|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 08-11-2007 الساعة : 08:21 PM
كل هذه السعة وأسباب النعمة والرحمة من جهة وأرسل جميع هؤلاء الأنبياء،
وأنزل كلّ هذه الكتب"الرسالات"، وأرشد ودعا إلى الهدى من جهة أخرى
... هذا المولى ماذا يستحق منا؟ وما هو واجبنا تجاه مالك الملوك هذا؟!. هل أن
وجود جميع هذه النعم، هو فقط لأجل هذه الحياة الحيوانية وإشباع الشهوات
التي نشترك فيها مع الحيوانات أو أن هناك هدفاً وغاية أخرى؟. هل أن للأنبياء
الكرام، والأولياء العظام، والحكماء الكبار، وعلماء كل أمة الذين يدعون
الناس إلى حكم العقل والشرع ويحذرونهم من الشهوات الحيوانية [29] ومن
هذه الدنيا البالية، عداءً ضد الناس أم أنهم كانوا مثلنا لا يعلمون طريق
صلاحنا نحن المساكين المنغمسين في الشهوات؟!. إن الإنسان إذا فكَّر لحظة
واحدة، عرف أن الهدف من هذه النعم هو شيء آخر، وأن الغاية من هذا
الخلق أسمى و أعظم، وأن هذه الحياة الحيوانية ليست هي الغاية بحدَّ ذاتها، وأن
على الإنسان العاقل أن يفكر بنفسه، وأن يترحم على حاله ونفسه المسكينة،
ويخاطبها قائلاً: أيتها النفس الشقية التي قضيت سني عمرك الطويلة في
الشهوات، ولم يكن نصيبك سوى الحسرة والندامة، ابحثي عن الرحمة،
وأستحي من مالك الملوك، وسيرى قليلاً في طريق الهدف الأساسي المؤدي إلى
حياة الخلد والسعادة السرمدية، ولا تبيعي تلك السعادة بشهوات أيام قليلة
فانية، التي لا تتحصل حتى مع الصعوبات المضنية الشاقة. فكّري قليلا في
أحوال أهل الدنيا، من السابقين واللاحقين وتأملي متاعبهم وآلامهم كم هي
أكبر وأكثر بالنسبة إلى هنائهم، في نفس الوقت الذي لا يوجد فيه هناء وراحة
لأي شخص. أن الذي يكون في صورة الإنسان ولكنه من جنود الشيطان
وأعوانه، والذي يدعوك إلي الشهوات، ويقول: يجب ضمان الحياة المادية، تأمل
قليلاً في حال نفس ذك الإنسان واستنطقه، و أنظر هل هو راضٍ عن ظروفه،
أم أنه مبتلٍ ويريد أن يبلي مسكيناً آخر؟!. وعلى أي حال، فادع ربك بعجز
وتضرع أن يعينك على أداء واجباتك التي ينبغي أن تكون أساس العلاقة فيما
بينك وبينه تعالى، والمأمول أن يهديك هذا التفكير المنبعث عن نية مجاهدة
الشيطان والنفس الأمارة إلى طريق آخر ويوفقك للرقي إلى منزلة أخرى من
منازل المجاهدة. فصل في العزم وهناك مقام آخر يواجه الإنسان المجاهد بعد
التفكر، وهو مقام العزم ( وهذا هو غير الإرادة التي عدّها الشيخ الرئيس في
الإشارات أولى درجات العارفين ). [30] يقول أحد مشايخنا أطال الله
عمره:"إنَّ العزم هو جوهر الإنسانية، ومعيار ميزة الإنسان، وأن اختلاف
درجات الإنسان باختلاف درجات عزمه". والعزم الذي يتناسب وهذا المقام،
هو أن يوطن الإنسان نفسه على ترك المعاصي وأداء الواجبات، ويتخذ قراراً
بذلك، ويتدارك ما فات ه في أيام حياته، وبالتالي يسعى على أن يجعل من
ظاهره إنساناً عاقلاً وشرعياً، بحيث يحكم الشرع والعقل حسب الظاهر بأن
هذا الشخص إنسان. والإنسان الشرعي هو الذي ينظم سلوكه وفق ما يتطلبه
الشرع، يكون ظاهره كظاهر الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم،
يقتدي بالنبي العظيم صلّى الله عليه وآله وسلم ويتأسى به في جميع حركاته
وسكناته، وفي جميع ما يفعل وما يترك. وهذا أمر ممكن، لأن جعل الظاهر مثل
هذا القائد أمر مقدور لأيّ فرد من عباد الله. وأعلم ... أن طي أي طريق في
المعارف الإلهية، لا يمكن إلاّ بالبدء بظاهر الشريعة، وما لم يتأدب الإنسان
بآداب الشريعة الحقة، لا يحصل له شيء من حقيقة الأخلاق الحسنة، كما لا
يمكن أن يتجلى في قلبه نور المعرفة وتتكشف له العلوم الباطنية وأسرار
الشريعة. وبعد انكشاف الحقيقة، وظهور أنوار المعارف في قلبه لا بد من
الاستمرار في التأدب بالآداب اشرعية الظاهرية أيضاً. ومن هنا نعرف بطلان
دعوى من يقول: ( إنّ الوصول إلى العلم الباطن يكون بترك العلم الظاهر )، أو
( لا حاجة إلى الآداب الظاهرية بعد الوصول إلى العلم الباطن). وأن هذه
الدعوى ترجع إلى جهل من يقول بها، وجهله بمقامات العبادة ودرجات
الإنسانية. ولعلّي أتوفق لبيان بعض هذا الأمر في هذه الأوراق إن شاء الله
تعالى. فصل ( في السعي للحصول على العزم ) أيها العزيز ... أجتهد لتصبح
ذا عزم وإرادة، فإنك إذا رحلت من هذه الدنيا دون أن يتحقق فيك العزم (
|
|
|
|
|