن الأقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه، قد حيَّر عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته.اهـ وقال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله في كتابه القواعد: إن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به.اهـ
وقال الإمام أبو المظفر الإسفرايني في التبصير: وأن تعلم أن الحركة والسكون ثم قال والاتصال والانفصال كلها لا تجوز عليه لأن جميعها يوجب الحد والنهاية.اهـ وقال الإمام المتولي ووافقه النووي في الروضة: من اعتقد قدم العالَم أو حدوث الصانع أو أثبت لـه الاتصال أو الانفصال كان كافرا.اهـ
وقال الشيخ أبي المحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي الحنفي: فإذا قال لك أين الله؟ فقل مع كل أحد بعلمه لا بذاته، وفوق كل أحد بقدرته، وظاهر بكل شىء بآثار صفاته، وباطن بحقيقة ذاته أي لا يمكن تصويره في النفس منـزَّه عن الجهة والجسمية، فلا يقال له يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمام ولا فوقَ العرش ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا داخل في العالم ولا خارج عنه، ولا يقال: لا يعلم مكانه إلا هو.اهـ
وقال الإمام العلامة البياضي في إشارات المرام ممزوجا بالشرح ما نصه:ـ الخامس: ما أشار إليه وقال في الفقه الأبسط: [كان الله تعالى ولا مكان كان قبل أن يخلق الخلق كان ولم يكن أين] أي مكان [ولا خلْقٌ ولا شئ، وهو خالقُ كل شئ] مُوجِد له بعد العدم فلا يكون شئ من المكان والجهة قديما وفيه إشارات:ـ الأولى: الاستدلال بأنه تعالى لو كان في مكان وجهة لزم قدمهما، وأن يكون تعالى جسما، لأن المكان هو الفراغ الذي يشغله الجسم، والجهة اسم لمنتهى مأخذ الإشارة ومقصد المتحرك فلا يكونان إلا للجسم والجسماني، وكل ذلك مستحيل كما مر بيانه، وإليه أشار بقوله: [كان ولم يكن أين ولا خَلْقٌ ولا شئ وهو خالق كل شىء] وبطل ما زعمه ابن تيمية منهم من قدم العرش كما في شرح العضدية. الثاني: الجواب بأن لا يكون البارئ تعالى داخل العالم لامتناع أن يكون الخالق داخلا في الأشياء المخلوقة، ولا خارجا عنه بأن يكون في جهة منه لوجوده تعالى قبل خلق المخلوقات وتحقق الأمكنة والجهات، وإليه أشار بقوله: {هو خالق كل شئ} [سورة الأنعام] وهو خروج عن الموهوم دون المعقول.اهـ
وقال شيخنا المحقق الحافظ عبد الله الهرري في شرحه على الطحاوية ما نصه: وقال الإمام أبو منصور المحدث الفقيه الشافعي البغدادي في تفسير الأسماء والصفات: وأجمع أصحابنا على إحالة القول بأنه في مكان أو في كل مكان، ولم يجيزوا عليه مماسة ولا ملاقاة بوجه من الوجوه، ولكن اختلفت عباراتهم في ذلك فقال أبو الحسن الأشعري: إن الله عز وجل لا يجوز أن يقال إنه في مكان، ولا يقال إنه مباين للعالم، ولا إنه في جوف العالم لأن قولنا إنه في العالم يقتضي أن يكون محدودا متناهيا، وقولنا إنه مباين لـه وخارج عنه يقتضي أن يكون بينه وبين العالم مسافة والمسافة مكان، وقد أطلقنا القول بأنه غير مماس لمكان.اهـ.
