|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:32 PM
والعبادة والعلم والديانة الذين عندما يفتحون أبصارهم ويقيم سلطان الآخرة
قدرته، يرون أنفسهم من أهل كبائر المعاصي، بل وأسوأ من أهل الكفر
والشرك، بحيث أن صحفية أعمالهم تكون أشد سوادا من صحائف الكفار
والمشركين. الويل لمن يدخل بصلاته وطاعته جهنم، الويل لمن تكون صورة
صدقته وزكاته [75] وصلاته أبشع مما يمكن تصوره. أيها المسكين المرائي،
أنت مشرك، وأما العاصي فموحد. إن الله يرحم بفضله العاصي إن شاء،
لكنه يقول إنه لن يرحم المشرك إذا رحل من الدنيا بدون توبة ( إن الله لا يغفر
أن يشرك به ). لقد سمعت في الأحاديث الشريفة أن المرائي مشرك. إن من
يرائي بين الناس برياسته الدينية وإمامته وتدريسه وصومه وصلاته وبأعماله
الصالحة لأجل الحصول على المنزلة في قلوبهم، فهو مشرك. وإنه لن يكون
مشمولا بمغفرة الله تعالى حسب الآية الشريفة وأخبار أهل بيت العصمة -
صلوات الله عليهم -. إذاً؛ فيا ليتك كنت من أهل الكبائر، ومتجاهراً
بالفسق، ومنتهكا للحرمات الظاهرية، وكنت موحدا ولم تشرك بالله. فيا
أيها العزيز؛ فكّر لتجد سبيلا لنجاتك، واعلم أن الشهرة ين هؤلاء الناس
وَهمٌ باطل، إنها ليست بشيء. إن قلوب هؤلاء التي لو أكلها عصفورا لما
شبع، إن هي إلا قلوب ضعيفة تافهة، ولا طاقة لها على شيء وإن هذا
المخلوق الضعيف لا حول له ولا قوة. القوة هي قوة الله المقدسة، فهو الفاعل
المطلق ومسبب الأسباب. ولو اجتمع الناس جميعا وكان بعضهم لبعض ظهيرا،
لما استطاعوا أن يخلقوا ذبابة، وإذا سلبت منهم الذبابة شيئا لما استطاعوا
استرجاعه منها. كما جاء في الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ
وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ
وَالْمَطْلُوبُ}(الحج73). القوة لله تعالى وهو المؤثر في جميع الموجودات.
اكتب على قلبك بمداد العقل - مهما قاسيت في ذلك و عانيت - أن:"لا
مـؤثر في الوجود إلا الله"!. ادخل في قلبك بأية وسيلة كانت، التوحيد
العملي وهو أول درجات التوحيد، وأجعل قلبك مؤمنا ومسلما، وأختم على
قلبك بهذه الكلمة المباركة بالختم الشريف"لا إله إلا الله"وأجعل صورة
القلب صورة كلمة التوحيد، وأوصله إلى درجة [76] "الاطمئنان"،
وافهمه أن الناس لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فالله وحده هو النافع
والضار. أزل هذا العمى عن عينك، وإلا فستكون ممن يقول: {... رَبِّ لِمَ
حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا}(طه125). وتحشر يوم كشف السرائر،
أعمى. وأعلم أن إرادة الله تعالى قاهرة لجميع الإرادات، وإذا اطمأن قلبك
بهذه الكلمة المباركة وتسلّم لهذه العقيدة، فالأمل أن ينجز عملك، وتستأصل
جذور الشرك والرياء والكفر والنفاق من قلبك. واعلم أن هذه العقيدة الحقة
مطابقة للعقل والشرع وليس فيها شبهة الجبر، وهي الشبهة التي من المحتمل أن
يعتقد بها بعض من لا إطلاع لهم على مبادئ الموضوع ومقدماته ولم يطرق
سمعهم شيء من تلك الأمور، مع أن ذلك يرتبط بالجبر فهو توحيد والجبر
شرك، وهذه هداية والجبر ضلالة. وهذا ليس مكانا مناسبا لبيان الجبر
