عرض مشاركة واحدة

الاقمار
عضو نشط
رقم العضوية : 15246
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 205
بمعدل : 0.03 يوميا

الاقمار غير متصل

 عرض البوم صور الاقمار

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : الاقمار المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-01-2008 الساعة : 12:41 PM


وصلنا إلى السؤال الثالث من الأسئلة المطروحة بهدف تقييم الفتوحات بشكل واقعي ..
ما هو الهدف المتوخى من الفتوحات ؟
هنا تارة يكون المقصود هو : ما هو هدف من أمر بالفتوحات من وراء ذلك الأمر؟
أو يكون : ما هو هدف من نفّذ الفتوحات ؟
ولنناقش كلا الاحتمالين معاً ..

رأينا فيما مضى أن الخليفة الثاني إنما قام بالفتوحات تنفيذاً لوصية من سلفه أبي بكر حسبما يقول ابن كثير ..
ولكن كيف قام أبو حفصة بهذه المهمة ..؟
تتباين المصادر في وصف كيفية إطلاقه لهذا الأمر

ففي بعضها - كتاريخ الدينوري - أنه " عزم على توجيه خيل إلى العراق " دون أن تذكر لنا لماذا وكيف تولدت تلك العزيمة ..
ولكن بعضها الآخر يتحدث بشيء من التفصيل ..
ففي تاريخ ابن كثير .. أن الندب إلى الفتوحات - أو بالأحرى تنفيذ وصية أبي بكر - قد وقع بعد ليلة فقط من وفاة هذا الأخير !!!! [ علام كانت هذه العجلة ؟ .. ]..
يقول ابن كثير :
فأوصى الصديق عمر أن يندب الناس لقتال أهل العراق . فلما مات الصديق ودفن ليلة الثلاثاء أصبح عمر فندب الناس وحثهم على قتال أهل العراق ، وحرضهم ورغبهم في الثواب على فلم يقم أحد لان الناس كانوا يكرهون قتال الفرس لقوة سطوتهم ، وشدة قتالهم . ثم ندبهم في اليوم الثاني والثالث فلم يقم أحد (ج 7 ص 31 )

يتضح من النص السابق أن عمر ندب الناس إلى الفتوحات متحدثاً معهم عن "الجهاد والثواب" فلم يأبه به أحد ...
وهنا لدينا احتمالان ..
- إما أن إيمان الناس [أي الصحابة !! .. يا عشاق الصحابة ] كان ضعيفاً بحيث أنهم قدّموا مخاوفهم من سطوة الفرس وشدة قتالهم - حسب تعبير ابن كثير - على رغبتهم بالثواب والأجر والواجب الإلهي المفترض ..
وهذا الاحتمال له درجة كبيرة من الواقعية بالنظر إلى التاريخ القريب لأولئك الصحابة .. فقبل فترة بسيطة كان الرسول الأعظم ( ص ) بنفسه في المسجد يوم الجمعة يؤم الناس .. فجاءت التجارة وجاء اللهو .. فخرج الناس إلا أنفاراً قليلة وتركوا الرسول الأعظم (ص ) قائماً يخطب ويصلي .. فمثل هؤلاء إذاً لا نستغرب منهم التخلف عن واجباتهم بلا شك .
ولكن بالنظر إلى عدم مجيء أحد أصلاً إلى الخليفة كما يؤكد ابن كثير (بقوله : فلم يقم أحد) ، ولأننا نعلم يقيناً بوجود العديد من المؤمنين المتمحضين في الإيمان بين أولئك الأصحاب * فإننا نرى أن هناك أمراً آخر منع الناس من التجاوب مع ابن الخطاب .. [وسنرى أن تتمة كلام ابن كثير تؤيد وجود مثل هذا الأمر عملياً ..] .. هذ الأمر هو الاحتمال الثاني ..
- أو أن الناس لم تصدق عملياً مقولات ابن الخطاب عن الجهاد والفتوح الإسلامية والثواب المنتظر .. ولسان حالهم يقول : قل هذا الكلام لغيرنا فالمسألة ليست جهاداً ولا شهادة ..

ولعلهم خاطبوه في أنفسهم بالقول :
منذ متى وأنت من أهل الجهاد والفتوح .. ولمَ لمْ تقل هذه الكلمات الطنانة لنفسك وأنت تهرب في خيبر .. وتفرّ في أحد .. وتتخاذل في بدر .. وتختفي في حنين
أنت لمْ تُحدّث نفسك عن الجهاد والأجر وثواب القتال مع الرسول الأعظم .. فلماذا تحدثنا عن ثواب القتال معك اليوم ..

