|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 13762
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 227
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الثابت
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 20-02-2008 الساعة : 03:24 AM
25- فضل الله
جاء في المجلد الأول من كتاب " المستطرف " : ان ملاحاً بنهر النيل المبارك في مصر قال : كنت اجتاز من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ، ومن الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي احمل الناس، فبينما أنا ذات يوم في الزورق اذا بشيخ مشرق الوجه عليه مهابة ، فقال : السلام عليكم . فرددت عليه السلام ، فقال : اتحملني إلى الجانب الغربي لله تعالى .. فقلت : نعم .. فطلع إلى الزورق وعديت به إلى الجانب الغربي .. وكان على ذلك الفقير مرقّعة ، وبيده ركوة وعصا .. فلما اراد الخروج من الزورق قال : اني اريد ان احملك أمانة .. قلت : وماهي ؟.. قال : اذا كان غداً وقت الظهر تجدني عند تلك الشجرة ميتّاً ، وستنسى ؛ فاذا اُلهمت فأتني وغسلني وكّفني في الكفن الذي تجده عند رأسي ، وصل عليَّ وادفني تحت الشجرة ، وهذه المرقعة والعصا والركوة يأتيك من يطلبها منك ، فادفعها اليه ولا تحتقره .
قال الملاح : ثم ذهب وتركني فتعجبت من قوله وبتُّ تلك الليلة، فلما اصبحت انتظرت الوقت الذي قال لي.. فلما جاء الوقت نسيت ، فما تذكرت الاّ قريب العصر ، فسرت بسرعة فوجدته تحت الشجرة ميتاً ، ووجدت كفناً جديداً عند رأسه تفوح منه رائحة المسك ، فغسلته وكفنته .. فلما فرغت من غسله حضر عندي جماعة عظيمة ، لم اعرف منهم أحداً ، فصلينا عليه ودفنته تحت الشجرة كما عهد اليَّ ، ثم عدت إلى الجانب الشرقي ، وقد دخل الليل ، فنمت فلما طلع الفجر وبانت الوجوه ، اذ انا بشاب قد اقبل عليَّ فححقت النظر في وجهه ، فاذا هو من صبيان الملاهي كان يخدمهم، فاقبل وعليه ثياب رقاق ، وهو مخضوب الكفين وطارة تحت ابطه .. فسلم عليَّ فرددت عليه السلام فقال : يا ملاّح !.. انت فلان بن فلان ؟.. قلت : نعم .. قال : هات الوديعة التي عندك .. قلت : ومن اين لك هذا ؟.. قال: لا تسأل .. فقلت : لابد ان تخبرني . فقال : لا ادري ، الاّ اني البارحة كنت في عرس فلان التاجر ، فسهرنا نرقص ونغني إلى ان ذكر الله الذاكرون على المآذن .. فنمت لأستريح، واذا برجل قد ايقظني وقال : ان الله تعالى قد قبض فلاناً الولي ، واقامك مقامه ، فسر إلى فلان بن فلان، صاحب الزورق ، فان الشيخ اودع لك عنده كذا وكذا .
قال : فدفعتها له فخلع اثوابه الرقاق ورمى بها في الزورق وقال : تصدّق بها على من شئت ، واخذ الركوة والعصا ، ولبس المرقعة وسار وتركني اتحرق لما حرمت من ذلك .. واقمت يومي ذلك ابكي إلى الليل .
ثم نمت فتناهى إلى سمعي صوت يقول : يا عبدي !.. اثقل عليك ان مننت على عبد عاص بالرجوع اليَّ ، انما ذلك فضلي أوتيه منأشاء من عبادي ، وانا ذو الفضل العظيم .
قال الشاعر :
رأيت الناس صاحبهم قليل وهم والله محمود ضروب
ولست مسمياً بشراً وهوبا ولكن الاله هو الوهوب
تحاشا ربنا عن كل نقص وحاشا سائليه بأن يخيبوا
ديوان أبي العتاهية: ص36
|
|
|
|
|