عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.91 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 19  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:39 PM


منحك بقدرته [120] قواك الظاهرية والباطنية، ما زلت ضعيفاً وتافهاً بحيث
أن أيّاً من قواك ليست تحت تصرفك، فلست بقادر على المحافظة على صحتك،
ولا على قواك ولا على حياتك، ولست بقادر على الاحتفاظ بشبابك
وجمالك. وإذا ما هاجمتك آفة أو انتابك مرض فلست بقادر على دفعهما
عنك. وعلى العموم، ليس تحت تصرفك شيء من ذلك. لو جعت يوما
لتنازلت حتى لأكل الجيفة، ولو غلبك العطش لما امتنعت عن شرب أي ماء
آسن. وهكذا أنت في شؤونك الأخرى عبد ذليل مسكين لا قدرة لك على
شيء. ول و قارنت حظك من الوجود ومن الكمالات بما لسائر الموجودات،
لوجدت أن ك وكل الكرة الأرضية، بل وكل المنظومة الشمسية، لا قيمة لكم
مقابل هذا العالم الجسماني الذي هو أدني العوالم وأصغرها. أيها العزيز! إنك لم
تر سوى نفسك، والذي رأيته لم تضعه موضع الاعتبار والمقارنة. حاول أن
تنظر إلى نفسك وما تملك من شؤون الحياة وزخارف الدنيا وقارنها بمدينتك.
وقارن مدينتك بوطنك، ووطنك بسائر الدول في الدنيا التي لم تسمع بأكثر
من واحدة بالمائة منها، وقارن كل الدول بالكرة الأرضية، والأرض بالمنظومة
الشمسية، وبالكرات الواسعة التي تعيش على فتات أشعة الشمس المنيرة، وقارن
كل المنظومة الشمسية الخارجة عن محيط فكري وفكرك، بالمنظومات الشمسية
الأخرى التي تعد شمسنا وجميع سياراتها، واحدة من سيارات إحدى تلك
المنظومات التي لا يمكن أن تقارن شمسنا معها، والتي يقال أن ما اكتشف منها
حتى الآن يبلغعدة ملايين من المجّرات، وأن في هذه المجرة القريبة الصغيرة عدة
ملايين من المنظومات الشمسية التي تكبر أصغر شمسها على شمسنا ملايين
المرات وتسطع نور أكثر. هذه كلها من العوالم الجسمانية التي لا يعرفها إلا
خالقها، وإن ما اكتشفت منها لا يبلغ الجزء الضئيل منها. وكل عوالم الأجسام
هذه لا تكون شيئا بالقياس إلى عالم ما وراء الطبيعة، فهناك عوالم لا يمكن
للعقل البشري أن يتخيلها. هذه شؤون حياتك وحياتي وهذه حظوظنا ونصيبنا
من عالم الوجود. وعندما تشاء إرادة الله أن تتوفاك وتنقلك من هذه الدنيا،
فإنه يأمر جميع قواك بالاتجاه نحو الضعف وجميع حواسك بالتوقف عن العمل،
فتختل أجهزة وجودك، ويذهب [121] سمعك وبصرك وتضمحل قواك
وقدراتك، فتصبر قطعة جماد تزكم بعد أيام رائحتك العفنة، أنوف الناس
وتؤذي مشامّهم، ويهربون من صورتك وهيئتك، وما أن تمضي عليك أيام
أخر حتى تهترأ أعضاؤك وتتفسخ. هذه هي أحوال جسمك، أما أحوال
أموالك وثروتك فأمرها معروف. أما علم برزخك: فإنك إن انتقلت من هذه
الدنيا - لا سمح الله - قبل أن تصلحه فالله يعلم كيف تكون صورتك، وكيف
تكون أحوالك، إذ أن قوى الإدراك في هذا العالم عاجزة عن أن تسمع أو ترى
أو تشم شيئا من ذلك العالم. إن ما تسمعه عن ظلمة القبر ووحشته وضيقه إنما
تقيسه على ما في هذا العالم من ظلمة ووحشة وضيق، مع أن هذا القياس
