|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:29 PM
يِـِعَمَل العَبْدِ مُبْتَهِجَاً بِهِ فَإِذا صَعَدَ بِحَسَنَاتِهِ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، اجُعَلوهَا
فِي سّجِّينٍ، إِنَّهُ لَيْسَ إِيايَ أَرَادَ بِهَا"( أصول الكافي - المجلد الثاني - كتاب
الإيمان والكفر - باب الرياء - ح 7 ). إننا هنا وفي هذا الحال، لا نستطيع
أن نتصور"سجين"ولا أن نفهم ديوان، عمل"الفـُجـّارِ"، ولا أن نرى
صور هذه الأعمال وهي في سجين.. وسنرى حقيقة الأمر في أحد الأيام
ولكن عندها تقصر أيدينا عن العمل ولا سبيل حينئذ للنجاة. أيها العزيز..!
استيقظ وأبعد عنك الغفلة والسكرة وزن أعمالك بميزان العقل قبل أن توزن في
ذلك العالم، وحاسب نفسك قبل أن تُحاسب، وآجلُ مرآة القلب من الشرك
والنفاق والتلوّن، ولا تدع صدأ الشرك والكفر يحيط به بمستوىً لا يمكن
جلاؤه حتى بنيران ذلك العالم، لا تدع نور الفطرة يتبدل بظلمة الكفر، لا
تدع هذه الآية {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاَ عَلَيْهَا..} (الروم30).. أن تضيع لا
تخنْ هذه الأمانة الإلهية بهذا النحو، نظّف مرآة قلبك لكي يتجلّى فيها نور
جمال الحق فيغنيك عن العالم وكل ما فيه. ولكي تتوهج نار الحب - العشق
- الإلهي في قلبك، فتحرق الأنواع الأخرى من الحب، ولا تستبدل حينذاك
جميع هذا العالم بلحظة واحدة من الحب الإلهي، ولكن تحصل على لذة في
مناجاة الله وذكره، تعتبر غيرها من جميع اللذات الحيوانية، لعباً ولهواً. وإذا لم
تكن من أهل هذه العوالم، وترى هذه المعاني غريبة وعجيبة لديك [63]
فإياك أن تضيع تلك النعم الإلهية في العالم الآخر المذكورة في القرآن المجيد
وأخبار المعصومين عليهم السلام وتخسرها من أجل جذب قلوب المخلوقين
... لا تُضيّع كل هذا الثواب من أجل شهرة وهمية في أيام معدودات،
لا تحرم نفسك من كل هذه الكرامات، لا تبع السعادة الأبدية بالشقاء الدائم.
فصل في الدعوة إلى الإخلا ص إعلم أن مالك الملوك الحقيقي وولي النعمة
الواقعي، الذي تفضّل علينا بكل هذه الكرامات، وهيأ لنا كل هذه النعم، قبل
المجيء إلى هذا العالم، من الغذاء الطيب ذي المواد النافعة المناسبة لمعدتنا
الضعيفة، ومن المربّي الخادم بلا منّة بل بفعل الحب الفطري الذاتي. وهيأ لنا
البيئة والهواء المناسبين وباقي النعم العظيمة الظاهرة والباطنة. كما أعدَّ لنا
الكثير في العالم الآخر وفي البرزخ قبل ذهابنا إلى هناك، هذا المتفضل قد طلب
منا قائلا: "أخلص قلبك لي ولأجل كرامتي، كي تحصل أنت على النتيجة،
وتحصل أنت على الفائدة "ومع ذلك لا يلقى منا أذناً صاغية بل يرى التمرد
والسير على خلاف رضاه، فأي ظلم عظيم نكون قد اجترحناه بذلك؟! وأي
مالك الملوك نحارب؟! ونتيجة ذلك كله تكون وبالاً علينا نحن، أما الله تعالى
فلا يصاب سلطانه بضرر ولا ينقص من ملكه شيء ولا نخرج من سلطنته
وسلطت، حتى إذا كنا مشتركين لأننا ألحقنا الضرر بأنفسنا، {... فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ}(آل عمران/97). فهو غني عن عبادتنا وإخلاصنا
وعبوديتنا، ولا يؤثر تمرّدنا وشركنا وابتعادنا عنه شيئاً في مملكته، وحيث أنه
أرحم الراحمين فقد اقتضت رحمته الواسعة وحكمته البالغة أن يعرض لنا طريق
