عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحيدرية
الحيدرية
شيعي حسيني
رقم العضوية : 6077
الإنتساب : Jun 2007
المشاركات : 12,550
بمعدل : 1.94 يوميا

الحيدرية غير متصل

 عرض البوم صور الحيدرية

  مشاركة رقم : 24  
كاتب الموضوع : الحيدرية المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-04-2008 الساعة : 05:02 PM


انتخابات عثمان وحكومته


واجتمع أعضاء الشورى في بيت المال، وقيل في بيت مسرور بن مخرمة، وتداولوا الحديث عمّن أحقّ بأمر المسلمين، وكثر الجدل فيما بينهم، فانبرى الإمام أمير المؤمنين فحذّرهم من الخلاف والفتنة إن استجابوا لعواطفهم، ولم يؤثروا المصلحة العامة للمسلمين قائلاً:

(لم يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ وصلة رحم وعائدة كرم، فاسمعوا قولي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتطي فيه السيوف، وتخالف منه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلال وشيعة لأهل الجهالة).

ولم يعوا منطق الإمام ونصيحته، فقد استجابوا لعواطفهم، وكان الاُمويون قد حفوا بأهل الشورى وهم يقدّمون لهم الوعود المعسولة إن انتخبوا عميدهم عثمان.

وانقضت الثلاثة أيام التي حدّدها عمر ولم ينتخب أعضاء الشورى أحداً منهم، فحذّرهم أبو طلحة الأنصاري وجعل يتهدّهم ويتوعّدهم إن لم ينتخبوا أحداً منهم، انبرى طلحة فوهب حقّه لعثمان لأنّه كان شديد الكراهية للإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) لأنه نافس ابن عمّه أبا بكر على الخلافة، ووهب سعد بن أبي وقّاص حقّه لابن عمّه عبد الرحمن بن عوف، وأصبح رأيه هو الفيصل لأن عمر وضع ثقته به، وكان رأيه مع عثمان لأنّه صهره وقد زهّده القرشيون في الإمام وحرّضوه على انتخاب عثمان؛ لأنه يحقّق رغباتهم وأطماعهم، وأمر عبد الرحمن مسوراً بإحضار الإمام أمير المؤمنين وعثمان بن عفان، فلمّا حضرا عنده في الجامع النبوي التفت إلى الحاضرين فقال لهم:

أيّها الناس، إن الناس قد اجتمعوا على أن يرجع أهل الأمصار إلى أمصارهم فأشيروا عليّ.

وانبرى الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر فأشار عليه بما يضمن للاُمّة مصالحها ويصونها من الاختلاف والفرقة قائلاً:

إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً.

وأيد المقداد مقالة صاحبه عمار فقال:

(صدق عمار إن بايعت علياً سمعنا وأطعنا..

وشجبت الاُسر القرشية المعادية للإسلام والحاقدة عليه مقالة عمار، ورشحت عميد الاُمويين عثمان بن عفان، وقد كان الممثل لها عبد الله بن أبي سرح فخاطب ابن عوف قائلاً:

إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان.

وكأن شؤون الخلافة ومصير المسلمين موكول إلى قريش وهي التي حاربت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وناهضت دعوته وعذّبت أنصاره حتى هرب منها، وتابعته إلى يثرب بجيوش مكثفة لاستئصال دعوته ومحو دينه، ولكن الله تعالى ردّ كيدهم وأفشل خططهم، ونصر نبيّه العظيم، ولولا سماحة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ورأفته لأجرى عليهم حكم بني قريضة، ولكنّه عفا عنهم، وجعلهم من الطلقاء.

وعلى أي حال فقد اندفع عبد الله بن أبي ربيعة فأيّد مقالة ابن سرح قائلاً:

إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا.

وانبرى الصحابي الجليل عمّار بن ياسر فردّ على ابن أبي سرح قائلاً:

متى كنت تنصح للمسلمين.