وخلاصة هذا الاحتمال :
أن أحداً لم يصدق دعاوى ابن الخطاب التي أُلبست ثياب الدين واكتست بصبغته .. والشيء الوحيد الذي كان معلوماً للناس هو أن أبا حفصة كان يقوم بتوسيع دولته من جهة وتصدير أزماته أو مخاوفه من أزمات مستقبلية [ ناتجة عن اغتصابه للخلافة ] إلى الخارج حتى أنه بدأ بالدعوة إلى الفتوحات كما مر - في اليوم التالي لوفاة أبي بكر !! ..

فما الذي حصل بعدها ؟
لقد قام مرشح الخليفة المستقبلي للقيادة (المثنى) بمواجهة الناس ببعض الأمور التي تصيبهم في مقتل .. أمور يعرفونها ويصدقونها أو يمكنهم تصديقها بيسر وسهولة .. فحدثهم عن المال والأرزاق في العراق ... وهنا تغيّر الموقف [ فسبحان مغير الأحوال .. ] .. يقول ابن كثير متابعاً : " وتكلم المثنى بن حارثة فأحسن ، وأخبرهم بما فتح الله تعالى على يدي خالد من معظم أرض العراق** ، ومالهم هناك من الاموال والاملاك والامتعة والزاد ، فلم يقم أحد في اليوم الثالث فلما كان اليوم الرابع كان أول من انتدب من المسلمين أبو عبيد بن مسعود الثقفي ثم تتابع الناس في الاجابة "
وهكذا .. فقد تحدث المثنى في نهاية اليوم الثالث فذكر " الأموال والأمتعة والأملاك والزاد" ... فجاء الناس في اليوم التالي ليشتركوا في (الفتوح)

هكذا بدأت الفتوح أيها الإخوة .. هكذا بدأت هذه (المأثرة العظيمة) ...

يقول أبو حنيفة الدينوري متابعاً رحلة الجيش الذي تشكل في المدينة عقب دعوة المثنى السابقة : فسار أبو عبيد نحو الحيرة ، لا يمر بحي من أحياء العرب إلا استنفرهم ، فتبعه منهم طوائف حتى انتهى إلى قس الناطف ( الأخبار الطوال 1-113) ..

وهكذا فإن الجيش الذي تشكّل على أساس الرغبة بالماديات أولاً .. كان يستنفر كل من يمر به من أحياء العرب ..
ولنتوقف قليلاً عند هذه العبارة .. فما معنى أن تستنفر قبائل بدوية عاشت طيلة عمرها على السلب والغزو والغارات المتبادلة .. هذه القبائل التي لم يكن قد مضى على إسلامها أكثر من بضع سنوات قليلة ..
إن معنى (استنفر الحاكم الرعية) في اللغة العربية هو : " كلّفهم أن ينفروا لقتال العدو " (المعجم الوجيز ص627)
فعلى أي أساس كان هذا الجيش يُكلّف القبائل العربية أن تخرج معه ..؟

- هل على أساس مقولات الجهاد والاستشهاد .. والحال أن الجيش الأصلي نفسه قد خرج وفي نفوس عناصره أمور ورغبات أخرى
- أم على أساس أن معصية أوامر الحاكم وعدم تقديم المطلوب إليه خروج عن الإسلام .. ورِدّة .. وما حروب الردة التي حصلت قبل عام واحد ببعيدة ..
- أم على أساس الغنائم والماديات التي وُعد المقاتلون بها .. مما "فتح" الله به على خالد بن الوليد ..

من ناحية التحليل التاريخي المدعوم بالوقائع فإن الاحتمال الأول غير وارد .. فلا الجيش الخارج كان قادراً على تقديم مثل هذا الخطاب العاطفي بشكل مقنع طالما أنه هو نفسه كان يفتقد في داخله هذا الخطاب ، ولا القبائل البدوية التي أسلمت ولم تؤمن - كما يصفها الله تعالى - كانت في وارد الاستجابة لتقديم أرواح أبنائها ودمائهم على مذبح الإيمان البحت .. والشيء الأقرب إلى الواقع والمنطق والتاريخ هو أن هذه القبائل التي عاشت قروناً على الإغارات على بعضها وممارسة والسلب والنهب إنما خرجت إلى "الفتوح" مدفوعة بنفس هذا الأسلوب التي قضت عمرها عليه ..

