|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 18419
|
الإنتساب : Apr 2008
|
المشاركات : 278
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ياقائم آل محمد
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
وصيته ( عليه السلام ) لعبد الله النجاشي في كتابه
بتاريخ : 27-04-2008 الساعة : 05:33 PM
وصيته ( عليه السلام ) لعبد الله النجاشي في كتابه
قال عبد الله بن سليمان النوفلي : كنت عند جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) فإذا بمولى لعبد الله النجاشي وردَ عليه فسلَّم وأوصل إليه كتاباً ، ففضّه ( عليه السلام ) وقرأه ، فاذا أول سطر فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أطال الله بقاء سيدي وجعلني من كل سوء فِداه ، إِني بُليت بولاية الأهواز فإن رأى سيّدي أن يحدَّ لي حدّاً أو يمثل لي مثلاً لأستدل به على ما يقربني إلى الله جلّ وعز وإلى رسوله ، ويلخص في كتابه ما يرى لي العمل به وفيما يبذله وأبتذله ، وأين أضع زكاتي ، وفيمن أصرفها ، وبمن آنس ، وإلى مَن أستريح ، ومَن أثق وآمن وألجأ اليه في سرّي ، فعسى أن يخلّصني الله بهدايتك ودلالتك ، فإنك حُجّة الله على خلقه ، وأمينه في بلاده لا زالت نعمته عليك .
قال عبد الله بن سليمان : فأجابه أبو عبد الله ( عليه السلام ) :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، جامَلَكَ الله بصنعه ، ولطف بك بمنّه ، وكلأك برعايته ، فإنه وليّ ذلك ، أمّا بعد : فقد جاء إِليّ رسولك بكتابك فقرأته ، وفهمت جميع ما ذكرته وسألت عنه ، وزعمت أنك بُليت بولاية الأهواز فسرَّني ذلك وساءني .
فأمّا سروري بولايتك فقلتٌ : عسى أن يغيث الله بك ملهوفاً من أولياء آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ويعز بك ، وساءني من ذلك فإن أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بولي لنا فلا تشمّ حظيرة القدس ، فإني ملخِّص لك جميع ما سألت عنه ، إِن أنت عملت به ولم تجاوزه رجوت أن تسلم إِن شاء الله تعالى .
أخبرني أبي عن آبائه عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال :
من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لُبَّه ، واعلم أني سأشير عليك برأي إِن أنت عملت به تخلّصت ممّا أنت متخوفه ، واعلم أن خلاصك ونجاتك من حقن الدماء وكفّ الأذى من أولياء الله والرفق بالرعيّة والتأني وحسن المعاشرة ، مع لين في غير ضعف ، وشدَّة في غير عُنف ، ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رُسله ، وارتق فتق رعيّتك بأن توافقهم على ما وافق الحقّ والعدل إِن شاء الله .
إِيّاك والسعاة وأهل النمائم فلا يلتزقن منهم بك أحد ، ولا يراك الله يوماً وليلة وأنت تقبل منهم صرفاً ولا عدلاً فيسخط الله عليك ويهتك سترك .
فأمّا من تأنس به وتستريح اليه وتلج أمورك اليه فذلك الرجل الممتحن المستبصر الأمين الموافق لك على دينك ، وميَّز عوامك وجرّب الفريقين فإن رأيت هنالك رشداً فشأنك وإِيّاه .
وإِيّاك أن تعطي درهماً أَو تخلع ثوباً أو تحمل على دابّة في غير ذات الله لشاعر أو مضحك أو ممتزح إِلا أعطيت مثله في ذات الله .
ولتكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقوّاد والرُسل والأحفاد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس ، وما أردت أن تصرفه في وجوه البرّ والنجاح والفتوّة والصدقة والحجّ والمشرب والكسوة التي تصلّي فيها وتصل بها والهديّة التي تهديها الى الله عزّ وجل والى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) من أطيب كسبك .
يا عبد الله ، اجهد ألا تكنز ذهباً ولا فضّة فتكون من أهل هذه الآية التي قال الله عزّ وجل : ( الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ) [ التوبة : 34 ] .
ولا تستصغرن من حلو أو فضل طعام تصرفه في بطون خالية ليسكن بها غضب الله تبارك وتعالى ، واعلم أني سمعت من أبي يحدَّث عن آبائه عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه سمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول يوماً : ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعاناً وجاره جايع ، فقلنا : أهلكنا يا رسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : من فضل طعاكم ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفون بها غضب الرب .
فخرج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من الدنيا وليس في عنقه تبعة لأحد حتّى لقي الله محموداً غير ملوم ولا مذموم ، ثمّ اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغكم ، لم يتلطّخوا بشيء من بوائقها صلوات الله عليهم أجمعين وأحسن مثواهم .
وقد وجّهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة ، فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ثمّ كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله أن يتحامى عنك جلّ وعزّ بقدرته .
يا عبد الله إِيّاك أن تُخيف مؤمناً فإن أبي محمّد حدّثني عن أبيه عن جدّه علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) أنه كان يقول : مَن نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم لا ظلَّ إِلا ظلّه ، وحشره في صورة الذرّ لحمه وجسده وجميع أعضائه حتّى يورده مورده .