وصدق عمار فمتى كان ابن أبي سرح ينصح المسلمين وهو من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد أمر بقتله ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة(35).

واحتدم الجدال بين الهاشميين وخصومهم الاُمويين، وانبرى ابن الإسلام البار عمار بن ياسر فجعل يدعو لصالح المسلمين قائلاً:

أيّها الناس، إن الله أكرمنا بنبيّه، وأعزنا بدينه فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم؟

وانبرى رجل من مخزوم فقطع على عمّار كلامه قائلاً:

لقد عدوت طورك يا بن سميّة، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها.

وطفحت الروح الجاهلية على هذه الكلمات، فليس فيها إلاّ الدعوة إلى الباطل، فقد اعتبر المخزومي أمر الخلافة وشؤونها إلى قريش التي ما آمنت بالله وكفرت بقيم الإسلام، فأيّ حق لها في خلافة المسلمين، وقبله أعلن أحد أعلام القرشيين: أبت قريش أن تجتمع النبوة والإمامة في بيت واحد.

إن أمر الخلافة بيد جميع المسلمين يشترك فيه ابن سميّة وغيره من الضعفاء الذين أعزهم الله بدينه، وليس لأيّ قرشي الحقّ في التدخل بشؤون المسلمين لو كان هناك منطق وحساب.

وعلى أي حال فقد احتدم النزاع بين القوى الإسلامية وبين القرشيّين، فخاف سعد أن يفلت الأمر من أيديهم وتفوز الاُسرة النبوية بالحكم فالتفت إلى عبد الرحمن قائلاً له:

يا عبد الرحمن، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس.

والتفت عبد الرحمن إلى الإمام فقال له:

هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟.

فرمقه الإمام بطرفه وأجابه بمنطق الإسلام قائلاً:

(بل على كتاب الله وسنّة رسوله، واجتهاد رأيي).

إن ابن عوف يعلم علماً جازماُ أن الإمام لا يسوس المسلمين بسيرة الشيخين ولا يحفل بها، وإنّما يسوسهم بكتاب الله وسنّة نبيّه ورأيه المشرق الذي هو امتداد ذاتي لرأي النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وإنّما شرط عليه ذلك لصرف الخلافة عنه.

ولو كان الإمام ممّن يبغي الحكم والسلطان لوافق على هذا الشرط، ثم خالفه، ولكنه سلام الله عليه في جميع أدوار حياته واكب الصدق والحقّ ولم يحد عنهما مهما كانت الظروف.

وعلى أي حال فإنّ عبد الرحمن لمّا يئس من إجابة الإمام اتّجه صوب عثمان فعرض عليه شروطه فأجابه بلا تردّد، فصفق بكفّه على يده وقال له:

اللّهمّ إنّي قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان.

والتاع الإمام فخاطب ابن عوف:

(والله ما فعلتها إلاّ لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبها من صاحبه، دقّ الله بينكما عطر منشم).

لقد رجا ابن عوف من بيعته لعثمان أن يكون خليفة من بعده كما كان ذلك بالنسبة للشيخين، واتّجه الإمام صوب القرشيّين فقال لهم:

(ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون).

ولذع منطق الإمام ابن عوف فراح يهدّده:

يا عليّ، لا تجعل على نفسك سبيلاً.

وغادر الإمام المظلوم قاعة الاجتماع وهو يقول: (سيبلغ الكتاب أجله..).

والتفت الصحابي العظيم عمّار بن ياسر فخاطب ابن عوف:

يا عبد الرحمن، أما والله لقد تركته، وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه كانوا يعدلون.

وانبرى المقداد فرفع صوته قائلاً:

تالله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم! وا عجباً لقريش لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أن أحداً أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أنقى منه، لو أجد أعواناً.

وصاح به عبد الرحمن: اتّق الله يا مقداد، فإنّي خائف عليك الفتنة.

