عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.91 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:26 PM


وأن الإنسان لم يصل بعد إلى أمنيته. وهكذا بالنسبة إلى القوة الغضبية فإنها قد
خلقت في الإنسان في صورة يملك الرقاب بشكل مطلق في مملكة ما، لذهب
إلى مملكة أخرى لم يسيطر عليها بعد، بل إن كلّ ما يحصل عليه تتزايد فيه هذ
القوة. وعلى كل منكر - لهذه الحقيقة- أن يراجع حاله وحال أهل هذا العالم،
كالسلاطين، والمتمولين، وأصحاب القوة والجاه، وحينذاك سيصدق كلامنا
هذا. إذاً، فالإنسان هو - على الدوام عاشق - لما لا يملك ولما ليس في يده.
وهذه فطرة أثبتها المشايخ العظام وحكماء الإسلام الكبار خصوصا أستاذنا
وشيخنا في المعارف الإلهية سماحة الكامل"ميرزا محمد علي شاه آبادي"روحي
له الفداء، وأثبتوا بها الكثير من المعارف الإلهية وهي لا ترتبط بموضوعنا
المبحوث عنه. وعلى أي حال؛ فلو وصل الإنسان إلى أهدافه، فكم يدوم تمتعه
واستفادته [44] منها؟ وإلى متى تبقى قوى شبابه؟ عندما ينقضي ربيع العمر،
ويحل خريفه، تذهب القوة من الأعضاء، وتتعطل الحاسة الذائقة، وتتعطل العين
والأذن وحاسة اللمس وباقي الحواس، وتصبح اللذات - عموما - ناقصة أو
تفني نهائيا. وتهجم الأمراض المختلفة، فلا تستطيع أجهزة الهضم والجذب
والدفع والتنفس أن تؤدي عملها بشكل صحيح. ولا يبقى للإنسان، شيء
سوى أنات التأوه الباردة والقلب المملوء بالألم والحسرة والندم. إذاً؛ فمدّة
استفادة الإنسان من تلك القوى الجسمانية لا تتجاوز الثلاثين أو الأربعين عاما
بالنسبة إلى أقوياء البنية والأصحاء السالمين وهي فترة ما بعد فهم الإنسان
وتمييزه الحسن من القبيح إلى زمن تعطيل القوى أو نقصانها، وهذا يصح إذا لم
يصطدم بالأمراض والمشاكل الأخرى التي نراها يوميا ونحن عنها غافلون.
وأفترض لكم بصورة عاجلة، فرضية خيالية ( وهذا أيضا ليس له واقع )
أفترض لكم عمرا هو مائة وخمسون عاما، مع توافر جميع أسباب الشهوة
والغضب والشيطنه، وأفترض بأنه لا يعترضكم أي شيء غير مرغوب فيه، ولا
يحدث أي شيء يخالف هد فكم ومع هذه الفرضية، ماذا ستكون عاقبتكم بعد
انقضاء هذه المدة القصيرة والتي تمر مر الرياح؟ فماذا ادخرتم من تلك اللذات
لأجلحياتكم الدائميه؟! لأجل يوم عجزكم ويوم فقركم ووحدتكم؟! لأجل
برزخكم وقيامتكم، لأجل لقاءكم بملائكة الله وأوليائه وأنبيائه؟! هل ادخرتم
سوى الأعمال القبيحة المنكرة، والتي ستقدم لكم صورها في البرزخ والقيامة،
وهي الصور التي لا يعلم حقيقتها إلا الله تبارك وتعالى؟ إن جميع نيران جهنم،
وعذاب القبر والقيامة وغيرها مما سمعت، هي جهنم أعمالك التي تراها هناك
كما يقول تعالى: {... وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ...} (الكهف49)..