والتفويض، ولكن الأمر واضح عند أهله ولا حق لغيرهم بالدخول في هذه
المواضيع، بل وقد نهى صاحب الشريعة عن الدخول فيها. وعلى أي حال؛
أطلب من الله الرحيم في كل حين، وخصوصا في الخلوات، و بتضرع وعجز
وتذلل، أن يهديك بنور التوحيد، وأن ينوّر قلبك ببارقة غيب التوحيد في
الإيمان والعبادة، حتى تعلم أن جميع العالم الواهي وكل ما فيه يكون لا
شيء، واسأل الذات المقدس بكل تضرع أن يجعل أعمالك خالصة وأن
يهديك إلى طريق الخلوص والولاء. وإذا واتتك حالة السمو الروحي، فذكر
بالدعاء هذا العبد الضعيف العاطل الخالي من الحقيقة الذي ضيع عمره في ال
هوى، وأصبح قلبه بسبب كدر المعاصي والأمراض القلبية بحيث لم تعد تؤثر
فيه أية نصيحة ولا رواية ولا برهان ولا دليل ولا آية، لعله يجد بدعائكم
طريق النجاة، فإن الله لا يرد دعاء المؤمن في حضرة، بل يستجيب دعاءه. بعد
التذكير بهذه المطالب التي كنت تعرفها ولم تكن جديدة عليك، راقب قلبك
وأنتبه له، وأخضع أعمالك وتعاملك وحركاتك وسكناتك للملاحظة،
وفتش في خبايا قلبك، وحاسبه حسابا شديدا مثلما يحاسب شخص من أهل
الدنيا شريكه، وأترك [77] كل عمل فيه شبهة الرياء والتملق ولو كان
عملا شريفا جدا. وإذا رأيت أنك لا تستطيع أداء الواجبات بإخلاص في
العلن، فأدها في الخفاء مع أنه يستحب الإتيان بها في العلن. وقليل ما يتفق
أن يقع الرياء في أصل الواجب، والأغلب أن يقع في الخصوصيات
والمستحبات والإضافات، وعلى أية حال؛ طهّر قلبك من دنس الشرك بجد
ومجاهدة شديدتين، لئلا تنتل من هذا العالم - لا سمح الله - وأنت بهذه الحال
السيئة من دون أن يكون لك أمل بالنجاة أبدا، ويكون الحق المتعال غاضبا
عليك، كما ورد في الحديث الشريف المنقول في ( الوسائل ) عن ( قرب
الإسناد ) بسند متصل إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:"قَالَ رسُول اللهِ
صلّى اللهِ عليه وآله وسلم: مَنْ تَزيَّتَ للنَّاس بِمَا يُحبُّ الله وبارزَ لِلّهِ في
السرِّ بما يَكرَهُ اللهُ لَقِي اللهَ وهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ ولَهُ ماقِتٌ"(وسائل الشيعة.
المجلد الأول - الباب الحادي عشر من أبواب مقدمة العبادات ح 14 ص
50 ). وفي هذا الحديث الشريف احتمالان: الأول: هو ذلك الذي يظهر
للناس الأعمال الصالحة ويخفى الأعمال القبيحة. والآخر: هو ذلك الذي
يظهر للناس هيكل العمل وفي الباطن يقصد الرياء، وكلتا الصورتين يشملهما
الرياء، لأن الإتيان بالواجبات والمستحبات، بغير قصد الرياء لا يستوجب
الغضب، بل يمكن القول أن المعنى الثاني أفضل لأن التجاهر بالأعمال
القبيحة أشد، وعلى كل حال؛ لا سمح الله أن يكون مالك الملوك وأرحم
الراحمين غاضبا على الإنسان"أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ الحَلِيمِ". فصل في بيان
حديث عَلَوي نختم هذا المقام بحديث شريف روي في كتاب ( الكافي )
عن أمير المؤمنين عليه السلام ونقل الشيخ الصدوق رضوان الله عليه مثل هذا
الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام وهو من جملة وصايا الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام وهو هذا: بإسناده؛ عن أبي
