عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.91 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 20  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:41 PM


يَــكُ ذلِكَ فَلَــسْتُ مِنْهُ وَلَيْــسَ مِنّي"( أصول الكافي، المجلد الثاني،
كتاب الإيمان والكفر، باب الحسد، ح 6 ). [131] الـشرح: إن الحسد،
حالة نفسية يتمنى صاحبها سلب الكمال والنعمة التي يتصورهما عند الآخرين،
سواء أكان يملكها أم لا، وسواء أرادها لنفسه أم لم يردها. وهذا يختلف عن
الغبطة، لأن صاحب الغبط ة يريد النعمة التي توجد لدى الغير، أن تكون
لنفسه، من دون أن يتمنى زوالها عن الغير. وأما قولنا: "النعمة التي يتصورها
عند الآخرين" فنعني به أن تلك النعمة قد لا تكون بذاتها نعمة حقيقية. فطالما
تبين أن الأمور التي تكون بحد ذاتها من النقائص والرذائل، يتصورها الحسود
من النعم والكمالات، فيتمنى زوالها عن الآخرين. أو أن خصلة تعــدّ من
النقائص للإنسان ومن الكمال للحيوان ويكون الحاسد في مرتبة الحيوانية
فيراها كمالاً، ويتمنى زوالها. فهناك بين الناس، مثلا أشخاص يحسبــون
الفتك بالغير وسفك الدماء موهبة عظيمة، فإذا شاهدوا من هو كذلك
حسدوه. أو قد يحسبون سلاطة اللســان وبذاءته من الكمالات،
فيحسدون صاحبها. إذاً، فالمعيار في معرفة هذه الحالة النفسية هو توهّــم
الكمال وتصور وجود النعمة، لا النعمة نفسها، فالذي يرى في الآخرين نعمة
حقيقية كان، أو موهومة ويتمنى زوالها، يعـدّ حسوداً. اعلم أن للحسد
أنواعا ودرجات حسب حال المحسود، وحسب حال الحاسد، وحسب حال
الحسد ذاته. أما من حيث حال المحسود، فمثل أن يحسد شخصاً لما له من
كمالات عقلية، أو خصال حميدة، أو لما يتمتع به من الأعمال الصالحة
والعبادية، أو لأمور [131] خارجية أخرى، مثل امتلاكه المال والجاه والعظمة
والاحتشام وما إلى ذلك، أو أن يحسد على ما يقابل هذه الحالات من حيث
كونها من الكمال الموهوم الموجود في المحســود. أما من حيث حال
الحاسد، فقد ينشأ الحسد أحيانــا من العداوة، أو التكبّر، أو الخوف، وغير
ذلك من الأسباب والعوامل التي سيرد ذكرها فيما بعد. وأما من حيث حال
الحسد نفسه، الذي نستطيع أن نقوله أنها الدرجات والتقــسيمات
الحقيقية، للحسد دون ما سبق ذكره، فلشدته وخفته مراتب كثيرة، تختلف
باختلاف الأسباب، كما تختلف باختلاف الآثار. وسوف نشير، إن شاء الله،
في عدة فصول إلى مفاسد الحسد وعلاجه. قدر استطاعتنا، ومن الله التَّوفيق.