الهداية وسبيل الخير والشر والحسن والقبح ويدلنا على زلاّت طريق الإنسانية،
ومزالق طريق السعادة، ولله تعالى في هذه الهداية والإرشاد بل في هذه
العبادات والإخلاص والعبودية، له سبحانه علينا منن عظيمة وجسيمة بحيث
لا يمكن أن نفهمها ما لم تنفتح عين البصيرة والبرزخية التي ترى الواقع، وما
دمنا في [64] هذا العالم الضيق والمظلم، وفي ظلام الطبيعة، وما دمنا مقيدين
بسلاسل الزمان، معتقلين في هذا المكان السجن المظلم فإنّا لا ندرك منن الله
العظيمة علينا، ونتخيل بأن نعم الله علينا تتلخص في هذا الإخلاص وهذه
العبادة، وفي ذلك الإرشاد وتلك الهداية فحسب. لا تتوهم أبدا أن لنا المنة
على الأنبياء العظام والأولياء الكرام على علماء الأمة وهم الأدلاّء إلى سعادتنا
ونجاتنا، والذين أنقذونا من الجهل والظلمة والشقاء، أخذونا إلى عالم النور
والسرور والبهجة والعظمة والذين تحملوا ولا يتحملون كل هذه المشاق
والمصاعب من أجل تربيتنا وإنقاذنا من تلك الظلمات التي تلازم الاعتقادات
الباطلة، ومن الجهل المركب بكل أشكاله، ومن أنواع الضغوطات والعذاب
الذي هو صورة الملكات والأخلاق الرذيلة، ومن تلك الصور الموحشة
والمرعبة التي هي ملكوت أعمالنا وأفعالنا القبيحة - وكذلك - لأجل إيصالنا
إلى تلك الأنوار وأنواع البهجة والسرور والراحة والأنس والنعيم والحور
والقصور التي لا نقدر أن نتصورها، حيث أن عالم الملك هذا مع كل ما له
من عظمة، أضيق من أن يحتوي على واحدة ن حُلل الجنة، وأن أعيننا لا تطيق
رؤية شعرة واحدة من شعر حور العين، وتكون كل هذه المثوبات صورا
ملكوتية لتلك العقائد والأعمال والتي أدركها الأنبياء العظام، خصوصا
صاحب الكشف الكلي والكتاب الجامع خاتم الأنبياء صَلّى الله عَلَيهِ وآلِهِ
وَسَلَّم، أدركوها بالوحي الإلهي ورأوها وسمعوها ودعونا إليها. ونحن المساكين
كالأطفال، المتمردين على حكم العقلاء بل المخطئين لهم، قد واجهناهم دائما
بالعناد والمحاربة والانفصال، ولكن تلك النفوس الزكية والأرواح الطيبة
الطاهرة - الأنبياء - بما يكمن فيهم من الرأفة والرحمة بعبادة الله، لم يقصّروا
أبدا في دعوتهم، على الرغم من جهلنا وعنادنا، بل ساقونا نحو الجنة والسعادة
بكل ما يملكون من القوة وأساليب الدعوة أن ينتظروا منا جزاءً ولا شكورا.
وحتى عندنا يحدد الرسول الأكرم صَلّى الله عَلَيهِ وآلِهِ وَسَلَّم أجره بـ"المودَّة
في القُرْبَى"، فإن صورة هذه المودة في العالم الآخر قد تكون بالنسبة إلينا
أعظم الصور نورا وعطاءا. وهذا هو أيضا من أجلنا نحن ومن أجل وصولنا
إلى السعادة [65] والرحمة. إذاً، فأجر الرسالة عائد إلينا أيضا، ونحن الذين
ننتفع به، فأية منّة لنا نحن المساكين عليهم؟! ... وأية فائدة تعود عليهم -
سلام الله عليهم - من إخلاصنا لهم وتعلقنا بهم؟! ... أية منّة لكم ولنا على
علماء الأمة؟ بدءاً من ذلك العالم الذي يوضح ويبين لنا الأحكام الشرعية، إلى
النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم وإلى ذات الله المقدسة جلَّ جلاله فإن
لكل منهم حسب درجته ومقامه من حيث إرشادهم لنا إلى طريق الهداية مِنَناً
لا نستطيع مكافـأتهم عليها في هذا العالم، فهـذا العالم لا يليق بجزائهم...
