|
عضو ذهبـي
|
رقم العضوية : 2878
|
الإنتساب : Mar 2007
|
المشاركات : 2,682
|
بمعدل : 0.41 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
العـراقي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 20-05-2008 الساعة : 09:07 PM
وحيث توجد تساؤلات مهمة حول موضوع عدم جواز التقليد في الاعتقاديات او قل اصول الاعتقاديات ولا نزال نحن في بداية الامر فلنذكر تمام ما حكاه في البحار ففيه فوائد ودفع لاشكالات ليست عادية .
. ثم استدل بوجوب شكر المنعم عقلا ، وشكره على وجه يليق بكمال ذاته يتوقف على معرفته ، وهي لا تحصل بالظنيات كالتقليد وغيره لاحتمال كذب المخبر ، وخطأ الامارة ، فلابد من النظر المفيد للعلم ، ثم قال : وهذا الدليل إنما يستقيم على قاعدة الحسن والقبح ، والاشاعرة ينكرون ذلك ، لكن كما يدل على وجوب المعرفة بالدليل ، يدل أيضا على كون الوجوب عقليا ، واعترض أيضا بأنه مبني على وجوب مالا يتم الواجب المطلق إلا به ، وفيه أيضا منوع للاشاعرة . ومن ذلك أن الامة أجمعت على وجوب المعرفة ، والتقليد وما في حكمه لا يوجب العلم إن أوجبه لزم اجتماع الضدين في مثل تقليد من يعتقد حدوث العالم ويعتقد قدمه ، وقد اعترض على هذا بمنع الاجماع كيف والمخالف معروف بل عورض بوقوع الاجماع على خلافه ، وذلك لتقرير النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه العوام على إيمانهم ، وهم الاكثرون في كل عصر ، مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالة على الصانع وصفاته ، مع أنهم كانوا لا يعلمونها ، وإنما كانوا مقرين باللسان ومقلدين في المعارف ، ولو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقريرهم على ذلك مع الحكم بايمانهم ، واجيب عن هذا بأنهم كانوا يعلمون الادلة إجمالا كدليل الاعرابي حيث قال " البعرة تدل على البعير ، وأثر الاقدام على المسير ، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ، لا تدلان على اللطيف الخبير " ؟ فلذا أقروا ولم يسألوا عن اعتقاداتهم أو أنهم كان يقبل منهم ذلك للتمرين ، ثم يبين لهم ما يجب عليهم من المعارف بعد حين . ومن ذلك الاجماع على أنه لا يجوز تقليد غير المحق وإنما يعلم المحق من غيره بالنظر في أن ما يقوله حق أم لا ؟ وحينئذ فلا يجوز له التقليد إلا بعد النظر والاستدلال وإذا صار مستدلا امتنع كونه مقلدا ، فامتنع التقليد في المعارف الالهية ، ونقض ذلك بلزوم مثله في الشرعيات ، فانه لا يجوز تقليد المفتي إلا إذا كانت فتياه عن دليل شرعى ، فان اكتفي في الاطلاع على ذلك بالظن وإن كان مخطئا في نفس الامر لحط ذلك عنه فليجز مثله في مسائل الاصول ، واجيب بالفرق بأن الخطا في مسائل الاصول يقتضي الكفر ، بخلافه في الفروع ، فساغ في الثانية ما لم يسغ في الاولى . احتج من أوجب التقليد في مسائل الاصول بأن العلم بالله تعالى غير ممكن لان المكلف به إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره ، وحال امتناع كونه عالما بأمره ، يمتنع كونه مأمورا من قبله ، وإلا لزم تكليف ما لا يطاق ، وإن كان عالما به ، استحال أيضا أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الحاصل ، والجواب عن ذلك على قواعد الامامية والمعتزلة ظاهر ، فان وجوب النظر والمعرفة عندهم عقلي لا سمعي نعم يلزم ذلك على قواعد الاشاعرة إذ الوجوب عندهم سمعي . أقول : ويجاب أيضا معارضة بأن هذا الدليل كما يدل على امتناع العلم بالمعارف الاصولية ، يدل على امتناع التقليد فيها أيضا ، فينسد باب المعرفة بالله تعالى ، فكل من يرجع إليه في التقليد لابد وأن يكون عالما