قال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه: فإن قيل نفي الجهات يحيل وجوده قلنا إن كان الموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقت فأما إذا لم يقبلهما فليس خلوه من طرق النقيض بمحال فإن قيل أنتم تلزموننا أن نقر بما لا يدخل تحت الفهم قلنا إن أردت بالفهم التخيل والتصور فإن الخالق لا يدخل تحت ذلك إذ ليس بمحس ولا يدخل تحته إلا جسم لـه لون وقدر فإن الخيال قد أنس بالمبصرات فهو لا يتوهم شىء إلا على وفق ما رآه لأن الوهم من نتائج الحس وإن أردت أنه لا يُعلَمُ بالعقل فقد دللنا أنه ثابت بالعقل لأن العقل مضطر إلى التصديق بموجب الدليل، واعلم أنك لما لم تجد إلا جسما أو عَرَضاً وعلمت تنزيه الخالق عن ذلك بدليل العقل الذي صرفك عن ذلك فينبغي أن يصرفك عن كونه متحيزا أو متحركا أو منتقلا. فكما صح عقلا وجوده قبل المكان بلا مكان صح وجوده بعد المكان بلا مكان. فبطل تمويههم على ضعفاء العقول إذا لم تقل أنه في مكان فقد نفيت ربك.اهـ
وقال ابن الجوزي أيضا في دفع شبهة أبي حامد المجسم حيث قال أبو حامد: وقد ثبت أن الأماكن ليست في ذاته ولا ذاته فيها فثبت انفصاله عنها ولا بد من بدء يحصل به الفصل، فلما قال استوى علمنا اختصاصه بتلك الجهة، قال: ولا بد أن يكون لذاته نهاية وغاية يعلمها. قلت هذا رجل لا يدري ما يقول لأنه إذا قَدّر غايةً وفصل بين الخالق والمخلوق فقد حدده وأقر بأنه جسم وهو يقول في كتابه إنه ليس بجوهر لأن الجوهر ما له تحيز، ثم يُثبت له مكانا يتحيز فيه. قلت وهذا كلام جهل من قائله وتشبيه محض فما عرف هذا الشيخ ما يجب للخالق تعالى وما يستحيل عليه، فإن وجوده تعالى ليس كوجود الجواهر والأجسام التي لا بد لها من حيِّز والتحت والفوق إنما يكون فيما يقابل ويحاذى، ومن ضرورة المحاذى أن يكون أكبر من المحاذي أو أصغر أو مثله وأن هذا ومثله إنما يكون في الأجسام وكل ما يحاذي الأجسام يجوز أن يمسها وما جاز عليه مماسة الأجسام ومباينتها فهو حادث إذ قد ثبت أن الدليل على حدوث الجواهر قبولها المماسة والمباينة فإن أجازوا هذا عليه قالوا بجواز حَدَثِهِ وإن منعوا جواز هذا عليه لم يبق لنا طريق لإثبات حدث الجواهر ومتى قدرنا مستغنيا عن المحل والحيز ومحتاجا إلى الحيز ثم قلنا إما أن يكونا متجاورين أو متباينين كان ذلك محالا فإن التجاور والتباين من لوازم التحيز في المتحيزات قد ثبت أن الاجتماع والافتراق من لوازم الحيز والحق سبحانه وتعالى لا يوصف بالتحيز لأنه لو كان متحيزا لم يخل إما أن يكون ساكنا في حيزه أو متحركا عنه ولا يجوز أن يوصف بحركة ولا سكون ولا اجتماع ولا افتراق ومن جاور أو باين فقد تناهى ذاتا والتناهي اذا اختص بمقدار استدعى مخصصا، وكذا ينبغي أن يقال ليس بداخل في العالم وليس بخارج منه لأن الدخول والخروج من لوازم المتحيزات فهما كالحركة والسكون وسائر الأعراض التي تُحَسُّ بالأجرام.