فـصل في ذكر بعض أسباب الحـسد للحسد أسباب كثيرة، يرجع أكثرها
إلى رؤية الذلة في النفس، تماما كمـا أن الكبر، - نوعا - يتم على عكس
ذلك. فكما أن المرء عندما يجد في نفــس كمالاً لا يجده في غيره، تنشأ عنده
حالة من الترفع والتعزز والتعالي في نفسه، فيتكبّر. وإذا لاحظ الكمال في غيره،
انتابته حالة من الذل والانكسار. ولولا وجود عوامل خارجية ولياقات
نفسانية، لنتج من ذلك الحسد. وقد ينشأ من تصور ذله في تساوي غيره معه،
مِثل أن يحسد صاحب الكمال والنعمة مثيله أو الذي يليه. ويمكن القول أن
الحسد هو ذلك الانقباض والذل النفسي اللذان تكون نتيجتهما الرغبة في زوال
النعمة والكمال عن الآخرين. وقـد حصـر بعضهـم - كالعلامة
المجلسـي قدس سره - ( بحار الأنوار، المجلد الثالث والسبعون، ص 240 )
أسباب الحسد في سبعة أمور: الأول: العداوة. لثاني: التعزز: أن يكون من
حيث يعلم أن يستكبر بالنعمة عليه وهو لا يطيق احتمال كبره وتفاخره لعزّة
نفسه. الثالث: الكبر: أن يكون في طبعه أن يتكبر على المحسود ويمتنع ذلك
عليه [133] بنعمته وهو المراد بالتكبر. الرابع: التعجب: أن تكون النعمة
عظيمة والمنصب كبيراً فيتعجب من فوز مثله بمثل تلك النعمة كما أخبر الله
تعالى عن الأمم الماضية إذ قالوا: {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا}(يس15). و{
أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} (المؤمنون47). وأمثال ذلك كثيرة فتعجبوا من أن
يفوزوا برتبة الرسالة والوحي والقرب مع أنهم بشر مثلهم فحسدوهم وهو
المراد بالتعجب. الخامس: الخوف: أن يخاف من فوات مقاصده بسبب نعمة
بأن يتوصل بها إلى مزاحمته في أغراضه. السادس: حب الرئاسة: أن يكون يحّب
الرياسة التي تنبني على الاختصاص بنعمة لا يساوى فيها. السابع: خبث
الطينة: أن لا يكون بس بب من هذه الأسباب بل لخبث النفس وشحّها بالخير
لعباد الله". ولكنني أعتقد كما أشرت إليه سابقا، أن معظم هذه الأسباب بل
كلها تعود إلى رؤية ذل النفس، وإن السبب المباشر لحسد حسب التعريف
المشهور له ما ذكرناه - انبعاث الحسد من رؤية ذل النفس فلا مجال لذكر
هذه الأقسام -. وأما بناءًا على ما ذكرناه في معنى الحسد من أن نفس هذه
الحال تكون حسداً فلا اعتراض على صحة ذكر هذه الأقسام. وعل ى أي
حال يكون البحث حول هذه المعاني بعيداً عن مقصودنا وعن طبيعة
موضوعنا. فصل في بعض مفاسد الحسد اعلم أن الحسد نفسه أحد الأمراض
القلبية المهلكة، ويتولّــد منه أيضاً أمراض قلبية كثيرة، كالكبر
وفســـاد الأعمال وتعدّ كل واحدة منها من الموبقات. وتشكّـــل
سبباً مستقـــلاً لهلاك الإنسان. ولسوف نباشر بذكر المفاسد الواضحة
منها. ولا شك في أن هناك مفاسد خفيّــة عن نظر الكاتب. [134] وأما
مفاسدالحسد فسنكتفي بما نقل عن الصادق المصدق: ففي صحيحة معاوية بن
وهب قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: آفَــةُ الدّيــنِ الحَسَــد
والعُــجْبُ وَالــفَخْرُ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان
والكفر، باب الحسد، ح 5). وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه
السلام: "إِن الرَّجُــلَ لَيَــأْتى بِأي بادِرَةٍ فَــيُكَــفَّرُ، وَإنَّ
الحَسَــدَ لَيَــأْكُــلُ الإيمان كَمـــا تَــأْكُــلُ النّــار
الحَطَبَ"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الحسد، ح
1 ). ومعلوم أن الإِيمان نور إلهي يجعل القلب موضع تجليات الحق جلّ جلاله،
كما جاء في الأحاديث القدسية: "لا يَسَعُنِي أَرْضي ولا سَمائي بل يَسَعُني
قَلْبُ عبدِي الْمؤمِنِ"( إحياء العلوم، المجلد الثالث، ص 12. إتحاف السادة
المتقين، المجلد السابع ص 234. غوالي اللئالي، المجلد الرابع ص 7). فهذا ا لنور
المعنوي، وهذه البارقة الإلهية التي تجعل القلب أوسع من كل الموجودات،
تتعارض مع هذا الضيق والظلام اللذين تسببهما هذه الرذيلة، رذيلة الحسد. إن
هذه الصفة القبيحة تضغط على القلب وتضيقه فتبدو آثارها في كل كيان
الإنسان، باطنه وظاهره. إنها تصيب القلب بالحزن والكدر، والصدر
بالاختناق والضيق، والوجه بالعبوس والغضب. وهذه الحال تطفئ نور الإيمان،
وتميت قلب الإنسان، وكلما اشتدت ازداد ضعف الإيمان. إن جميع الصفات
المعنوية والظاهرية للمؤمن، تتنافى والآثار التي يوجدها الحسد في ظاهر
الإنسان وباطنه. إن المؤمن يحسن الظن باللّه تعالى، وهو راض بقسمه الذي
يقسمه بين عباده. أما الحسود فساخط على اللّه تعالى، يشيح بوجهه عن
تقديراته. لقد جاء في الحديث الشريف: إن المؤمن لا يتمنى السوء للمؤمنين،
بل هم أعزاء عنده، والحسود بعكس ذلك. المؤمن لا يغلبه حب الدنيا،
والحسود بل إنما و مُبْـــتَلى بشدة حبه للدنيا. والمؤمن لا يداخله خوف ولا
حزن إلا من بارئ الخلق تعالى، أما الحسود فخوفه [135] وحزنه يدوران
حول المحسود. والمؤمن طلق المحيا، وبشراه في وجهه، والحسود مقطب الجبين
عبوس الوجه. والمؤمن متواضع، والحسود متكبر في معظم الحالات. فالحسد،
آفة الإيمان التي تأكله، كما تأكل النار الحطب. ويكفي في شناعة هذه الرذيلة
هو أن الحسد يقضي على الإيمان الذي يعدّ وسيلة النجاة في الآخرة، وباعثا
لحياة القلوب، ويجعل الإنسان مفلساً ومسكيناً. وإن من المفاسد الكبيرة التي لا
تنفك عن الحسد، سخط الحسود على الخالق وولي نعمته وإعراضه عن تقديراته
تعالى. في هذا اليوم أن حجب الطبيعة الدكناء والحجب الحاصلة من انشغالنا
بهذه الطبيعة قد حجبت جميع مشاعرنا، فأعمت أعيننا وأصمت آذاننا، فلا
ندري إننا غاضبون تجاه مالك الملوك ومعرضون عنه ولا نعلم ما هي صورة
هذا الغض ب والإعراض في الملكوت حيث مساكننا الأصلية الدائمية؟ وإنما
يصل إلى أسماعنا قول الإِمام الصادق عليه السلام: "ومَنَ يَـكُ كَذلكَ
فـَلَسْتُ مَنْهُ وَلَيْسَ مِنّي" ولا نفهم ماذا يحمل لنا تبرؤ الحق تعالى منّا
وإعراضه عنّا من مصائب؟ إن من يخرج عن ولاية اللّه ويطرد من ظل راية
أرحم الراحمين لن يكون له أمل في النجاة، ولن يشفع له أحد: {مَنْ ذَا الَّذِي
يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}(البقرة/255). من ذا الذي يتقدم ليشفع لمن يسخط