لقد أكلت ما اليتيم وتلذذت بذلك ولكن الله وحده يعلم ما هي صورة هذا
[45] العمل في ذلك العالم والتي ستراها في جهنم، وما هي نتيجة اللذة التي
ستكون نصيبك هناك؟ الله يعلم أي عذاب شديد ينتظرك بسبب تعاملك
السيء مع الناس وظلمك لهم في ذلك العالم؟ ستفهم أي عذاب قد أعددت
لنفسك بنفسك، عندما اغتبت؟ فإنّ الصورة الملكوتية لهذا العمل قد أعدت
لك وسترد عليك وتحشر معها، وستذوق عذابها، وهذه هي جهنم الأعمال
وهي يسيرة وسهلة وباردة وملائمة للعاصين، وأما الذين زرعوا في نفوسهم
الملكة الفاسدة والرذيلة السيئة الباطلة كالطمع والحرص والجدال والشره
وجب المال والجاه والدنيا وباقي الملكات، فلهم جهنم لا يمكن تصورها، لأن
تصور تلك لا يمكن أن تخطر قلبي وقلبك، بل تظهر النار من باطن النفس
ذاتها، وأهل جهنم أنفسهم يفرون رعبا من عذاب أولئك، وفي بعض الروايات
الموثقة أن هناك في جهنم واديا للمتكبرين يقال له "سقر"، وقد شكا الوادي
إلى الله تعالى من شدة الحرارة وطلب منه سبحانه أن يأذن له بالتنفس، وبعد
أن أذن له تنفس، فأحرق سقر، جهنم. ( عن أبي عبدالله عليه السلام أن في
جهنم لوادياً للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلى الله عز وجل شدة حرّه فسأله
أن يأذن له أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم. أصول الكافي - المجلد الثاني -
باب الكبر - ح 10 ). وأحياناً صبح هذه الملكات سببا في أن يخلد الإنسان
في جهنم لأنها تسلبه الإيمان كالحسد الذي ورد في رواياتنا الصحيحة عن أبي
عبدالله عليه السلام: قال: "إنَّ الحَسَدَ يَأْكُلُ الإيمَانَ كَمَا تَأْكُلَ النَّارُ الحَطَبَ"(
أصول الكافي - المجلد الثاني - كتاب الإيمان والكفر - باب الحسد - ح 2
) . وكحب الدنيا والجاه والمال الذي ورد في الروايات الصحيحة أنها أكثر
إهلاكا لدين المؤمن من ذئبين أطلقا على قطيع بلا راع، فوقف أحدهما في
أول القطيع والثاني في آخره... عن أبي عبدالله عليه السلام "مَا ذِئْبَانَ ضَارِيَانِ
فِي غَنَمٍ قَدْ فَارَقَهَا رْعَاؤُهَا أَحَدَهُمَا فِي أوِّلِهَا وَالآخَرُ فِي آخِرِهَا بأفْسَدَ فِيها
مِنْ حُبِّ المَالِ والشَّرَفِ فِي دِينِ المُسْلِمِ"( أصول الكافي - المجلد الثاني -
كتاب الإيمان والكفر - باب حب الدنيا والحرص عليها -ح2). نسأل الله
أن لا تؤول عاقب ة المعاصي إلى الملكات والأخلاق الظلمانية القبيحة، والتي
تؤول إلى فقدان الإيمان وموت الإنسان كافرا، لأن جهنم الكافر وجهنم
العقائد الباطلة أشدّ بدرجات، وأكثر إحراقا وظلمة من ذينيك الجهنمين
[46] اللذين مرَّ ذكرهما ( جهنم الأعمال، وجهنم الملكات الفاسدة ). أيها
العزيز ... لقد ثبت في العلوم العالية أن درجات الشدّة غير محدودة، فمهما
تتصور أنت ومهما تتصور العقول بأسرها شدّة العذاب، فوجود عذاب أشدّ،