بالإضافة طبعاً إلى الخوف من عصيان الخليفة بالامتناع عن تقديم المجندين له مما سيضعها في نفس الخانة التي وضع فيها أولئك الذين امتنعوا قبل عام عن تقديم الزكاة له .. [وقد رأى الجميع بالطبع ما حل بهم] .

وإذا كان هذا هو حال من بدأوا بالفتوح .. فإن حال من أتى بعدهم لم يكن ليقل سوءاً
فبالنسبة لشخص مثل معاوية الذي كان والي عمر وعثمان على بلاد الشام فإن فتوحاته لم تكن تعدو كونها توسيعاً لملك ابن عمه الحالي وملكه المستقبلي .. وعلى حد تعبير والده أبي سفيان - كما صرح بذلك في أيام عثمان - : تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان لا جنة ولا نار وانما هو الملك !!!!!

وأما فتوحات إفريقيا وعقبة بن نافع فيحضرني فيهما ما في كتاب "فتوح البلدان" ، ومنه "معاهدة السكان الأصليين على تسديد الجزية من أبنائهم عبيداً" !!!!!!!

والطريف أن المؤرخين يحدثونك عن أخبار الفتوح في سياق أخبار السلطة الفاسدة المتفسخة .. مما يضعك أمام صورة عجيبة من التستر بالدين والاستهزاء به في آن واحد .. فمثلاً يتحدث اليعقوبي عن (فتح سابور) فيقول : وفي هذه السنة افتتح عثمان بن أبي العاص الثقفي سابور . وفيها ولي الوليد بن عقبة بن أبي معيط الكوفة مكان سعد ، وصلى بالناس الغداة ، وهو سكران ، أربع ركعات ، ثم تهوع [ أي تقيأ ] في المحراب ، والتفت إلى من كان خلفه ، فقال : أزيدكم ؟ ثم جلس في صحن المسجد ، وأتى بساحر يدعى بطروى من الكوفة ، فاجتمع الناس عليه (اليعقوبي ج 2 ص 165 ) [ أترك هذه الفقرة دون تعليق بين يدي القارئ الكريم ..]

وإذا كان هذا هو الحال في عهد الخلفاء " الراشدين " فالحال في عهد بني أمية لا يقل سوءاً .. حتى باتت الفتوحات هي المتنفس الرائع لمشاكل السلطة ، فعلى سبيل المثال فقد جهّز الحجاج جيشاً بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث لفتح بلاد (ما وراء النهر ) .. يقول الطبري : " كان الحجاج وليس في العراق رجل أبغض إليه من عبد الرحمن بن الأشعث " ، ومع ذلك فقد عهد إليه بقيادة الحملة الجديدة وكان هدفه هو "أن يقذف بهذا الجيش إلى بلاد رتبيل كما قذف بالجيش الذي قبله فيتخلص من قادة العرب وفرسانهم باسم الفتح والجهاد " (أعيان الشيعة 7-409)

هذه هي أهداف الفتوحات .. وإن كنت في نهاية الموضوع لا أنكر أن كثيرين ممن قاتلوا في تلك الفتوحات إنما قاتلوا بدافع الشعور الديني .. ولكني أنفي ذلك عن الخلفاء المقررين وعن جمهور كبير من أهل"الفتوحات" .

والتوسع في الموضوع - كما ترون أحبائي - يستدعي في الواقع دراسة كاملة ؛ وهو الأمر الذي أتمنى أن يتاح لي الوقت الكافي يوماً للقيام به بإذن الله ، ولكنني أردت في هذه المشاركة إلقاء شعاع من الضوء فقط على حقيقة الأهداف المتوخاة من الفتوح والتي كانت تدور في أذهان القائمين بالفتوح وعليها .. وتتبدى في أفعالهم وعلى ألسنتهم ..

إلى اللقاء مع الإجابة على السؤال التالي
والسلام عليكم ورحمة الله


من مواضيع : الاقمار 0 سؤال لابي الطيب
0 تزوجت جدها
0 طارق بن زياد هل تترضى على هؤلاء
0 طارق بن زياد طلطسون العرب مبشر بالجنة
0 انظر كيف هو الفرق يا مسلم
رد مع اقتباس