|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,416
|
بمعدل : 0.40 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 24-05-2023 الساعة : 08:55 AM
5 ـ الاعتقاد بالله ضمان لتنفيذ القوانين:
لقد تميز البشر عن غيره من الاحياء بكونه مدنيا بالطبع ميالا الى الحياة الاجتماعية، ولتعدد حاجاته وعجزه عن القيام بها دون معونة الأخرين. وهذه حقيقة أكدها الواقع بعد أن أشار اليها علماء الاجتماع بعد سلسلة من الدراسات التاريخية في حياة الأفراد والشعوب.
بيد أن هذا النمط الاجتماعي للحياة لم يخل من التراحم والتنازع لسيبين:
1) وجود الأقوياء والضعفاء في المجتمعات.
2) تعارض المصالح وتصادمها.
فكان لابد من وجود قانون ينظم العلاقات، ويرسم الحدود، ويحدد الحقوق والواجبات، ليعيش الجميع في سلام، ويصل الجميع الى حقوقهم الطبيعية في الحياة دون صراع.
غير أن وجود القانون وحده لم يكن كافياً وان كانت مزوداً بالبوليس والغرامة والسجن، بل لابد من وجود رادع نفساني.
وبعبارة أخرى: لا يكون وجود القانون مفيداً بمفرده إذا لم تكن معه قوة منفذة، بيد ان القوة المنفذة الظاهرية وحدها لم تكن كافية ايضا لضمان تنفيذ القانون اذ ان مثل هذه القوة يمكنها أن تضبط الجرائم والتخلفات المكشوفة اما التخلفات الخفية والآثام التي ترتكب في الخفاء فهي بحاجة الى رقابة باطنية وبوليس داخلي ليردع الأفراد عن الجريمة حتى بعيدا عن أعين الدولة وفي غياب من البوليس.
وليس هناك بوليس داخلي أفضل من العقيدة الدينية التي تتمثل في الايمان بالله واليوم الاخر ومخافة الحساب والعقاب، وخشية المؤاخذة والمجازاة فقد أثبتت العقيدة انها قادرة على ردع الأفراد في جميع الحالات وحفظهم من المعصية حتى في مواجهة أشد المغريات.
فهذا هو النبي العظيم يوسف الصديق (عليه السلام) يتجنب المعصية وهو يواجه اغراء ليس فوقه اغراء في قصته مع زلغŒخا زوجة العزيز التي راودته، ولا يفعل ذلك الا خشية الله ومخافة منه اذ قال سبحانه واصفاً ما جرى ليوسف ـ عليه السلام ـ:
ï´؟وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ غڑ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِï´¾. (غŒوسف ـ 23)
ثم أن مثل هذا الايمان يفيض على القانون قداسة تحمل الناس على مراعاته اذا عرفوا بانه صادر عن الله الخالق العالم الحكيم والرب الكريم وبمثل هذا الاحساس وبالشعور بانهم يعيشون في حضرة ذي الجلال الذي يراهم ويراقبهم وبالخشية من حسابه وعقابه آن عصوه والطمع في ثوابه أن أطاعوه يحظى القانون بضمانات قوية لتنفيذه بحذافيره.
تلك أهم الاثار الروحية والاخلاقية والاجتماعية للعقيدة، وما هي الا قليل من كثير.
ثم ان هناك جهات أخرى نذكرها بايجاز لنعرف كيف أن العقيدة تتصل بصميم الحياة البشرية.
ظ¦ ـ التكامل في جميع الحقول رهن الاعتقاد بالله
لم يزل الانسان منذ أن جاء الى هذه الحياة ينشد الكمال ويسعى اليه بخطى حثيثة، ويبحث عنه في كل زمان ومكان.
ان مغŒل الانسان نحو الكمال غŒكاد غŒكون امراً مسلماً به ومتفقاً عليه عند الجميع بل ذهب البعض الى تعميمه على بقية الأحياء انما الاختلاف هو في تعيين الطريق الموصل إلى الكمال المطلوب، فلابد من معرفة هذا الطريق.
اننا اليوم أمام نهجين يجب أن نرى أيهما يبعث على الكمال ويهدي اليه بغض النظر عن صحته وعدمها. والمذهبان هما:
1 / المنهج المادي (الالحادي) الذي يرجع الكون الى الصدفة، وينكر وجود عالم آخر ينتظر الإنسان، وينكر أية هدفية لهذه الحياة.
2 / المنهج الديني الذي يرى ـ بأن للعالم خالقاً حكيماً ابدعه لحكمة وانشأه لهدف وأن هناك حياة أخرى عليه أن يهيئ نفسه لها عن طريق التربية، وانه لم يخلق سدغŒ، وان حياته مستمرة بعد الموت، فلا صدفة ولا عبثية ولا فوضى ولا ضياع، بل رقابة وحساب، وثواب او عقاب، وجنة او نار، سعادة ابدية أو شقاء دائم في العالم الآخر.
ترى أيهما يدعو الى التحرك ويسوق الانسان نحو الكمال اللائق به الأول أم الثاني؟ الا يستحق هذا الأمر أن يدفعنا إلى البحث في هذين المذهبين لمعرفة الحقيقة؟
انه لاشك أن الرؤية الدينية هي التي تقود نحو الكمال، وحينئذ ألا يجدر بنا أن نبحث عنها، ونتدارسها، لنصل الى الكمال خلقيا كان أم فكريا أم اجتماعيا؟
وفي الختام نذكر القارئ بأن هناك جهة سابعة توجب البحث في قضايا العقيدة وهي أن المعرفة التي يدعيها المادي عن هذا الكون معرفة ناقصة لأنه يرى الكون وكأنه مصنف قدغŒم سقطت أوراقه الاولى والاخيرة، فهو لا يدري من خلق الكون كما لا يعرف شيئاً عن مصيره، ولكن صاحب العقيدة الدينية يعرف مبدأ الكون ومنتهاه بفضل ما اتاحت له العقيدة من معلومات مبرهنة ولذلك فهو يمتلك معرفة كاملة، أو انها أكمل من معرفة المادي على الاقل وهذه الجهة جديرة بأن تجعل دراسة العقيدة الدينية ذات أهمية بالغة اذ بسبها يحصل الانسان على معرفة اكمل، واشمل. .....................................
(1) راجع الباب الحادي عشر للعلامة الحلي، شرح الفاضل المقداد.
​
بقلم: الشيخ جعفر الهادي-مقتبس من كتاب الله خالق الكون
|
|
|
|
|