وأما قولهم خلق الأماكن لا في ذاته فثبت انفصاله عنها، قلنا: ذاته المقدس لا يقبل أن يُخْلَقَ فيه شئ ولا أن يحل فيه شئ، وقد حملهم الحس على التشبيه والتخليط حتى قال بعضهم إنما ذكر الاستواء على العرش لأنه أقرب الموجودات إليه، وهذا جهل أيضا لأن قرب المسافة لا يتصور إلا في جسم، ويّعِزُّ علينا كيف ينسب هذا القائل إلى مذهبنا.اهـ
وفي كتاب مناهل العرفان في علوم القرءان للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ما نصه: يقولون إن القولَ بأن الله لا جهة له، وأنه ليس فوقا ولا تحتا ولا شمالا إلى غير ذلك، يستلزم أن الله غير موجود، أو هو قول بأن الله غير موجود، فإن التجرد من الاتصاف بهذه المتقابلات جملة أمر لا يوسم به إلا المعدوم ومن لم يتشرف بشرف الوجود. وندفع هذه الشبهة بأمور:ـ أولها: أن هذا قياس للغائب ـ ومراده بذلك الغير محدود ـ على الشاهد ـ وهو المحدود ـ وقياس الغائب على الشاهد فاسد، ذلك أن الله تعالى لا يشبه خلقه حتى يكون حكمه كحكمهم في وجوب أن يكون له جهة من الجهات الست ما دام موجودا وكيف يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي؟ ثم كيف يستوي الخالق وخلقه في جريان أحكام الخلق على خالقه؟ إن المادي هو الذي يجب أن يتصف بشىء من هذه المتقابلات، وأن تكون له جهة من تلك الجهات. أما غير المادي فترتفع عنه هذه الصفات كلها، ولا يمكن أن تكون له أية جهة من هذه الجهات جميعها. ونظير ذلك أن الإنسان لا بد أن يكون له أحد الوصفين، فإما جاهل وإما عالم. أما الحجر فلا يتصف بواحدة منها البتة، فلا يقال إنه جاهل ولا إنه عالم، بل العلم والجهل مرتفعان عنه، بل هما ممتنعان عليه لامحالة، لأن طبيعته تأبى قابليته لكليهما. وهكذا تنتفى المتقابلات كلها بإنتفاء قابلية المحل لها، أيّاً كانت هذه المتقابلات، وأيّاً كان هذا المحل الذي ليس قابلا لها. فيمتنع مثلا أن توصف الدار بأنها سميعة أو صماء، وأن توصف الأرض بأنها متكلمة أو خرساء، وأن توصف السماء بأنها متزوجة أو أيِّمٌ، وهلم جرا. ثانيا: نقول لهؤلاء: أين كان الله قبل أن يخلق العرش والفرش والسماء والأرض؟ وقبل أن يخلق الزمان والمكان وقبل أن تكون هناك جهات ست؟ فإن قالوا: لم يكن له جهة ولا مكان، نقول: قد اعترفتم بما نقول نحن به، وهو الآن على ما عليه كان، ولا جهة له ولا مكان. وإن زعموا أن العالم قديم بقدم الله، فقد تداووا من داء بداء، واستجاروا من الرمضاء بالنار، ووجب أن ننتقل بهم إلى إثبات حدوث العالم، والله هو ولي الهداية والتوفيق. ثالثا: نقول لهؤلاء: إذا كنتم تأخذون بظواهر النصوص على حقيقتها، فماذا تفعلون بمثل قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} مع قوله: {وهو الله في السموات وفي الأرض}؟ أتقولون إنه في السماء حقيقة، أم في الأرض حقيقة، أم فيهما حقيقة؟ وإذا كان في الأرض وحدها حقيقة فكيف تكون له جهة فوق؟ وإذا كان فيهما معا حقيقة فلماذا يقال له جهة فوق ولا يقال له جهة تحت؟ ولماذا يُشار إليه فوق ولا يشار إليه تحت؟ ثم الا يعلمون أن الجهات أمور نسبية فما هو فوق بالنسبة إلينا يكون تحتا بالنسبة إلى غيرنا؟ فأين يذهبون؟ رابعا: نقول لهؤلاء :ماذا تقولون في قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} بإفراد اليد مع قوله: {لما خلقت بيدي} بتثنيتها ومع قوله:{والسماء بنيناها بأييد} بجمعها. فإذاكنتم تعلمون النصوص على ظواهرها حقيقة فأخبرونا أله يد واحدة بناء على الآية الأولى؟ أم له يدان اثنان بناء على الآية الثانية؟ أم له أيد أكثر من اثنتين بناء على الآية الثالثة؟ اهـ.