عليه اللّه ويكون خارجاً عن حرز ولايته، وقد انقطع حبل المودة بينه وبين
مالك الرقاب؟ واسوأتاه! واحسرتاه على ما نفعله بأنفسنا! لم يفتأ الأنبياء
والأولياء يصرخون في آذاننا ويريدون إيقاظنا من النوم، ولكننا نزداد غفلة
وشقاءً يوماً بعد يوم. ومن مفاسد هذا الخلق الذميم، كما يقول العلماء، ضيق
القبر وظلمته. إذ أنهم يقولون إن صورة هذا الخق الفاسد الرديء، التي فيها
ضيق نفساني وكدر قلبي، تشبه ضيق القبر وظلمته، إذ أن ضيق القبر أو
اتساعه منوط بضيق الصدر أو انشراحه. روي عن الإمام الصادق عليه
السلام - إلى أن قال -، وَأنَّ رَسولَ اللّه صَلى اللّه عَليه [136] وآله
وسلمَ خَرَجَ فِي جِنَــازَةِ "سَعْــد" وَقَــدْ شَيّعَــهُ سَبْــعُونَ
أًلْفَ مَلَكَ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللّه صَلّى اللّه عَليهِ وَآله وسلم رَأسَهُ إلى
السَّــماءِ ثُمّ قالَ: مِثــلُ "سَعْد" يُضمّ؟ قال: قلت جعلت فداك أنّــا
نحدّث إنه كان يِسْــتَخِفُّ بِالْبَولِ فَقال مَعَاذَ اللّه، إنَّما كانَ مِنْ زعّارة في
خُـلُـقِه عَلى أَهْلِهِ ( فروع الكافي، المجلد الثالث، باب المسألة في القبر، ح
6، ص 236 ). إن الضيق والضغط والكدر والظلام الذي يحصل في القلب
بسبب الحسد قلّما يوجد في خلق فاسد آخر. ولى أي حال إن صاحب هذا
الخلق يعيش في الدنيا معذباً مبتلىً، ويكون له في القبر ضيق وظلمه، ويحشر في
الآخرة مسكيناً متألماً. هذه هي مفاسد الحسد نفسه دون المفاسد الخلقية
الأخرى، أو الأعمال الفاسدة الباطلة، التي يمكن أن تتولد عن الحسد،
وقــلّما يتفق أن لا تتولد عن الحسد مفاسد أخرى بل إن عدداً من
السيئات الأخلاقية والأعمال الباطلة الأخرى تكون وليدة الحسد، كالكِبر في
بعض الحالات، كما سبق، والغِيبة، والنميمة، والشتم، والإِيذاء، وغير ذلك
مما هو من الموبقات والمهلكات. فعلى الإنسان العاقل أن يشمّر عن ساعد الجد
لينقذ نفسه من هذا العار وإيمانه من هذه النار المحرقة والآفة الصعبة، وأن ينجو
بنفسه من ضغط الفكر وضيق الصدر في هذه الدنيا - وهما نوعان من العذاب
المرافقان للعمر كلّه - وكذلك من الضيق والظلمة في القبر وفي البرزخ، ومن
غضب اللّه تعالى. على الإنسان أن يفكر قليلاً ليدرك أن أمراً له هذا القدر من
المفسد يجب أن يعالج، مع العلم أن حسدك لن يضر المحسود. فلا تزول نعمته
بمجرد حسدك له، بل يكون له نفع دنيوي وأخروي، وذلك لأن شقائك
وحزنك وأنت عدوه وحاسده يعد نفعاً له. فهو يرى أنه متنعم وأنت معذب
بتنعمه، وهذه نعمة له. فإذا انتبهت لهذه النعمة الثانية التي تتوفر للمحسود
جلبت لنفسك عذاب وضغط فكري آخِرَيْن ويعتبر عذابك هذا نعمة له
وهكذا. وعليه، فإنك تكون دائما في عذاب وشقاء وتعاسة وغمّ، وهو في
نعمة وسرور وانبساط. وفي الآخرة أيضاً يكون حسدك له نفعاً له، وخصوصاً
إذا كان الحسد قد دفع بك إلى الغيبة والافتراء وسائر الرذائل، مما يستوجب
أخذ حسناتك وإعطائها له، فتعود أنت مفلساً، ويزداد هو نعمة وعظمة.