وحدّثني أبي عن آبائه عن علي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : مَن أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلَّ إِلا ظله ، وآمنه الله يوم الفزع الأكبر ، وآمنه عن سوء المنقلب ، ومَن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة إِحداها الجنّة، ومَن كسا أخاه المؤمن من عري كساه الله من سُندس الجنّة واستبرقها وحريرها ، ولم يزل يخوض في رضوان الله مادام على المكسو منها سلك ، ومَن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيّبات الجنّة ، ومَن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم .
ومَن أخدم أخاه أخدمه الله من الولدان المخلّدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين ، ومَن حمل أخاه المؤمن من رحله حمله الله على ناقة من نوق الجنّة وباهى به الملائكة المقرّبين يوم القيامة ، ومَن زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها وتشدّ عضده ويستريح اليها زوّجه الله من الحور العين ، وآنسه بمن أحبّ من الصدّيقين من أهل بيته واخوانه وآنسهم به .
ومَن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه الله على إِجازة الصراط عند زلزلة الأقدام ، ومَن زار أخاه المؤمن الى منزله لا لحاجة منه اليه كُتب من زوّار الله، وكان حقيقاً على الله أن يكرم زائره .
يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) أنه سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لأصحابه يوماً :
معاشر الناس إِنه ليس بمؤمن مَن لعن بلسانه ولم يؤمن بقلبه فلا تتبعوا عثرات المؤمنين ، فإنه مَن اتبع عثرة مؤمن اتبع الله عثراته يوم القيامة وفضحه في جوف بيته .
وحدّثني أبي عن علي ( عليه السلام ) قال : أخذ الله في ميثاق المؤمن ألا يُصدَّق في مقالته ، ولا يُنتصف من عدوّه ، ولا يُشفي غيظه إِلا بفضيحة نفسه ، لأن كلّ مؤمن ملجم ، وذلك لغاية قصيرة وراحة طويلة .
أخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها مؤمن مثله يقول بمقالته يتعبه ويحسده ، والشيطان يغويه ويعينه ، والسلطان يقفو أثره ويتبع عثراته ، وكافر بالذي هو مؤمن به يرى سفك دمه دَيناً ، وإِباحه حريمه غنماً ، فما بقاء المؤمن بعد هذا .
يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : نزل جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا محمّد إِن الله يقرأ عليك السلام ويقول : اشتققت للمؤمن اسماً من أسمائي سمّيته مؤمناً فالمؤمن مني وأنا منه ، من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة .
يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه ( عليهم السلام ) عن علي عليه السلام عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال يوماً :
يا علي لا تناظر رجلاً حتى تنظر في سريرته ، فإن كانت سريرته حسنة فانَّ الله عزّ وجل لم يكن ليخذل وليّه ، وإِن كانت سريرته رديَّة فقد يكفيه مساويه ، فلو جهدت أن تعمل به أكثر ممّا عمله من معاصي الله عزّ وجل ما قدرت عليه .
يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة ليحفظها عليه يريد أن يفضحه بها ، اولئك لا خلاق لهم .
يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : مَن قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اُذناه ما يشينه ويهدم مروّته فهو من الذين قال الله عزّ وجل : ( إِنَّ الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابً أليم ) .
يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مُروّته وثلبه أوبَقهُ الله بخطيئته حتّى يأتي بمخرج ممّا قال ، ولن يأتي بالمخرج منه أبداً ، ومن أدخل على أخيه المؤمن سُروراً فقد أدخلَ على أهل البيت ( عليهم السلام ) سُروراً ، ومن أدخل على أهل البيت ( عليهم السلام ) سُروراً فقد أدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سُروراً ، ومن أدخل على رسول الله سُروراً فقد سرَّ الله، فحقيق عليه أن يُدخِله الجنّة حينئذٍ .
ثمَّ إِنّي أوصيك بتقوى الله وإِيثار طاعته والاعتصام بحبله ، فإنه من اعتصم بحبل الله فقد هُدي الى صراطٍ مستقيم ، فاتقِ الله ولا تؤثر أحداً على رضاه وهواه ، فإنه وصية الله عزّ وجل إلى خلقه ، لا يقبل منهم غيرها ولا يعظّم سواها .
واعلم أن الخلائق لم يوكلوا بشيء أعظم من التقوى فإنه وصيتنا أهل البيت ، فإن استطعت ألا تنال شيئاً من الدنيا تُسئل عنه غداً فافعل ) .
قال عبد الله بن سليمان : فلمّا وصل كتاب الصادق ( عليه السلام ) إلى النجاشي نظر فيه فقال : صدَق والله الذي لا إِله إِلا هو مولاي ، فما عمل أحد بما في هذا الكتاب إِلا نجا فلم يزل عبد الله يعمل به في أيام حياته [ بحار الأنوار : 78 / 271 / 112 ] .
وللوصايا بقايا ان شاء الله تعالى
|
|
|
|
|