وقال العلامة محمد بن أحمد المشهور بميّارة المالكي في كتابه الدر الثمين [ص29 ] ما نصه: مسألة: سئل الإمام العالم أبو عبد الله سيدي محمد بن جلال هل يقال المولى تبارك وتعالى لا داخلَ العالم ولا خارجَ العالم فأجاب السائلَ: هكذا نسمعه من بعض شيوخنا واعترضه بعضهم بأن هذا رفع للنقيضين وقال بعض فقهائنا في هذه المسألة هو الكل أي الذي قام به كل شىء وزعم أنه للإمام الغزالي وأجاب بعضهم ان هذا السؤال معضِل ولا يجوز السؤال عنه وزعم أن ابن مِقْلاش هكذا أجاب عنه في شرحه على الرسالة فأجاب بأنّ نقول ذلك ونجزُم به ونعتقد انه لا داخل العالم ولا خارج العالم والعجز عن الإدراك إدْراك لقيام الدلائل الواضحة على ذلك عقلاً ونقلاً أما النقل فالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله تعالى: {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} فلو كان في العالم أو خارجًا عنه لكان مُماثلاً وبيان الملازمة واضح أما في الأول فلأنه إن كان فيه صار من جنسه فيجب لـه ما وجب لـه. وأما الثاني فلأنه إن كان خارجًا لزم إما اتصاله وإما انفصاله وانفصاله إما بمسافة متناهية أو غير متناهية وذلك كله يؤدي لافتقاره إلى مخصص. وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: كان الله ولا شىء معه وهو الآن على ما كان عليه وأما الإجماع فأجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لا جهة لـه فلا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف. وأما العقل فقد اتضح لك اتضاحًا كليًا مما مر في بيان الملازمة في قوله تعالى: {ليس كمثله شىء} والإعتراض بأنه رفع للنقيضين ساقط لأن التناقض إنما يعتبر حيث يتصف المحل بأحد النقيضين ويتواردان عليه وأما حيث لا يصح تواردهما على المحل ولا يمكن الإتصاف بأحدهما فلا تناقض كما يقال مثلاً الحائط لا أعمى ولا بصير فلا تناقض لصدق النقيضين فيه لعدم قبوله لهما على البدلية وكما يقال في البارىء أيضًا لا فوق ولا تحت وقس على ذلك. وقول من قال إنه الكل زاعمًا أنه للغزالي فقضية تنحو منحى الفلسفة أخذ بها بعض المتصوفة وذلك بعيد من اللفظ وما أجاب به بعضهم انه معضل لا يجوز السؤال عنه ليس كما زعم لوضوح الدليل على ذلك وإن صح ذلك عن ابن مقلاش فلا يلتفت إليه في هذا لعدم اتقانه طريق المتكلمين إذ كثير من الفقهاء ليس لـه خبرة به فضلاً عن اتقانه.اهـ
وفي متن الخريدة البهية في العقائد التوحيدية لأبي البركات الدرديري،
منـزه عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسفه.
وقال الشيخ أبو بكر محمد الكلاباذي في كتابه التعرف لمذهب أهل التصوف:لم يزل سابقا متقدما للمحدثات موجودا قبل كل شئ لا قديم غيره ولا إله سواه ليس بجسم ولا شبح ولا صورة ولا شخص ولا جوهر ولا عرض لا اجتماع له ولا افتراق لا يتحرك ولا يسكن ولا ينقص ولا يزداد ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا جوارح ولا أعضاء ولا بذي جهات ولا أماكن لا تجري عليه الأفات ولا تأخذه السنات ولا تداوله الأوقات ولا تعينه الإشارات لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان لا تجوز عليه المماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن.اهـ
وفي كتاب التبصير في الدين للإمام أبي المظفر الإسفرايني ما نصه: وأن تعلم أن الحركة والسكون والذهاب والمجيء والكَون في مكان والاجتماع والافتراق والقرب والبعد من طريق المسافة والاتصال والانفصال والحجم والجرم والجثة والصورة والحيز والمقدار والنواحي والاقطار والجوانب والجهات كلها لا تجوز عليه تعالى لأن جميعها يوجب الحد والنهاية، وأن تعلم أن كل ما دل على حدوث شئ من الحد والنهاية والمكان والجهة والسكون والحركة فهو مستحيل عليه سبحانه وتعالى.اهـ