بالمسائل الاصولية ، ليصح تقليده ، ثم يجري الدليل فيه ، فيقال : علم هذا الشخص بالله تعالى غير ممكن ، لانه حين كلف به إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره بالمقدمات وكل ما أجابوا به فهو جوابنا ، ولا مخلص لهم إلا أن يعترفوا بأن وجوب المعرفة عقلي فيبطل ما ادعوه من أن العلم بالله تعالى غير ممكن أو سمعي فكذلك . فان قيل : ربما يحصل العلم لبعض الناس بتصفية النفس أو إلهامه إلى غير ذلك ، فيقلده الباقون ، قلنا هذا أيضا يبطل قولكم إن العلم بالله تعالى غير ممكن ، نعم ما ذكروه يصلح أن يكون دليلا على امتناع المعرفة بما يسمع ، فيكون حجة على الاشاعرة ، لا دليلا على وجوب التقليد . واحتجوا أيضا بأن النهي عن النظر قد ورد في قوله تعالى " ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا " والنظر يفتح باب الجدال فيحرم ، ولانه عليه السلام رأى الصحابة يتكلمون في مسألة القدر فنهاهم عن الكلام فيها ، وقال : إنما هلك من كان قبلكم بخوضهم في هذا ، ولقوله عليه السلام : عليكم بدين العجائز ، والمراد ترك النظر فلو كان ] واحتج من جوز التقليد بأنه لو وجب النظر في المعارف الالهية لوجد من الصحابة ، إذ هم أولى به من غيرهم ، لكنه لم يوجد وإلا لنقل كما نقل عنهم النظر والمناظرة في المسائل الفقهية ، فحيث لم ينقل لم يقع ، فلم يجب . واجيب بالتزام كونهم أولى به ، لكنهم نظروا وإلا لزم نسبتهم إلى الجهل بمعرفة الله تعالى ، وكون الواحد منا أفضل منهم ، وهو باطل إجماعا ، إذا كانوا عالمين ، وليس بالضرورة ، فهو بالنظر والاستدلال ، وأما أنه لم ينقل النظر والمناظرة ، فلا تفاقهم على العقائد الحقة لوضوح الامر عندهم ، حيث كانوا ينقلون عقائدهم عمن لا ينطق عن الهوى فلم يحتاجوا إلى كثرة البحث والنظر ، بخلاف الاخلاف بعدهم ، فانهم لما كثرت شبه الضالين ، واختلفت أنظار طالبي اليقين ، لتفاوت أذهانهم في إصابة الحق احتاجوا إلى النظر والمناظرة ، ليدفعوا بذلك شبه المضلين ، ويقفوا على اليقين ، أما مسائل الفروع لما كانت امورا ظنية اجتهادية خفية لكثرة تعارض الامارات فيها وقع بينهم الخلاف فيها ، والمناظرة والتخطئة لبعضهم من بعض فلذا نقل . واحتجوا أيضا بأن النظر مظنة الوقوع في الشبهات ، والتورط في الضلالات ، بخلاف التقليد فانه أبعد عن ذلك ، وأقرب إلى السلامة ، فيكون أولى ، ولان الاصول أغمض أدلة من الفروع وأخفى ، فإذا جاز التقليد في الاسهل ، جاز في الاصعب ، بطريق أولى ، ولانهما سواء في التكليف بهما فإذا جاز في الفروع فليجز في الاصول . واجيب عن الاول بأن اعتقاد المعتقد إن كان عن تقليد لزم إما التسلسل أو الانتهاء إلى من يعتقد عن نظر ، لانتفاء الضرورة ، فيلزم ما ذكرتم من المحذور مع زيادة ، وهي احتمال كذب المخبر ، بخلاف الناظر مع نفسه ، فانه لا يكابر نفسه فيما أدى إليه نظره ، على أنه لو اتفق الانتهاء إلى من اتفق له العلم بغير النظر كتصفية الباطن كما ذهب إليه بعضهم ، أو بالالهام ، أو بخلق العلم فيه ضرورة ، فهو إنما يكون لافراد نادرة ، لانه على خلاف العادة فلا يتيسر لكل أحد الوصول إليه مشافهة ، بل بالوسائط فيكثر احتمال الكذب ، بخلاف الناظر فانه لا يكابر نفسه ولانه أقرب إلى الوقوع على الصواب ، وأما الجواب عن العلاوة فلانه لما كان الطريق إلى العمل بالفروع إنما هو النقل ، ساغ لنا التقليد فيها ، ولم يقدح احتمال كذب المخبر ، وإلا لانسد باب العلم والعمل بها ، بخلاف الاعتقاديات فان الطريق إليها بالنظر ميسر . ‹ صفحة بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 67 ص 132
يتبع
|
|
|
|
|