وانتهت بذلك مأساة الشورى التي وضعها عمر لصرف الخلافة عن أهل بيت النبوة ومنحها لبني اُميّة، وقد رأت عقيلة الوحي السيّدة زينب (عليها السّلام) أضغان القرشيّين وحقدهم على أبيها، وإنّهم قد عملوا جاهدين على إطفاء نور الله، والإجهاز على رسالة الإسلام الهادفة لتطوير الوعي الاجتماعي، وإشاعة الخير والهدى بين الناس.

لقد خلقت الشورى العمرية الفتن والضغائن بين المسلمين وحجبت الاُسرة النبوية عن القيادة العامة للعالم الإسلامي، وسلّطت عليهم شرار خلق الله، فأمعنوا في ظلمهم والتنكيل بهم، وما كارثة كربلاء وما عانته عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السّلام) من صنوف الظلم والكوارث التي هي - من دون شك - من النتائج المباشرة لأحداث الشورى والسقيفة فإنهما الأساس لكل ما لحق بآل النبي (صلّى الله عليه وآله) من الكوارث والخطوب.

حكومة عثمان


وتسلّم عثمان قيادة الاُمّة، وقد احتفّ به بنو اُميّة وآل أبي معيط، وأخذوا يتصرفون في شؤون الدولة حسب رغباتهم وميولهم ولا شأن لعثمان في جميع المناحي السياسية والاقتصادية، فقد كان بمعزل عنها، وقد سيطر عليها وتسلّم قيادتها مروان بن الحكم الوزغ ابن الوزغ، والذي يسمّيه معاصروه بالخيط الباطل، وذلك لخبثه وسوء سريرته، فكان وزيره ومستشاره.

وقد هام عثمان بحبّ اُسرته، وتفانى في الولاء لهم فكان يقول: لو كانت مفاتيح الجنة بيدي لأعطيتها لبني اُميّة(36).

وقد أسند مناصب الدولة لهم، كما عيّنهم ولاة في معظم الأقاليم الإسلامية، ووهبهم الثراء العريض فكانوا في طليعة الرأسماليين في العالم الإسلامي، وقد عرضنا في بعض كتبنا(37) بصورة موضوعية وشاملة إلى الهبات المالية الهائلة التي منحها عثمان لاُسرته، كما عرض لها الحجّة الأميني والدكتور طه حسين والعقّاد وغيرهم، وقد أدت هباته ومنحه الامتيازات الخاصة لهم إلى نقمة المسلمين وشيوع السخط والتذمّر عليه في معظم الأقاليم الإسلامية.

الجبهة المعارضة


ونقمت على عثمان، وسخطت على سياسته معظم الصحابة وأعلام الإسلام وفي طليعتهم:

1 - أبو ذرّ الغفاري.

2 - عمّار بن ياسر.

3 - السيّدة عائشة.

4 - طلحة.

5 - الزبير.

6 - عبد الرحمن بن عوف.

7 - عبد الله بن مسعود.

وغيرهم من أقطاب الإسلام وحماته وقد نكّل عثمان بالكثيرين من معارضيه، فقد نفى الصحابي العظيم أبا ذرّ الغفاري إلى الشام، ثمّ نفاه إلى الربذة، وهي صحراء قاحلة خالية من جميع مقومات الحياة، وقد أنهكه الجوع حتى توفي غريباً جائعاً مظلوماً، كما نكّل بالصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، وقطع عنه مرتبة فلم يسعفه شيء حتى أهلكه الفقر وفي يد عثمان ذهب الأرض وخيراتها، كما نكّل بأعظم صحابي وأجلّ مجاهد إسلامي وهو الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر فقد ضربه ضرباً مبرحاً حتى أصابه فتق واُغمي عليه.

