|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 6077
|
الإنتساب : Jun 2007
|
المشاركات : 12,550
|
بمعدل : 1.94 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحيدرية
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 11-04-2008 الساعة : 05:01 PM
الشورى
ولمّا أيقن عمر بدنوّ الأجل المحتوم منه أخذ يطيل التفكير فيمن يتولّى شؤون الحكم من بعده، وقد تذكّر أعضاء حزبه الذين شاركوه في تمهيد الحكم لأبي بكر، فأخذ يبدي حسراته عليهم لأنّهم جميعاً قد اقتطعتهم المنية، فقال بأسى وأسف:
لو كان أبو عبيدة حيّاً لاستخلفته لأنّه أمين هذه الاُمّة، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لاستخلفته لأنّه شديد الحبّ لله تعالى.
لقد استعرض الأموات، وتمنّى أن يقلّدهم الحكم ولم يعرض لسيّد العترة الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) ولا للصفوة الطاهرة من صحابة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أمثال عمّار بن ياسر الطيّب ابن الطيّب، ولا لأبي ذرّ، ولا لرؤساء الأنصار من الذين ساهموا في بناء الإسلام واستشهد أبناؤهم في سبيله.
لقد تمنّى حضور أبي عبيدة وسالم ليقلّدهما منصب رئاسة الدولة، مع العلم أنّهما لم يكن لهما أية سابقة تُذكر في خدمة الإسلام.
لقد رأى عمر أن يجعلها شورى بين المسلمين وانتخب من يمثلهم، وهم ستة:
1 - الإمام أمير المؤمنين
2 - عثمان بن عفان الاُموي.
3 - طلحة.
4 - عبد الرحمن بن عوف.
5 - الزبير.
6 - سعد بن أبي وقاص.
وقد اختار عمر هؤلاء النفر لصرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين، فقد كان معظم أعضائها من المنحرفين عن الإمام والموالين لبني اُميّة، ولم يكن مع الإمام سوى الزبير، وهو لا يغني شيئاً، وقد جمع عمر أعضاء الشورى، وقدم في كلّ واحد منهم سوى الإمام فانصرف عنه، فقال عمر لمن حضر عنده:
والله إني لأعلم مكان رجل لو ولّيتموه أمركم لحملكم على المحجّة البيضاء.
فقالوا له: من هو؟.
هذا المولي من بينكم.
ما يمنعك من ذلك؟.
ليس إلى ذلك من سبيل(33).
ودعا عمر بأبي طلحة الأنصاري فعهد إليه بما يحكم أمر الشورى فقال له:
يا أبا طلحة، إن الله أعزّ بكم الإسلام فاختر خمسين رجلاً من الأنصار فالزم هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله، والتفت إلى المقداد فعهد إليه بمثل ما عهد إلى أبي طلحة ثم قال له:
إذا اتفق خمسة وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضربوا عنقهما، وإن اتّفق ثلاثة على رجل ورضي ثلاثة منهم برجلٍ آخر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس.
والتاع الإمام وعرف أنّها مكيدة دبّرت ضدّه، فقد قال لعمّه العباس:
(يا عمّ، لقد عدلت عنّا).
وسارع العباس قائلاً: من أعلمك بذلك؟.
وكشف الإمام الغطاء عمّا دبّره عمر ضدّه قائلاً:
(لقد قرن بي عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، ثم قال: كونوا مع عبد الرحمن وسعد، لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر لعثمان، وهم لا يختلفون، فإمّا أن يولّيها عبد الرحمن عثمان أو يولّيها عثمان عبد الرحمن).
وصدق تفرّس الإمام، فقد ولاّها عبد الرحمن لعثمان إيثاراً لمصالحه، وابتغاءً لرجوعها إليه من بعده.
إنّ أدنى تأمل في وضع الشورى يتّضح منه صرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، ووضعها عند القوى المنحرفة عنه.
وعلى أي حال فإنّ الشورى بأسلوبها الهزيل، قد ألقت الاُمّة في شرّ عظيم، وفرّقت كلمتها، وأشاعت الطمع والتهالك على الحكم والسلطان بين أبنائها، وقد أعلن هذه الظاهرة معاوية بن أبي سفيان، فقد قال لأبي الحصين:
بلغني أنّ عندك ذهناً وعقلاً فأخبرني عن شيء أسألك عنه.
سلني عمّا بدا لك.
أخبرني ما الذي شتّت شمل أمر المسلمين وملأهم وخالف بيتهم؟.
قتل الناس عثمان.
ما صنعت شيئاً.
مسير عليّ إليك وقتاله إياك.
ما صنعت شيئاً
مسير طلحة والزبير وعائشة وقتال عليّ إيّاهم.
ما صنعت شيئاً.
ما عندي غير هذا.
وطفق معاوية يبيّن أسباب الخلاف والفرقة بين المسلمين قائلاً:
أنا اُخبرك أنّه لم يشتّت بين المسلمين، ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر.
وأضاف يقول:
ثم جعلها - عمر - شورى بين ستّة نفر، فلم يكن رجل منهم إلاّ رجاها لنفسه ورجاها له قومه، وتطلّعت إلى ذلك نفسه(34).
لقد شاعت الأطماع السياسية بشكل سافر عند بعض أعضاء الشورى وغيرهم، فاندفعوا إلى خلق الحزبية في المجتمع الإسلامي للوصول إلى كرسي الحكم والظفر بخيرات البلاد.
وعلى أي حال فقد ذكرنا بصورة موضوعية وشاملة آفات الشورى في كتابنا (حياة الإمام الحسين)، وقد ألمحنا أليها في هذه البحوث؛ وذلك لأنّها تلقي الأضواء على الحياة الاجتماعية والسياسية في ذلك العصر الذي عاشت فيه عقيلة بني هاشم والتي أدت إلى ما عانته من الأهوال والكوارث التي تذهل كل كائن حيّ.
يتبع مع انتخابات عثمان وحكومته
|
|
|
|
|