عبدالله عليه السلام: قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: [78] "ثلاثُ
علاماتٍ لِلْمُرَائِي يَنْشَطُ إِذا رَأَى النَّاسَ وَيَكْسَلُ إِذا كَانَ وَحْدَهُ، وَيْحّب
أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ"( أصول الكافي - المجلد الثاني - كتاب الإيمان
والفر - بال الرياء - ح 8 ). ولما كانت هذه السيئة - الرياء - الخبيثة
شديدة الخفاء، غابت حتى عن الإنسان نفسه بحيث يكون في الباطن من أهل
الرياء وهو يتوهم عمله خالصا، ولهذا ذكروا لها علامة، وبواسطة تلك
العلامة يطلع الإنسان على سريرته، وينهض لمعالجتها. وهذه العلامة هي أن
الإنسان يشاهد في نفسه عزوفا عن الطاعات عندما يكون وحده، وإذا تعبد
فمع كلفة أو من منطلق العادة لا تكون ذات إقبال وتوجه، بل يأتي بالعبادة
مقطعة الأوصال من غير كمال وتمام، ولكن عندما يحضر في المساجد
والمجامع، وفي المحافل العامة يؤدي تلك العبادة في الظاهر بنشاط وسرور
وحضور قلب ويميل إلى إطالة الركوع والسجود، ويؤدي المستحبات أداء
حسنا مع توفير كافة أجزائها وشروطها. إن الإنسان إذا كان منتبها بعض
الشيء، ليسأل نفسه عن سبب مثل هذا التصرف؟ ولماذا تنصب شباكها
باسم التقدس؟ لمّوهت على الإنسان وقالت: بما أن العبادة في المسجد أعظم
ثوابا أو أن في صلاة الجماعة كذا من الثواب، يشتد النشاط. أما إذا صلّيت
منفردا وفي غير المسجد، فيكون الاهتمام من أجل أنه:"يستحب أداء العمل
أمام الناس بصورة حسنة لكي يقتدي به الآخرون ويرغبون في الدين". أنها
- النفس - تخدع الإنسان بأية وسيلة كانت، ولهذا لا يفكر في العلاج.
وإن المريض الذي يعتقد نفسه سالما، لا يؤمل له الشفاء، إن هذا الشقي
يرغب في باطن ذاته ولب سريرته أن يظهر عمله للناس وهو غافل عن أن
ذلك بدافع من الشيطان، بل إن نفسه تظهر له المعصية في صورة العبادة، وتظهر
التكبر والغرور في شكل ترويج للدين. إن الإتيان بالمستحبات في الخلوات
مستحب، فلماذا ترغب النفس دائما في أن تؤديها في العلن؟ إنه يبكي من
خوف الله في المحافل العامة بحرقة وألم، ولكنه في الخلوات مهما ضغط على
نفسه لا تندى عينه. ما الذي حدث لكي يذهب عنه خوف الله إلا بين
الناس؟ تسمع له في ليالي القدر وفي جموع الناس الحسرات والنحيب والحرقة
والبكاء، يصلي مائة ركعة ويقرأ دعاء الجوشن الكبير والصغير وعدة أجزاء
من [79] القرآن المجيد في وسط الجموع، دون أن يتلكأ أو يحس بالتعب.
إذا كانت أعمال الإنسان لأجل رضا الله فقط أو لإستحصال رحمته أو خوفا
من النار وشوقا إلى الجنة، فلماذا يرغب في أن يمدحه الناس على كل عمل
عمله؟ فنجد أُذُنُه متوجهة إلى ألسن الناس وقلبه عندهم، لكي يسمع من
يمدحه، بقوله: ما أشد تدين والتزام هذا الإنسان؟ وما أحرصه على أداء
الفرائض في مواعيدها والمستحبات في أوقاتها؟ وإنه إنسان مستقيم وصادق في
معاملاته! إذا كان الله هو الهدف في عملك فما هذا الميل المفرط نحو الناس؟!
وإذا كانت الجنة والنار هما اللتان تدفعانك إلى العمل فما الذي يحكي لنا
هذا الانحراف؟! ان تبه، فإن هذا الحب هو من نفس شجرة الرياء الخبيثة،
فاسع ما استطعت لإصلاح نفسك من أمثال هذا الحب إذا كان ذلك ممكناً.