أمر ممكن أيضاً وإذا لم تر برهان الحكماء، ولم تصدق كشف أهل الرياضة
النفسية فأنت بحمد الله مؤمن تصدّق الأنبياء صلوات الله عليهم، وتقر بصحة
الأخبار الواردة في الكتب المعتبرة التي يقبلها جميع علماء الإمامية، وتقرّ بصحة
الأدعية والمناجاة الواردة عن الأئمة المعصومين سلام الله عليهم. فعندما ترى
مناجاة مولى المتقين أمير المؤمنين سلام الله عليه، ومناجاة سيد الساجدين
عليهالسلام في دعاء أبي حمزة الثمالي... قف عندها قليلا وتأمّل في مضمونها،
وفكر قليلا في محتواها، وتمعن قليلا في فقراتها، وليس ضروريا أن تقرأ دعاء
طويلا دفعة واحدة وبسرعة من دون تفكر في معانيه. ليس لدي ولديك حال
سيد الساجدين عليه السلام كي تقرأ تلك الأدعية المفضلة بشوق وإقبال، فاقرأ
في كل ليلة ربع ذلك أو ثلثه وفكر في فقراته، لعلك تصبح صاحب شوق
وإقبال وتوجه، وفوق ذلك كله فكر قليلا في القرآن، وأنظر أي عذاب به
بحيث أن أهل جهنم يطلبون من الملك الموكّل بجهنم أن ينتزع منهم أرواحهم،
ولكن هيهات إذ لا مجال للموت هناك. أنظر إلى قوله تعالى: {...يَاحَسْرَتَا
عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}(الزمر56). فأية
حسرة هذه التي يذكرها الله تعالى بتلك الشدة وبهذا التعبير؟ تدبّر في هذه الآية
القرآنية الشريفة ولا تمرّ عليها دون تأمل. وتدب ّر أيضا آية {يَوْمَ تَرَوْنَهَا
تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ
سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}(الحج2). حقا فكر يا
عزيزي! القرآن - أستغفر الله - ليس بكتاب قصة، ولا بممازح لأحد، أنظر
ما يقول ... أي عذاب هذا الذي يصفه الله تبارك وتعالى وهو العظيم [47]
الذي لا حد ولا حصر لعظمته ولا انتهاء لعزته وسلطانه، يصفه بأنه شديد
وعظيم ... فماذا وكيف سيكون هذا العذاب؟! الله يعلم، لأن عقلي وعقلك
وعقول جميع البشر عاجزة عن تصوره. ولو راجعت أخبار أهل بيت العصمة
والطهارة وآثارهم، وتأملت فيها، لفهمت أن قضية عذاب ذلك العالم، هي
غير أنواع العذاب التي فكّرت فيها، وقياس عذاب ذلك العالم بعذاب هذا
العالم، قياس باطل وخاطئ. وهنا أنقل لك حديثاً شريفا عن الشيخ الجليل
صدوق الطائفة، لي تعرف ماهية الأمر وعظمة المصيبة، مع أن هذا الحديث
يتعلق بجهنم الأعمال وهي أبرد من جميع النيران. وعليك أن تعلم أولاً أن
الشيخ الصدوق الذي يُنقل عنه الحديث، هو الشخص الذي يتصاغر أمامه
جميع العلماء الأعلام، إذ يعرفونه بجلالة القدر. وهذا الرجل العظيم هو المولود
بدعاء إمام العصر عليه السلام، وهو الذي حظي بألطاف الإمام المهدي عليه
السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف وإني أروي الحديث بطرق متعددة عن
كبار علماء الإمامية - رضوان الله عليهم -بإسناد متصلة بالشيخ الصدوق،
والمشايخ ما بيننا وبين الصدوق (ره)، جميعهم من كبار الأصحاب وثقاتهم.