[فَلِلَّهِ وَلرَسُولـهِ وَلأولِيَائِـهِ المنّـة] وكما يقـول تعالى: {...قُلْ لاَ تَمُنُّوا
عَلَيَّ إِسْلاَمَكُْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ، إِنَّ
اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (الحجرات
17،18). إذاً، فإن كنّا صادقين في ادعاء الإيمان، فلله المنّة علينا في هذا
الإيمان نفسه. فالله بصير وعالم بالغيب، وهو يعلم ماهية صور أعمالنا، وكيفية
صورة إيماننا وإسلامنا في عالم الغيب. أما نحن المساكين حيث لا نعرف
الحقيقة، فإننا نتعلم العلم من العالم ونمنّ عليه، ونصلّي جماعة مع العالم ونمنّ
عليه، مع أن لهم المنّة علينا ونحن لا نعلم. بل وإن هذه المنّة التي نمنُّ بها عليهم
هي التي تحبط أعمالنا وتجرّها إلى"سجين"، وتذروها في الهواء لكي تفني
وتذهب. المقام الثاني ( الرياء ) وفي فصلان الفصل الأول الرياء في العمل
اعلم أن الرياء في هذا المقام، وإن لم يكن بحجم المقام الأول - من الدفع نحو
الكفر- إلاّ أنه، بعد الالتفات إلى موضوعه، قد يفضي بعمل المرائي أيضا في
هذا المقام ( العمل ) إلى الكفر فيصبح واحدا في النتيجة مع عمل المرائي في
ذلك المقام: مقام الرياء في العقيدة. لقد أوضحنا في شرح الحديث السابق، أنه
يمكن أن تكون للإنسان في عالم [66] الملكوت صورة تغاير الصورة
الإنسانية، وأن تلك الصور تتبع ملكوت النفس وملكاتها، فإذا كنتم ذوي
ملكات فاضلة إنسانية، فستجعل هذه الملكات صوركم، إنسانية عندنا يحشر
الإنسان ومعه تلك الملكات ما لم تخرج عن طريق الاعتدال، بل إن الملكات
إنما تكون فاضلة حين لا تتصرف النفس الأمارة بالسوء فيها، ولا يكون
لخطوات النفس دور في تشكيلها. يقول أستاذنا الشيخ محمد علي الشاه آبادي
دام ظله:"إن المعيار في الرياضة الباطلة والرياضة الشرعية الصحيحة هو
خطى النفس وخطى الحق، فإذا كان تحرك السالك بخطى النس وكانت
رياضته من أجل الحصول على قوى النفس وقدرتها وتسلطها، كانت رياضته
باطلة وأدى سلوكه إلى سوء العاقبة. وتظهر الدعاوى الباطلة - عادة - من
مثل هؤلاء الأشخاص. أما إذا كان تحرك السالك بخطى الحق وكان باحثا عن
الله، فإن رياضته هذه حقّه وشرعية وسيأخذ الله تعالى بيده ويهديه كما تنص
على ذلك الآية الشريفة التي تقـول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا...}(العنكبوت69). وسيؤول عمله إلى السعادة. فتسقط
عنه"الأنا"ويزول عنه الغرور. ومعلوم أن خطوات الشخص الذي يعرض
أخلاقه الحسنة وملكاته الفاضلة على الناس ليلفت أنظارهم إليه هي خطوات
النفس، وهو متكبر وأناتي ومعجب بنفسه، وعابد لها". ومع التكبر تكون
العبودية لله وهماً ساذجاً، وأمراً باطلا ومستحيلا، وما دامت مملكة وجودكم
مملوءة يجب النفس وحب الجاه والجلال والشهرة والترأس على عباد الله، فلا
يمكن اعتبار ملكاتكم ملكات فاضلة، ولا أخلاقكم أخلاقا إلهية. فالفاعل في
مملكتكم هو الشيطان، وليس ملكوتكم وباطنكم على صورة إنسان. وعند
فتح العيون البرزخية، ترون ملكوتكم على غير صورة الإنسان، وإنما هي
صورة أحد الشياطين مثلا. وحصول المعارف الإلهية والتوحيد الكامل أمر
مستحيل بالنسبة إلى قلب كهذا ما دام مسكنا للشيطان، وما دام ملكوتكم
غير إنساني، وما دامت قلوبكم غير مطهرة من هذه الانحرافات والأنانيات.
[67] ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى:"لا تسـعني أَرْضِي وَلاَ
سَمَائِي، بَلْ يَسَعُنِي قَلْبُ عَبْدِي المُؤْمِنِ"( إحياء العلوم - المجلد الثالث ص12.
