|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 5107
|
الإنتساب : May 2007
|
المشاركات : 283
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرقيم
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 01-12-2007 الساعة : 06:42 PM
وبعد هذه القراءة الإجمالية الكلية للمعاهدة نقف عند أهم فصولها:
أولاً:
العمل بكتاب الله وسنة رسوله وبسيرة الخلفاء الصالحين: فتنازل الإمام عن الخلافة لمعاوية يقيده هذا الشرط فالإمام لم يفوض معاوية بأن يسوس البلاد والعباد وفق أهواءه وأطماعه وآرائه المريضة ومشاعره الجاهلية الحاقدة وإنما ألزمه أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وأيضاً بسيرة الخلفاء الصالحين. وهنا لابدّ من التوقف عند هذا القيد الثالث (سيرة الخلفاء الصالحين) قد نص عليه سداً لذريعة قد يتمسك بها معاوية وهو </span>الصفحة 60 العمل برأيه فألزم بالتقيد بسيرة الخلفاء الصالحين أي لا نخرج عما تعارف عليه المسلمون من سبل الحكم والسياسة في عهد الخلفاء المرضيين عند المسلمين.
وفي الحقيقة هذا الشرط، بهذا القيد الثالث يجعلنا نقارن بين موقف الإمام علي (عليه السلام) لما حاولوا أن يلزموه بشرعية الخلفاء السابقين في واقعة الشورى حيث طُلب منه الالتزام بسيرة الشيخين ولكنه رفض وقال أعمل بكتاب الله وسنة رسوله وبرأيي. فكان هذا الموقف موجبا لخروجه وقبول عثمان بن عفان الشرط..
فالإمام علي (عليه السلام) يرفض الالتزام بأي شيء مقابل كتاب الله وسنة رسوله لأنه إمام حق أما معاوية فلابد من إلزامه بسيرة الخلفاء الآخرين رغم عدم إيمان الحسن بشرعيتهم لأنه إمام جور وظلم وزور.
ثانياً:
ولاية العهد؛ اختلفت الروايات في هذه المسألة فبعضهما ذكرت أن الإمام اشترط على معاوية أن الأمر للحسن فإن لم يكن فللحسين وبعضها تقول أن الإمام اشترط عليه أن يكون الأمر شورى بين المسلمين.
</span>الصفحة 61 وعلى كلا الحالتين فولاية معاوية لابد أن تبقى فلتة وحالة مؤقتة وشاذة لترجع الخلافة إلى معدنها وكيانها الصحيح لينتبه المسلمون لخطورة تحويل الخلافة إلى ملكية أموية.. وتكون لهم الشرعية في مقاومته ومحاربته حينئذٍ.
ثالثاً:
عدم سب أمير المؤمنين (عليه السلام): هذا الشرط يكشف بجلاء استهتار معاوية بالأخلاق والتعاليم الإسلامية وإلا فبأي حق يسب مسلم مسلماً، فكل المسلم على المسلم حرام: نفسه وماله وعرضه ولكن أين معاوية من الإسلام وأحكامه؟ وإذا كان كذلك حق المسلم فما بالك بعلي الذي عظمه القرآن ومجده الرسول وكان من أهل البيت الذين فرض الله على كل المسلمين مودتهم {قُل لاّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَىَ}.
رابعاً:
الأمن العام للشيعة وللحسن والحسين وأهل البيت. فقد تعهد بأن لا يلحق مكروه وأذى بأنصار علي وشيعته ولا يبغي على الحسن والحسين ولا لأهل بيت النبي ولم تنص المعاهدة على هذا الشرط سوى لما عرف به معاوية من غدر.. كما تكشف حرص الإمام على شيعته وحقن دماءهم وحفظ وجودهم في وجه هذه الفتنة العمياء التي عصفت بالإسلام </span>الصفحة 62 وأهله؛ فتنة معاوية وبني أمية.
خامساً:
الحقوق المالية؛ نصت المعاهدة على مبالغ مالية للحسن (عليه السلام) وحقوق دائمة خراج دار أبجرد (مدينة فتحت عنوة) يوزع بين أولاد من قتل مع أمير المؤمنين في صفين والجمل.