قال الرازي في أساس التقديس: البرهان الثالث في بيان أنه يمتنع أن يكون تعالى مختصا بالجهة والحيز: هو أنه لو كان مختصاً بحيز وجهة لكان لا يخلو إما أن يقال إنه غير متناه من جميع الجوانب أو يقال إنه غير متناه من بعض الجوانب، ومتناه من سائر الجوانب أو يقال إنه متناه من كل الجوانب، والأقسام الثلاثة باطلة فالقول بكونه مختصاً بجهة وحيز باطل، أما قولنا إنه يمتنع أن يكون غير متناه من جميع الجوانب فيدل عليه وجوه:ـ الأول: أن وجود بُعدٍ لا نهاية لـه محال، والدليل عليه إن فرض بُعد غير متناه يفضي إلى المحال، فوجب أن يكون محالا، وإنما قلنا أنه يفضي إلى المحال لأنا إذا فرضنا بُعداً غير متناه وفرضنا بُعدا ءاخر متناهياً موازياً له ثم زال الخط المتناهي الموازي من الموازاة إلى المسامتة، فنقول هذا يقتضي أن يحصل في الخط الأول الذي هو غير متناه نقطة هي أول نقطة المسامتة، وذلك الخط المتناهي ما كان مسامتا للخط الغير المتناهي ثم صار مسامتا لـه فكانت هذه المسامتة في أول أوان حدوثها لا بد وأن تكون مع نقطة معينة فتكون تلك النقطة هي أول نقط المسامتة لكن كون ذلك الخط غير متناه يمنع من ذلك لأن المسامتة مع النقطة الفوقانية يحصل قبل المسامتة مع النقطة التحتانية فإذا كان الخط غير متناه فلا نقطة فيها إلا وفوقها نقطة أخرى وذلك يمنع من حصول المسامتة في المرة الأولى مع نقطة معينة فثبت أن هذا يقتضي أن يحصل في خط الغير المتناهي نقطة هي أول نقط المسامتة وأن لا يحصل وهذا المحال إنما لزم من فرضنا أن ذلك الخط غير متناه فوجب أن يكون ذلك محالا فثبت أن القول بوجود بُعد غير متناه محال. الوجه الثاني: هو أنه إذا كان القول بوجود بُعد غير متناه ليس محالاً فعند هذا لا يمكن إقامة الدليل على أن العالم متناه بكليته وذلك باطل بالاجماع. الوجه الثالث: أنه تعالى لو كان غير متناه من جميع الجوانب وجب أن لا يخلو شىء من الجهات والأحياز عن ذاته فحينئذ يلزم أن يكون العالم مخالطا لأجزاء ذاته وأن تكون القاذورات والنجاسات كذلك، وهذا لا يقوله عاقل. أما القسم الثاني: وهو أن يقال إنه غير متناه من بعض الجوانب ومتناه من سائر الجوانب فهو أيضا باطل لوجهين:ـ الأول: أن البرهان الذي ذكرناه على امتناع بُعد غير متناه قائم سواء قيل إنه غير متناه من كل الجوانب أو من بعض الجوانب. الثاني: أن الجانب الذي فُرض أنه غير متناه والجانب الذي فُرض أنه متناه إما أن يكونا متساويين في الحقيقة والماهية وإما أن لا يكونا كذلك. أما القسم الأول: فإنه يقتضي أن يصح على كل واحد من هذين الجانبين ما صح على الجانب الآخر وذلك يقتضي أن ينقلب الجانب المتناهي غير متناه والجانب الغير المتناهي متناهيا وذلك يقتضي جواز الفصل والوصل والزيادة والنقصان في ذات الله تعالى وهو محال. وأما القسم الثاني: وهو القول بأن أحد الجانبين مخالف للجانب الثاني في الحقيقة والماهية فنقول: إن هذا محال من وجوه:ـ الأول: أن هذا يقتضي كون ذاته مركبا وهو باطل لما بينا. الثاني: إنا بيَّنا أنه لا معنى للمتحيز إلا الشىء الممتد في الجهات المختص بالأحياز وبينا أن المقدار يمتنع أن يكون صفة بل يجب أن يكون ذاتا وبينا أنه متى كان الأمر كذلك كان جميع المتحيزات متساوية وإذا كان كذلك امتنع القول بأن أحد جانبي ذلك الشىء مخالف للجانب الآخر في الحقيقة والماهية. وأما القسم الثالث: وهو أن يقال إنه متناه من كل الجوانب فهذا أيضا باطل من وجهين:ـ الأول: أن كل ما كان متناهيا من جميع الجوانب كانت حقيقته قابلة للزيادة والنقصان وكل ما كان كذلك كان محدثا على ما بيناه. الثاني: أنه لما كان متناهيا من جميع الجوانب فحينئذ يُفرض فوقه أحياز