إذاً فعليك الاهتمام بهذا الحديث إن كنت من أهل الإيمان. روى الصدوق،
بإسناده عن مولانا الصادق عليه السلام، قال: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وآله وسلم ذاتَ يَوْمٍ قَاعِداً إِذْ أَتَاهُ جَبْرائيلُ وَهُوَ كَئيبٌ حَزينٌ مُتَغَ يِّرُ اللَّونِ
فقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: يا جَبْرائِيلُ مَا لي أَرَاكَ كئِيْباً
حَزِيناً؟ فقال: يا مُحَمَّد فَكَيْفَ لا أكُونُ كَذَلِكَ وإِنَّما وُضِعَتْ مَنافيخُ جَهَنَّمَ
اليَوْمَ. فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: وَمَا مَنَافيخُ جَهَنَّمَ يَا
جَبْرائِيل؟ فقال: إنَّ اللهَ تَعَالى أَمَرَ بالنَّارِ فأُوْقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ،
ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأُوْقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأُوْقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ
عامٍ حَتَّى اسودّت وهي سَوداءُ مُظلِمَةٌ فَلَوْ أنَّ حَلْقَهً مِنَ السِّلْسِلَةِ التي طُولُها
سَبْعُونَ ذِراعاً وُضِعَتْ عَلَى الدُّنْيَا، لَذَابَتْ الدُّنْيَا مُنْ حَرِّهَا وَلَوْ أَنِّ قَطْرةً مِنَ
الزَّقُومِ وَالضّريعِ قَطَرَتْ فِي شَرَابِ أَهْلِ الدُّنْيِا َمَاتُوا مِنْ نَتْنِهَا. قَالَ: فَبَكَى
رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم وَبَكى جِبْرائيل فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهُمَا مَلَكاً.
إنَّ رَبَّكُمَا يَقْرَأُكُمَا السَّلامَ [48] وَيَقُولُ: إِنِّي أمِنْتُكُمَا مِنْ أَنْ تَذْنِبَا ذَنْباَ
أُعَذِّبكُمَا عَلَيْهِ"( علم اليقين - فيض الكاشاني - المقصد - 4- الباب - 15 -
فصل - 6 - ص 1032 ). أيها العزيز... إن أمثال هذا الحديث الشريف
كثيرة، ووجود جهنم والعذاب الأليم من ضروريات جميع الأديان ومن
البراهين الواضحة، وقد رأى نماذج لها في هذا العالم، أصحاب المكاشفة
وأرباب القلوب. ففكِّر وتدبره بدقة في مضمون هذا الحديث القاصم للظهر،
فإذا احتملت صحته، ألا ينبغي لك أن تهيم في الصحاري، كمن أصابه
المسّ؟!. ماذا حدث لنا لكي نبقى إلى هذا الحدّ في نوم الغفلة والجهالة؟! أنزلت
علينا مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجبرائي ل ملائكة أعطتنا
الأمان من عذاب الله، في حين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأولياء
الله، لم يقر لهم قرار إلى آخر أعمارهم من خوف الله، لم يكن لهم نوم ولا
طعام؟ علي بن الحسين وهو إمام معصوم، يقطع القلوب بنحيبه وتضرعه
ومناجاته وعجزه وبكائه، فماذا دهانا وصرنا لا نستحي أبدا فنهتك في محضر
الربوبية كل هذه المحرمات والنواميس الإلهية؟ فويل لنا من غفلتنا، وويل لنا من
شدة سكرات الموت، وويل لحالنا في البرزخ وشدائده، وفي القيامة وظلماتها
ويا ويل لحالنا في جهنم وعذابها وعقابها. فصل في معالجة المفاسد الأخلاقية
أيها العزيز؛ انهض من نومك، وتنبه من غفلتك، واشدد حيازيم الهمة، واغتنم
الفرصة ما دام هناك مجال، وما دام في العمر بقية، وما دامت قواك تحت
تصرفك، وشبابك موجوداً، ولم تتغلب عليك - بعد - الأخلاق الفاسدة، ولم
تتأصّل فيك الملكات الرذيلة، فابحث عن العلاج، أعثر على الدواء لإزالة تلك
الأخلاق الفاسدة والقبيحة، وتلمّس سبيلاً لإطفاء نائرة الشهوة والغضب ....
وأفضل علاج لدفع هذه المفاسد الأخلاقية، هو ما ذكره علماء الأخلاق وأهل
السلوك، وهو أن تأخذ كلّ واحدة من الملكات القبيحة التي تراها في نفسك،
[49] وتنهض بعزم على مخالفة النفس إلى أمد، وتعمل عكس ما ترجوه
وتطلبه منك تلك الملكة الرذيلة. وعلى أيّ حال؛ أطلب التوفيق من الله تعالى
لإعانتك في هذا الجهاد، ولا شك في أن هذا الخلق القبيح، سيزول بعد فترة
وجيزة، ويفرّ الشيطان وجنوده من هذا الخندق، وتحلّ محلهم الجنود الرحمانية.