وقد رفعت السيّدة عائشة قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهي تقول: هذا قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يبل وعثمان قد أبلى سنّته، كما أفتت بحلّية قتله فقالت: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، وقد اشتدّت عليه المعارضة وقويت، وامتدّت إلى معظم الأقاليم الإسلامية، وقد استجارت المعارضة بالعراق ومصر وغيرها لإنقاذ المسلمين من عثمان وبطانته، فخفتّ بعض الكتائب العسكرية فزحفت إلى يثرب، وأحاطت بدار عثمان وطلبت منه إبعاد مروان وإقصاء بني اُميّة عنه أو الاستقالة من منصبه، فوعدهم بتنفيذ أهم متطلباتهم وهي إقصاء بني اُميّة إلّا أنّه خان بوعده، وكتب إلى ولاته على الأقطار بالتنكيل بمن استجاب للمعارضة ممّن قدموا إلى يثرب.

وقبض الثوار في أثناء رجوعهم إلى مدنهم على رسائله التي بعثها إلى ولاته في التنكيل بهم ففزعوا وقفلوا راجعين إلى يثرب، وعرضوا عليه رسائله، طالبوه بالاستقالة الفورية من منصبه، فلم يستجب لهم، وأصرّ على الاحتفاظ بكرسي الحكم، فعمدوا إلى الإجهاز عليه فقتلوه شرّ قتلة، وتركوا جسده مرمياً على مزبلة من مزابل يثرب استهانة به، ولم يسمحوا بمواراته إلّا أنّ الإمام أمير المؤمنين توسط في دفنه فاستجاب له الثوار على كره فدفنوه في حش كوكب.

لقد انتهت حكومة عثمان، وقد أخلدت للمسلمين المصاعب والفتن، وألقتهم في شر عظيم، فقد اتّخذت عائشة قتله وسيلة لتحقيق مآربها وأطماعها السياسية فراحت تطالب الإمام بدمه، وهي التي أفتت بقتله وكفره، كما اتّخذ الذئب الجاهلي معاوية بن هند قتل عثمان ورقة رابحة للتمرّد على حكومة الإمام والمطالبة بدمه.

وعلى أي حال فقد رأت حفيدة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) السيّدة زينب (عليها السّلام) هذه الأحداث الجسام ووعت أهدافها السياسية فكان لها أعمق الأثر في نفسها، فقد كان لها من المضاعفات السيئة ما اهتز من هولها العالم الإسلامي، والتي كان من نتائجها كارثة كربلاء التي رزئت فيها السيّدة زينب، فقد عانت من الكوارث والخطوب ما تذوب من هولها الجبال.

حكومة الإمام


وبعدما أطاح الثوار بحكومة عثمان أحاطوا بالإمام أمير المؤمنين وهم يهتفون بحياته، ويعلنون ترشيحه لقيادة الاُمّة فليس غيره أولى وأحق بهذا المركز الخطير، فهو ابن عمّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأبو سبطيه، ومن كان منه بمنزل هارون من موسى، وهو صاحب المواقف المشهورة في نصرة الإسلام والذبّ عنه، وليس في المسلمين من يساويه في فضائله وعلومه وعبقرياته، إلاّ أنّ الإمام رفض دعوتهم، ولم يستجب لهم لعلمه بما سيواجهه من الأزمات السياسية، فإنّ منهجه في عالم الحكم يتصادم مع رغبات الاُسر القرشية التي تريد السيطرة على السلطة، وإخضاعها لرغباتها الخاصة، فقال(عليه السّلام) للثوار:

(لا حاجة لي في أمركم فمن اخترتم رضيت به..).

فهتفوا بلسان واحد: ما نختار غيرك.

وعقدت القوات المسلحة مؤتمراً خاصاً عرضت فيه ما تواجهه الاُمّة من الأخطار إن بقيت بلا إمام يدير شؤونها، وقد قرّرت إحضار المدنيّين وإرغامهم على انتخاب إمام للمسلمين، فلمّا حضروا هدّدوهم بالتنكيل إن لم ينتخبوا إماماً وخليفة للمسلمين، ففزعوا إلى الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) وأحاطوا به رافعين عقيرتهم: البيعة.. البيعة..