وهذه المقارنة باطلة. نسأل الله أن ينجينا مما أعددنا لأنفسنا بأنفسنا!. إن
عذاب القبر أنموذج من عذاب الآخرة والمستفاد من بعض الأحاديث أن أيدينا
تقصر عن الوصول إلى شفاعة الشفعاء في القبر، فياله من عذاب! إن نشأة
الآخرة أشد وأفظع من جميع الحالات السابقة. إنه يوم تبرز فيه الحقائق،
وتنكشف فيه السرائر، وتتجسد فيه الأعمال والأخلاق. يوم تصفيه الحساب،
يوم الذلة في المواقف. تلك هي أحوال يوم القيامة!. ما حال جهنم التي تكون
بعد يوم القيامة فأمرها معلوم أيضاً. إنك تسمع أخباراً عن جهنم! إن النار
ليست وحدها عذاب جهنم. فلو أن باباً منها انفتحت على عينيك وعلى هذا
العالم لهلك أهلها خوفا. وكذلك لو انفتحت باب أخرى على أذنيك، وأخرى
على خياشيمك، لو أن أيّاً منها فتح على أهل هذا العالم لهلكوا جميعا من شدة
العذاب. يقول أحد علماء الآخرة: مثلما أن حرارة جهنم أشد ما تكون،
كذلك برودتها أشد ما تكون. والله تعالى قادر على أن يجمع الحرارة
والبـرودة. هكذا هي نهاية حالك. إذاً، فالذي أوله عدم غير متناه، وهو منذ
أن يضع قدمه في الوجود تكون جميع تطوراته قبيحة وغير جميلة، وكل حالاته
مخجلة، وكل من دنياه وبرزخه [122] وآخرته أفجع من الأخرى، بم يتكبر؟
بأي جمال أو كمال يتباهى؟ إن من كان جهله أكبر وعقله أصغر كان تكبره
أكثر ومن كان علمه أكثر وروحه أكبر وصدره أوسع، كان تواضعه أكثر.
النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان علمه من الوحي الإلهي،
وكانت روحه من العظمة بحيث أنها بمفردها غلبت نفسيات كل البشر، إن
هذا النبي قد وضع جميع العادات الجاهلية والأديان تحت قدميه، ونسخ جميع
الكتب، واختتم دائرة النبوة بشخصه الكريم، وكان هو سلطان الدنيا والآخرة
والمتصرف في جميع العوالم بإذن الله، ومع ذلك كان تواضعه مع عباد الله أكثر
من أي شخص آخر. كان يكره أن يقوم له أصحابه احتراما، وإذا دخل مجلسا
لم يتصدر ويتناول الطعام جالسا على الأرض قائلا: إنني عبد، أكل مثل العبيد
وأجلس مجلس العبيد. لقد نقل عن الإمام الصادق عليه السلام أن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب أن يركب الحمار من دون سرج، وأن
يتناول الطعام مع العبيد على الأرض، وكان يعطي الفقراء بكلتا يديه. كان
ذلك الإنسان العظيم يركب الحمار مع غلامه أو غيره، ويجلس على الأرض
مع العبي، وفي سيرته أن ه كان يشترك في أعمال المنزل، ويحتلب الأغنام،
ويرقع ثيابه ويخصف نعله بيده، ويطحن مع خادمه ويعجن، يحمل متاعه
بنفسه، ويجالس الفقراء والمساكين ويأكل معهم. هذه وأمثالها، نماذج من سيرة
ذلك الإنسان العظيم وتواضعه، مع أنه فضلا عن مقامه المعنوي كان في أكمل
حالات الرئاسة الظاهرية. وهكذا قد اقتدى به أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام، إذ كانت سيرته من سيرته صلى الله عليه وآله وسلم. فيا
أيها العزيز! إذا كان التكبر بالكمال المعنوي، فقد كان الرسول الأعظم صلى
الله عليه وآله وسلم والإمام علي عليه السلام أرفع شأناً، وإذا كان بالرئاسة
والسلطان، فقد كانت لهما الرئاسة الحقة. ومع ذلك، كانا أشد الناس تواضعا.