وهذا الفصل الوحيد الذي يتصدى للمسألة المالية: فكل الفصول الأخرى كانت تستهدف حفظ الدين والتشيع وحفظ الأنصار وحماية كيان الأمة.
أما هذا الفصل فيعالج المسألة المالية ونرى الإمام يحاول حفظ حقوقه وحقوق أهل بيته وحقوق شيعته من العطاء فاشترط ذلك على معاوية لأنه يتوقع أن يحارب الشيعة ورموزهم اقتصادياً ويمنعهم حقوقهم من بيت مال المسلمين. ولا ورع لديه ولا تقوى تعصمه من ذلك.
وسيأتي مناقشته ما أثير من تهم حول هذا البند في الفصل الثالث حيث يشكك البعض في نوايا الحسن (عليه السلام) ليدعي انه باع الخلافة لمعاوية بالمال؟!
</span>الصفحة 63 وأما السؤال الآخر فهو إلى أي مدى التزم الطرفان ببنود المعاهدة؟
من جهته لقد سلّم الحسن (عليه السلام) الأمر لمعاوية كما سجل التاريخ ذلك ولكن معاوية نقض كل بنود المعاهدة وهذا ليس ببعيد عن شخص مثله كيف لا وقد لوح بذلك وحبر المعاهدة لم يجف بعد حيث صرح قائلاً: «وكل شرط شرطته فتحت قدميّ هاتين»(1).
ولقد أثبت التاريخ صدق وعده بنقص عهوده! فلقد انتهك بنود المعاهدة بنداً بندا ولم يف بواحد البتة.
- نقض البند الأول:
فأين معاوية من العمل بكتاب الله وسنة رسوله والشواهد على مخالفته لكتاب الله وسنة رسوله لا تحصى وقد صنفت مؤلفات لعرض هذه المخالفات ربما أهمها: الجزء العاشر والحادي عشر من موسوعة الغدير للعلامة الأميني.
____________
(1) شرح النهج: م س ص234.
الصفحة 64 - نقض البند الثاني:
لقد نقض معاوية هذا البند عندما نصب ولده يزيد وليا للعهد وأكره الناس عليه.
حاول معاوية تنصيب يزيد في حياة الحسن (عليه السلام) بطلب من المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة في حركة تزلف سعى من خلالها حفظ موقعه وتعزيزه بعد أن أوشك على الانهيار (في قصة تسردها كتب التاريخ) ولكن هذه المحاولة فشلت رغم مؤامرات معاوية لحبك مسرحيات تأييد ليزيد كما تنقل كتب التاريخ إلا أن بعض وجوه القوم ذكروه بعهده للحسن فقد قال له الأحنف بن قيس.. «وقد علمت يا معاوية أنك لم تفتح العراق عنوة ولم تظهر عليه مقصا ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت ليكون له الأمر من بعدك فإن تف فأنت أهل الوفاء وأن تغدر تظلم والله إن وراء الحسن خيولاً جياداً وأذرعاً شداداً وسيوفاً حداداً وإن تدن له شبرا من غدر تجد وراءه باعا من نصر وأنك تعلم من أهل العراق ما أحبوك منذ أبغضوك ولا أبغضوا علياً وحسناً منذ أحبوهما وما نزل عليهم في ذلك غير من السماء وأن السيوف التي شهروها عليك </span>الصفحة 65 مع علي يوم صفين لعلى عواتقهم والقلوب التي أبغضوك بها لبين جوانحهم» وتأكد معاوية أن الأمر لن يستتب لابنه يزيد والحسن حي فصمم على التخلص منه وكان منه ما كان من سمه.. كما مرّ بنا في الفصل الأول. وأما المحاولة الثانية فحدثت بعد وفاة الحسن وكانت إحدى أسباب ثورة الحسين (عليه السلام).