[137] لو أنك أمعنت الفكر في هذه الأمور لأقدمت على تطهير نفسك من
هذه الرذيلة وأنقذت نفسك من هذه المهلكة. ولا تظنن أن الرذائل النفسانية
والخلق الروحية غير ممكنة الزوال ، إن ظنوناً باطلة توحيها إليك النفس
الأمارة والشيطان لكي تنحرف عن سلوك الآخرة وإصلاح النفس. فما دام
الإنسان في دار الزوال وعالم التبدل هذا، فمن المم كن أن يتغيّر في جميع صفاته
وأخلاقه، ومهما تكن صفاته متمكنة، فإنها قابلة للزوال ما دام حياً في هذه
الدنيا، وإنما تختلف صعوبة التصفية وسهولتها نتيجة شدّة هذه الصفات
وخفّتها. ومن المعلوم أن إزالة صفة حديثة الظهور في النفس إنّما يتحقق بقليل
من الجهد والترويض، كالنبتة في أيامها الأولى التي لم ترسل جذورها إلى
الأعماق بعد ولم تتمكن من التربة. ولكن إذا تمكنت تلك الصفة من النفس
وأصبحت من الملكات المستقرة فيها، فإنه يصعب إزالتها، ورغم أن إزالتها
ممكنة، كاقتلاع شجرة ضخمة معمرّة ضربت بجذورها في أعماق التربة،
فكلما تقاعست وأبطأت في مساعيك لاقتلاع جذور المفاسد من قلبك
وروحك، ازداد تعبك وعنائك في اجتثاثها. فيا عيزي؛ إن الوقوف منذ البداية
دون تسرب المفاسد الأخلاقية أو العملية إلى مملكة ظاهرك وباطنك، أيسر
بكثير من إخراجها بعد توغلها، لأن ذلك يتطلب الكثير من العناء والجهد.
وإذا تسربت، فإنك كلما أخرت التصدي لإخراجها، ازداد الجهد المطلوب
منك وضعفت قواك الداخلية. يقول شيخنا الجليل والعارف الكبير الشاه آبادي
( روحي فداه ): إن الإنسان في عز شبابه وقوة فتوته يكون أقدر على الوقوف
بوجه المفاسد الأخلاقية، وأفضل في أداء واجبه الإنساني. فلا تتركوا هذه
القوى تضيع من أيديكم، ويستولي عليكم ضعف الشيخوخة، وعندئذٍ يصعب
عليكم التوفيق في مساعيكم، وحتى لو أنكم وفقتم، فإن ذلك الإصلاح
سوف يتطلب منكم الكثير من المشقة والتعب. وعليه، إذا فكّر الإنسان العاقل
في المفاسد ووجد أنه غير داخل فيها، فإنه يستطيع أن يمنع نفسه من التلوث
بها، وإذا وجد نفسه - لا سمح الـلّه - مبتلاةً بها، فخي ر له أن يسرع في
إصلاح نفسه قبل أن تتجذّر تلك المفاسد فيه، وإذا كانت - لا [138] سمح
اللّه - قد تجذّرت فيه فعليه أن يبذل كل جهد مستطاع في سب يل اقتلاع
تلك الجذور لئلا يصل إلى مرحلة اللاعودة في البرزخ والآخرة، لأنها إذا أعطت
ثمرها، وخرج صاحبها بخلقه الفاسد من هذه الدنيا المتبدلة في هيولاها والمتغيرة
في جوهرها، خرج أمر اقتلاعها من يديه، وهيهات أن يتبدّل خلق من
الأخلاق النفسانية في الآخرة أو في البرزخ. جاء في مضمون حديث عن
رسول الـلّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم، أن الخلود في الجنة أو في النار منوط
بنية الإنسان. فالنوايا الفاسدة، التي هي وليدة الأخلاق والرذيلة، لا يمكن أن