فامتنع الإمام من إجابتهم، فأخذوا يتضرّعون إليه قائلين:

أما ترى ما نزل بالإسلام، وما ابتلينا به من أبناء القرى.

فأجابهم الإمام بالرفض الكامل قائلاً: (دعوني، والتمسوا غيري..).

ثم أعرب لهم الإمام عما ستعانيه الاُمة من الأزمات قائلاً:

(أيها الناس، إنّا مستقبلون أمراً له وجوه وله ألوان لا تقوم به القلوب، ولا تثبت له العقول..).

لقد كشف الإمام عمّا سيواجهه المسلمون من الأحداث المروّعة التي تعصف بالحلم وتميد بالصبر، الناجمة من الحكم المباد الذي عاث فساداً في الأرض، فقد أقام عثمان اُسرته حكّاماً وولاةً على الأقاليم الإسلامية، فاستأثروا بأموال المسلمين واحتكروها لأنفسهم، وإنهم حتماً سيقاومون كل من يريد الإصلاح الاجتماعي، فلذلك امتنع الإمام من إجابة القوم.

ثم عرض الإمام على القوات المسلحة، وعلى الصحابة وغيرهم منهجه فيما إذا ولي اُمورهم قائلاً:

(إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني فإنّما أنا كأحدكم ألا وإنّي من أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه..).

واستجاب الجميع لما عرضه الإمام عليهم قائلين: ما نحن بمفارقيك حتى نبايعك.

وأجّلهم الإمام إلى الغد لينظر في الاُمور، ولمّا أصبح الصبح هرعت الجماهير إلى الجامع الأعظم، فأقبل الإمام فاعتلى أعواد المنبر فخطب الناس، وكان من جملة خطابه:

(أيها الناس، إنّ هذا أمركم ليس لأحد فيه حقّ إلاّ من أمرتم، وقد افترقنا بالأمس، وكنت كارهاً لأمركم، فأبيتم إلاّ أن أكون عليكم ألا وإنّه ليس لي أن آخذ درهماً دونكم، فإن شئتم قعدت لكم وإلاّ فلا آخذ على أحد..).

وتعالى هتاف الجماهير بالتأييد والرضا قائلين:

نحن على ما فارقناك عليه بالأمس.

وطفق الإمام قائلاً: (اللّهمّ اشهد عليهم..).

وقد اتّجهت الناس كالموج صوب الإمام لتبايعه، وأوّل من بايعه طلحة فبايعه

بيده الشلّاء التي سرعان ما نكث بها عهد الله فتطيّر منها الإمام وقال:

(ما أخلفه أن ينكث..)(38).

ثمّ بايعه الزبير وهو ممّن نكث بــيعته، وبايعته القـــوات العسكرية، كما بايعه من بقي من أهل بدر والـــمهاجرين والأنصار كافة(39)، ولم يظفر أحد من خلفاء المسلمين بمثل هذه البيعة في شمولها، وقد فرح بها المسلمون وابتهجوا ووصف الإمام (عليه السّلام) مدى سرورهم بقوله:

(وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إيّاي أن ابتهج بها الصغير وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب..).

لقد ابتهج المسلمون، وعمّت الفرحة الكبرى جميع الأوساط الإسلامية بخلافة الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) رائد العدالة الاجتماعية، والمتبنّي لحقوق الإنسان الذي شارك البؤساء والمحرومين في سغبهم ومحنهم، القائل:

(أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين، ولا اُشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون اُسوة لهم في جشوبة العيش).

توقيع : الحيدرية






من مواضيع : الحيدرية 0 بيتزا التوست
0 كلـمات جمـيلة
0 كرات البطاطا بالصور
0 صور حلويات اهداء الى بنات وشباب المنتدى
0 الأمور المحببة إلى الزوج
رد مع اقتباس