|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:22 PM
مقام مجاهدة أخرى، وفي ميدان معركة أكبر تنتظرنا وهي الجهاد مع النفس في
العالم [35] الباطن، وفي المقام الثاني للنفس، وهذا ما سنشير إليه لاحقا إن
شاء الله. وأكرر التذكير بأنه في جميع الأحوال لا تعلق على نفسك الآمال لأنه
لا ينهض أحد يعمل غير الله تعالى. فاطلب من الحق تعالى نفسه بتضرع
وخشوع، كي يعينك في هذه المجاهة لعلك تنتصر. إنه ولي التوفيق. المقام
الثاني وفيه عدة فصول أيضا فصل صراع جنود الرحمن مع جنود الشيطان
الباطنية النفسية اعلم أن للنفس الإنسانية مملكة ومقاما آخر، وهي
مملكتها الباطنية ونشأتها الملكوتية، وفيها تكون جنود النفس أكثر وأهم مما في
مملكة الظاهر، والصراع والنزاع فيها بين الجنود الرحمانية والشيطانية أعظم
والغلبة والانتصار فيها أشد وأهم، بل وأن كل ما في مملكة الظاهر قد تنزَّل من
هناك وتظهر في عالم المُلك. وإذا تغلب أي من الجند الرحماني أو الشيطاني في
تلك المملكة، يتغلب أيضا في هذه المملكة. وجهاد النفس في هذا المقام مهم
للغاية عند المشايخ العظام من أهل السلوك والأخلاق، بل ويمكن اعتبار هذا
المقام منبع جميع السعادات والتعاسات، والدرجات والدركات. ويجب على
الإنسان الالتفات كثيرا إلى نفسه في هذا الجهاد. فمن الممكن لا سمح الله أن
تسفر هزيمة الج نود الرحمانية في تلك المملكة وتركها خالية للغاصبين والمحتلين
من جنود الشيطان، عن الهلاك الدائم للإنسان بالصورة التي يستحيل معها
تلافي الخسارة ولا تشمله شفاعة الشافعين، وينظر إليه أرحم الراحمين أيضا
بعين الغضب والسخط - نعوذ بالله من ذلك - بل ويصبح شفعاؤه خصماءه،
وويل لمن كان شفيعه خصمه. ويعلم الله أي عذاب وظلمات وشدائد
وتعاسات تلي هذا الغضب الإلهي. وتعقب معاداة أولياء الله حيث تكون كل
نيران جهنم وكل الزقوم والأفاعي والعقارب لا شيء أمام هزيمة جنود الرحمان
من قِبَلِ جنود الشيطان التي تترتب عليها [36] عقوبات تفوق جميع نيران
جهنم والزقوم والأفاعي. والعياذ بالله من أن يصب على رؤوسنا نحن الضعفاء
والمساكين ذلك العذاب الذي يخبر عنه الحكماء والعرفاء وأهل الرياضة
والسلوك، فإنّ جميع أشكال العذاب التي تتصورونها، يسيرة وسهلة في مقابلة،
وجميع النيران التي سمعتمبها، جنة ورحمة في قباله وبالنسبة إلى ذلك العذاب. إن
وصف النار والجنة الوارد في كتاب الله وأحاديث الأنبياء والأولياء، يتعلق غالبا
بنار الأعمال وجنتها اللتين أعدتا للأعمال الصالحة والسيئة. وهناك إشارة
خفية أيضا إلى جنة الأخلاق ونارها، وأهميتهما أكبر، وأحيانا يشار أيضا إلى
جنة اللقاء ونار الفراق، وهذه أهم من الجميع، ولكنها إشارات محجوبة عنا،
ولها أهلها، وأنا وأنت لسنا من أهلها، ولكن من الأجدر بنا أن لا نكون
منكرين لها. وليكن لدينا إيمان بكل ما قاله الله تعالى وأولياؤه. إذ يكون في هذا
الإيمان الإجمالي نفع لنا. ومن الممكن أن يكون الإنكار في غير محله، ولما رفض
في غير موقعه الصادرين عن غير علم وفهم، أضرارٌ كبيرة جدا علينا. وهذه
الدنيا ليست هي بعالم الالتفات لتلك الأضرار. فمثلا عند سماعك الحكيم
الفلاني أو العارف الفلاني أو المرتاض الفلاني، يقول شيئا لا يتل اءم وذوقك
الخاص، فلا تحكم عليه فورا بالبطلان والوهم، فقد يكون لذلك القول أصل في
الكتاب والسنّة ولكن عقلك لم يطلع عليه بعد. فما الفرق بين أن يفتي فقيه
بفتوى في باب الديات وأنتم لم تعرفوها، ثم من دون مراجعه دليله تردونه،
وبين أن يقول شخص سالك إلى الله أو عارف بالله، قولا بتعلق بالمعارف
الإلهية أو بأحوال الجنة والنار، وأنتم ودون مراجعة لدليله لا تردونه فحسب،
بل وتهينونه أو تتجرءون عليه؟ فمن الممكن لذلك الشخص وهو من أهل ذلك
الوادي وصاحب ذلك الفن أن يكون له دليل من كتاب الله، أو من أحاديث
الأئمة ولكنك لم تطلع عليه بعد، ففي هذه الحالة تكون قد رددت على الله
ورسوله دون مبرر مقبول. ومعلوم أن الاحتجاج بأسلوب"أن ذلك لا يتلاءم
مع ذوقي"أو"لم يصل إليه علمي"أو"سمعت خلاف ذلك من الخطباء"، فإن
هذا كله لا يشكل عذرا مقبولا. وعلى أي حال لنرجع إلي صلب الموضوع.
[37] فم قالوه بشأن جنة الأخلاق والملكات، وجهنم الأخلاق والدركات،
مصيبة لا يطبق العقل حتى سماعها. إذاً فيا أيها العزيز؛ فكِّر، وأبحث عن
|
|
|
|
|