واعلم، أن التواضع وليد العلم والمعرفة، والكبر وليد الجهل وانعدام المعرفة،
فامسح عن نفسك عار الجهل والانحطاط، وأتصف بصفات الأنبياء، واترك
صفات [1 23] الشيطان، ولا تنازع الله في ردائه - الكبرياء - فمن ينازع
الحق في ردائه فهو مغلوب ومقهور بغضبه، ويُكَبُّ على وجهه في النار. وإذا
عزمت على إصلاح نفسك، فطريقه العملي، أمر يسير مع شيء من المثابرة،
وإنه طريق لو اتصفت بهمة الرجال وحرية الفكر وعلو النظر، فلن تصادفك
أية مخاطر. فـإن الأسلوب الوحيد على النفس الأمّـارة، وقهر الشيطان،
ولإتّباع طريق النجاة، هو العمل بخلاف رغباتهما. إنه لا يوجد سبيل أفضل
لقمع النفس من الاتصاف بصفة التواضع ومن السير وفق مسيرة المتواضعين
فحيثما تكن درجة التكبر عندك، ومهما تكن طريقتك في العلم والعمل،
أعمل قليل بخلاف هوى نفسك، فإن مع الالتفات إلى الملاحظات العلمية تجاه
التكبر، والانتباه إلى النتائج المطلوبة. إذا رغبت بأن تتصدر المجلس متقدما على
أقرانك، فخالفها وأعمل عكس ما ترغب فيه. وإذا كانت نفسك تأنف من
مجالسة الفقراء والمساكين، فمرِّغ أنفها في التراب وجالسهم، وآكلهم،
ورافقهم في السفر، ومازحهم وقد تجادلك نفسك فتقول لك: إن لك مقاماً
ومنزلة، وإن عليك أن تحافظ على مقامك من أجل ترويج الشريعة والعمل في
سبيلها، فمجالستك الفقراء تذهب بمنزلتك من القلوب، وإن المزاح مع مَنْ هو
دونك، يقلل من عظمتك، وجلوسك في ذيل المجلس يحط من هيبتك، فلا
تقدر أن تؤدي واجبك الشرعي على خير وجه!! اعلم، أن هذه كلها من
مكائد الشيطان والنفس الأمارة. لقد كان مقام رسول الله صلى عليه وآله
وسلم في الدنيا من حيث الرئاسة والمركز أرفع منك، ومع ذلك كانت سيرته
هي التي قرأت عنها وسمعت بها. لقد عاصرت شخصيا من العلماء من كانت
لهم الرئاسة والمرجعية الدينية كاملة في دولة واحدة، بل ولكل الشيعة في العالم
وكانت سيرتهم تلي سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. منهم، الأستاذ
المعظم والفقيه المكرم الحاج الشيخ عبدالكريم الحائ ري اليزدي حيث كانت
له رئاسة الشيعة ومرجعيتهم من 1340هـ ( 1920 م ( المترجم) ) حتى
[124] 1355هـ ( 1935 م ( المترجم ) ). كان سيرته عجيبة، كان
يوافق الخدم في السفر، ويؤاكلهم، ويفترش الأرض، ويمازح صغار الطلبة.
وخلال أيام مرضه في أواخر حياته، كان يخرج بعد المغرب يتمشى في الشارع
وقد لفّ رأسه بقطعة قماش بسيطة متنعلاً حذاءاً بسيطاً من دون أي اهتمام
بالمظهر، وكان هذا يزيد من وقعة في القلوب، من دون أن تصاب هيبته بأي
اهتزاز أو وهن. وكان هناك آخرون من علماء قم ممن لم يلتفتوا أبدا إلى هذه
التقيدات التي يحيكها لك الشيطان. كانوا يشترون حاجياتهم من السوق
بأنفسهم، ويحملون الماء من مخازن المياه إلى بيوتهم، ويشتغلون في منازلهم.
وكان صدر المجلس وذيله سواء عندهم. وكانوا على درجة من التواضع بحيث
تبعث على التعجب ومع ذلك كله كان مقامهم محفوظا بل كانت منزلتهم
تسمو في قلوب اناس أكثر فأكثر. وعلى أي حال، إن صفة النبي الأكرم صلى
الله عليه وآله وسلم وصفة علي بن أبي طالب عليه السلام لا تقلل من قدر
الإنسان إذا اتصف بها. ولكن لا بُدَّ من ينتبه الإنسان إلى مكائد النفس في
هذه الحالات، لأنها كثيرا ما تكون قد أعدت لك فخّاً آخر لتوقعك فيه. فقد
يجلس - أحدهم من يريد التخلص من الكبير- في ذيل المجلس بهيئة من يريد أن
يقول أن مقامه أرفع من مقامات الحاضرين، ولكنه لتواضعه جلس حيث. وإذا
التبس على الناس الأمر وقدّموا عليه من يشك في أفضليته عليه، فإنه - من
يهرب من صفة التكبر - يقدم على نفسه من لا يشك في تأخره عنه لكي
يزيل ذلك الالتباس بالإيحاء بأن تأخيره في الدخول على المجالس وتقديم الآخرين
على نفسه يكون من باب التواضع. هذه ومئات الأمثلة الأخرى من هذا القبيل
هي من مكائد النفس التي تريد للإنسان التكبر والرياء. فلا بُدَّ من المجاهدة
الخالصة الص ادقة وبها يمكن إصلاح النفس. إن جميع الصفات النفسانية قابلة
للإصلاح، إلا أن الأمر في البداية يتطلب بعض العناء، ولكن ما أن يضع قدمه
على طريق الإصلاح حتى يسهل عليه الأمر. إنما المهم هو أن يشرع في التفكير
في تطهير نفسه وإصلاحها، والاستيقاظ من النوم. [125] إن المرحلة الأولى
من مراحل الإنسانية هي "اليقظة" وهي الاستيقاظ من نوم الغفلة، والصحوة
من سكر الطبيعة، والإدراك بأن الإنسان مسافر، وأنه لا بُدَّ للمسافر من زاد
وراحلة. وزاد الإنسان خصاله، وراحلته في هذه المرحلة الخطيرة المخيفة، وفي
هذه الطريق الضيقة، على الصراط الذي هو أحدَّ من السيف وأدق من الشعرة،
هي همّة الرجال وعزمهم. والنور الذي ينير ظلام هذا الطريق، هو نور الإيمان
والخصال الحميدة. فإذا تقاعس الإنسان ووهنت همته أخفق في العبور،
وانكب على وجهه في النار، وساوى تراب الذل، وانقلب في هاوية الهلاك.