اتحاف السادة المتقين - المجلد السابع ص 234 غوالي اللئالي - المجلد الرابع
ص7 وفيه ( ولكن يسعني ) ) ليس موجود يكون آية جمال المحبوب سوى
قلب المؤمن. إن المتصرف في قلب المؤمن هو الله، لا النفس. الفاعل ي
وجوده هو المحبوب، فلا يكون قلب المؤمن متمردا ولا تائها. "قَلْبُ المُؤْمِنِ
بَيْنَ إِصْبَعَي الرَّحْمنِ يُقَلِّبِه كَيْفَ يَشَاء"( صحيح مسلم - المجلد 18 - ص
51. إحياء العلوم - المجلد الأول ص 76. الجامع الصغير - المجلد الأول ص
83 والمجلد الثامن ص 151 ) وأنت أيها المسكين العابد للنفس، والذي
تركت الشيطان والجهل يتصرفان في قلبك، ومنعت يد الحق أن تتصرف في
قلبك، أيّ إيمان لديك حتى تكون محلا لتجلّي والسلطة المطلقة؟ فاعلم إذاً،
أنك ما دمت على هذه الحال، وما دامت رذيلة الغرور موجودة فيك، فأنت
كافر بالله، معدود من زمرة المنافقين، رغم زعمك بأنك مسلم ومؤمن بالله.
الفصل الثاني ( خلق الله الإنسان لنقسه سبحانه ) أيها العزيز! استيقظ وانتبه
وافتح أذنيك، وحرّم نوم الغفلة على عينيك، واعلم أن الله خلقك لنفسه كما
يقول في الحديث القدسي: "يا بنَ آدَمَ خَلَقْتُ الأَشْيَاءَ لأَجْلِكَ وَخَلَقْتُكَ
لأَجْلِي"( المنهج القوي - المجلد الخامس - ص 516. علم اليقين - المجلد
الأول - ص 381 ) واتخذ من قلبك منزلا له، فأنت وقلبك من النواميس
والحرمات الإلهية، والله تعالى غيور، فلا تهتك حرمته وناموسه إلى هذا الحدّ،
ولا تدع الأيادي تمتد إلى حرمه وناموسه. احذر غيرة الله، وإلا فضحك في
هذا العالم بصورة لا تستطيع إصلاحها مهما حاولت. أتهتك في ملكوتك وفي
محضر الملائكة والأنبياء العظام ستر الناموس الإلهي؟ وتقدم الأخلاق [68]
الفاضلة التي تخلَّق بها الأولياء إلى الحق، إلى غير الحق؟ وتمنح قلبك لخصم
الحق؟ وتشرك في باطن ملكوتك؟ كن على حذر من الحق تعالى فإنه مضافاً
إلى هتكه سبحانه لناموس مملكتك في الآخرة - وفضحه لك أمام الأنبياء
العظام والملائكة المقربين، سيفضحك في هذا العالم ويبتليك بفضيحة لا يمكن
تلافيها ... وبتمزيق عصمة لا يمن ترقيعها. إن الحق تعالى"ستارُ"ولكنه
غيور أيضا ... إنه"أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"ولكنه"أَشَدُّ المَعَاقِبِيَن"أيضا يستر ما لم
يتجاوز الحد. فقد تؤدي هذه الفضيحة الكبرى - لا سمح الله - إلى تغليب
الغيرة على الستر، كما سمعت في الحديث الشريف. فارجع إلى نفسك قليلا،
وعد إلى الله، فالله رحيم، وهو يبحث عن ذريعة لإفاضة الرحمة عليك. إذا
أنبت إليه، فإنه يستر بغفرانه معاصيك وعيوبك الماضية، ولن يطلع عليها
أحداً ويجعلك صاحب فضيلة، ويظهر فيك الأخلاق الكريمة، ويجعلك مرآة
لصفاته تعالى ويجعل إرادتك فعّالة في ذلك العالم كما أن إرادته نافذة في
جميع العوالم. كما ورد في حديث منقول: إن أهل الجنة عندما يستقرون في
الجنة، تبلغهم رسالة من الحق تعالى خلاصتها: من الحي الأبدي الذي لا
يموت، إلى الحي الأبدي الذي لا يموت إذا أردتُ شيئاً قلتُ له كن فيكون،
جعلتك هذا الي وم في مستوىً إذا أردتَ شيئاً قلت كن فيكون. لا تكن محباً
|
|
|
|
|