|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 17464
|
الإنتساب : Mar 2008
|
المشاركات : 728
|
بمعدل : 0.12 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
بنت الغريب
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 09-04-2008 الساعة : 02:53 PM
ويروي المسعودي: ولما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة خرج علي فقال: أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر. ولم ترع لنا حقا..
فقال أبو بكر: بلى. ولكني خشيت الفتنة.
وكان المهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل. ومجازبة في الإمامة.
وخرج سعد بن عباة ولم يبايع. فصار إلى الشام. فقتل هناك في سنة خمس عشر. وليس كتابنا هذا موضعا لخبر مقتله. ولم يبايع أحد من بني هاشم حتى ماتت السيدة فاطمة الزهراء (19).
وينقل في كتب التراجم والتاريخ الكثير من الروايات التي تنسب لأبي بكر وعمر وعمر بن العاص وابن عمر وغيرهم وذلك في وقت الاحتضار وهم على مشارف الموت. تلك الروايات التي تشير إلى ندمهم الشديد على ما اقترفوه في حياتهم بسبب السياسة.
يوري المسعودي عن أبي بكر: ولما احتضر قال: ما آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتها ووددت أني تركتها. وثلاث تركتها ووددت أني فعلتها. وثلاث وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها:
فأما الثلاث التي وددت اني تركتها: فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة وذكر في ذلك كلاما كثيرا. وودت اني لم أكن قد حرقت الفجاءة وأطلقته نجيحا أو قتلته صريحا.
ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين فكان أميرا وكنت وزيرا.
والثلاث التي تركتها ووددت أني فعلتها: وددت أني يوم أتيت بالاشعث بن قيس اسيرا ضربت عنقه. فأنه قد خيل لي انه لا يرى شرا الا أعانه. ووددت أني كنت قد قذفت المشرق بعمر بن الخطاب. فكنت قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله. ووددت أني يوم جهزت جيش الردة ورجعت أقمت مكاني فإن سلم المسلمون سلموا. وان كان غير ذلك كنت صدق اللقاء أو مددا.
والثلاث التي وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها. وددت أني كنت سألته في من هذا الامر فلا ينازع الأمر أهله. ووددت أني سألته عن ميراث العمة وبنت الأخ فإن بنفسي منها حاجة. ووددت أني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب فنعطيهم إياه(20).
ولم يكن الصراع على الحكم ينحصر بين الأنصار وبين قطاع أبو بكر وعمر من المهاجرين إنما كانت قناك قطاعات اخرى تتطلع إلى الحكم من قريش على رأسها قطاع السفيانيين الذين تزعمهم أبو سفيان بن حرب الذي فقد سلطانه ونفوذه بعد فتح مكة..
ولم يكن أمام أبو سفيان الذي لا توجد له شوكة في المدينة سوى تحريض الإمام علي على المجتمعين في السقيفة...
يوري الطبري أن أبا سفيان قال للإمام: ما بال هذا الأمر (الخلافة) في أذل قبيلة من قريش وأقلها. والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا...
وكان جواب الإمام: مازلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا. والله ما اريد أن تملأها عليه خيلا ورجالا ولو رأينا أبا بكر لذلك أهلا ما خلييناه وإياها. يا أبا سفيان إن المؤمنين قوم نصحه بعضهم لبعض متوادون. وإن بعدت ديارهم وأبدانهم وأن المنافقين قوم غششة بعضهم لبعض...(21).
ويروي الطبري ايضا ان الإمام علي سارع ببيعة أبي بكر ولزم مجلسه وهناك روايات أخرى تقول أنه بايع بعد ستة أشهر وبايع بعده شيعته من الصحابة..(22).
يقول الإمام: فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام. يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدفا تكون المصيبة به على أعظم من موت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب. فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق وأطمأن الدين وتنهنه...(23).
ومثل هذه الروايات التي تتحدث عن بيعة الإمام لأبي بكر سواء كانت قبل ستة شهور أو بعد هذه المدة أو حتى بعد دفن الرسول مباشرة. إنما تؤكد حقيقة واحدة وهي أن الإمام كان له موقف مما جرى بالسقيفة بشكل عام ومن أبي بكر وعمر بشكل خاص.