فمن ل يستطع اجتياز هذا الصراط لا يستطيع اجتياز صراط يوم القيامة أيضا.
فيا أيها العزيز، أشدد عزيمتك، ومزّق عن نفسك سجف الجهل، وانج بنفسك
من هذه الورطة المهلكة! كان إمام المتقين وسالك طريق الحقيقة ينادي في
المسجد بأعلى صوته حتى يسمعه الجيران: "تـَجـَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فَقَدْ
نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحيلِ"( نهج البلاغة - الخطبة - 204 - ( الشيخ صبحي
الصالح ) )! وما زادٌ ينفعك سوى الكمالات النفسانية، وتقوى القلب،
والأعمال الصالحة، وصفاء الباطن، وخلوص النية من كل عيب وغش. فإذا
كنت من أهل الإيمان الناقص والصوري، فعليك أن تطهّر نفسك من هذا
الغش حتى تنضم إلى زمرة السعداء والصالحين. والغش يزول بنار التوبة والندم،
وبإدخال النفس في أتون العذاب واللوم، وصهرها في حرارة الندامة والعودة
إلى الله. عليـك أن تعمل فـي هذا العالم، وإلاّ فإن {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ، ال
َّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ}(الهمزة 6،7). سوف تذيب قلبك. والله أعلم كم
قرن من قرون الآخرة يستغرق إصلاحك هذا!! إن التطهر في هذه الدنيا سهل
يسير، فالتغّيرات والتصورات سريعة الوقوع فيها، أما في العالم الآخر فالتغيير
يكون بشكل آخر، فزوال صفة من صفات النفس قد يستغرق قرونا عديدة.
إذاً، أيها الأخ، ما دمت في مقتبل عمرك، وزهرة شبابك، وأوج قوتك،
وحرية إرادتك، سارع لإصلاح نفسك، ولا تلق بالاً لهذا الجاه والمقام، وطأ
على هذه الاعتبارات بقدميك إنك إنسان، فأبعد نفسك عن صفات الشيطان،
فلعلّ [126] الشيطان يهتم بهذه الصفة اهتماماً كبيراً لكونها صفة من
صفاته. وهي التي أدت إلى طرده من حضرة الله، ولذلك فهو يريد أن يوقع
الإنسان، عارفاً أو عاميّاً عالماً أو جاهلا، في مثل هذه الرذيلة، حتى إذا ما
لقيك يوم القيامة شَمَتَ بك قائلاً: "ويا أبن آدم، ألم يخبرك الأنبياء بأن اتكبر
على أبيك قد طردني من حضرة الحق. لقد نزلت عليّ لعنة الله لأني احتقرت
مقام آدم واستعظمت مقامي، فلماذا أوقعتك نفسك في هذه الرذيلة"؟.
وعندئذ تصبح، أيها المسكين! موضع شماتة أرذل مخلوقات الله وأحطها، فضلاً
عن عذابك وابتلاءاتك وندامتك وحسرتك مما يعجز الكلام عن وصفه. إن
الشيطان لم يكن قد تكبّر على الله، بل على أدم وهو من مخلوقات الحق، فقال:
{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (الأعراف/12). فاستعظم نفسه
واستحقر آدم. وأنت تستصغر بني آدم وتستكبر بنفسك عليهم، فـأنت أيضاً
تعصي أوامر الله. لقد قال لك تعالى: كن متواضعاً مع عباد الله، ولكنك تتكبر
وتتعالى عليهم. فلماذا، تلعن الشيطان وحده؟ أشرك نفسك الخبيثة معه في اللعن
أيضاً، مثلما أنت شريكه في هذه الرذيلة. إنك من مظاهر الشيطان، بل إنك
تجسّد الشيطان. ولربما كانت صورتك في البرزخ وفي يوم القيامة صورة
شيطانية. فإن المقياس في صورة الإنسان في الآخرة الملكات الحاصلة للنفس.