فمثلاً من الأخلاق الذميمة التي تسبب هلاك الإنسان، وتوجب ضغطه القبر،
وتعذّب الإنسان في كلا الدارين، سوء الخلق مع أهل الدار والجيران أو الزملاء
في العمل أو أهل السوق والمحلة، وهو وليد الغضب والشهوة، فإذا كان
الإنسان المجاهد يفكر في السمو والترفع، ع ليه - عندما يعترضه أمر غير
مرغوب فيه حيث تتوهج فيه نار الغضب لتحرق الباطن، وتدعوه إلى الفحش
والسيء من القول - عليه أن يعمل بخلاف النفس، وأن يتذكر سوء عاقبة هذا
الخلق القبيحة، ويبدي بالمقابل مرونة، ويلعن الشيطان في الباطن ويستعيذ بالله
منه. إني أتعهد لك بأنك لو قمت بذلك السلوك، وكرّرته عدّة مرّات، فإن
الخلق السيء سيتغير كلياً، وسيحلّ الخلق الحسن في عالمك الباطن، ولكنك إذا
عملت وفق هوى النفس، فمن الممكن أن يبيدك في هذا العالم نفسه، وأعوذ
بالله تعالى من الغضب الذي يهلك الإنسان في آن واحد في كلا الدارين فقد
يؤدي ذلك الغضب - لا سمح الله - إلى قتل النفس. ومن الممكن أن يتجرأ
الإنسان في حالة الغضب على النواميس الإِلهية. كما رأينا أن بعض الناس قد
أصبحوا من جراء الغضب مرتدّين. وقد قال الحكماء"إن السفينة التي تتعرض
لأمواج البحر العاتية وهي بدون قبطان، لهي أقب إلى النجاة من الإنسان وهو
في حالة الغضب". أو إذا كنت - لا سمح الله - من أهل الجدل والمراء في
المناقشات العلمية كما عليه بعض طلاب العلوم الدينية نحن الطلبة، المبتلين
بهذه السريرة القبيحة، فاعمل فترة بخلاف النفس، فإذا دخلت في نقاش مع
أحد الأشخاص في مجلس ما، ورأيت أنه يقول الحق فاعترف بخطأك وصدّق
قول المقابل، والمأمول أن تزول هذه الرذيلة في زمن قصير. ونعوذ بالله من أن
ينطبق علينا قول بعض أهل العلم ومدعي المكاشفة، حيث [50] يقول:"لقد
انكشف في خلال إحدى المكاشفات أنَّ تخاصم أهل النار الذي يخبر عنه الله
تعالى في القرآن، هو الجدل الذي يدور بين أهل العلم وبين أهل الحديث".
والإنسان إذا احتمل صحة هذا الأمر فعليه أن يسعى كثيراً من أجل إزالة هذه
الخصلة. رُوِىَ عَنْ عِدَّةٍ مِنَ الأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَالُوا:"خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ
صلّى الله عليه وآله وسلم يَوْماً وَنَحْنُ نَتَمَارى فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدّين
فَغَضَبَ غَضَباً شَدِيداً لَمْ يَغضَب مِثْلَهُ، ثُمَّ قالَ إنَّما هَلَكَ مَنْ كَاَنَ قَبْلَكُم
بِهَذا. ذَرُوا المِرَاءَ فَإِنَّ المُؤْمِنَ لا يُمَارِي، ذَرُوا المِرَاءَ فَإِنَّ المُمَارِيَ قَدْ تَمَّتْ
خَسَارَتُةُ، ذَرُوا المِرَاء فَإنَّ المُمَارِي لا أَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ذَرُوا المِراءَ فَإِنِّي
زَعيمٌ بثَلاثِ أَبْيَاتٍ فِي الجَنَّةِ فِي رِياضِهَا وَأَوْسَطِهَا وَأعلاها لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ
وهُوَ صَادِقٌ ذَرُوا المِرَاءَ فَأَنَّ أَوَّلَ مَا نَهَانِي عَنْهُ رَبّي بَعْدَ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ
المِرَاءُ"( بحار الأنوار - المجلد الثاني ص 138 - 139 )."وعنه أيضا: لاَ
يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِيَقَة الإِيمَانَ حَتَّى يَدَعَ المِرَاءَ وَإنْ كَانَ مُحِقّاً"( بحار الأنوار -
المجلد اثاني ص 138 - 139 ). والأحاديث في هذا الباب كثيرة. فما أقبح أن
يحرم الإنسان شفاعة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة مغالبة
جزئية ليس فيها أي ثمر ولا أثر! وما أقبح أن تتحول مذاكرة العلم - وهي
أفضل العبادات والطاعات إذا كانت بنيَّة صحيحة - إلى أعظم المعاصي وتلو
مرتبة عبادة الأوثان بفعل الجدل والمراء!. وعلى أي حال؛ ينبغي للإنسان أن
يأخذ بنظر الاعتبار حد كل واحد من الأخلاق القبيحة الفاسدة، ويخرجها من
مملكة روحه بمخالفة النفس. وعندنا يخرج الغاصب، يأتي صاحب الدار نفسه،
فلا يحتاج - حينذاك - إلى مشقة أخرى أو إلى طلب العود منه إلى الدار.
وعندنا يكتمل جهاد النفس في هذا المقام، ويتوفق الإنسان إلى إخراج جنود
إبليس من هذه المملكة، وتصبح مسكناً لملائكة الله ومعبدا لعبادة الصالحين،
فحينذاك يصبح السلوك إلى الله يسيرا، ويتضح طريق الإنسانية المستقيم، وتفتح
أمام الإنسان أبواب البركان والجنات، وتغلق أمامه أبواب جهنم [51]
والدركات، وينظر الله تبارك وتعالى إليه بعين اللطف والرحمة، وينخرط في
سلك أهل الإيمان، ويصبح من أهل السعادة وأصحاب اليمين، ويفتح له طريقا
إلى باب المعارف الإلهية - وهي غاية خلق الجن والأنس - ويأخذ الله تعالى
بيده في هذا الطريق المحفوف المخاطر. وقد كنا نريد أن نشير إلى المقام الثالث
للنفس وكيفية المجاهدة فيه ‎ونذكِّر أيضاً بمكائد الشيطان في هذا المقام، ولكننا
لم نر المقام مناسبا لذلك، فصرفنا النظر، وأسأل الله تعالى التوفيق والتأييد
لكتابة رسالة خاصة في هذا الباب. [53] الحَديـــث الثَانـــــي
"الرِّيـــَــاء" [54] بالسَّنَدْ المُتَّصِلِ إِلى مُحمَّد بِنْ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ
إِبْراهيمَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ أَبِي المَغْرا، عَنْ يَزِيدَ بْن خَلِيفَةَ قالَ: قال أَبُو عَبْدِاللهِ
عليه السلام:"كُلُّ رياء شِركٌ، إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِلنَّاسِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى النَّاسِ
وَمَنْ عَمِلَ للهِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللهِ"( أصول الكافي - المجلد الثاني - كتاب
الإيمان والكفر - باب الرياء - ح 3 ). [55] الشرح: اعلم أن الرياء هو
عبارة عن إظهار وإبراز شيء من الأعمال الصالحة أو الصفات الحميدة أو
العقائد الحقة الصحيحة، للناس لأجل الحصول على منزلة في قلوبهم والاشتهار
بينهم بالصلاح والاستقامة والأمانة والتدين، من دون أن تكون هناك نية إلهية
صحيحة. وهذا الأمر يتحقق في عدة مقامات. المقام الأول: وله درجتان:
الأولى: وهي أن يظهر العقائد الحقة والمعارف الإلهية، من أجل أن يشتهر بين
الناس بالديانة، ومن أجل الحصول على منزلة قي القلوب، كأن يقول:"إني لا
أعتبر أن هناك مؤثرا في الوجود إلا الله"، أو أن يقول:"إني لا أتوكل على أحد

توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'
رد مع اقتباس