إن تسامح الإمام في أمر البيعة لا يعني تخليه عن موقفه الفكري والعقائدي تجاه هذا الخط القبلي الذي بدأت توضع قواعده أمامه. فهذا التسامح لا يخرج عن كونه موقفا سياسيا في مواجهة الأمر الواقع. فالإمام لم يتنازل عن قضيته ولكن تنازل عن شخصه من اجل حفظ قضيته التي تعكس الجوهر الحقيقي للإسلام...
لقد كان الإمام مخير بين أن يتنازل عن إمامته من أجل الحفاظ على الإسلام او يصطدم الواقع وتكون النتيجة خسارة الإسلام وخسارة الإمامة فقد كانت جيوب المنافقين بالمجتمع المدني قوية وكانت القبلية مستشرية، هذا على مستوى الداخل.
أما على مستوى الخارج فكانت هناك قوى الروم والفرس تتربص بالمسلمين...
ان الانحراف في عصر أبي بكر لم يكن كبيرا إلى الحد الذي يستفز الإمام. ويؤرقه، إنما الانحراف الأكبر برز في عصر عثمان، وهنا تغير موقف الإمام،
وتعايش الإمام مع عصر الخليفة الأول والثاني ولم يصطدم بهما..
وفات هؤلاء أن الإمام تعايش مع واقع الخلفاء تعايش العالم المتميز.
تعايش العالم المدرك لحقائق الأمور حيث أنه قد نبأ من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) بتصورات الأحداث من بعده.
والبون شاسع بين من يفاجأ بظهور انحراف من جهة لم يكن بتوقع الإنحراف منها. وبين من يعلم بحدوث هذا الانحراف مسبقا...
ومن بين الروايات التي تؤكد على الإمام بهذه الحوادث... قول الرسول (صلى الله عليه وآله): يا علي. قاتلت على التنزيل وانت تقاتل على التأويل...(24).
أي أن الرسول قاتل المشركين الذين كفروا بما أنزل عليه ورفضوا الاعتراف بنبوته أما علي فسوف يقاتل المنتسبين لهذا الدين من المنافقين والمارقين الذين يؤولون النصوص ويستندوا إلى هذا التأويل في تبرير الأنحراف والفساد ونسبته إلى الدين..
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان يكون فيه حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون بقول خير البرية ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. لا يجاوز إيمانهم حناجرهم تحقر صلاتك خلف صلاتهم إذا وجدتموهم فاقتلوهم...(25).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): هلاك امتي على يدي غلمة من قريش. قال أبو هريرة الرواي ان شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان...(26).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض(27).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): لعمار تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار(28).
وحديث السر الذي كشفته عائشة وحفصة في سورة التحريم ذلك السر الذي كان يتعلق بموقف كلا من أي بكر وعمر بعد وفاة الرسول...(29).
إن مثل تلك الروايات إنما تشير إلى أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أجلى الأمور أمام الأمة وحدد لها معالم الانحراف عن خط الإسلام. وهي تشير أيضا إلى أن هناك الكثير من الصحابة الذين كانت لديهم دراية بأخبار الحوادث التي سوف تقع بعد وفاة الرسول مثل حذيفة...(30).
كما أنه من المعروف أن جميع العقائد والاتجاهات التي خالفت خط الإمام علي وفي مقدمتها عقيدة أهل السنة قد قامت على التأويل...(31).
إن الإمام قد تعايش مع واقع رافض له غير راض عنه لا مستسلما له. وهو فوق ذلك له وضعه المتميز فيه والذي يتلائم مع مكانته وقدره ووزنه. وقد اتخذه كل من الخليفة الأول والثاني مستشارا شرعيا وسياسيا له...
يقول الإمام: أما والله لقد تقمصها فلان- أبو بكر- وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير. فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتئى بين أن أصول بيد جزاء أو أصبر طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتا أحجي. فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا. أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى إلى فلان بعده- عمر- فيا عجبا. بينا هو يستيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته. لشد ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها حز وان أسلس لها تقحم. فمنى الناس- لعمر الله- بخبط وشماس وتلون واعتراض فصبرت على طول المدة وشدة المحنة. حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنى أحدهم. فيالله وللشورى متى أعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني اسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا فصفى رجل منهم لضغنه. ومال الآخر لصهره مع هن وهن....(32).
|
|
|
|
|