خالية وجهات فارغة فلا يكون الله تعالى فوق جميع الأشياء بل تكون تلك الأحياز أشد فوقية من الله تعالى، وأيضا فهو تعالى قادر على خلق الجسم في الحيز الفارغ فلو فُرض حيّز خال لكان قادرا على أن يخلق فيه جسما وعلى هذا التقدير يكون ذلك الجسم فوق الله تعالى وذلك عند الخصم محال. فثبت أنه تعالى لو كان في جهة لم يخل الأمر عن أحد هذه الأقسام الثلاثة وثبت أن كل واحد منها باطل محال فكان القول بأن الله تعالى في الحيّز والجهة محال فإن قيل ألستم تقولون إنه تعالى غير متناه في ذاته فيلزمكم جميع ما ألزمتموه علينا. قلنا الشىء الذي يقال له إنه غير متناه على وجهين :ـ أحدهما: أنه غير مختص بحيّز وجهة ومتى كان كذلك امتنع أن يكون له طرف ونهاية وحد. والثاني: أنه مختص بجهة وحيّز إلا أنه مع ذلك ليس لذاته مقطع وحد فنحن إذا قلنا إنه لا نهاية لذات الله تعالى عنينا به التفسير الأول فإن كان مرادكم ذلك فقد ارتفع الخلاف بيننا وإن كان مرادكم هذا الوجه الثاني فحينئذ يتوجه عليكم ما ذكرناه من الدليل ولا ينقلب ذلك علينا لأنا لا نقول إنه تعالى غير متناه بهذا التفسير حتى يلزمنا الإلزام فظهر الفرق والله أعلم. اهـ
قال حافظ عصرنا الشيخ عبد الله الهرري ما نصه: قال أهل الحق العالم جواهر أو أعراض فالجوهر ما لـه حجم وهو قسمان قسم متناه في القلة بحيث لا ينقسم وقسم ينقسم ويسمى جسما والأول يسمى الجوهر الفرد الجزء الذي لا يتجزأ وأما العرض فهو ما يقوم بالجوهر أي ما كان صفة لـه كحركة الجسم وسكونه وتحيزه في حيز، فأما الله تبارك تعالى فهو غير ذلك كله يستحيل أن يكون جوهرا فردا أو جوهرا متألفا بحيث صار جسما وهذا معنى قول بعضهم إن الله منـزه عن الكمية والكيفية ولا شئ سوى الله تعالى كذلك وأما أصحاب الهيولي الذين جعلوا الهيولي ما لا كمية له ولا كيفية فهو باطل، وقول أهل الحق إن الله منزه عن الحد فهذا معناه لأن الله لو كان جوهراً فردا لكان الجوهر الفرد مثلاً له ولو كان زائداً على ذلك الحد الى حد أكبر الأجرام وهو العرش أو أزيد الى قدر يتناهى أو الى قدر يُفترض أنه لا يتناهى للزم كونه مؤلفاً أي مركباً والمُؤَلَّفُ يحتاج الى المؤلِّف والمحتاج الى غيره حادث لا بد، وهذا قول علي رضي الله عنه: [من زعم أن الهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود] وقول زين العابدين: [إن الله ليس بمحدود] وقول الطحاوي: [تعالى ـ اي الله ـ عن الحدود] ولذلك استحال على الله أن يكون متصلاً بالعالم أو حالا فيه او مباينا لـه بالمسافة وهذا هو الحق الذي لا يصح غيره لانه على كلا الوجهين يلزم اثبات المثل لله وهو تبارك وتعالى نفى عنه المثل على الإطلاق. فإن قال الحشوية المجسمة المثبتون لله الحد هذا نفي لوجود الله يقال لهم انتم بنيتم اعتقادكم على ما يصل اليه الوهم ولا عبرة بالوهم انما العبرة بالعقل والدليل الشرعي وهذا الذي قررناه هو ما يقتضيه النقل والعقل فإن قلتم لا نؤمن بما لا يصل اليه وهمنا فقد انكرتم مخلوقا لا يصل اليه وهمكم ما اثبته القرءان كقوله تعالى: {وجعل الظلمات والنور} فالنور والظلام مخلوقان حادثان بشهادة القرءان فهل يفهم تصوركم وقتا لم يكن فيه نور ولا ظلام وقد ثبت ذلك بهذه الآية: {وجعل الظلمات والنور} معناه الله خلق الظلمات والنور بعد ان لم يكونا اوجدهما بعد ان كانا معدومين وهذا لا يصل اليه اوهامنا ولا أوهامكم ولا يتطرق اليه تصورنا ولا تصوركم ولا يستطيع ان يتصور وقتا لم يكن فيه نور ولا ظلام ومع ذلك يجب ان نؤمن انه كان وقت لم يكن فيه نور ولا ظلام لانه بعد خلق الماء والعرش خلق الله النور والظلام اول الخلق الماء والعرش فاذا النور والظلام ما كانا الا بعد وجود الماء والعرش.اهـ
|
|
|
|
|