|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 20772
|
الإنتساب : Aug 2008
|
المشاركات : 1,243
|
بمعدل : 0.20 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ملاعلي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 06-09-2008 الساعة : 05:24 AM
رسالــــــــة الذهـــــــبي لابـــــــن تيــــــــمية
قال الذهبي في رسالته لابن تيمية: "رسالة الذهبي الى ابن تيمية":
الحمد لله على ذلتي ، يارب ارحمني ، وأقلني عثرتي ،
واحفظ عليّ إيماني ، واحزناه على قلة حزني ، واآسفاه على
السنة وذهاب أهلها ، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونوني
على البكاء ، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم
وأهل التقوى وكنوز الخيرات ، آه على وجود درهم حلال وأخ
مؤنس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وتباً لمن
شغلته عيوب الناس عن عيبه .
إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك ؟
إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع
عورات الناس ؟ مع علمك بنهي الرسول (صلى الله عليه وسلم) : لا تذكروا موتاكم إلا بخير ، فإنهم قد أفضوا إلى ماقدموا.
بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك : إنما الوقيعة في هؤلاء
الذين ما شموا رائحة الإسلام ، ولا عرفوا ما جاء به محمد
(صلى الله عليه وسلم) وهو جهاد ، بلى والله عرفوا خيراً
كثيراً مما إذا عمل به العبد فقد فاز ، وجهلوا شيئاً
كثيراً مما لا يعنيهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا
يعنيه .
يا رجل ! بالله عليك كفّ عنّا ، فإنك محجاج عليم اللسان
لا تقر ولا تنام ، إياكم والغلوطات في الدين ، كره نبيك
(صلى الله عليه وسلم) المسائل وعابها ، ونهى عن كثرة
السؤال وقال : إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم
اللسان .
وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال
والحرام ، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة
وتلك الكفريات التي تعمي القلوب ، والله قد صرنا ضحكة في
الوجود ، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية ؟.
لنرد عليها بعقولنا ، يا رجل ! قد بلعتَ سموم الفلاسفة
تصنيفاتهم مرات ، وكثرة استعمال السموم يدمن عليها
الجسم، وتكمن والله في البدن .
واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت
بتفكر. واهاً لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين
تنزل الرحمة، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالإزدراء
واللعنة ، كان سيف لحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما
، بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب ، وجدوا
في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال ، قد صارت هي محض
السنة وأساس التوحيد ، ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار ،
ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون ، وتعد النصارى مثلنا ،
والله في القلوب شكوك ، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين
فأنت سعيد ، يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة
والإنحلال ، لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطولياً
شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه ، وفي
الباطن عدو لك بحاله قلبه .
فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل ، أو عامي
كذاب ليد الذهن ، أو غريب واجم قوي المكر ؟ أو ناشف صالح
عديم الفهم ؟ فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل .
يامسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك ،
((( إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار ؟ إلى كم تصادقها
وتزدري الأبرار ؟
إلى كم تعظمها وتصغّر العباد ؟ إلى متى تخاللها وتمقت
الزهاد ؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح - والله -
بها أحاديث الصحيحين ؟ يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك
، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار ، أو
بالتأويل والإنكار ، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان أن
تتوب وتنيب ؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل ؟
بلى - والله - ما أذكر أنك تذكر الموت ، بل تزدري بمن
يذكر الموت .)))
فما أظنك تقبل عليّ قولي ولا تصغي إلى وعظي ، بل لك همة
كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات ، وتقطع لي أذناب
الكلام ، ولا تزال تنتصر حتى أقول البتة سكت ، فإذا كان
هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد ، فكيف حالك عند
أعدائك ؟ وأعداؤك - والله- فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء ،
كما أن أوليائك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر ،
قد رضيت منك بأن تسبني علانية ، وتنتفع بمقالتي سرا ،
فرحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي ، فإني كثير العيوب ،
غزير الذنوب ، الويل لي إن أنا لا أتوب ، وافضيحتي من
علاّم الغيوب !
ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته ، والحمد لله
رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين
وعلى آله وصحبه أجمعين .
------------------------------------
وقد قال الحافظ السخاوي في الإعلان والتوبيخ لمن ذم
التاريخ: وقد وقفت للذهبي على رسالة مجيدة وجهها إلى ابن
تيمية يردعه فيها عن غوايته.
|
|
|
|
|