تزول إلا بزوال منشئها. إن الملكات في ذلك العالم تكون على درجة من شدّة
الظهور وقوته بحيث أن زوالها إما لا يكون ممكناً، فيكون صاحبها مخلداً في
النار. وإمّا إذا أمكن بالضغوطات والمشاق والنيان إزالتها، فإن ذلك قد يحدث
ولكن بعد قرون ربوبية. فيا أيها الإنسان العاقل! إن ما يمكن أن تصلحه في
شهر أو في سنة من التعب الق ليل الدنيوي وبمحض اختيارك واضعاً حدّاً
لشقائك في الدنيا والآخرة، لا تهمله لكيلا يوردك موارد الهلاك. فصـل في
بيان جذور المفاسد الخلقيـة سبق القول بأن الإيمان، الذي هو حظ القلب،
غير العلم الذي هو حظ العقل. ثم إن جميع المفاسد الأخلاقية والعملية تنشأ عن
كون القلب غافلاً عن الإيمان، وأن ما يدركه العقل عن طريق البرهان العقلي
أو عن طريق أخبار الأنبياء لم يوصله إلى القلب، ولذلك فالقلب لا يعرف عنه
شيئاً. إن من بين المعارف التي يصدّقها الحكماء والمتكلمون وعامّة الناس من
أهل الشرائع، ولا يشكون فيها أبداً، هو أن ما جرى به قلم الحكيم المطلق
جلّت قدرته من الوجود والكمال ومن بسط النعمة وتقسيم الآجال والأرزاق،
جاء على خير تقدير وأجمل نظام، وهو يت طابق كل التطابق مع المصالح
التامة والنظام الكلي لأتم نظام متصور. ولكن يعبر كل واحد - من الحكماء
والمتكلمين - بلسانه الخاص [139] واصطلاحه الذي يختص بفنه الذي اتخذه
وسيلة لتبيان هذه النعمة الإلهية والحكمة الكاملة. يقول العارف: ظلّ الجميل
جميل على الإطلاق. ويقول الحكيم: النظام العيني المطابق للنظام العلمي خال
من النقص والشرور، والشرور المتوهمة الجزئية هي من أجل إيصال الكائنات
إلى كمالاتها التي تليق بها. ويقول المتكلم وأهل الشرائع: أفعال الحكيم تكون
على أساس من الحكمة والصلاح، وأن أيدي العقول البشرية الجزئية المحدودة
قاصرة عن إدراك المصالح العالية في التقديرات الإلهية. هذا الموضوع يدور على
ألسنة الجميع، وكل ما يستدل على ذلك بأدلة تتناسب مع مدى سعة علمه
وعقله. ولكن بما أنه لم يتعد حدود الأقوال إلى حيث القلوب والأحوال، فإن
ألسنة الاعتراض مطلقة، وأن من لم يكن ه حظ من الإيمان يقوم بتفنيد برهانه
وتكذيب قوله. وعلى هذا الأساس تكون المفاسد الأخلاقية. وليعلم من يحسد
الناس ويتمنى زوال النعمة عن الآخرين، ويحقد في قلبه على أصحاب النعم، أنه
لا إيمان له بأن اللّه عزّ وجل من باب معرفة الصالح أسبغ نعمه على أولئك،
وأن إدراكنا لذلك قاصر. وليعلم أيضاً أنه لا يؤمن بعدل اللّه تعالى ولا يرى
التقسيم عادلاً. إنك في أصول العقائد تقول إن اللّه عادل، وما هذا إلاّ مجرد
لفظة على لسانك. إن الإيمان بالعدل يناقض الحسد. إنك إذا كنت ترى اللّه
عادلاً، لرأيت تقسيمه عادلاً أيضاً. وقد جاء في الحديث الشريف: يقول الـلّه

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'
رد مع اقتباس