في هذا المقام أُنبّه إلى نقطة مهمة وهي أن لكل واحد من هذه الصفات
النفسانية، الحسنة منها والسيئة، درجات كثيرة جدا، بحيث أن مرتبة من
الصفات يعتبر الاتصاف بها من الحسنات والتخلي عنها من السيئات وتكون
من مختصات أولياء الله أو العرفاء بالله ولا يشاركهم فيها غيرهم من سائر
الناس. والصفة التي تعتبر نقصا لأولياء الله، والعرفاء بالله، لا تعتبر نقصا لغيرهم
من الناس حسب المقام الذي يتمتعون به، بل قد يكون بمعنى من المعاني
كمالاً لهم. وكذلك تكون حسنات فئة سيئات لفئة أخرى. والرياء من جملة
ما يدور كلامنا عليه حاليا. فالإخلاص من جميع مراتب الرياء هو من
مختصات أولياء الله والآخرون ليسوا شركاء في هذه المرتبة، واتصاف عامة
الناس بدرجة من رجات الإخلاص ليس نقصا بالنسبة إليهم بحسب المقام
الذي هم فيه، ولا يضر بإيمانهم وإخلاصهم. فمثلا تميل نفوس عامة الناس
بحسب الغريزة والفطرة إلى أن تظهر خيراتها أمام الناس، وإن لم يقصدوا أن
يظهروها، ولكن نفوسهم مفطورة على هذا الميل. وهذا ليس موجبا لبطلان
العمل أو الشرك أو النفاق أو الكفر، وإن كان ذلك نقص بالنسبة للأولياء
وشرك ونفاق لدى الولي أو العارف بالله. والتنزه عن مطلق الشرك
والإخلاص في جميع مراتبه هو أول مقامات الأولياء ولهم مقامات أخرى لا
يناسب هذا المجال ذكرها. [80] ثم إن قول الأئمة ( عليهم السلام )
أن"عـِـبـَادَتِنَا عِبَادَةُ الأحْرارِ"أي حبا لله، لا طمعا بالجنة ولا خوفا من
النار، فهو من المقامات الاعتيادية - بالنسبة إليهم - وهو أولى درجات
الولاية، ولهم في العبادات حالات لا يمكن أن تستوعبها عقولنا ولا عقولكم.
وبهذا البيان ال ذي سمعت يمكن الجمع بين الحديث السابق المنقول عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام، والحديث
الذي ينقله زرارة، عن أبي جعفر الإمام محمد الباقر عليه السلام وهو:
حديث محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال:"سَأَّلْتُهُ عَنِ
الرَّجُلِ يَعْمَلُ الشِّيْءَ مِنَ الخَيْرِ فَيَرَاهُ إِنْسانٌ فَيَسَرَّهُ ذلِكَ، قالَ: ثُمَّ لا بَأْسَ، مَا
مِنْ أَحَدٍ إِلاّ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ فِي النَّاسِ الخَيْرُ إِذا لَمْ يَكُنْ صَنَعَ ذلِكَ
لِذلِكَ"( أصـول الكافي، المجلد الثاني، كتـاب الإيمـان والكفر - باب في
أصـول الكفر وأركانه - ح). يعد في أحد الحديثين حب المدح علامة
الرياء، ويعد في الآخر السرور بظهور الخيرات أمرا لا بأس به. وبكون هذا
حسب اختلاف مراتب الأشخاص. وهناك وجه آخر للجمع بين الحديثين،
صرفنا النظر نه هنا. تتمة اعلم، أن السمعة وهي عبارة عن إيصال خصال
النفس إلى أسماع الناس لاجتذاب قلوبهم ولأجل الاشتهار، من شجرة الرياء
الخبيثة. ولهذا السبب. ذكرناها مع الرياء في باب واحد، ولم نعمد إلى ذكر
كل واحد منهما بصورة منفصلة. [81] الحَـديث الثَـالِث "العُـجْـب"
[82] بالسَّند المتّصل إلى محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه
عن عليّ بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلال، عن عليّ بن سويد، عن أبي
الحسن - عليه السّلام قال:"سألتُهُ عن العُجْبِ الذي يُفْسِدُ العَمَلَ، فقال:
العُجْبُ درجاتٌ منها أن يُزَيَّنَ لِلْعَبْدِ سُوءٌ عَمَلِه فَيَراهُ حَسَناً فَيُعْجِبهُ
وَيَحْسَبُ أنَّهُ يُحْسِنُ صُنْعاً وَمِنْها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله عز
وجل ولله عليه فيه المن"( أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر،
باب العجب، ح 3 ). [83] الشرح ( الوسائل في مقصد العبادات، باب
تحريم الإعجاب بالنفس، ويقول العلامة المجلسي،"من الممكن أن يكون (