- نقض البند الثالث:
كان معاوية يعلم أن الأمر لن يستتب له ولبني أمية لو عرف المسلمون القادة الربانيين الحقيقيين، من هنا لم يفتأ يفتري ويروج الأكاذيب عن علي وآله. ورغم التزامه بعدم سب علي في عهد الصلح مع الحسن لكنه لم يف بعهده «فقد دأب على لعن علي (عليه السلام) ويقنت في صلاته وجعلها سنة في خطب الجمعة والأعياد وبدل سنة محمد (صلّى الله عليه وآله) في خطبة العيدين المتأخرة عن صلاتهما وقدمها عليه لإسماع الناس لعن الإمام الطاهر»(1).
ولم يزل معاوية وعماله دائبين على ذلك حتى تمرن عليه الصغير وهرم الشيخ فكانت العادة مستمرة منذ شهادة أمير
____________
(1) الأميني: الغدير، ج10 دار الكتب الإسلامية ص257.
الصفحة 66 المؤمنين (عليه السلام) إلى سنة عمر بن عبد العزيز طيلة أربعين سنة على صهوات المنابر وفي الحواضر الإسلامية كلها من الشام إلى الري إلى الكوفة إلى البصرة إلى عاصمة الإسلام المدينة المشرفة إلى حرم الله مكة المعظمة إلى شرق العالم الإسلامي وغربه. وقد صارت سنة جارية ودعمت في أيام الأمويين سبعون ألف منبر يلعن فيها أمير المؤمنين(1).
وطفق معاوية يوزع الأموال بسخاء والمناصب على الصحابة والتابعين الذين استجابوا له في وضع الأكاذيب في حق علي وتحريف أحاديث عن رسول الله تقتضي الطعن في علي والبراء منه والعياذ بالله ومن أمثال هؤلاء: أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب وعروة بن الزبير.
- نقض البند الرابع:
أورد الشيخ راضي آل يس ما رواه الطبري من أن أهل البصرة قد حالوا بين الحسن وبين خراج دار أبجرد وقالوا: فيئنا.
____________
(1) م س ص215 و 266.
الصفحة 67 أما ابن الأثير فقد أشار إلى أن منعهم كان بأمر من معاوية(1).
وهكذا لم يسلم حتى الشرط المالي الذي يمثل حقاً طبيعياً للحسن والحسين وشيعتهما في بيت مال المسلمين حيث لهما نصيب من بيت المال كما أن الحسنين لهما سهم ذو القربى المنصوص عليه في كتاب الله.
- نقض البند الخامس:
لقد نصّت المعاهدة على الأمن العام لشيعة علي وأنصار الحسن حيثما كانوا، وعدم التعرض بسوء للحسن والحسين ولا لأحد من أهل البيت ولكنها سنة معاوية في الغدر، ونقض العهود فالتاريخ يعج بالقصص والأحداث التي تحكي ما فعله معاوية بشيعة علي من تجويع وتعذيب وقتل وسجن وتشريد. ومن الأسماء البارزة التي نالت شرف الشهادة فداء لعلي (عليه السلام) وارتقت إلى سماء الشهادة تحت بطش معاوية وأعوانه: حجر بن عدي الكندي وأصحابه رشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي وجويرية بن مسهر العبدي وأوفى بن حصن..
____________
(1) راضي آل يس: صلح الحسن ص317.
الصفحة 68 وأما الذين روعوا وعذبوا فلا مجال لإحصائهم..
باختصار لقد انتهك معاوية هذا البند ليحقق بجدارة أوليات بكر في أفاعيل منكرة وبوائق فريدة في حق شيعة أهل البيت (عليهم السلام).
«فكان أول رأس يطاف به في الإسلام (من أصحاب علي) بأمره (معاوية) يطاف به وكان أول إنسان يدفن في الإسلام منهم وبأمره يفعل به ذلك وكانت أول امرأة تسجن في الإسلام منهم وهو الآمر بسجنها وكان أول شهداء يقتلون صبراً في الإسلام منهم وهو الذي قتلهم»(1).
____________
(1) راضي آل ياسين: صح الحسن ص362.
منقوول
|
|
|
|
|