فليس هناك ما يمنع من أن تكون على صورة شيطان، أو على صورة نملة
صغيرة، إن موازين الآخرة تختلف عن موازين الدنيا. فصل قد يكون الحسد
سببا للتكبر اعلم أن من الممكن أحياناً أن يتكبّر فاقد الكمال على واجد
الكمال، كأن يتكبر الفقير على الغني والجاهل على العالم. ولا بُدَّ أن نعرف أنه
مثلما كان العُجب أحيانا مدخلا للتكبر، فإن الحسد قد يصبح أيضاً مدخلاً
إليه. فالإنسان الذي يفتقر إلى كمال موجود في غيره، يندفع إلى أن يحسده، ثم
يصير سبباً لكي يتكبر عليه ويسعى جهده لإذلالهِ وإهانته. [127] روى عن
الإمام الصادق عليه السلام أنه قال "الكِبَرُ قَدْ يَكونُ فِي شِرارِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ
جِنْسٍ ..."ثُمَّ قَالَ "إِنَّ رَسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّ فِي بَعضِ
طُرقِ المَدِيَنِة وَسَوْدَاءَ تَلقطِ السرقين، فَقِيلَ لَهَا: تَنَحِّي عَنْ طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ
صَلّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ الطَرِيقَ لَمَعرض. فَهَمَّ بِهَا بَعْضُ القَوْمِ
أنْ يَتَنَاوَلها، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم: "دَعُوهَا فإِنَّهَا
جَبَّارة"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبر، ح 2
). وقد تظهر هذه الصفة في بعض أهل العلم، مبرراً أن التواضع أمام الأغنياء
غير محمود، وتقول له نفسه الأمارة بالسوء إن التواضع للأغنياء منقصة للإيمان.
إن المسكين لا يميّز بين التواضع لغني من أجل غناه والتواضع لغير ذلك. فمرة
يتواضع الإنسان مدفوعا برذيلة حب الدنيا والانجذاب نحو طلب الجاه والمقام.
فليس هذا من خلق التواضع في شيء، بل إنه المداهنة والملق وأنه من الرذائل
النفسانية، وصاحبها لا ي تواضع للفقراء، إلا إذا طمع فيهم بشيء أو أراد
منهم شيئا. ومرة أخرى يكون طبع التواضع في الإنسان داعية له إلى احترام
الناس والتواضع لهم. فقراء كانوا أم أغنياء، مرموقين كانوا أم مغمورين. فهذا
تواضعه خالص من غير شائبة، وروحه طاهرة مطهرة، لم يجتذب قلبه الجاه
والمقام. إنه تواضع محمود للفقراء ومحمود للأغنياء، فلا بُدَّ من احترام كل
إنسان بما هو خليق به. أما تحقيرك لأهل الجاه والغنى والتكبر عليهم فلا يعني
أنك لست متملقا، بل يعني أنك حسود، وتكون في الوقت نفسه على خطأ.
ولهذا إذا رأيتهم يحترمونك على غير انتظار وتوقع، تتواضع لهم وتخفض لهم
جناحك. وعلى كل حال، إن مكائد النفس وأحابيلها من الدقة المتناهية بحيث
أن المرء لا يسعه إلا أن يستعيذ بالله منها. وَالحَمْدُ لله أوّلاً وآخِراً. [129]
الحَديــــث الــخَـــامِس" الــحسَـــــــد
[130] "بالسند المتصَّـل إلى محمَّـد ب يعقوب عن علــيّ بن
إبراهيم، عن محمّد بن عيســى، عن يونس، عن داود الرقي، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال: قالَ رَسُــولُ اللّــه صَــلى اللّه عَليهِ
وآلِــهِ وسَــلَّم: قالَ اللّه عَزَّ وَجــلّ لِمَــوسَى بنِ عُـمْراِن: "يا
ابْــنَ عُمْـرانِ لا تًـحْسُدَنَّ النّــاسَ عَلى ما اتَـيْتُــهُمْ مِـنْ
فَضْلي ولا تَمُدَّنَّ عَيْنيــْكَ إِلى ذلِكَ وَلا تُتْبِــعْهُ نَفْسَكَ فَإنَّ الحاسِدَ
ساخِطٌ لِنِعَــمي صادٌ لِقِسْمِيَ الَّذي قَسَــمْتُ بَيْنَ عِبادي وَمَنْ

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'
رد مع اقتباس