أبــو الحسن ) المذكور في هذا الحديث الشريف هو الإمام الرضا عليه
السلام لأن علي بن سويـد يروي عنهما كليهما ( عليهما السلام ) الإمام
موسى بن جعفر والإمام الرضا وإن يروي عن الكاظم عليه السلام أكثر من
روايته عن الإمام الرضـا عليه السلام. عفـى الله عنه"): العُجْب:هو
عبارة حسب ما ذكره العلماء رضوان الله عليهم عن:"تعظيم العمل الصالح
واستكثاره والسرور والابتهاج به، والتغنج والدلال بواسطته، واعتبار
الإنسان نفسه غير مقصرٍّ وأما السرور بالعمل مع التواضع والخضوع لله
تعالى وشكره على هذا التوفيق وطلب المزيد منه، فإنه ليس بعجب بل هو
أمر ممدوح. ينقل المحدّث العظيم مولانا العلامة المجلسي طاب ثراه، عن المحقق
الخبير والعالم الكبير الشيخ بهاء الدين العامل رضوان الله عليه ( نقلاً عن بحار
الأنوار، المجلد 72، ص 306 ) أنه قال:"لا ريب في أن من عمل أعمالا
صالحة من صيام الأيام، وقيام الليالي، وأمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج. فإن
كان من حيث كونها عطية من الله له، ونعمة منه تعلى عليه، وكان مع ذلك
خائفاً من نقصها شفيقاً من زوالها، طالباً من الله الازدياد منها، لم يكن ذلك
الابتهاج عُجباً. وإن كان من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه،
فاستعظمها وركن إليها ورأي نفسه خارجا عن حدّ التقصير، وصار كأنّه
يمن على الله سبحانه بسببها فذلك هو العُجْب". [84] أقول، وأنا الفقير:
إن تفسير العُجب بالصورة التي ذكروها صحيح، ولكن يجب اعتبار العمل
أعم من العمل الباطني والظاهري، القلبي والشكلي، وكذلك أعم من العمل
القبيح والعمل الحسن. وذلك لأن العُجب مثلما يدخل على أعمال الجوارح،
يدخل أيضا على أعمال الجوانح فيفس دها، وكما أن صاحب الفضيلة
الحسنة يعجب بخصالة، كذلك يكون ذو العمل الشنيع أيضا، أي أنه يعجب
بخصلة، كما صرّح بهذا، الحديث الشريف خصهما بالذكر لأنهما خافيان
عن نظر أغلب الناس. وسيأتي ذكرهما إن شاء الله. ويجب أن تعلم أيضاً أن
السرور الخالي من العُجب والذي اعتبروه من الصفات الممدوحة إنما يلاحظ
بحسب نوعه، كما سيأتي بيانه في فصل من الفصول اللاحقة. واعلم أن
للعُجب، كما وردت الإشارة إليه في الحديث الشريف، درجات: الدرجة
الأولى: العـُجـْب بالإيمان والمعارف الحقّة، ويقابله العجب بالكفر
والشرك والعقائد الباطلة. الدرجة الثانية: العـُجب بالملكات الفاضلة
والصفات الحميدة ويقابله العجب بسيئات الأخلاق وباطل الملكات.
الدرجة الثالثة: العـُجب بالأعمال الصالحة والأفعال الحسنة ويقابلها العجب
بالأعمال القبيحة والأفعال السيئة. وهناك درجات أخرى غير ولكنه ليست
في هذا المقام. ونحن إن شاء الله سنشير ضمن فصول لاحقة، إلى تلك
الدرجات ومنشئها وما يمكن أن يكون علاجا لها. وبه نستعين. فصل في
مراتب العجب اعلم ( في هذا الفصل نشرح العُجب في الخصال الحسنة،
وسنشرح في بعض الفصول القادمة، العُجب بالخصال التي تقابل الصفات
الحسنة. أيضا ( منه عفى عنه ) أن لكل واحدة من الدرجات الآنفة الذكر
من العجب مراتب يكون [85] بعض هذه المراتب واضحة وبيِّنة ويمكن
للإنسان الإطلاع عليها بأقل تنبه والتفاوت. وبعضها الآخر دقيق وخفيّ
للغاية بحيث لا يمكن للإنسان أن يدركها ما لم يفتش ويدقّق بصورة
صحيحة. كما أن بعض مراتبها أشدّ وأصعب وأكثر تدميراً من بعضها
الآخر. المرتبة الأولى: وهي أشدّ المراتب وأهلكها، حيث تحصل في الإنسان
بسبب شدة العُجْب حالة يمنّ معها في قلبه بإيمانه أو خصاله الحميدة الأخرى
على ولي نعمته ومالك الملوك، فيتخيل أن الساحة الإلهية قد اتسعت بسبب
إيمانه، أو أن دين الله قد أكتسب رونقاً بذلك أو أنه بترويجه للشريعة أو
|
|
|
|
|